عند وصولنا إلى مدينة طبرقة يوم الأحد 27 مارس 2022 في الساعة التاسعة والنصف صباحا، كانت الحركة تسير ببطء في المدينة. فمن الطبيعي أن يركن الناس إلى الراحة في آخر يوم من عطلة الربيع وأن يستعدّ الطّلبة إلى حزم أمتعتهم والتوجّه إلى محطّة “اللّواجات” ليلتحقوا بجامعاتهم من الغد. المشهد يوحي بأنّ الانتخابات المحليّة الجزئيّة حدث ثانويّ مقابل رحلة البحث عن نقل آمن للعودة إلى العاصمة. يقول سائق الأجرة إنّ وسائل النّقل غير متاحة بما يكفي عشيّة الأحد، ممّا يُحتّم على الأهالي الاتّصال مسبقًا بالسّائقين لضمان العودة إلى العاصمة. في طبرقة كلّ شيء يسير على ما يُرام يوم الاقتراع، والحياة مستمرّة بشكل طبيعيّ في مختلف مظاهرها، في الشارع والمقاهي والأسواق والمطاعم، فيما يحمل أفواج من الطّلبة أمتعتهم أملاً في اللّحاق بسيّارة أجرة تُقلّهم إلى العاصمة، ولكن… لا أثر لأصابع مخضّبة بحبر الاقتراع.

توفّر طبرقة لزوّارها ومتساكنيها بحرًا غنيّا بالثروة السمكيّة وخاصّة بحجر المرجان الّذي يُستعمل في صناعة الحُليّ، والّذي يتمّ الترويج له كأحد الرموز الثقافية للمنطقة في المواسم السياحيّة، رغم تراجع الزائرين مقارنة بالمواسم السّابقة. فقد بلغت عائدات المرجان أو الذّهب الأحمر كما يُصطلح على تسميته سنة 2014 ما يُناهز 17 مليون دينار، ولكنّ القطاع يشهد تراجعا بسبب الصيد العشوائي والتهريب. كما كانت طبرقة تحتضن سنويّا مهرجان الجاز الّذي دأبت على تنظيمه منذ سبعينات القرن الماضي، بالإضافة إلى احتوائها على مطار دولي توقّف عن النّشاط وأصبح مُخصَّصًا لاستقبال التونسيّين المُرحَّلين. وقد كان الجيلاني الدبوسي رئيسا لبلديّة طبرقة خلال فترة حكم بن علي وكان يُعدّ من المُقرَّبين من النّظام. وتمّ احتجازه في أكتوبر 2011 بتهم تتعلّق بالتحيّل وافتكاك ملك الغير وإبقاؤه على ذمّة الإيقاف التحفّظي مدّة ثلاث سنوات انتهت بوفاته، ممّا دفع العائلة إلى تقديم شكوى لدى لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان للتنديد بالانتهاكات التي ارتكبتها الدولة التونسية في حقّه. مما من المفروض أن يخلف وعياً وتشبثاً بأهمية الحكم المحلي ويجعله رهاناً مهماً بالنسبة لأهالي طبرقة. التقينا العديد من المواطنين الّذين تحسّروا على خمول النشاط السياحي واندثار مهرجان الجاز وعلى “أيّامات طبرقة”، وهو ما من شأنه أن يُحفّزهم على اختيار أفضل برنامج محلّي للنهوض بمنطقتهم. لكن الواقع الذي رصدناه كان مختلفاً عن الانتظارات..

الانتخابات المحليّة بطبرقة: تأجّلت مرّتين

“تأجيل الاقتراع في مناسبتين هو السّبب الرئيسي في عدم التحاق المتساكنين بمكاتب الاقتراع”، يقول أحد أعضاء مركز نهج المعتمديّة بالمدينة. فمن الصّعب تعبئة المتساكنين وتشجيعهم على الإقبال على التصويت في الوقت الّذي يتمّ فيه تعليق الاقتراع مرّتين، مرّة أولى لعدم وجود مترشّحين، ومرّة ثانية لأسباب صحيّة بسبب وباء كورونا. حيث كان من المُقرَّر أن تنعقد انتخابات جزئيّة يوم 26 ديسمبر 2021 حسب قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لكن لم ترد على الهيئة أيّ طلبات ترشّح. فتأجّلت الانتخابات إلى يوم 16 جانفي 2022. وعلى إثر اتّخاذ الحكومة تدابير وقائيّة بسبب جائحة كورونا يوم 11 جانفي 2022، تقرّر تأجيل الاقتراع للمرّة الثانية. وصدر بتاريخ 2 مارس 2022 أمر رئاسي لدعوة الناخبين إلى الاقتراع ببلدية طبرقة وعدد من البلديات الأخرى يوم 27 مارس.

تأتي الانتخابات المحليّة الجزئيّة بطبرقة من ولاية جندوبة بعد ستّة أشهر من انحلال المجلس البلدي في 7 أكتوبر 2021 على خلفيّة استقالة جماعيّة شملت 13 عضوا من المجلس البلدي من أصل 24. واستنادا إلى الفصل 205 من مجلّة الجماعات المحليّة، يُعتبر المجلس البلدي مُنحلاّ إمّا من خلال الاستقالة الجماعية أو الاستقالة المتزامنة لأغلبية أعضائه. وفي وقت سابق، استقال رئيس البلديّة الأسبق عبد الله رجايبي رسميّا في 26 جانفي 2021 بسبب محدوديّة الموارد البشريّة والمعدّات وغياب دعم الإدارة الجهويّة والمركزية للإدارة البلديّة، وتمّ انتخاب المولدي العلوي بدلا عنه.

يبلغ عدد الناخبين في بلديّة طبرقة حسب أرقام الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات 23054 ناخبا، شارك منهم 1078 فقط، أي ما يُعادل4,6 بالمائة. وترشّح للانتخابات أربع قائمات، اثنتان حزبيّة واثنتان مستقلّة. وتحصّلت النهضة على ثمانية مقاعد في المجلس البلدي حسب النتائج النهائية التي صرحت بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 7 أفريل 2022، فيما حصلت قائمة الازدهار المستقلّة على سبعة مقاعد، تليها قائمة حركة الشعب بستة مقاعد، فيما لم تفز القائمة المستقلة “المرجانة” سوى بثلاثة مقاعد.

العزوف عن الاقتراع كموقف سياسي

يكاد عدد النّاخبين لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في مختلف المراكز. ففي مركز شارع بورقيبة الّذي يعدّ 9 مكاتب اقتراع، بلغ عدد رؤساء المكاتب ومساعديهم أكثر من 25 شخصَا، في مقابل وفود مقترعَيْن اثنَيْن فقط في ظرف عشر دقائق. فتجد نفسك رغما عنك تستحضر مشهد الصّفوف الممتدّة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011، وفي انتخابات 2014، والّتي بدأت تقلّ شيئا فشيئا بمرور الزّمن وتتالي الأزمات السياسيّة المُنتجة للخيبات، مع غياب الإنجازات وبقاء الأوضاع المتردّية على حالها، إن لم تتفاقم أكثر. وهي أسباب موضوعيّة تجعل المتساكنين ينفرون من العمل السياسي بكلّ أشكاله، المدني منها والحزبي. فترى الانطباع السائد لدى السّواد الأعظم من المتساكنين: “كلّهم كيف كيف”.

يرى باحث علم الاجتماع ماهر حنين أنّ فكرة الديمقراطية واللامركزية كشكل من أشكال الديمقراطية “في مأزق” حاليّا، وأنّ العزوف “ظاهرة عامة لا تخصّ البلديات فقط”، بدليل أنّ الاستشارة الوطنيّة التي اقترحها رئيس الدولة لم تحظَ بنسبة مشاركة كبيرة رغم منسوب الثقة التي يحظى بها قيس سعيد. “الثقة مُركَّزة في شخص الرّئيس لا في المؤسسات والآليّات”، يقول حنين لنواة، مُعتبرًا أنّ “الديمقراطيات العريقة تعيش بدورها حالة من الريبة والشّك في دور صندوق الاقتراع في تغيير الواقع الاجتماعي”، حتّى أنّ عمليّة التصويت في حدّ ذاتها تصبح “عبثيّة” وتبدو كأنّها “عملية جزئية وليست في مركز صنع القرار”.

ورغم إقبال بعض الشّباب على المشاركة في الاقتراع أو الترشّح في قائمات حزبيّة ومستقلّة ورغم بروز المستقلّين كفاعل أساسي في إدارة الشأن المحلّي وإقرار مبدأ التناصف، إلا أنّ هذه التعبيرات تبقى شكليّة ويقتصر أثرها على المؤسّسات الّتي بدأت تفقد مكانتها، وهو ما يعكس “قصور المجتمع السياسي وعدم جاهزيته” في استيعاب الناخبين.

جزء من الناشطين الشّباب لم يكن لديهم إيمان بأنّ التغيير يبدأ من المؤسسات، بل يتمّ عن طريق الشارع، الذي يمثّل شكلا من أشكال الفعل السياسي

يقول مؤلف كتاب ”مجتمع المقاومة” (كلمات عابرة، 2019)

فالدّولة بالنسبة إلى عدد كبير منهم “آلة بيروقراطية” على حدّ تعبير ماهر حنين، وأنّ النتائج محسومة مُسبقًا لفائدة الفاعلين التقليديّين.

الانتخابات الجزئية، ظاهرة متواترة مصدرها ثغرة قانونية

“رغم ارتفاع عدد المجالس البلديّة المنحلّة ورغم كلّ النقائص والمشاكل ونقص الموارد البشريّة إلاّ أنّ اللامركزية تبقى تجربة جيّدة”، حسب تقييم رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسيّة ورئيس بلديّة روّاد عدنان بوعصيدة.

شملت الانتخابات الجزئيّة 41 مجلسا بلديّاإلى حدود 27 مارس 2022، تاريخ تنظيم الانتخابات الجزئيّة بطبرقة. وتعود أسباب تنظيم الانتخابات الجزئيّة إلى انحلال المجالس البلديّة نتيجة الاستقالة الجماعيّة أو الاستقالة المتزامنة لأعضاء المجالس. ووفق المختصّة في اللامركزية أسماء سلايمية، فإنّ “الدافع الرئيسي لدى أغلب المجالس المستقيلة يعود أساسا إلى توتّر العلاقة بين أغلبيّة أعضاء مجالس البلديات ورؤسائها. وهنا نجد أنفسنا إزاء تساؤل بديهي: لماذا لا يتمّ سحب الثّقة من رئيس المجلس البلدي عوضًا عن اللّجوء إلى الاستقالة الجماعيّة أو المتزامنة التي ينتج عنها تنظيم انتخابات مبكّرة ومصاريف بالإمكان الاستغناء عنها؟

ينصّ الفصل 255 من مجلة الجماعات المحليّة على إمكانيّة سحب الثّقة من رئيس المجلس البلدي من خلال إيداع لائحة ممضاة من نصف أعضاء المجلس البلدي على الأقلّ. ويمكن للمجلس أن يسحب الثقة من رئيسه بأغلبيّة ثلاثة أرباع الأعضاء. في حين ينحلّ المجلس البلدي بالاستقالة المتزامنة أو الاستقالة الجماعية للأغلبية المطلقة لأعضائه.

بعبارة أخرى، حصّن المشرّع التونسي رئيس البلديّة من آلية سحب الثقة من خلال الترفيع في الأغلبيّة المطلوبة وفي المقابل خفّف في الأغلبيّة المتعلّقة بانحلال المجالس،

تُفسّر أسماء سلايميّة.

في هذا السياق، يقترح رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية عدنان بو عصيدة أن يتمّ تنقيح القانون الانتخابي، بحيث تؤول رئاسة المجلس المحلّي إلى القائمة المتحصلة على أكبر عدد من الأصوات، بدلا عن ترشح رؤساء القائمات الفائزة في الانتخابات لمنصب رئيس مجلس بلدي وفوز المترشح المتحصّل على الأغلبية المُطلقة للأصوات. “طريقة الاقتراع القائمة على التمثيل النسبي مع أكبر البقايا واختيار الرئيس بأغلبية 50+1 تخلق فسيفساء وتولّد التجاذبات وتصنع توافقات ذات أغراض سياسيّة”، يقول عدنان بوعصيدة.

إلغاء وزارة الشؤون المحلّية: ضرب تدريجي للسلطة المحلّية

طُرحت فكرة السلطة المحليّة كخيار سياسي طالبت به قوى سياسيّة ومدنيّة للقطع مع التّفاوت بين الجهات وتكريس العدالة الاجتماعية، الّتي كانت أبرز عوامل اندلاع الثّورة. وقد خصّص دستور 2014 بابه السابع للسلطة المحليّة التي تتكوّن من بلديّات وجهات وأقاليم. وتتمتّع هذه الجماعات “بالشخصية القانونية، وبالاستقلالية الإدارية والمالية، وتدير المصالح المحلية وفقا لمبدإ التدبير الحر”، كما ينصّ عليه الفصل 132 من الدستور. كما صادق البرلمان في عهدته الأولى 2014-2019 على مجلّة الجماعات المحليّة الّتي كرّست منظومة حكم محلّي تقوم على المساءلة والشفافية والتّدبير الحرّ، وحدّدت صلاحيات المجلس البلدي وحدود تدخّله، ولكنّها بقيت تجربة غير مكتملة نظرا لعدّة عوامل، منها عدم استكمال الإطار التشريعي والمؤسّساتي وعدم إصدار الأوامر الحكوميّة.

في 23 نوفمبر 2021، قرّر قيس سعيّد بمقتضى أمر رئاسي حذف وزارة الشؤون المحليّة وإلحاق مشمولاتها وهياكلها  بوزارة الداخليّة، وهو ما أثار مخاوف عدد من الملاحظين والمختصّين في مجال اللامركزية، لما يُمثّله هذا الإدماج من عودة للماضي بما يحمله من تهميش للبلديّات في مقابل تعزيز نفوذ الدولة المركزية. تقول شيماء بوهلال المختصة في مجال اللامركزية فيحوارسابق مع نواة إنّ إلغاء وزارة الشؤون المحليّة يعني “إلغاء التوجّه المركزي لهذا الإصلاح كأولويّة واضحة”. كما زاد التخوّف من تدخّل السلطة المركزية في الشأن المحلّي والعودة إلى منطق “سلطة الإشراف” في التعامل مع البلديّات. “نحن لا نتلقّى تعليمات ولا أوامر من السلطة المركزيّة”، يُعلّق عدنانبوعصيدة، رئيس بلديّة روّاد ورئيس الجامعة الوطنيّة للبلديات التونسيّة لنواة. ويُضيف، تعليقا على إلحاق الشؤون المحلّية بالداخلية:

لا نعرف إلى أيّ جهة نتوجّه عند تحرير مراسلاتنا الرسمية، ولا نرى أيّ ملامح لمنهجيّة عمل جديدة. وكنّا قد راسلنا وزير الدّاخلية ولكنّنا لم نتلقَّ ردًّا.

ولمّح إلى إمكانيّة وجود نيّة في مراجعة المسار، عبر التخاذل في إصدار الأوامر الحكوميّة. وإلى الآن، أكثر من نصف الأوامر الحكومية لم يصدر بعد، مثل النظام النموذجي لآليات الديمقراطية التشاركية، والأمر الحكومي المتعلّق بتوزيع موارد صندوق دعم اللامركزية، والنظام المحاسبي للجماعات المحليّة.

صراع ناعم بين السلطتين المحليّة والتنفيذيّة

بدأت بوادر تدخّل السلطة المركزيّة في البلديّات مع أزمة كورونا، عند صدور المنشور عدد 9 لسنة 2020 الّذي دعا رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ من خلاله الوزراء وكتاب الدولة والولاة ورؤساء البلديات والمؤسسات والمنشآت العمومية إلى ”وجوب التنسيق مع سلطة الإشراف قبل اتخاذ التدابير والإجراءات في إطار الوقاية من خطر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)”. ولكن مع اتّخاذ التدابير الاستثنائية وإلحاق الشؤون المحلّية بالدّاخلية، أصبح تدخّل السلطة المركزيّة مُمَثّلة في شخصَيْ الوالي والمعتمد متواترًا أكثر.

لا أقول إنّ العلاقة بين السلطة المركزية والسلطة المحلّية تعكّرت بعد 25 جويلية، ولكنّ الولاّة والمعتمدين يخالون أنفسهم مسؤولين على البلديّة،

يتحدّث بوعصيدة.

في جانفي 2022، تقدّم والي بنزرت بمراسلة رسميّة إلى رئيس البلديّة يُطالبه فيها بضرورة وضع عبارة “وزارة الداخلية” في عنوان المراسلة، على اعتبار أنّ الشؤون المحليّة أُلحقت بالداخليّة ولم تعد مُفردة بوزارة خاصّة بها، وإلى “احترام التسلسل الإداري في توجيه المراسلات”، وهو ما ينمّ إمّا عن عدم إلمام بالمبادئ الكبرى للسلطة المحليّة والمتمثّلة في الاستقلاليّة الإداريّة والماليّة وإلغاء مبدأ الرّقابة السّابقة وتكريس مبدأ التدبير الحرّ، أو عن رغبة مُلحّة في ضرب السلطة المحلّية والحدّ من صلاحيّاتها، وتبنيّ المقولة التي تزعم أنّ السلطة المحليّة تُهدّد وحدة الدّولة.

كما قرّر المعتمد الأوّل بقابس في 29 مارس 2022الحلول محلّ رئيس البلديّة وتولّي مهامّه بصفة وقتيّة بسبب تعطّل عمل المرفق البلدي نتيجة خلاف بين الأعوان ورئيس البلديّة أدّى إلى إضراب تعطّلت معه مصالح المواطنين وسير عمل المجلس البلدي. وإزاء هذا القرار، توجّه المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للبلديات التونسية بطعن لدى القضاء الإداري الّذي انتصر ابتدائيّا للسلطة المحلّية.

تبقى اللامركزية “فكرة جيّدة” إذا فهم المسؤولون حدود تدخّلهم في إطار السلطة المحليّة، فلا يمكن للبلديّة أن تخرق مبدأ وحدة الدّولة وتتّخذ قرارات تتعارض مع القوانين والإجراءات المعمول بها وطنيّا، ولا يمكن للسلطة التنفيذيّة تبنّي مقولة “التعليمات” والتسلسل الإداري” في التعامل مع سُلطة مُنتخَبة، طالما أنّ باب السلطة المحلّية ليس مشمولا بعد بتدابير الرئيس الاستثنائيّة. ولكنّ المخاوف من مراجعة المسار برمّته تبدو واردة، في ظلّ تواتر إعلانات النوايا الرئاسية بضرورة تغيير منظومة الحكم والتوجّه نحو “البناء القاعدي” الّذي ينطلق من المعتمديّات فالولايات وصولا إلى المجلس التشريعي. ولم يتجاوز هذا المشروع حدّ الإعلان عن النوايا في انتظار تفعيله، في ظلّ غياب سلطة مضادّة تُعقلن سلطة الرئيس المطلقة.