المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

sami-ben-gharbia

سامي بن غربية مؤسس موقع نواة : النهضة لها عمق شعبي و على المعارضة أن تخرس

هكذا عنون موقع “ تونس نيوز” (ليس الموقع المناضل الذي نعرفه) نقله لتعليق كتبته هنا على حائطي على الفايبسوك و عنونته ب” تعليق حول حشد دعم الشرعية في القصبة و التعليق هذا لن يعجب خصوم النهضة”. إدّعى هذا الموقع زورا أنني قلت أن “على المعارضة أن تخرس” محرفين جملة كتبتها حول مسألة معينة في سياق تعليقي تعرضت فيها لاستعمال الحافلات لنقل الركاب إلى تجمهر النهضة بالقصبة حيث كتبت:

“أن تسخر النهضة الحافلات فهذا عادي بل قانوني و مشروع، إلا إن توفرت البراهين التي تثبت أن النهضة استغلت موقعها في الحكم و سخرت الأموال العمومية لتنظيم هذا الحشد. لذا إما أن يقدم البعض براهينهم على هذا أو أن يصمتوا.”

في الوقت الذي لا أستغرب مثل هذه التصرفات التي تعودنا عليها و على ما هو أتعس منها من أهل السياسة و من اسطواناتهم “الإعلامية” لتوظيف بخيس لكل ما يخدم أجندتهم السياسوية، و في الوقت الذي لا أستغرب أيضا نقلا لتعليق كتبته على طريقة فايسبوك المستعجلة بأخطائه اللغوية و الرقنية، استغرب فقط من الحاجة التي دفعت هذا الموقع و العشرات من الصفحات النهضاوية او الداعمة لها إلى إعادة نشر نصي تحت عناوين تشبه الخيال، على غرار “ سامي بن غربية مؤسس موقع نواة في لحظة صدق”، و كأن الصدق هذا الذي يتحدثون عنه، و البعض منهم منه براء ، لا أعرفه إلا “لحظة” دخولي لبيت طاعة من نصّب نفسه “فاتحا” و لمن والاه.

فهل ضاقت السماوات و الأرض حتى تحتاج هذه الصفحات و المواقع لنصي لإثبات ما يريدون إثباته؟ و من وصف بعض هذه الصفحات لي باليساري القريب من الأنركية (الفوضوية) ذي “الميولات الإسلامية” و بالمعادي لنداء تونس و للجبهة الشعبية و للنهضة ووو، ضاعت الفكرة التي أردت صياغتها بين كل هذه القوالب الايديولوجية و الحزبية الجاهزة و التبسيطية التي دائما ما تأتي على تعقيد المسار الفكري أو المرجعي أو الفلسفي لمسألة “الإنتماء”.

أغلب هذه الصفحات و المواقع التي هي بصدد نشر تعليقي هي من شنت حملة تشويهية ضدي متهمة إياي تارة بكوني“جاسوس لصالح الموساد” و تارة “جاسوس على علاقة بالمخابرات الإيرانية و الأمريكية و الهولندية و الفرنسية في جمع رهيب للمتضادات يخل بالقاعدة المنطقية القائلة أن “ﺍﻟﻤﺘﻀﺎﺩﺍﻥ ﻻ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻬﻤﺎ ﺸﻲﺀ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ”.

ثم أنهم و في مختلف العناوين التي قدمت نصي على صفحاتهم أشاروا إلي كمؤسس موقع نواة في الوقت الذي تجنبت فيه شخصيا الزج بنواة في ما أكتبه من أفكار و تعاليق على حائطي هذا على الفايسبوك بل أنني رفضت الكتابة عن السياسة أو التعليق عليها في الوسائل الإعلامية رغم كثرة الدعوات التي أتلقاها و فضلت، كغيري من مديري نواة، عدم كتابة آرائي على الموقع منذ قيام الثورة حفاظا منا على حيادية الموقع من كل التجاذبات السياسية.

كما كتبتها سابق هنا: الفرقاء السياسيون، بتجييشهم و شعبويتهم و ردائة خطابهم لا يريودننا أن نقف “لحظة صدق” حقيقية لنفكر و لنأخذ مسافة مما يحدث. تسارع التظاهرات و تهافت البيانات و الخرجات الإعلامية و الشطحات الثورية و الإنقلابية و الضد-ثورية و الشرعية و الدينية و الفلكورية و الفنية و الموسيقية كلها تعمل على إبطال مفعول التفكير في عقولانا. يريدوننا أن نكون وعاءا خاويا متلقيا لكلماتهم و قوالبهم أو متمتما بما يرضيهم عنا. و أي عملية تفكير في خضم هذا الطوفان المهرجاني و الدموي هي إما خيانة للقضية، أو للثورة، أو للشرعية، أو للديمقراطية، أو لنمط حياة التونسسين، أو لتونس، أو للجيش، أو للعلم، أو للدين. فالتفكير في حلبة الصراع السياسوي الرخيص هذا مجرد خيانة. فنحن في حضرة “كن معي أو ضدي” حتى في “لحظة صدق”، بعدها، كن ما تشاء.

إعيدها و أكررها، هذه المعركة، بين المعارضة و السلطة، لا تعنيني و ليست معركتي، خاصة بالشكل الذي يُراد له أن يحكم طبيعة الصراع و الإقتتال على الكراسي. أحزاب السلطة و المعارضة لا تمثلني، ببرامجها و رجالاتها و خطابها الحالي و هي جزء من المشكل الذي تعاني منه تونس بعدما حولت ما بعد الثورة إلى مجرد معركة من أجل الكراسي و النفوذ قوامها مغالطات صراع “الهوية” و الإصطفاف الشعبوي الممزق للمجتمع.

في هذه المعركة كن مع من تشاء و تموقع كما تشاء فأنت حر. بالنسبة لي، لن أدافع عن حكومة فاشلة سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا و دينيا و أخلاقيا، و لن أجد لها اعذارا وأدعو إلى إسقاطها، كما انني لن أدافع و لن أبرر، و لن اقبل بالانقلاب على المجلس التأسيسي بهرجه و مرجه و عوجه، على الرغم من إيماني أن ليس كل الذين يدعون لحله هم أعداءا للثورة، فالكثيرون من أبناء الثورة من أصدقائي و إخواني و رفقائي يطالبون بحل التأسيسي و أنا أحترم موقفهم و أدافع عن حقهم في التعبير عنه لكنني أختلف معهم حول طبيعة الهدف المنشود و ما بعده، و أسلوب تحقيقه، و توقيته، و تحالفاته المشبوهة مع بقايا التجمع و من ليس له بمطالب الثورة أي صلة و لا أي مصلحة له في تحقيقها.

كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيُركب ولا ضرع فُيحلب – علي