كشفت هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي، في ندوة صحفية بعنوان “الجهاز السري المالي لراشد الغنوشي والسقوط المدوي للحماية القضائية”، عن جملة التطورات المتعلقة بتعطيلات قضائية طالت ملف اغتيال الشهيدين من قبل جهات في القضاء ووزارة العدل. كما كشفت عن عمليات “تمويه وإخفاء وغسيل أموال” يقف وراءها راشد الغنوشي ضمن ما وصفته الهيئة بالجهاز السري المالي للنهضة، وهي المرة الأولى التي تُوجه فيها اتهامات من هذا القبيل للغنوشي حيث أعلنت الهيئة تتبعه لدى القضاء العسكري.
نماء تونس والتمويل المشبوه للنهضة
تحدث الأستاذ رضا الرداوي عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين عن جمعية تأسست في 2011 تحمل اسم “جمعية نماء تونس” والتي تهدف إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية في تونس ويرأسها شخص يُدعى ناجح حاج لطيف، وقد تم فتح أبحاث جزائية في حق هذه الجمعية بتهم تتعلق بالتسفير إلى بؤر التوتر في فرقة القرجاني قبل أن “تلحقها يد النهضة ويد بشير العكرمي وأوقفوا إجراءات التتبع وكامل المسار القضائي” حسب قوله.
وأكد الرداوي أن أعضاء في “جمعية نماء تونس” كانوا على علاقة بحركة النهضة، كما أن أعضاء بالجمعية تربطهم علاقة مباشرة برئيس النهضة راشد الغنوشي. وحسب هيئة الدفاع فإن هذه الجمعية متهمة في قضايا تسفير إلى ليبيا عبر تلقي مبالغ مالية تضخ مباشرة من حسابات قطرية وتم منعها من النشاط وفتح بحث جزائي في جرائمها، مبينا أن الديوان الأميري القطري يقدم مئات المليارات لحركة النهضة عبر هذه الجمعية وغيرها منذ 2013 إلى اليوم حتى تقوم بالتجسس. وقد قدمت هيئة الدفاع وثائق تبين تحويلات مالية من قطر إلى حسابات يديرها ناجح حاج لطيف الذي وصفه رضا الرداوي بأنه “أحد الاذرع الخفية لراشد الغنوشي وهو محل تتبع في تونس على خلفية قضايا شيكات دون رصيد، ويستعمل حسابين ماليين في قطر يمولان من الديوان الاميري”.
بعد الندوة الصحفية، تلقت هيئة الدفاع عن الشهيدين اتصالا من فرقة الحرس الوطني لإعلامها بفتح تحقيق ضد راشد الغنوشي في الشكاية المقدمة إلى المحكمة العسكرية، كما تعهدت فرقة الأبحاث الاقتصادية بالبحث في الجوانب الاقتصادية والمالية المتعلقة بنفس الشكاية حسب ما أعلنته هيئة الدفاع.
وفتحت المحكمة العسكرية تحقيقا في حق راشد الغنوشي إلى جانب قضاة من بينهم وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي ومسؤولين في وزارة الداخلية على خلفية جرائم ارتكبها “تتعلق بالخيانة والتجسس ووضع النفس على ذمة دول أجنبية واستخلاص مبالغ مالية لقاء ذلك”.
شركة اوريدو متهمة بالتنصت
من الملفات الأخرى التي أثارت جدلا واسعا في تونس ملف شركة الاتصالات “أوريدو” القطرية والتي تتهمها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالتعامل مباشرة مع راشد الغنوشي في عمليات تمويل وتنصت، حيث أورد رضا الرداوي أنه “منذ مدة، تمت متابعة راشد الغنوشي في تحركاته التي اتجه فيها إلى شخصية أخرى مرتبطة بقطر وهي منصور راشد الخاطر (مدير شركة “أوريدو” فرع تونس) والذي تم تعيينه سنة 2019 وقام بتمويلهم بمبالغ مالية كبيرة خارج التعاملات البنكية داخل البلاد خارج المسالك البنكية الرسمية”.
وحسب الهيئة فإن “هذه المعلومات مصدرها تقارير للمخابرات العسكرية، وأثبتت الأبحاث ومحاضر التنصت أن راشد الخاطر يتواصل بطريقة دورية ومباشرة مع البشير العكرمي القاضي ووكيل الجمهورية السابق بمحكمة تونس”. كما ذكرت الهيئة أن الغنوشي التقى بمنصور راشد الخاطر مرتين بحضور نجله معاذ الغنوشي في فندق بالضاحية الشمالية للعاصمة، وقبل اللقاء يقوم خبراء الاتصالات بالشركة بعرض الجناح للبحث عن وسائل تجسس كي لا يتم تسريب أية معلومات كما كلف الخاطر فريقا تقنيا (من شركة اوريدو) بالتنصت على سياسيين وأمنيين وقضاة وتسليم هذه التسجيلات إلى الغنوشي مباشرة”.
النهضة تنفي
من جهتها رفضت حركة النهضة كل هذه الاتهامات بالقول إن “الاتهامات جاءت في إطار قضية حل المجلس الأعلى للقضاء، وبعد رفض هذا القرار داخليا ودوليا، نصبت الهيئة نفسها كحاكم، وذلك فقط لضرب المجلس ولتصفية خصم سياسي وللدفع نحو حل حزب حركة النهضة”. وأضاف المتحدث باسم النهضة عماد الخميري إن النهضة تحمل قيس سعيد ووزير الداخلية مسؤولية دعوات التحريض والتظاهر أمام مقر النهضة ومنزل الغنوشي تحديدا، مضيفا أنه رغم الاتصالات لطلب توفير الحماية الأمنية لرئيس الحركة إلا أنه لا يوجد أي رد، والموضوع في غاية من الخطورة على حد قوله. كما نفت شركة أوريدو بدورها ما نسب إليها في بيان صدر عشية الاربعاء.
من جهته قال عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة سامي الطريقي إن “الرداوي أكد أن المعطيات التي بحوزتهم صادرة عن جهاز الاستخبارات العسكرية وأنه من بين الجهات التي وقع توجيه هذه المعلومات إليها رئاسة الجمهورية” مستغربا من تقديم جهاز الاستخبارات العسكرية هذه المعلومات لغير رئيس الجمهورية. الطريقي اعتبر أن المعطيات التي قدمتها هيئة الدفاع ليست بالمتانة الكافية للاستناد عليها من أجل توجيه التهم لحركة النهضة مطالبا المخابرات العسكرية بتوضيح مدى صحة التصريحات والمعطيات الصادرة عن رضا الرداوي وأعضاء هيئة الدفاع.
أبحاث جزائية في حق بشير العكرمي وقضاة آخرين
مازال وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي محل تتبعات قضائية رغم صدور قرار عن المحكمة الإداريّة يُلغي قرار المجلس الأعلى للقضاء القاضي بإيقافه عن العمل وإحالة ملفه على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وحسب هيئة الدفاع فإن البشير العكرمي “ارتكب جرائم تتعلق بالاغتيالات وجرائم تهم أمن الدولة ووضع نفسه على ذمة جهات أجنبية بمقابل مالي وهو محل 4 قضايا أمام محكمة تونس، اثنان أثارتهما النيابة العمومية واثنان من هيئة الدفاع أغلبها تتعلق بالتدليس المادي والمعنوي وإتلاف وثائق والمشاركة في القتل العمد، إضافة إلى اتهامات بالخيانة والتجسس وتعطيل أعمال التنصت بهدف تظليل الأبحاث في قضايا الاغتيالات”.
وأوضحت هيئة الدفاع أن ملف الجهاز السري تمت إحالته على قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأريانة رشيد بالنور والذي تعمد المماطلة في النظر في ذلك الملف لمدة سنة وادعى أنه يجهز استراتيجية خاصة بالملف ولكن تمت نقلته إلى مكان آخر. نفس الطريقة تعامل بها خلفه مكرم المديوني الذي لم يقم بأي شيء بدوره وفي الحركة السنوية للقضاة طالب بنقلته واستجاب لها لمجلس الأعلى للقضاء حسب ما صرح به المحامي كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع.
iThere are no comments
Add yours