في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة الحبيب الصيد عن إجراءات مُستعجَلة للتقليص من ظاهرة البطالة في المناطق المُهمّشة، يقع العديد من الشبان تحت طائلة الملاحقات الأمنية والقضائية على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات التي عرفتها البلاد منذ 16 جانفي الفارط. وقد صَدرت في حق البعض منهم بطاقات إيداع بالسجن، وتلقّى بعضهم الآخر استدعاءات للمثول أمام المحاكم أو لدى مراكز الأمن الوطني.
عشرات الشبان رهن الإيقاف
تزامنا مع موجة الاحتجاجات الأخيرة اعتقلت السلطات عددا من الشبان الذين شاركوا في الإعتصامات التي عرفتها مختلف مناطق البلاد. وقد شهدت ولاية قابس إيقاف 32 شاب لم تتم محاكمتهم بعد، من بينهم السجين السياسي السابق برهان القاسمي. وفي هذا السياق أوضح المحامي رياض الفرحاتي أن هؤلاء الشبان تم إيقافهم في سياق الحراك الاحتجاجي الذي عرفته المنطقة يوم 22 جانفي 2016 وهم يواجهون تُهمًا بمخالفة قانون حظر التجوال والسكر الواضح وإحداث الهرج والتشويش.
من جهة أخرى تعرّض 11 شاب يوم 24 جانفي 2016 إلى الإيقاف على خلفية الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها منطقة الفحص التابعة لولاية زغوان. وصدرت بحقهم بطاقات إيداع بالسجن، وتتراوح أعمارهم بين 19 سنة و28 سنة. ويُواجه هؤلاء الشبان تُهمَتي “تكوين وفاق والحث على الفوضى”. وقد كان اعتقالهم مفَاجئا لأن البعض منهم ينتمي إلى لجنة التفاوض التي أطّرت التحركات وحافظت على سلميّتها من بينهم هشام الساكت البالغ من العمر 27 سنة ومحمد أمين الغربي البالغ من العمر 23 سنة.
في معتمدية القصور التابعة لولاية الكاف تعرّض ليلة السبت الفارط الاعتصام الذي ينفّذه عدد من المعطّلين إلى مداهمة أمنية، وتم اعتقال 11 من المعتصمين ليتم الإفراج عنهم عشية الاثنين 8 فيفري 2016. وقد أفاد فاروق الجبالي، أحد المعتصمين، أن الموقوفين وُجِّهت إليهم تهمة سلب حرية العمل ومن المنتظر أن تتم إحالتهم على المحاكمة في حالة سراح، مُشيرا إلى أن الاعتصام انطلق منذ 9 جانفي الفارط في ظروف سلمية ولم يُشارك المعتصمون في أحداث نهب أو تخريب.
شهدت منطقة دقاش التابعة لولاية توزر هي الأخرى حملة إيقافات طالت 3 نشطاء في المجتمع المدني وهم كل من علاّلة مستوري وسامر بويحيى، الناشطين في جمعية شباب ومواطنة، وأحمد الطاهري الناشط في جمعية الأمانة. ويواجه هؤلاء تُهما بـ”التحريض والحرق والسرقة وتكوين وفاق” وذلك على خلفية مشاركتهم في الحركة الاحتجاجية التي عرفتها منطقة دقاش يوم 21 جانفي 2016. وقد تم إطلاق سراحهم بعد 6 أيام إيقاف وتمت إحالتهم على قاضي التحقيق بتوزر للبحث معهم في التهم المنسوبة إليهم. وفي هذا السياق أفاد عمارة مساترة، المنسق المحلي لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل، أن التهم المذكورة تم تلفيقها للنشطاء من قبل رئيس مركز الشرطة بدقاش ولا وجود لأية قرائن تؤيدها.
استدعاءات للحضور في مراكز الأمن
إثر الاعتصام الذي نفّذه عمّال شركة “بتروفاك” بقرقنة منذ يوم 19 جانفي 2016 تلقّى سبعة من المعتصمين استدعاءات للحضور بإقليم الأمن الوطني بصفاقس ومنطقة الأمن بقرقنة. وفي هذا السياق أفاد أحمد سويسي، أحد المتهمين وعضو المكتب المحلي لاتحاد المعطلين، أن الاعتصام المذكور نفّذه عدد من أصحاب الشهائد الجامعية الذين يشتغلون في شركة “بتروفاك” وفق منظومة العمل البيئية والبالغ عددهم 266، وهي تعد من آليات التشغيل الهشة على غرار الآليتين 16 و21. وأضاف بأنهم طالبوا منذ السنة الفارطة بتسوية وضعياتهم المهنية، الأمر الذي التزمت به السلطات المعنية في محضر جلسة مُدوَّن بتاريخ 16 أفريل 2015، أمضاه وزير الشؤون الاجتماعية ومُمثّلَين عن وزارة الطاقة، تعهّدوا فيه بتسوية وضعية العمال في أجل لا يتجاوز مُوفّى شهر ديسمبر 2015.
تتبعات قضائية
بعض الشبان الآخرين تعرضوا للإيقاف في خضم الحراك الاحتجاجي ليتم إخلاء سبيلهم في وقت لاحق وإعلامهم بالحضور لدى الدوائر القضائية على أن تتم محاكمتهم لاحقا في حالة سراح. وفي هذا السياق تعرض يوم 23 جانفي 2016 ثلاث شبان للإيقاف بولاية زغوان، وهم كل من محمد الرّزقي وخالد حمّودة ورمزي بن عياد، وتم اقتيادهم إلى منطقة الأمن الوطني، ووُجِّهت إليهم تهم حرق العجلات المطاطية ورشق أعوان الأمن بالحجارة وخرق قانون الطوارئ. ومن المنتظر أن يمثل ثلاثتهم أمام الدائرة الجناحية بالمحكمة الإبتدائية بزغوان يوم 9 مارس 2016.
كما تلقّى عدد من نشطاء المجتمع المدني في ولاية القصرين إشعارا بالحضور لدى الجهات الأمنية، من بينهم حمزة السّايحي وصادق ساسي ونعمان المحمدي. وأثناء الاستنطاق وُجِّهت إليهم تهما بالتحريض على العنف والفوضى. وتأتي المتابعة الأمنية لهؤلاء النشطاء على خلفية مشاركة في حملة “نحي الزنك من جنينة الشهداء” التي انتظمت أمام بلدية القصرين منذ سنة 2015 للتنديد بتعطل مشروع صيانة مقبرة الشهداء الذي انطلق منذ سنة 2012.
إثارة قضايا قديمة
أصدرت اليوم الثلاثاء محكمة الإستئناف بقفصة حكما بسنتين سجن مع تأجيل التنفيذ ضد الشاب محمد الناصري بعد اتهامه بهضم جانب موظف.ويذكر أن محمد الناصري مُعطَّل عن العمل وناشط اجتماعي يبلغ من العمر 30 سنة، أصيل منطقة أم العرايس، شارك في الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الحوض المنجمي منذ سنة 2008. وقد أكّد أنه يواجه تهما بتعطيل سير العمل وهضم جانب موظف، تتعلق بقضايا محفوظة ضدّه وتعود إلى الفترة المتراوحة بين سنة2011 وسنة 2012. ويذهب محمد الناصري إلى أن هذه القضايا أثارتها السلطات مجدّدا بسبب مشاركته في الحراك الاحتجاجي الأخير، المطالب بالتشغيل والتنمية الذي عرفته منطقة الحوض المنجمي.
iThere are no comments
Add yours