خلال جلسة نيل الثقة في مجلس النوّاب، تعهّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بوضع تشريعات عاجلة واستثنائية ذات صبغة اقتصادية لتسريع وتيرة الإصلاحات بحسب تعبيره والتغلّب على معضلة البيروقراطية ودفع الاستثمار. خلال فترة وجيزة، تمّ عرض النسخة الأولّية على مجلس نوّاب الشعب لما بات يُعرف بمشروع قانون دفع النمو الاقتصادي أو قانون الطوارئ الاقتصادية في 05 سبتمبر 2016، ليعاد صياغته مرّة أخرى بعد اعتراض عدد من النواب في لجنة المالية إضافة إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة. النسخة الجديدة المعروضة على لجنة المالية منذ 26 سبتمبر الفارط، لم تستطع انهاء الجدل حول مشروع القانون الذّي ترى فيه الحكومة ضروريا لدفع نسق الاستثمار وأحد الوسائل الناجعة لتنفيذ مخطّطها الاقتصاديّ ويرى فيه المعارضون خطوة جديدة في اتجاه تقليص رقابة الدولة في المجال الاقتصادي وإرساء سلطة مطلقة للحكومة في هذا الملّف على حساب المصلحة العامة. ليتم في نهاية المطاف تأجيل مناقشة مشروع القانون الذي عدُّل اسمه إلى “مشروع القانون المتعلق بأحكام استثنائية للتسريع في إنجاز المشاريع الكبرى” إلى وقت لاحق بعد الاختلاف الحاصل بين الأعضاء في لجنة المالية حول صحة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة لتقديم الاقتراحات الإضافية لهذا القانون.
منظّمة الأعراف تتدخّل لسحب النسخة الأولى
مشروع قانون دفع النمو الاقتصادي في نسخته الأولى، لم يثر حفيظة بعض نواب المعارضة فحسب، بل استدعى تدخّل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة الذي اعتبر على لسان رئيسته وداد بوشماوي خلال مشاركتها في ندوة حول مستقبل المؤسسات التونسية الصغرى والمتوسطة، ان نظرة الاتحاد مختلفة تماما عن نظرة الحكومة مشيرة الى ان مشروع هذا القانون ناقص ولن يكون له جدوى في صيغته الحالية.
منظمة الاعراف تقدّمت بمجموعة من المقترحات لرئاسة الحكومة ضمن مشروع قانون حول حالة طوارئ اقتصادية، لكن النسخة التي طُرحت على مجلس نواب الشعب كانت بحسب المنظّمة مخالفة له تماما.
الجدل الذي أثارته النسخة الأولى من مشروع قانون دفع النمو الاقتصادي دفع الحكومة إلى سحبه وتعويضه خلال أسبوعين بورقة جديدة تضمّنت 16 فصلا بدل 4 فصول، لتتمّ إحالته إلى لجنة المالية التي عطّلت النقاش لما سجّلته من انتهاكات إجرائية وصياغة جديدة غيّرت مضمون النسخة الجديدة.
المعارضة تعطّل النقاشات وتحذّر من توفير غطاء للفساد
الصيغة الجديدة لمشروع قانون دفع النمو الاقتصادي، أو كما تمّ تسميته بعد تعديله في النقاشات صلب لجنة المالية والتخطيط إلى مشروع القانون عدد 66/2016 المتعلق بأحكام استثنائية للتسريع في إنجاز المشاريع الكبرى، لم يحرز على مصادقة اللجنة بعد أن لاقى معارضة شديدة من نواب الجبهة الشعبية وعلى رأسها رئيس اللجنة منجي الرحوي. لتنتهي الدورة البرلمانية الاستثنائيّة يوم 30 سبتمبر دون إحالة مشروع القانون المذكور إلى الجلسة العامة.
الخلافات الأساسية بخصوص هذا المشروع لخّصها النائب عن الجبهة الشعبية فتحي الشامخي إلى محورين، الأوّل سياسي والثاني مؤسّساتي. على المستوى الأوّل، اعتبر هذا الأخير أنّ حكومة يوسف الشاهد فشلت في اوّل اختبار لجديتها في التعاون مع مختلف المكونات السياسية والاقتصادية. حيث يهدف مشروع القانون الجديد إلى منح رئيس الحكومة سلطة مطلقة فيما يتعلّق بالاستثمار والشأن الاقتصادي بشكل عام. ليضيف أنّ الحكومة تريد صكّا على بياض للاستحواذ على القرار والافلات من رقابة مؤسسات الدولة. بل ويذهب النائب فتحي الشامخي إلى اعتبار أنّ الهدف الرئيسي من الدورة البرلمانية الاستثنائية لم يكن المصادقة على قانون الاستثمار، التي كانت جاهزة منذ عهد رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، بقدر ما كانت تهدف إلى حسم “مشروع القانون المتعلق بأحكام استثنائية للتسريع في إنجاز المشاريع الكبرى”. حيث تسعى الحكومة الجديدة إلى استغلال الظرف الاقتصادي وهاجس تطوير الاستثمارات العمومية والخاصة لإطلاق يدها بشكل كامل في التعامل مع هذا الملّف عبر احتكار تقييم الفاعلية الاقتصادية والجدوى الاجتماعية وحجم الاستثمارات. أما عن الفرق بين النسخة الأولى والثانية، فقد أوضح النائب فتحي الشامخي أنّ النسختين الأولى والثانية لا تختلفان في الجوهر والهدف، ولكن الفرق الوحيد يكمن في الإطالة واجترار الوعود والإغراءات.
أما على المستوى المؤسّساتي، فقد بيّن محدّثنا أن الجبهة الشعبية ترفض هذا المشروع بشكل قاطع لما سينتج عنه من ارتدادات اقتصادية كارثية وانتهاك للمسارات القانونية والدستورية لعمل مؤسسات الدولة وتنظيم الاستثمارات على غرار الفصل السادس. حيث يلغي “مشروع القانون المتعلق بأحكام استثنائية للتسريع في إنجاز المشاريع الكبرى” أي سلطة أو آلية رقابيّة على عمل الحكومة والمستثمرين، كما يقفز على المسالك العادية لإسناد رخص الاستثمار، وهو ما ينجرّ عنه إلغاء عمل كل المؤسسات واللجان ذات الإختصاص وهو ما سيمثّل غطاء جديدا للفساد وانتهاك التشريعات الدستورية التي تنظّم هذا القطاع.
كما بيّن النائب فتحي الشامخي، أن مشروع القانون المذكور لن يكتفي بتنظيم مصادرة الأملاك الخاصّة تحت مسمّى المصلحة العامة لصالح المشاريع العمومية، إذ سيسمح بمثل هذه الإجراءات حتّى بالنسبة للمشاريع الخاصّة. كما يمثّل الفصل 14 المتعلق بتغيير صبغة الأراضي الفلاحية خطرا كبيرا لما يمنحه من سلطات مطلقة لوزير الفلاحة للتصرّف في صبغة تلك الأراضي وانعكاسات هذه الخطوة على الأمن الغذائي الوطني.
هذا واعتبر السيّد فتحي الشامخي أنّ مشروع القانون يعكس حيرة حقيقية لرئيس الحكومة وفريقه أمام غياب النتائج وتأزّم الوضع وصعوبة إعطاء دفع جدّي للاقتصاد.
يجب أن نفهم في يوم من الأيام قامت في تونس ثورة : على وضع إجتماعي و إقتصادي ، و على آليات تعامل سياسي فاسدة و ديكتاتورية (إحتكار السلط ، إحتكار القرار ).
هذه الثورة في شعاراتها المعلنة ضد العائلات الفاسدة الحاكمة و المتحكمة ، تطوع القوانين حسب مصالحها ..
قمنا بثورة في شعرها السياسي ضد الدكتاتورية …
الذين من موقعهم في أيام الثورة ، لم يشاركوا في الثورة ، ساندوها أو لم يساندوها، و حتى إن شاركوا في الثورة و نزلوا للشارع و واجهوا القمع و الرصاص .. ثم رمت بهم مكاسب الثورة (الديمقراطية، للحكم )، يجب أن يفهموا أنهم مطالبون بالمضي في ثقافة هذه الثورة (توفير آليات الشفافية، المراقبة و المحاسبة)، هذا جزء من ثقافة الثورة، و هذا هو القطع مع آليات الماضي … أن تكون الحكومة في إستعجال من أمرها ، هذا يمكن أن يفهم .. لكن صورة الماضي يجب أن لا تعود للمشهد … أن نوفر مكان للمعارضة (المراقبة الديمقراطية ) في كل آليات و مراحل تنفيذ قانون معين ، المراقبة الاجتماعية أيضا (نقابات ، مجتمع مدني ) .. لما تتوفر هذه الآليات يصبح الأمر نوعا ما هين ، و تلك هي الديمقراطية ، لا بد من أغلبية تحكم و تنفذ ، و من معارضة تقوم بدورها .. أما لما تبنى قوانين على أساس النوايا الطيبة ، و أنه بفعل جعل الأمر بيد واحدة حتى تمشي الأمور بسرعة .. هذا لا يمكن قبوله ، لأن في السياسة ليس هناك نوايا طيبة … النوايا الطيبة ليست أساس من أسس التشريع (سن القوانين ). ثورة العقول لا تزال بعيدة المنال ، مع الأسف .
لا يمكن أن نثور على شيء ثم نعيده، لماذا إذا قمنا بثورة؟ توفر الدعم السياسي العريض لحكومة ما، توفر المساندة الشعبية الواسعة، لا يخول الخروج عن الثقافة الجديدة التي جأت بها الثورة.
لما قرأت هذه الوثيقة التي على الموقع ضحكت … كيف يخرج عن وزراء موقرين مكتوب مثل هذا ؟ يستبلهون في الناس ! غريب … بعد المرحلة الانتقالية دخلنا في دورة حكم ديمقراطي .. يجب أن نتعلم كيف نحكم في نظام ديمقراطي .. الذي لا يعرف هذا ، يرجع للجامعة . رئيس الحكومة أو وزير لما يكون في المسؤولية، ليس ليحكم وحده ؛ و إنما ليتخذ الاجراأت اللازمة مع توفير الطمأنينة أن لا عودة لآليات الماضي ، و لا لفتح أبواب فساد جديدة أو إمكانية فتح … تقولون انكم ستنخرطٌون في محاربة الفساد ، ثم تأتي بمكتوب مثل هذا ؟ على إشكون باش إتعداها يا سيدي ؟
ثم أنظر إلى ذلك التشخيص (على إعتبار الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد )، الله الله … نحن لسن في حالة إستثنائية، نحن ككثير من الدول في حالة غرق .. و للخروج من الغرق يجب آليات تطمئن و تضمن الخروج الآمن … تصور أنت واحد يحب ينقذ روحوا يجد نفسه مطلوب أكثر ، ميش خلات ؟ لماذا هذه الممارسات الاعتباطية ، القضية لست قضيت فرد أو عائلة ، أو محلية (بلدية مثلا ) تتخذ قرارات ، أو تذهب في خيارات تجد نفسها في الأخير لا تستطيع أن تصوت على ميزانية متكاملة
(équilibre)،
فتجدها تحت وصاية الوالي .. يا سيدي نحن الأمر يمس بدولة ، الوصاية تعني وصاية الخارج ، فقد للسيادة
100% .
الله يهدي ما خلق .