ساندت الأطراف المؤيدة لقيس سعيد الإجراءات التي تم الإعلان عنها في 13 ديسمبر الماضي دون تحفظ، لكن أحزابا أخرى عبرت عن رفضها لخارطة الطريق برمتها خاصة منها الأحزاب التي رفضت مسار 25 جويلية برمته وأيضا تلك التي ساندت الإجراءات الاستثنائية ثم اتخذت موقفا معارضا لها بعد الأمر الرئاسي الصادر في 22 سبتمبر 2021 والذي اعتبرته انفرادا مطلقا بالسلطة من قبل قيس سعيد. وتتلخص المحاور الكبرى لخارطة الطريق في اطلاق استشارة الكترونية (استفتاء الكتروني) في غرة جانفي الجاري واستفتاء على دستور جديد في 25جويلية المقبل على أن تُنظم الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر لسنة 2022.
مواطنون ضد الانقلاب وعودة البرلمان المجمد
يعتبر لقاء مواطنون ضد الانقلاب (المبادرة الديمقراطية) أن خارطة الطريق التي تقدم بها قيس سعيد “لم تضف أي جديد لما كان يكرره سعيد من حديث عن مشروع سياسي هلامي ورغبته الجامحة في التفرد بالحكم ووضع كل السلطات بين يديه” حسب ما صرحت به شيماء عيسى، عضو مواطنون ضد الانقلاب لموقع نواة.
وقالت عيسى إن المبادرة لديها تصور كامل للخروج من الازمة السياسية التي تعيشها البلاد وذلك من خلال عودة مجلس نواب الشعب ليتولى فورا تعديل نظامه الداخلي بما يضمن فرض الانضباط وسهولة التسيير داخله، بالإضافة إلى الإسراع بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وإرساء هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والاتمام القانوني لبقية الهيئات الدستورية. كما تقترح المبادرة الديمقراطية تشكيل حكومة انقاذ وطني “حائزة على شرعية تمكنها من بناء الثقة مع كل الفاعلين الاقتصاديين وطنيا ودوليا لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار بالإضافة إلى إطلاق حوار وطني مع كل القوى الوطنية والمنظمات وفي مقدمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل التوصل إلى اتفاق حول الإصلاحات الاقتصادية الكبرى والإصلاحات السياسية التي تضمن الاستقرار السياسي”.
وتضم المبادرة الديمقراطية ـ مواطنون ضد الانقلاب أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وأعضاء من البرلمان المجمد وشخصيات بارزة على غرار المناضل اليساري عز الدين حزقي وجوهر بن مبارك والحبيب بوعجيلة.
أحزاب يسارية واجتماعية ضد خارطة الطريق، مع “الحلول الدستورية”
اعتمد قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية على تأييد شعبي واسع بالإضافة إلى دعم بعض الأحزاب المعارضة لمنظومة ما قبل 25جويلية وعدد من المنظمات الوطنية، لكن سياسة قيس سعيد المتسمة بالضبابية ومعاداة النخب السياسية والنقابية والإعلامية والمدنية أفقدته هذا الدعم المدني الذي تحول إلى قوة معارضة له خاصة بعد الأمر الرئاسي ل 22 سبتمبر الذي جمع فيه سعيد كل السلطات بين يديه دون أدنى ضمان للطعن في قراراته وفي القوانين التي تصدر في شكل أوامر رئاسية. ورغم أن هذه القوى تحولت إلى معسكر المعارضة للرئيس إلا أن البعض منها حافظ على تمايز مع حركة النهضة وحلفاءها في مبادرة مواطنون ضد الانقلاب على اعتبار أن معارضتهم لسياسات قيس سعيد لا تعني دعوتهم للعودة إلى مسار ما قبل الاجراءات الاستثنائية.
وشدد نائب أمين عام حزب التيار الديمقراطي محمد الحامدي في تصريح لموقع نواة على أن “أي خارطة طريق يجب أن تهدف إلى العودة إلى الحياة السياسية المبنية على الشرعية الدستورية وانهاء الوضع الاستثنائي والانفراد بالسلطة”، مضيفا أن خارطة الطريق في الأصل ليست مجرد الإعلان عن مواعيد باعتبار أن ذلك لا يحل المشكل بل يجب أن تكون خارطة طريق ذات مضمون سياسي في اتجاه العودة إلى الدستور والبحث عن حل في إطار حوار سياسي تشاركي شبيه بالحوار الوطني سنة 2014 حسب قوله.
وذكرالحامدي بأن الانتقال من نظام بن علي إلى منظومة ما بعد الثورة تم وفق احترام لبعض الشكليات الدستورية منها حل البرلمان لنفسه والانتقال من الفصل 56 إلى 57، ولا شيء يمنع اليوم من البحث عن مخارج سياسية في إطار تشاركي دستوري حسب قوله. وقال محمد الحامدي “الدستور الحالي يطرح آلية واضحة للاستفتاء بعد المرور على المجلس النيابي ويمكن دعم ذلك بحوار سياسي شامل على أساس واضح ومحدد وهو العمل تحت إطار شرعية دستورية”.
يعمل حزب التيار الديمقراطي ضمن تحالف أحزاب يضم التيار والجمهوري والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ويعارض هذا التحالف قيس سعيد بشدة ونزل إلى الشارع في عدة مناسبات للتظاهر ضد انفراد قيس سعيد بالسلطة وللمطالبة بالعودة إلى الشرعية الدستورية.
في المقابل، بقيت أحزاب أخرى محافظة على مواقفها منذ 25 جويلية إلى اليوم على غرار حزب العمال الذي وصف الإجراءات الاستثنائية بالانقلاب منذ اللحظات الأولى، وتظاهر حزب العمال في عدة مناسبات بمفرده للحفاظ على نوع من التمايز مع جبهة مواطنون ضد الانقلاب.
ووصف الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي خارطة الطريق التي قدمها قيس سعيد وما ينوي القيام به من استشارة الكترونية وبناء قاعدي ونظام مجالسي بأنها “فكرة طوباوية وخيالية لا يمكن أن تنجح على أرض الواقع”. معتبرا أن الاستشارة لا تعدو كونها “استشارة كاذبة”. داعيا المواطنين والقوى المدنية إلى التظاهر لإنهاء الحكم الفردي حسب قوله.
اكتفت مختلف الأحزاب المعارضة لقيس سعيد برفض خارطة الطريق التي قدمها جملة وتفصيلا، لكنها لم تقدم البديل الواضح للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد باستثناء مبادرة مواطنون ضد الانقلاب التي تدعو بوضوح إلى عودة البرلمان المعلقة أشغاله لإنهاء بناء المؤسسات الدستورية. وتتوسع جبهة المعارضة لقيس سعيد يوما بعد يوم رغم أن “الاستفتاء الالكتروني”، وهو أول بنود خارطة الطريق، ينطلق السبت 15جانفي المقبل حسب ما أعلنته وزارة تكنولوجيات الاتصال.
iThere are no comments
Add yours