Les articles publiés dans cette rubrique ne reflètent pas nécessairement les opinions de Nawaat.
Crédit photo: tunisienumerique.com
ان الحوار الذي اجرته القنوات التلفزية يوم السبت 4 اوت 2012 قد فاجأني كمواطن في ما يخص استفحال ظاهرة الذين يتقاضون اجرا بدون مقابل وبخصوص كلفة الزيادات السلبية على ميزانية الدولة رغم ان اعلم مسبقا ما ورد شأنها فهذه المعطيات معروفة ومتداولة وليست بالجديدة ولكن الخطر الكبير يكمن في اعتراف السيد رئيس الحكومة بعظمة لسانه بالمسؤولية في اهدار المال العام. لقد استقال وزير المالية لهذه الاسباب وكنت كتبت ( المقامة الديماسية ) مستنكرا عليه حججه واسلوبه باعتباره المسؤول المباشر عن اعداد الميزانية وهو من اقر هذا الخلل ورتبه منذ بداية توليه لمهامه كما انكرت عليه اسلوب اللجوء الى وسائل الاعلام المعادية للحكومة وادعاءه غير المقترن بحجج في حملة النهضة الانتخابية على حساب مصلحة الدولة ومصير الاقتصاد الوطني…

ان تصريحات رئيس الحكومة اعطت الحق للديماسي بل ان الجبالي عرض ارقاما مفزعة بغاية اثبات هدر المال العام خاصة بتولي الدولة تغطية جراية 80000 الف عامل حضائر فيهم نسبة كبيرة لا تعمل وهي تمارس انشطة اخرى وذكر بكل ارتياح انه يعرف ان منهم موظفون ومنهم ميتون ومنهم من يعمل بولايات اخرى.. ونحن نعلم وهو اعلم منا ان بقية عمال الحضائر المحسوبين ضمن العاملين الفعليين لا يؤدون انتاجا حقيقيا ولا يقضون الحد الادنى من توقيت العمل …

ان نسب هؤلاء الذين يتحصلون على اجر من الدولة ضمن الحضائر ولا يعملون رهيبة ومفزعة . ان حكومة الجبالي تنفق عليهم من المال العام ومن مال دافعي الضرائب . فمن اعطاك هذا الحق سيدي رئيس الحكومة وكيف لا تحاسب حكومتك على ذلك والحال ان اعترافك بالخطأ قائم .ولئن كان يمكن ان يكون مدعاة للتخفيف فان الاكتفاء بالقول ان المسألة معقدة وتحتاج الى وقت كبير للتحري والضبط والتنظيم ليس الا “بولتيك فارغ ” لا ن الامر سيستمر على حاله . كيف لا وبالامكان حصر نسبة مهمة من هؤلاء المتحيلين على المستوى المحلي والناس يعرفونهم وهم يتباهون امام الملأ بغشهم للحكومة العاجزة عن ردعهم بل ان نسبة كبيرة منهم وقود للقلاقل والاضطرابات الاجتماعية ومدعاة لنشر عدوى الكسل وتحطيم قيمة العمل والانتاج التي بدونها لا تنجح الثورات ولا الحكومات .

سيدي رئيس الحكومة : انت اعلم مني ان هذا النزيف لا يتوقف عند عملة الحضائر بل انه استفحل في الادارة وموظفوها وكوادرها الذين فرضت عليهم الحكومة بسياستها السلبية ,هدر المال العام وتعطيل المردودية والانتجاجية ، وذلك عبر الحشو المفرط بالانتدابات الجديدة محدودة الكفاءة, حيث عبأت اروقة الادارة بمنتدبين جدد يتفرجون على من سبقهم ويستمتعون احيانا بالثرثرة والسباحة في الفايس بوك وربما يلعنون الحكومة الضعيفة .

اما انتاجية الموظفين القدامى فهي رغم ضعفها الاصلي قد زادت تعطيلا لان رئيس العمل ومسؤول المؤسسة اصبح مجردا من نفوذه وعرضة للتجاوزات ومهددا ب”ديقاج” ومستهدفا من تعدي المواطنين وعربدتهم…هذا فضلا عن عدد كبير من الاطارات الذين تم عزلهم عن عملهم بتنفيذ ”ديقاج” منذ حوالي سنتين احرار في بيوتهم يمارسون حياتهم الخاصة ولا يعملون ويتقاضون اجورهم كاملة وجلهم يستفيدون من المنح الوظيفية والامتيازات.. وتوجد شريحة اخرى لا تعمل بانتظام وتتقاضى اجرا وفيهم الناشطون الثوريون السياسيون المشغولون بشؤون الامة كثيري الاجتماعات والالتزامات السياسية والثقافية والتطوعية… وهؤلاء منهم من هو في المعارضة ومنهم من هو في الاحزاب الحاكمة ومنهم من هو في النشاط النقابي .. انهم موظفون غير عاديين لهم سلطة ونفوذ يتجاوز رؤساءهم ولا يلزمهم بالعمل كامل الوقت …

سيدي رئيس الحكومة : اضرب لك مثلا تعلمه، ان عدد الذين يتقاضون جرايات تفوق 600د ولا يؤدون اية عمل بشركة فوسفاط قفصة مأهول ولا يتطلب الامر جهدا كبير لمعرفتهم وحصرهم ولكن الامر كل يوم يستفحل اكثر…

سيدي رئيس الحكومة : ان التقديرات المالية للقيمة السلبية لوقت العمل المهدور في وظائف الدولة عبر عملة الحضائر وعبر عموم موظفي الدولة كبير وخطير ومرعب ومدمر للبلاد ، لا لكونه يخرب موارد الدولة وينخر الاقتصاد ويضعنا في اتون هوة سحيقة لا عودة بعدها ترجى لتضميد الجراح والتدارك ، بل ولعله الاخطر ما يتعلق بـتأسيس قيم “ثورية ” تدمر قيمة العمل والانضباط وتشرع للسرقة المعلنة وتفقد الثقة في النفس والمستقبل ، ان الخشية الكبرى ان يستفحل الامرو يكون الوضع مدعاة للمطالبة بالدكتاتورية وباستجداء عودة العصا ء الغليضة.

سيدي رئيس الحكومة : صحيح ان الامر في معالجته يتطلب حكمة وصبرا , ولكن هذا الضعف والتساهل الذي تبديه الحكومة في هذا المجال وفي المسألة الامنية والاعلامية خاصة , بنية الحكمة والمغالبة ، سيزيد الطين بلة لان المواطنين المتسيبين الذين تتفهم الحكومة انحرافهم سيصبح سلوكهم المرضي هذا متجذرا في نفوسهم وقدوة لغيرهم ومبررا لانتشار الكسل والفوضى في البلاد …

ان الحكومة الشرعية الثورية ليس من حقها ان تخشى الشارع وليس من حقها ان ترتعد امام خصومها لانها بالاساس ينبغي ان تكون مستعدة للتضحية ولو بنفسها وبكرسيها من اجل المصلحة العامة ومن اجل الحفاظ على شرف الثورة ونهجها..