لم يخلو مشروع قانون المالية لسنة 2017 من إجراءات أثارت حفيظة الأطراف النقابية والاجتماعية، نظرا لتعارضها مع الاتفاقات السابقة، أو لعدم تلبيتها للعاجل الاقتصاديّ في مختلف القطاعات، أو للتدابير الفضفاضة التي تتناقض مع الحملة الإعلامية الرسمية ضدّ الفساد. لكنّ النقطة الأبرز في المشروع الحالي لميزانية سنة 2017 هي تحميل الطبقة الأضعف والمتضرّر الأكبر من الأزمة الاقتصادية المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات دون غيرهم أعباء “التضحيات” التي طالب بها رئيس الحكومة منذ ظهوره الأوّل.
مشروع قانون المالية لم يخيّب التوقّعات
مشروع الميزانية الذّي أعدّته وزارة المالية وأحالته إلى مجلس نواب الشعب يوم السبت 15 أكتوبر الجاري، لم يحد عن التصوّرات العامة التي سبقته والتي عبّر عنها رئيس الحكومة في خطاب نيل الثقة امام مجلس الشعب. حيث بدا الخطّ العام لهذا المشروع متوافقا مع سياق “التضحيات” التّي روّج لها يوسف الشاهد وطالب الشعب بتحمّل أعباءها للخروج من الازمة الاقتصاديّة. المقاربة التي جاءت بها الميزانية المرتقبة عملت على المراوحة بين الحد من نفقات الدولة من جهة، وتدعيم مواردها من جهة أخرى.
على مستوى الموارد، يعتمد مشروع المالية القادم على تدعيم الموارد الجبائيّة بزيادة قدرها 15.2 بالمائة مقارنة بنظيرتها المحتملة لسنة 2016. يتأتى المردود المقدر لسنة 2017 ب 2368 مليون دينار أساسا بالترفيع في الآداءات الموظّفة على التبغ والمشروبات الكحولية والسيّارات والمحروقات، ومراجعة جدول الضريبة على الدخل ونسب الأداء على القيمة المضافة إضافة إلى الترفيع بنسبة 7.5 بالمائة كضريبة استثنائية على المؤسّسات. كما تعتزم الدولة لتعزيز مواردها على الاقتراض الخارجي، ليبلغ الاقتراض الصافي المقدر لسنة 2017 يناهز 4895 مليون دينار باعتبار القروض المحالة، وهو ما سيرفع حجم الدين العمومي إلى 62660 مليون دينار أي ما يعادل 63.8 بالمائة من الناتج المحلّي الإجمالي.
أمّا على صعيد التحكّم في نفقات الدولة، فقد تمّ بلورة خطّة حكوميّة للضغط على نفقات التصرّف وكتلة الأجور بالأساس. حيث لن تتجاوز نفقات الأجور لسنة 2017، 13700 مليون دينار مقابل 13121 مليون دينار سنة 2016، أي بنسبة زيادة 4.2 بالمائة.
عمليّة ضبط نفقات الأجور ستتمّ عبر سلسلة من الإجراءات تتضمّن تأجيل صرف قسط سنة 2017 بعنوان البرنامج العام للزيادات في الأجور والمقدّرة ب600 مليون دينار، إضافة إلى تأجيل صرف قسط سنة 2017 بعنوان البرنامج الخصوصي للزيادات في الأجور بقيمة 315 مليون دينار. كما سيتمّ اتخاذ “تدابير استثنائية ” كعدم القيام بانتدابات جديدة سنة 2017، باستثناء خريجي مدارس التكوين بوزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية ووزارة المالية وخريجي المدرسة العليا الوطنية للإدارة، إضافة إلى عدم اللجوء إلى تعويض المحالين على التقاعد سنة 2017، والذّين ناهز عددهم 11200 موظّف بالقطاع العّام، وإيقاف العمل بتعويض الشغورات المسجلة خلال السنة المقبلة بسبب الاستقالة أو الوفاة أو الإلحاق. هذا وسيتّم تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة صلب المصالح والوزارات الحكومية.
ميزانية 2017 مزيد من التداين وعصر الجيوب الفارغة
للضغط على نفقات التصرّف، إعتمدت حكومة يوسف الشاهد التطبيق الحرفي للتقرير الصادر عن وفد من صندوق النقد الدولي، كانت نواة قد نشرته سابقا، للتحكّم في كتلة الأجور ونفقات الدولة. والذّ يصبّ في اتجاه تحميل الفئات الأكثر تضرّرا من الأزمة الاقتصادية الراهنة، أعباء إضافيّة دون الالتفات إلى ملفّات أخرى عاجلة على غرار الإسراع بقانون الإصلاح الجبائي أو المعالجة الجديّة لمعضلة التهرّب الضريبي. في هذا السياق، يعلّق الخبير الاقتصادي مصطفى الجويلي حول مشروع ميزانيّة 2017 موضّحا أنّ هذه الحكومة لا تمتلك برنامجا جديّا ومتكاملا لمواجهة العجز الاقتصادي المتفاقم. ليضيف أنّ الموظفين والاجراء هم أكثر من يتحمل اعباء الازمة بتعلة “التضحية” و”المصلحة الوطنية”، فبعد فرض الضريبة الاستثنائية سنة 2014 للمساهمة في نفقات صندوق الدعم، يقترح المشروع الجديد ضريبة استثنائية وتجميد الاجور لمدة سنتين.
أمّا بخصوص الضريبة الاستثنائية على المؤسسات ففي ظاهره يبدو معقولا وعادلا في توزيع أعباء الأزمة. ولكن هذه الضريبة ستطبق على المرابيح المصرح بها سنة 2016. في حين كان من المفروض ان تعتمد الحكومة الأرباح الخاصّة بسنة 2015 المعلومة والتي وقع التصريح بها، اما ان تعتمد مرابيح غير معلومة لن يقع التصريح بها الا في مارس 2017 فهذا يترك امام المؤسسات المجال للتلاعب بالحسابات والتقليص من حجم الارباح كما يخدم تجميد الاجور مصلحة المؤسسات الخاصّة التي تعتمد القطاع العام كمعيار.
ويعرّج الأستاذ مصطفى الجويلي على مسألة اعتماد الاداء الغير مباشر وبالخصوص الاداء على القيمة المضافة خاصة، ليشير إلى أنّ هذه الضريبة تنعكس في شكل ارتفاع في الاسعار ستكون نتائجه سلبية على المقدرة الشرائية لعموم التونسيين. وهو ما سيؤدّي إلى فشل بعض الاجراءات التي أقدمت عليها الدولة من باب الدعم للفئات الضعيفة (توسيع قاعدة الاعفاء من الضريبة على الدخل) نظرا لزوال مفعولها المفترض بارتفاع الاداءات الغير المباشر وتوسيع قاعدتها لتشمل الأدوية والنقل والسكن الجامعي وغيرها. أمّا بخصوص الحرب على الفساد، وما تضمّنه مشروع المالية من إجراءات في هذا الغرض فيعلّق الخبير مصطفى الجويلي قائلا أنّ ما تضمّنته الميزانية المنتظرة من تدابير وتوصيات لا يتجاوز الشعارات المجترّة، فالدولة تتقاعس في استخلاص الاداءات المتأخرة التّي تبلغ حوالي 8000 مليون دينار إضافة إلى المحاضر المحررة لدى الديوانة والتي تتجاوز قيمتها 200 مليون دينار، وهو ما يعكس ٍغياب الاجراءات الجدية لمقاومة الفساد والتهرب الضريبي. بل ويذهب محدّثنا ليشير إلى أنّ خطّ التمويل لاقتناء المسكن الاوّل المخصص للطبقة الوسطى، لا يهدف بالأساس لمساعدة هذه الفئة التي تتآكل تحت وطأة الأزمة الاقتصاديّة، بل تسعى هذه الخطوة بالأساس إلى انقاذ كبار الباعثين العقاريين وتنشيط السوق لصالحهم بعد تراجع حجم المعاملات نظرا لتدهور المقدرة الشرائية والارتفاع المشطّ للأسعار في سوق العقارات والذّي يتجاوز هامش الربح فيه نسبة المائة في المائة أحيانا في ظلّ غياب رقابة الدولة أو قوانين لوضع سقف أعلى للمرابيح.
الاتحاد العام التونسي للشغل على الخطّ
بعد يومين من تقديم مشروع المالية لسنة 2017، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا عبّر من خلاله “عن رفضه المطلق لكلّ الإجراءات التي سبق أن حذّر من اتخاذها والتي جاءت في مجملها مثقلة لكاهل الأجراء وعموم الشّعب معمّقة للحيف المسلّط عليهم”، وليخصّ منها بالذكر تأجيل الزيادات في القطاع العام وفق الاتفاقات السابقة. معتبرا أنّ الحكومة انحرفت عن النقاط الواردة في وثيقة قرطاج و”التفت على ما تضمّنته من تعهّدات والتزامات”. كما ندّد الاتحاد بما اسماه بالخضوع للإملاءات الخارجية المجحفة، محمّلا “الحكومة وكلّ الأطراف المشكّلة لها مسؤولية زعزعة الاستقرار الاجتماعي”، ليختم بدعوة “كلّ الشغّالين في جميع القطاعات إلى التجنّد للدّفاع عن حقوقهم ومنع تحميلهم فشل السياسات المتّبعة وفرض احترام التعهّدات. ويدعو كلّ الهياكل النقابية إلى التعبئة والاستعداد للنضال من أجل حقوق العمّال بكلّ الطرق المشروعة”.
الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية، اتخذ بدوره موقفا مناوئا لمشروع المالية، حيث اعتبر تحميله ضريبة استثنائية في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، خطرا على المؤسّسات التونسية.
الخلافات التي لاحت بين الحكومة من جهة وأكبر منظّمتين نقابيتين من جهة تمثّل اوّل اختبار جدّي ليوسف الشاهد وفريقه بعد إمعانهم في التلويح بعصا “الحزم” في مواجهة الأزمات الاجتماعية.
مشروع قانون المالية لم يخيّب توقّعات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و كل مجموعة رجال الفساد النافذين .
الحرب على الفساد نعتبرها كذبة . و كل الاجرآت المتخذة من طرف الحكومة في محاربة الفساد تدل على أنها تواجه تهديد أعظم من تهديد المجموعات الارهابية في صورة المس بكبار الفاعلين في دوائر الفساد … ثم شخصيا لا عتقد أن هناك إختبار جدي بين الحكومة و الاتحاد و منظمة الأعراف .. لكن الاختبار موجود بين الفئات الضعيفة و بين الفاعلين في البتة التي وقعت بين الحكومة و كل مسانديها ، كل مسانديها … ثم سيكون هناك موعد إختبار للإتحاد العام التونسي للشغل لما تتوتر الأوضاع … أين سيكون موقع الاتحاد حينها ؟
تاريخنا يمر فى دورات متصاعدة فى كل شىء، تتكرر نفس الظواهر اذا تحققت شروطها، وتوافرت أسباب وجودها، فما نراه اليوم ليس جديداً، بل هو قديم قدم جريان مجردة والنيل ودجلة .
تعالوا نرى ماذا يقول محمد بن خليل الأسدى فى كتابه «التيسير والاعتبار والتحرير والاختبار فيما يجب من حسن التدبير والتصرف والاختيار» الذى ألفه سنة 854 هجرية،1451م، وقدمه لرئيس وزراء السلطان المملوكى الظاهر سيف الدين جقمق، ونحاول الاستفادة منه بآليات الواقع الحالي . كان عصر هذا السلطان بداية للانهيار المتسارع لدولة المماليك، والذى حدث بعد ذلك بخمسة وستين عاما فقط على يد العثمانيين الأتراك؛ حين هُزِمَ السلطان قنصوة الغورى ومات تحت سنابك الخيول العثمانية فى موقعة مرج دابق شمال مدينة حلب السورية حاليا، المصرية سابقاً سنة 1516م.
يضع الأسدى قاعدة تقول: ان فساد الدول وانهيارها يحدث بسبب فساد الطبقة العليا، أو النخبة أو الخواص فى لغته، وهؤلاء الخواص هم خمسة: العلماء، والجند، والزهاد (الصوفية)، والتجار، والولاة (مسئولو الدولة)، ويبرر ذلك بأن العلماء هم ورثة الأنبياء، والزهاد هم عماد أهل الأرض، والتجار هم أمناء الله فى الأمة، وأما الولاة فهم الرعاة ويحدث الفساد فى الدولة وتوشك على الانهيار؛ اذا تغيرت أحوال هؤلاء، وتبدلت أدوارهم . ويبدأ الفساد والانهيار فى الدول – فى رأى الأسدى- من الخلل فى سياسة النقود، حين تتنوع النقود وتتفاوت أسعارها، ويفقد الناس الثقة فى النقود، وحدث ذلك فى زمانه حين اختلفت موازين الدنانير من الذهب، والدراهم من الفضة، فكان الدينار والدرهم تختلف أوزانهما، وتتعدد بصورة أفقدت الناس الثقة فيهما؛ فلجأوا الى استخدام الفلوس المصنوعة من النحاس وهى عديمة القيمة وهذا يساوى فى عصرنا ومصرنا تنوع سعر العملات الأجنبية بالدينار التونسي او الجنيه المصري، وتعدد أسواقه، وهذا يقود فى رأى الأسدى الى اختلال عام فى أسعار السلع، وموجهة من الغلاء والاحتكار، وتخزين السلع، أو تحجيرها بلغة ذلك الزمان، أملاً فى ارتفاع أسعارها، ثم ينتشر التطفيف فى المكاييل والموازين وهذا ما نراه اليوم وتعرفه سوقنا . ومع انتشار الغلاء والبلاء، وضعف الموارد، بدأت دولة المماليك فى زيادة الضرائب السلطانية، مما أدى الى أن هجر الفلاحون أرضهم، والصناع صنعتهم، وهنا يحذر الأسدى السلطان جقمق قائلا «فاذا رأيت الخطأ فى التدبير (السياسة) لا يتبين ضرره، وحال الدولة معه متماسك (الاستقرار)، فأعلمة أن ذلك الأمر بجملته يتغير من أمر كلى قبل أن يتغير الجزئى؛ بحادث عظيم يظهر بغتة وتكون بهم المثلة، ولسائر الأمم عظة والسلام» (أى أن هذا الاستقرار المؤسس على ظلم وخلل سوف يؤدى الى تغيير النظام وهو التغيير الكلى، قبل أن يتمكن السلطان من تغيير السياسات وهو التغيير الجزئى).ثم يقدم الأسدى طرقا للخروج من حالة الفساد هذه؛ فينصح السلطان أن يبدأ بالطبقة العليا؛ بالتجار والأمراء والقادة، وأن يحصل منهم على جزء من أموالهم الضخمة، وأن يبتعد عن تحميل الفقراء، والعوام أى أعباء مالية جديدة، وينصح الطبقة الغنية فى الدولة المصرية حينذاك أن تبادر بالتعاون مع السلطان، وتقدم جزءاً من أموالها للدولة لكى تقوم بوظائفها، قبل أن يضيع منها كل شىء؛ اما بانتشار الفوضى والسرقة والنهب (ثورة الجياع)(وهذا ما يحدث مع كل حالات الشغب عندنا )، واما بعدو خارجى طامع، يقضى على الدولة وينهب خيراتها، ومن هذه الخيرات ثروات التجار والقادة والأمراء وللأسف كانت صيحة الأسدى فى واد سحيق، أو فى رماد عميق، ولم يسمع له أحد، وحدث ما كان يتوقع، ودخل العثمانيون مصر، وقضوا على المماليك، ونهبوا ثرواتها، لثلاثة قرون متتالية. أما مواجهة التجار الذين يحتكرون السلع ويخزنونها انتظارا لارتفاع أسعارها؛ فقد اتفق جميع من كتب فى التاريخ المصرى على نصيحة الحاكم بأن يتخذ ضدهم اجراءات رادعة، فمنهم من طالب الحاكم بأن يصادر نصف أموالهم، ومنهم من زاد على ذلك بمصادرة كل أموالهم، ومنهم من أضاف الى ذلك تجريسهم من خلال الطواف بالواحد منهم على حمار فى كل شوارع وأزقة القاهرة وقد كان للحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمى الذى حكم مصر من 996 م الى 1021م، سياسة غريبة عجيبة معهم، فقد كان صارماً مع التجار الذين يحتكرون السلع، وقد كان يركب حماره كل يوم ويطوف فى القاهرة لمراقبة الأسواق، وعندما فشل فى ضبط الأسواق، وضبط الأسعار، ومنع الغش والفساد، اصطحب معه عبداً ضخماً اسمه مسعود، كان يأمره بأن يفعل الفاحشة أمام الناس فى التاجر الفاسد الغشاش، أو المغالى فى الأسعار، بهذا فقط استطاع أن يضبط أسواق القاهرة، وأن يحقق استقرار الأسعار، ومنع الغش. هذه الفكرة تاباها اليوم حقوق الانسان ، ونأباها ، وتطبيق القانون يعرف مدا وزجرا حتى بات الامن القانوني حبرا لا أكثر وبالتالي نحن في حاجة الى افكار تستطيع هزم الفساد وتحقيق العدالة الجبائية ومنع الغش في التجارة وفي السياسة وفي التعليم وحتى في الايمان ، كانت وسيلة بورقيبة في مفاومة الجهل والتخلف والفقر بسيطة جدا ، تعبئة عامة واتصال مباشر بالجماهير في مواقعها ، مدنها واريافها وهي وسيلة حققت ما حققت في مقاومة مظاهرالفقر والتخلف والامية والجهل واستقلال القرار الوطني والمحافظة على الوحدة و المصلحة الوطنية وهي مظاهر أخطر من التصدي للتهريب والفساد .
خرجت من قانون المالية برايين أولهما عنوانه «المصاعب» والثانى «الأمل». وأبدأ بالأول :
1ـ الفقر : زاد الفقر فى تونس و الأسوأ أن الفقر فى المناطق الداخلية يمثل النسبة الاهم
2ـ البطالة : لم تتحسن ولو بصورة طفيفة معدلات البطالة فى السنتين الأخيرتين مرتفعة جدا
3ـ الميزانية : منذ سنوات ،وتونس تعانى عجزا فى الموازنة نتيجة أن المصروفات أكثر من الايرادات . وقد بلغت الفجوة بين الاثنين فى موازنات سنوات من 2012 الى 2016 حدا كبيرا «وهي تمثل برايي أصعب سنوات عاشتها حكومات تونس اقتصاديا» وهذه الفجوة تشير كل المؤشرات الى أنها لن تنخفض في السنوات القادمة
4ـ الدين العام: كل فجوة بين الايرادات والمصروفات نسدُّها بالاقتراض من الداخل بالدينار أو من الخارج بالعملة الصعبة . ومع توالى الاقتراض تزايد حجم الدين حتى وصل الى الارقام المعروفة والمصرح بها
ويقيس الاقتصاديون خطر الدين بنسبته إلى قيمة الانتاج الاجمالى للدولة وهو ماجعلهم يعتبرون الخمس سنوات الماضية أسوأ الفترات إذ وصلت نسبة الديون فيها من الناتج المحلى الاجمالى الى الارقام المفزعة والمعروفة ،
5ـ ميزانية الدولة : موزعة كالتالى : جزء هام لخدمة الدين سواء الداخلى أو الخارجى / جزء هام دعم الطاقة والسلع / جزء هام لأجور 700 الف موظف (بعض رجالات الدولة يصرحون ان الدولة لا تعرف بالضبط عدد موظفيها ولو مرّوا على الاجور مرور كرام لاعطونا الرقم الصحيح ). وهذه الأجور زادت بشكل كبير فى آخر خمس سنوات دون أن يقابلها زيادة فى الانتاج . / جزء بسيط للخدمات المختلفة من تعليم وصحة ومواصلات …إلخ.
6ـ الايرادات : حاليا تبلغ مواردنا ثلثى الايرادات مما يجعل الدولة تقترض بفائدة تتراكم مع الفوائد الأخرى
7ـ الدولار والأورو: كانت السياحة تحقق سنويا دخلا هاما و كانت السوق تعتمد عليها فى مواجهة احتياجاتها، وبضرب السياحة وانخفاض تحويلات التونسيين والصادرات ظهرت أزمة زيادة سعر الدولار والاورو بشكل جنوني .
الحكومة اليوم هي كرب عائلة متوسطة العدد يحاول بدخل متوسط إن لم نقل ضعيف، ان يجابه طلبات افراد العائلة ،من اكل وملبس ودواء وتعليم ،تجده عندما يحل الليل يتمنى ان يطول به حتى لا يصحو على الغد بطلباته اليومية المتكررة وما تحمل من جديد كولادة زوجته الحامل بتوام وارتفاع سعر دواء ابنه المريض ..الخ ، كان الله في عون الحكومات بعد 5 او 10 سنوات أخرى قادمة وبعد ان يصبح تعداد الشعب التونسي مرة ونصف ، او ضعف تعداده الحالي ، اتساءل كيف ستكون الازمة وقتها..وكيف سيتعامل معها حكام ذلك الزمان البعيد القريب ..صدقا كان الله في عونهم طالما نخطط وندير حياتنا بمنطق ” كل نهار وقسمو “