UTICA-GTTT-Jomaa

بقلم محمد سميح الباجي عكاز،

أعلن الناطق الرسميّ باسم الحكومة يوم الثلاثاء 27 ماي 2014 عن تأجيل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الاقتصادي إلى ما بعد 14 جوان القادم بعد اجتماع لجنة قيادة الحوار المكوّنة من ممثّلين عن الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل ومنظّمة الأعراف واتحاد الفلاّحين.

الحوار الوطني الاقتصادي الذي كان من المقرّر انطلاقه يوم 28 ماي 2014، كان من أهمّ البرامج التي أعلنتها الحكومة الجديدة كخطوة أولى لإيجاد مخرج من الأزمة الاقتصاديّة الخانقة التي تعرفها البلاد منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، والغاية كانت بالأساس إيجاد أكبر حدّ من التوافق بين مختلف المنظّمات والأحزاب لمناقشة الأزمة الاقتصاديّة وتشخيص أسبابها ووضع ما يشبه خارطة الطريق التي تتضمّن الخطوات الأساسيّة لتجاوز الوضع الراهن الذي يتفاقم يوما بعد يوم.

لكنّ عمليّة الإعداد شابتها الكثير من العراقيل والمواقف المتناقضة التي ترجع لاختلاف الرؤى والتصوّرات خصوصا بين الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظّمة الأعراف، اللّذان يمثّلان القوى الاقتصاديّة الكبرى في البلاد؛ الشغيلة من جهة وأصحاب الاستثمارات ورؤوس الأموال من جهة أخرى.

فما هي أهمّ الشعارات الكبرى للحوار الوطني الاقتصاديّ؟ وما هي أهمّ ملامح هذا المخاض العسير؟ وأخيرا ما هي أوجه التباين بين الاتحاد من جهة ومنظمة الأعراف من جهة أخرى؟

الرهانات الكبرى للحوار الوطني الاقتصادي

أنّالأزمة التي يعيشها الاقتصاد التونسيّ منذ سنوات قد وصلت حدّا خطيرا يهدّد بانهيار لا القطاع الاقتصاديّ فحسب، بل النظام السياسيّ والسلم الاجتماعيّ، فالاقتصاد هو صمّام الأمن والاستقرار، لذلك كان الجدل الأساسي يتمحور حول طبيعة الحلول المطروحة للخروج من عنق الزجاجة وإنقاذ الاقتصاد الوطنيّ من حالة العجز والركود التي يعاني منها. ومن هنا كانت الفكرة الأساسيّة للحوار الوطني الاقتصاديّ الذي جاء في وقت بلغ فيه العجز المسجّل لسنة 2014 ، 12 مليار دينار، كما تفاقمت المديونيّة خلال السنوات الأربع الأخيرة لتتجاوز 25 مليار دينار تونسي، علاوة على التضخّم الذي بلغ 5,8%، ممّا فاقم حالة الاحتقان الاجتماعيّ وتسبّب في تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطن. كما ساهمت الاضطرابات السياسيّة والأمنيّة في تعكير المناخ الاقتصاديّ والحدّ من نسق الاستثمار ونموّ قطاعات عدية كالسياحة والتجارة الخارجيّة.

لذلك كان الهدف الأساسيّ من إطلاق الحوار الوطني الاقتصادي هو ضمان حدّ أدنى من التوافق بين اللاعبين السياسيّين والاقتصاديّين الأساسيّين على الساحة الوطنيّة قصد بلورة رؤية مشتركة للحلول التي قد تنتشل البلاد من الوضعيّة الصعبة التي تعيشها على المستوى الاقتصادي وخصوصا في ما يتعلّق بالمشاكل العاجلة التي تمسّ من الواقع المعيشيّ للمواطن، ويكون بذلك بوّابة لتهيئة مناخ سياسيّ أقلّ حدّة من الحالي.

ولكنّ حيثيّات الإعداد للحوار الوطني الاقتصاديّ لم تخلو من التجاذبات وتباين الرؤى والمواقف والانسحابات التي تعكس تباين المشاريع لمختلف الأطراف المشاركة.

المخاض العسير

المرحلة التحضيريّة لانطلاق أشغال الحوار الوطني الاقتصادي لم تمرّ دون حرب من التصريحات والمواقف والانسحابات، فبخلاف الحكومة ومنظّمة الأعراف الذين اعتبرا الحوار الوطنيّ خطوة جديّة لسلسة الإصلاحات المطلوبة من وجهة نظرهما للنهوض بالاقتصاد التونسيّ، كان للأطراف المعنيّة الأخرى رأي مخالف ترجمه التردّد في المشاركة من قبل الاتحاد العامّ التونسي للشغل وانسحاب الجبهة الشعبيّة من اللجان التحضيريّة وهجومها على سير التحضيرات والورقات المخصّصة للنقاش.

الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أعلن مكتبه التنفيذيّ رفضه للمشاركة في الحوار الوطنيّ لاحترازه على طبيعة النقاشات والحلول الترقيعيّة كما يراها للمشاكل الاقتصاديّة، عاد ليعلن على لسان أمينه العامّ السيّد حسين العبّاسي استئناف نشاطه صلب اللجان التحضيريّة وتأكيد مشاركته في أعمال الحوار بعد أن قبلت الأطراف الأخرى وخصوصا الحكومة شروطه المتعلّقة بإدراج مسألة الجباية والترفيع في الأسعار واستئناف المفاوضات بخصوص الأجور وطرح قضيّة الأسواق الموازية.

أمّا الجبهة الشعبيّة، فقد اتخّذت موقفا أكثر حدّة من الحوار الوطني، فقد كانت البداية بتقديم احترازات بخصوص اللجان التحضيريّة لتصل الأمور إلى حدّ الانسحاب وإعلان مقاطعة الحوار الوطني الاقتصادي، اعتراضا على ما أسمته سياسة السريّة المتبعّة والتي تحاول حكومة فرضها على النقاشات، بالإضافة إلى الضغط الحكوميّ وسياسة اللوائح الجاهزة والتي عزاها ممثلو الجبهة إلى اقتراب الموعد الذي حدّده صندوق النقد الدوليّ في 5 جوان القادم لتقديم برنامج الإصلاح الاقتصادي. كما اعتبرت الجبهة الشعبيّة أنّه لا يجوز تناول القضايا ذات الطابع الهيكلي والإستراتيجية ومنوال التنمية خلال هذا الحوار، إذ هي مهام توكل للحكومة القادمة وليس لحكومة انتقالية. وكان حمّه الهمّامي قد صرّح في حوار تلفزيونيّ أنّ هدف هذا الحوار والحكومة الحاليّة تحميل الطبقات الضعيفة تكاليف الأزمة وارتداداتها وهو ما اعتبره خطّا أحمر بالنسبة للجبهة.

عامل آخر تسبّب في هذا المخاض العسير الذي تعرفه الاستعدادات لانطلاق الحوار الوطني الاقتصاديّ، ويتمثّل خصوصا في حالة الشكّ والتوجّس من جدوى هذا الحوار في ظلّ الخطوات العمليّة التي تقدم عليها الحكومة من ترفيع للأسعار وتحرير لأسعار بعض المواد الأساسيّة والحسّاسة على غرار مادّة الاسمنت، بالإضافة على مضيّها قدما في سياسة التداين والارتهان لاملاءات هيئات النقد الدوليّة والنوايا التي تبرز من خلال تصريحات المسئولين والمتعلّقة بمعالجة وضعية القطاع العموميّ والاتجاه المحموم نحو الخوصصة.

الاتحاد ومنظّمة الأعراف: تباين الرؤى والتوجّهات

اللاعبان الرئيسيّان على الساحة الاقتصاديّة هما الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظّمة الأعراف اللّذان يمثّلان قطبا الإنتاج في البلاد؛ رأس المال من جهة والقوى العاملة من جهة أخرى. لذلك ليس في الأمر مبالغة إن اعتبرنا نجاح الحوار وفاعليّته في انتشال البلاد من هذه الأزمة يبقى رهن تصوّرات كليهما ومدى جديّة المشروع الذيّ يطرحانه.

الاتحاد العام التونسي للشغل:سنشارك وفق شروط لا تراجع عنها

الاتحاد العام التونسي في الشغل رفض في البداية المشاركة في الحوار الوطنيّ، وقد عاد ليستأنف نشاطه صلب اللجان التحضيريّة بعد أن استجابت الحكومة للشروط الذي وضعها لتأكيد المشاركة حسب تصريحات ممثّليه.

وقد اتصّلت “نواة” بالسيّد سامي عوّادي ممثّل الاتحاد في لجنة ترشيد الدعم والكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي لتوضيح الصورة أكثر حول حيثيّات الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الاقتصادي ودور الاتحاد ورؤيته لهذه الخطوة، فكانت البداية بسؤاله حول تأجيل انعقاد المؤتمر الذي كان من المفروض أن تنطلق أشغاله يوم 28 ماي 2014، فأفادنا محدّثنا أنّ الحوار لم يستوفي بعد كلّ شروطه، كما أنّ بعض النقاط الخلافيّة المتعلّقة خصوصا بمسألة الدعم وموضوع الجباية لا تزال محلّ خلاف، وهو ما حدا بالاتحاد العام التونسي للشغل إلى التقدّم بطلب تأجيل انعقاد المؤتمر إلى حين الحسم في هذه النقاط العالقة، فموقف المنظمة النقابيّة مبدئيّ تجاه هاتين المسألتين بالخصوص، إذ لا مجال لتحميل الفقراء والطبقة المتوسّطة ارتدادات هذه الأزمة، كما أنّ مسالة الجباية أمر حسّاس وأساسيّ في الخروج من الأزمة الاقتصاديّة التي تعيشها البلاد نظرا للخروقات وعدم التوازن الذي تعرفه هذه المنظومة والذّي يؤثّر بشكل ملحوظ على موارد الدولة وموازناتها.

أمّا عن أسباب رفض الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة منذ البداية في الجلسات التمهيديّة للحوار الوطني الاقتصاديّ، فقد صرّح السيّد سامي العوّادي أنّ الاتحاد كان رافضا للانحراف بأهداف الحوار الوطني الأساسية والمتعلّقة بإيجاد حلول للمشاكل العاجلة إلى مناقشة الإجراءات الهيكليّة والإستراتيجية للاقتصاد الوطنيّ. إذ يرى الاتحاد أنّ الحكومة الانتقاليّة لا يحقّ لها الخوض في المشاكل الإستراتجية والإصلاحات الهيكليّة نظرا لطابعها المؤقّت ومدّة حكمها القصيرة، فمثل تلك المهّام ستكون مسؤوليّة حكومة شرعيّة منتخبة تنهي الوضع الانتقاليّ الذي تعرفه البلاد منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات.

كما طالب الاتحاد بتحديد عدد اللجان التي وضعتها الحكومة، وإخراج الملفّات التي تمّ الاتفاق عليها في العقد الاجتماعي الذي يربط الاتحاد بمنظّمة الأعراف والحكومة، إذ يجب أن تبقى تلك مسائل ضمن اختصاص لجان العقد وأن لا يتمّ إدراجها ضمن جلسات الحوار الوطنيّ كونها بالأساس تهمّ إجراءات هيكليّة لا تعود بالاختصاص للجان تحضير مؤتمر الحوار الوطنيّ. وهو ما استجابت له الحكومة في النهاية وكان سببا في استئناف منظّمة الشغيلة مشاركتها.

وحول الوضع الاقتصاديّ الراهن، والخطوات التي تتخذّها الحكومة الحاليّة في معالجتها للوضعيّة الاقتصاديّة الراهنة ومشكلة التضخّم وغلاء المعيشة، بالإضافة إلى التصريحات والنوايا التي عبّر عنها أكثر من مسئول حكوميّ حول خصخصة القطاع العامّ، فقد علّق السيّد سامي العوّادي قائلا أنّ الاتحاد يراقب بكلّ يقظة كلّ ما من شأنه أن يمسّ الطبقات الضعيفة والمتوسّطة، وقد كانت مسألة حماية هذه الفئات أحد الشروط الأساسية لمشاركة المنظّمة في أشغال الحوار الوطني الاقتصادي. أمّا في ما يخصّ وضعيّة القطاع العموميّ، فالاتحاد يعتبر أنّ تلك المسألة خطّ أحمر لا سبيل لتجاوزه، وأنّهم لن يسمحوا بتاتا بالمسّ بالقطاع العموميّ وخصخصته، إذ أنّ الهدف الأساسي بالنسبة لمنظّمة الشغيلة هو إصلاح المؤسّسات العموميّة والرقيّ بها على مستوى الأداء والجودة دون التفريط فيها كونها مكتسبات وطنيّة لعموم الشعب.

منظّمة الأعراف ترفض الشعارات والمزايدات

اللاعب الأساسي الثاني في الحوار الوطنيّ الاقتصاديّ، هو منظّمة الأعراف التّي أعلنت سابقا عبر بيان لها، عن دعوتها كلّ الأطراف للتحليّ بروح المسؤوليّة والمشاركة في الحوار الوطنيّ وتغليب مصلحة البلاد كتعليق على المشاكل وتعطّل أعمال اللجان التحضيريّة، وفي اتصّال بأحد ممثّلي المنظّمة، عبّر محدّثنا عن أمله في أن يسفر المؤتمر عن نتائج ايجابيّة تنتشل الاقتصاد الوطنيّ من الوضعيّة الصعبة التي يعيشها، وفي تعليقه حول تأجيل انطلاق أشغال الحوار الوطني، أفادنا أنّ هذه الخطوة كانت بهدف توسيع قاعدة المشاركين وفسح المجال لإيجاد أكبر قدر من التوافق والتفاهم بين مختلف الأطراف المشاركة. وقد اعتبر هذا الأخير أنّ مؤتمر الحوار الوطني يأتي كمرحلة ثالثة من الجهود المبذولة للنهوض بالاقتصاد التونسي كانت بدايتها عمليّة التشخيص التي أطلقتها حكومة التوافق ومن ثمّ الرحلات التي أدّها رئيس الحكومة بهدف تحسين صورة تونس في الخارج لدى الأصدقاء والشركاء، ليكون الحوار الوطنيّ مرحلة جديدة هدفها جمع كلّ الأطراف للنقاش بجديّة ومسئوليّة.

⬇︎ PDF

أمّا بخصوص مسألة النقاط الخلافيّة كموضوع الدعم والجباية، فقد اعتبر ممثّل منظّمة الأعراف أنّ هذه المشاكل يجب أن تناقش برصانة وبعيدا عن المزايدات والشعارات كونها نقاط حسّاسة ومصيريّة، فمسألة الدعم حسّاسة للغاية وشائكة، فالمحافظة عليها ستزيد من أعباء الدولة المنهكة أصلا، ورفع الدعم أو ترشيده قد يثير حساسيّة المواطنين المثقلين من ارتفاع التضخّم وغلاء الأسعار. أمّا الإصلاحات الجبائيّة، فيجب أن تأخذ بالاعتبار المناخ الاقتصاديّ العام وأن لا تكون رهينة الشعارات والعناوين الفضفاضة، فلن يكون الترفيع في الجباية بالضرورة حلاّ لرفع موارد الدولة، إذن فيجب أن تأخذ هذه المسألة حيّزا هامّا من الدراسة والتشاور مع جميع الأطراف المعنيّة.

كما علّق محدّثنا على احتراز الاتحاد حول طابع المواضيع المطروحة للحوار وضرورة اقتصارها على المشاكل العاجلة، معتبرا أنّ الحوار الوطني فرصة لمناقشة جميع القضايا، وتقديم الاقتراحات لحلّ مختلف المشاكل دون استثناء، حتّى الهيكليّة منها، مشيرا إلى نقطة هامّة حول ما يتحدّث عنه البعض من املاءات خارجيّة، إذ يقول ممثّل منظّمة الأعراف، أنّ لا مشكلة بالنسبة لهم في استقبال الاقتراحات من شركاءنا وأصدقاءنا في الخارج ما دامت ستصبّ في مصلحة البلاد وانّه لا يجب أن تكون هنالك حساسيّة من ما يعتبره “نصائح” الدول أو الهيئات الصديقة والشريكة لتونس، وأن لا يتمّ التعامل مع هذه المسألة كورقة للمزايدة السياسيّة أو الشعارات الدغمائيّة.

كما استغرب من ما يروج حول وضعيّة القطاع العموميّ وتخوّف الكثيرين من مسار الخصخصة، إذ من وجهة نظر منظّمة الأعراف، فإنّ الهدف الأساسي هو الارتقاء بجودة الخدمات المقدّمة للمجموعة الوطنيّة وضمان المردوديّة، ولا مانع من خصخصتها إذا كانت هذه الخطوة ستضمن الرقيّ بهذه المؤسّسات والمرافق العموميّة وستعود بالفائدة على عموم البلاد، بالإضافة إلى خضوع الخوّاص لكرّاس الشروط والأهداف المرسومة لتلك المؤسّسات، كما أنّ القطاع الخاصّ هو تونسيّ في النهاية، على حسب تعبيره، وسيخدم بالضرورة مصلحة تونس وسيساهم في انتعاشة الاقتصاد الوطنيّ.

داعيا إلى ضرورة القطع مع هذا النمط من التفكير القائم على الفصل بين الخاصّ و العموميّ، فالمصلحة الوطنيّة والثروة الوطنيّة يجب أن تسخّر لخدمة البلاد والمجموعة الوطنيّة دون التفكير بمنطق خاضع للشعارات الإيديولوجية والمزايدات السياسيّة.

وفي ختام حديثه، نبّه محدّثنا إلى ضرورة الترفّع عن الخلافات والمساهمة الفعّالة من قبل جميع الأطراف في الحوار الوطنيّ بعيدا عن الحسابات السياسيّة معتبرا أنّ سياسة الكراسي الشاغرة لن تخدم مصلحة البلاد وستساهم في مزيد تعكير المناخ السياسيّ والاقتصاديّ الصعب الذي تعيشه البلاد.

إنّ تباين الرؤى والتصوّرات حول هدف الحوار الوطني خصوصا بين الطرفين الأهمّ؛ اتحاد الشغل من جهة ومنظّمة الأعراف من جهة أخرى، يطرح أكثر من تساؤل حول مدى قدرة هذه الخطوة في الوصول إلى خارطة طريق تطرح حلولا جديّة للمشاكل العاجلة التي يعاني منها الاقتصاد الوطنيّ، فالخلافات ومن خلال حديث ممثّلي المنظّمتين تتجاوز المسائل التقنيّة لتشمل مبادئ ونقاط أساسية كالدعم والخصخصة والجباية، وهي مسائل تختلف فيها رؤية كلّ منهما اختلافا جذريّا وتتضارب مصالح كليهما حسب طرق المعالجة، ففي حين تسعى منظّمة الأعراف إلى إجراءات تحرّر الاقتصاد المحليّ داخليّا وخارجيّا وترغب بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة المتعلّقة بالدعم والقطاع العمومي، يبدو الاتحاد العامّ التونسي للشغل رافضا لمثل هذا التمشّي الذي سيعود من وجهة نظره بالضرر على الفئات التي يمثّلها والذي لن يخدم سوى فئة اجتماعيّة واحدة ولن يكون بأي حال من الأحوال المحرج الحقيقيّ للأزمة الاقتصاديّة التي تتفاقم يوما بعد يوم في البلاد.