صائفة 2017 في كلّ الولايات ستكون أفضل من سابقتها… والمشاكل التي قد تطرأ سيتم علاجها بشكل سريع.

بهذه الكلمات أعلن وزير الفلاحة سمير بالطيّب في 11 ماي الجاري عن إتمام صيانة وإعداد 90% من المنظومات المائية في كلّ أنحاء البلاد، استجابة لوعد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنّ التونسيّين لن يعطشوا هذه الصائفة ولن تنقطع عنهم المياه الصالحة للشراب. وعود سرعان ما تهاوت مع إصدار المرصد التونسي للمياه بيانا يوم أمس 18 ماي 2017، ندّد من خلاله بتواصل انقطاع مياه الشرب عن مدينة الرديّف بشكل متواصل منذ أكثر من أسبوعين تقريبا ومحذّرا من أزمة عطش جديدة ستشهدها صائفة 2017.

وعود السلط الجهوية تتبخّر والمرصد التونسي للمياه يحذّر من أزمة عطش جديدة

الردّيف التي كانت على مشارف إضراب عام في 16 مارس 2017 على خلفية تفاقم وتيرة انقطاع المياه الصالحة للشراب، تعيش منذ أكثر من أسبوعين حالة مزمنة من العطش إثر انقطاع المياه عن عدد من أحياء المدينة على غرار حي سيدي عبد القادر الذي كان محور تحقيق مصوّر لنواة في شهر مارس الفارط، لأنه أكثر الأحياء تضرّرا من معضلة العطش في المدينة. وقد أصدر المرصد التونسي للمياه بيانا في هذا الشأن أشارت من خلاله إلى أنّ ”أزمة العطش قادمة لامحالة، في مدينة الرّديف وباقي جهات البلاد. كما أنّ ما يسمّى بالخطّة الوطنيّة للتزوّد بالماء الّصالح للشراب خلال صائفة 2017 ”الكتاب الأزرق“ ليست إلّا إستمرارا لنهج الوعود الزّائفة والمغالطات المنتهجة في إدارة مواردنا المائيّة“. كما حمّل البيان ”كامل المسؤوليّة لوزارة الفلاحة والشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه لعدم التزامهما بتعهداتهم تجاه الأهالي المعطّشين“، مطالبا في الآن ذاته ”وزارة الفلاحة والشركة الوطنيّة لإستغلال وتوزيع المياه لفتح تحقيق في الغرض، ومحاسبة كلّ مقصّر ومتسبّب في حرمان أهالي مدينة الرديف من حقّهم في الماء“ إضافة إلى ”التّدخل الفوري والعاجل للحدّ من تفاقم مشكل العطش، وبرمجة خطّة ناجعة لتأمين التزوّد بالماء الصالح للشراب لهذه الصّائفة بكامل جهات البلاد“.

هذا وقد شهدت المدينة منذ سنة 2015 سلسلة من التحرّكات الاحتجاجيّة للمطالبة بوضع حدّ لانقطاع المياه، لتصل ذروتها خلال شهر فيفري المنقضي، إذ عمد متساكنو الرديّف إلى إيقاف شاحنات الفسفاط في العاشر من ذلك الشهر مرورا بتنفيذ وقفات احتجاجيّة أمام مقرّ البلدية والمعتمدية والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه ليتمّ تنظيم مسيرة شعبية في 23 فيفري 2017، أفضت إلى توحيد جميع مكوّنات المجتمع المدني في الجهة وإعلان الإضراب العام في 16 مارس 2017، قبل أن يتم إلغاؤه قبيل ساعات من الموعد المذكور بعد تعهّد السلط المعنية بإصلاح البنية التحتية المتهالكة لمنظومة توزيع المياه وحفر آبار جديدة لسدّ عجز الشركة التونسيّة لاستغلال وتوزيع المياه وتوسيع قنوات الضخّ وتكفّل شركة فسفاط قفصة بدعم إمدادات الماء الصالح للشراب.

في هذا السياق، أكّد السيّد عمر الحلايمي عضو النقابة الأساسيّة للتعليم الثانوي، لموقع نواة أنّ انقطاع الماء في الرديّف صار أمرا اعتياديا، بل تحوّل ضخّ المياه الصالحة للشراب استثناء في حياة مواطني المدينة. وأضاف أنّ الوضعيّة الحاليّة أسوأ من السنة السابقة خصوصا مع اقتراب شهر رمضان وحلول فصل الصيف. ليحمّل السيّد عمر الحلايمي المسؤوليّة للشركة التونسّة لاستغلال وتوزيع المياه متّهما إياها بالتقصير في آداء مهامها، مشيرا إلى وجود شبهات فساد تحوم حول عمل فرع هذه المؤسّسة الوطنيّة في الرديّف. إذ لم تتحرّك الهياكل المعنية لحل الأزمة الراهنة سوى بتخصيص أنبوب ماء في العراء ليتزوّد به المواطنون بحاجياتهم من المياه في مشهد مذلّ ومشين في حقّ متساكني الرديّف.

هذا وأشار محدّثنا إلى أنّ السلطات الجهويّة لا تتجاوب مع مطالب المواطنين وأزمة المياه إلا تحت الضغط، على غرار ما حصل عند إعلان الإضراب العام في شهر مارس الفارط. لكنّ نفس الجهات سرعان ما أخلّت بتعهّداتها محاولة ضرب مصداقيّة المنظّمات الوطنيّة التي توسّطت لحلّ الأزمة السابقة، وهو ما سيجعل المواجهة القادمة أكثر حدّة، حيث سيجد المسؤولون أنفسهم وجها لوجه مع التحرّكات العفوية للمواطنين العطاشى. كما اعتبر عمر الحلايمي أنّ أهالي  الرديّف يُحرمون من الماء الصالح للشراب ليُغسل الفسفاط  دون أدنى اعتبار للمعاناة التي يعيشها المتساكنون.

في هذا السياق أكّد مهدي الخليفي، الناشط في المجتمع المدني بالرديّف، أنّ التعهّدات التي التزمت بها السلط الجهويّة والتي تمّ على أساسها إلغاء الإضراب المذكور ظلّت حبرا على ورق، حيث لم يدم انتظام توزيع المياه الصالحة للشراب سوى أسابيع قليلة لتعود الأمور إلى ما كانت عليه. وقد أشار محدّثنا إلى أنّ انقطاع الماء في أحياء الرديّف وخصوصا في سيدي عبد القادر متواصل بشكل دائم منذ أسابيع. وقد ذكّر مهدي الخليفي أنّ إضراب 16 مارس قد عُلّق ولم يُلغى، وأنّ النقابات ومنظّمات المجتمع المدني وعدد من الأحزاب السياسيّة قد تعقد اجتماعا خلال الأيّام المقبلة لبحث سبل الردّ على سياسة المماطلة والوعود الكاذبة، وأنّ كل الخيارات متاحة في حال تواصل تجاهل السلطات الجهوية لمعاناة أهل الرديف من العطش الذّي يتفاقم منذ سنوات دون تدخّل جديّ وجذري من الهياكل الحكومية ذات العلاقة.