منذ بداية تشكل طبقة شغيلة بتونس تحت الاستعمار الفرنسي، دأب العمال من جنسيات مختلفة على احياء اليوم العالمي للعمال يوم 1 ماي من كل سنة. احياء فرضت الشغيلة التونسية تدريجيا تونسته، خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتجذر الوحدة النقابية بعد الاستقلال.

أدوار النقابات التونسية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل لم تقتصر على البعد المطلبي العمالي، ليكون لها دور محوري في الكفاح المسلح ضد المستعمر ثم بناء دولة الاستقلال والتأثير على السياسات العامة بالبلاد خلال فترة حكم بورقيبة وبعد ثورة 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي 2011.

إلا أن الأدوار المتقدمة التي لعبها اتحاد الشغل جلبت له عداء الحكومات المهووسة بالهيمنة على النسيج المجتمعي والجمعياتي، خوفا من قوة سواعد الشغيلة وفرضية اتحادها خلف قيادات نقابية ثورية قادرة على كنس الحيف المسلط على الطبقات الكادحة.

ومنذ 25 جويلية 2021، تعرضت المنظمة النقابية الأولى في تونس إلى هزات متعددة، يبقى سببها الرئيسي رفض الرئيس قيس سعيد للأجسام الوسيطة وتبشيره المتكرر بنهاية دورها دون أن يقدر فعليا على ذلك.

قيادات نقابية عدة سطع نجمها مثل الحامي وحشاد والتليلي وبن صالح وعاشور واعترف التاريخ الرسمي للدولة بدورها ومآثرها، في حين تنكر لأسماء أخرى وعمل لعقود طويلة على محوها من الذاكرة النقابية كما هو حال المناضل النقابي حسن السعداوي ورفاقه.

بمناسبة هذه الذكرى، تقترح عليكم نواة مجموعة من مقالاتها التي عالجت تاريخ وحاضر العمل النقابي في تونس مع استشراف أدواره المستقبلية وتفاعله مع المتغيرات السياسية.


حسن السعداوي مناضل وطني ينتظر العدالة منذ ستين عاما

ليس من النادر، محليا وحتى عالميا، أن يتنكر التاريخ لقامات كرست حياتها خدمة للمفقرين والطبقة الشغيلة. لكن الغريب أن يتواصل هذا التنكر الرسمي في تونس لمسيرة حسن السعداوي، أحد أبرز القيادات النقابية، بعد أكثر من 60 سنة على وفاته في أحد مراكز بوليس دولة الاستقلال.


بين اتحاد الشغل وحكومة قيس سعيد: ملفّات عالقة إلى حين…

بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة عدد من الملفات العالقة، جزء منها يتعلق بالعلاقة بين الاتحاد والحكومة وجزء آخر يخص الإصلاحات الكبرى ذات البعد الاستراتيجي التي يستوجبها الوضع في تونس للخروج من دائرة الأزمات المالية المزمنة وما تسببت فيه من أزمات اجتماعية، بغض النظر عما أصبحت تعرف به بعض تلك الإصلاحات بشروط صندوق النقد الدولي لتمكين البلاد من قروض ميسرة.


ما للإتحاد وما عليه، بعد التلاشي التدريجي لمكبلات فعله وحراكه

فتح خفوت صوت الإتحاد العام التونسي للشغل الصائفة الماضية جدلا عميقا داخل الأوساط النقابية وخارجها، استراحة محارب وترتيب للبيت الداخلي في انتظار قادم الاستحقاقات أم تراجع تكتيكي بعد التصلب الذي واجهه من السلطة في علاقة بأمهات القضايا على الصعيد الوطني.


من منعرج 25 جويلية إلى تشريعيات 2022: مناورات الاتحاد في مواجهة قرطاج والقصبة [سلّم زمني]

سياسيّا، كان الاتحاد العام التونسي للشغل مساندًا لقرارات قيس سعيّد في 25 جويلية 2021، حيث اعتبرها استجابة لمطالب شعبية وحلا للأزمة الاقتصادية والسياسية التي مرّت بها البلاد خلال تلك الفترة. لكنّه حذّر من تركيز السلطات بيد رئيس الجمهورية ومن انتهاك الحقوق والحريات، داعيا إلى التمسّك بالشرعية الدستورية وتحديد سقف زمني للتدابير الاستثنائية.


في ظل تصعيد اجتماعي غير مسبوق: فرص نجاح دعوة الاتحاد للحوار

فتحت المبادرة التي تقدم بها نور الدين الطبوبي لإجراء حوار وطني الباب على العديد من الانتقادات الجادة وغير البريئة على حد سواء. فالبعض اعتبرها غير محايدة وتصب في خندق الاصطفاف السياسي لاتحاد الشغل مع رئيس الجمهورية، في حين رأى فيها البعض الآخر فرصة لنقاش جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أدت لتأزم الوضع العام بالبلاد وانتشار الاحتجاجات في الكثير من الجهات والقطاعات.


الاتحاد العام التونسي للشغل أمام معضلة مزمنة عنوانها الفصل 20

تتواصل معضلة الفصل 20 في الاتحاد العام التونسي للشغل، في ظل حركية كبيرة تشهدها بطحاء محمد علي الحامي وتجاذبات بين النقابيين المؤيدين لتنقيح الفصل عشرين وبين رافضين متمسكين بتكريس التداول الديمقراطي على قيادة الاتحاد كما جرت عليه العادة. هي ليست أزمة عابرة استباقية للمؤتمر القادم للاتحاد وفي إطار مساعي التمديد للأمين العام نور الدين الطبوبي، بل هي ورقة خلافية يتم طرحها في كل عهدة لتثير جدلا ثم يتم تجاوزها دون الحسم فيها، فهل يتجه الطبوبي إلى الحسم هذه المرة أم أن ورقة الفصل 20 ستظل مثل السلاح النووي، يلوحون به ولا يستعملونه؟


اتحاد الشغل وصندوق النقد الدولي: صراع حول قوت الأجراء

في الظاهر يبدو إضراب الوظيفة العمومية اليوم الخميس 22 نوفمبر 2018 انعكاسا لأزمة تفاوض داخلية بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة يوسف الشاهد، ولكن يلوح العامل الخارجي ممثلا في صندوق النقد الدولي طرفا في الصراع الاجتماعي المحلي من خلال برنامج الإصلاح الهيكلي المعروف بـ"تسهيل الصندوق الممدّد" الذي تبلغ قيمته 2.8 مليار دولار. ضمن هذا البرنامج كان ملف الوظيفة العمومية عنوان صراع بين منظمة الشغالين والمانح الدولي، سعت خلاله الحكومات المتعاقبة إلى فرض الأمر الواقع من خلال إبراز تمسكها بالالتزامات الدولية.


نور الدين الطبوبي على رأس الاتحاد: قيادة جديدة في مواجهة الملفّات العالقة

المكتب التنفيذي المنتخب، الذّي حافظ على جزء كبير من أعضاء مكتب مؤتمر طبرقة، سيواجه ملفّات عالقة لن تقلّ خطورتها عما واجهه الفريق القديم، وهو ما أكدّه الأمين العام السابق حسين العبّاسي خلال الكلمة الختامية، من أنّ المرحلة المقبلة ستشهد معارك ومواجهات صعبة على جبهات عدّة، ومستويات مختلفة. لكن الثابت أنّ الملفّات المفتوحة في القطاعين العام والخاصّ ستكون محور التجاذبات القادمة بين حكومة مصرّة على ما أسمته بالخيارات "المؤلمة" مدعومة من قطاع خاصّ عزّز حضوره السياسي بعد الانتخابات التشريعية في سنة 2014، وبين المكتب التنفيذي الجديد لمنظّمة الشغيلة الباحث عن ترسيخ دوره في حماية القطاع العام والحقوق الاجتماعية والاقتصاديّة ومنع تضييق حضوره السياسي الذّي تدعّم بعد سنة 2011.


اتحاد الشغل وحكومة الشاهد: المواجهة المُؤَجّلة

رغم تحفظاته الكبيرة على خطاب يوسف الشاهد، فقد أبدى الاتحاد تمسّكه بوثيقة قرطاج بوصفها إطارا مرجعيا لتنظيم علاقته بالحكومة الجديدة. ولئن اتسمت الوثيقة المذكورة بصبغة عامة سمَحت بالاستيعاب النظري لمختلف التوجهات، فإن علاقة الاتحاد بحكومة الشاهد ستنتظم مستقبلا داخل الواقع العملي للسياسية، الذي قد يؤدي فيه تعارض المصالح إلى التصادم والمواجهة. ولعل المقارنة بين الأهداف المُعلنة لحكومة الشاهد وارتباطها البنيوي بالدوائر العالمية وبين الخيارات والتوجهات التي يدافع عنها الاتحاد تسمح ببناء ملامح أوّلية للعلاقة المستقبلية بين منظمة الشغالين والحكومة الجديدة.


أحداث 26 جانفي 1978: ذاكرة مهربة من دفاتر النظام

هذا اليوم الذي يُطلق عليه البعض “الخميس الأسود” تَحوّل من إضراب عام أعلنته قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حالة شعبية رافضة لسياسات الحكم وخياراته، أمسَى في قراءات المؤرّخين حدثا يختزِل سياقات مرحلة بأكملها من التاريخ السياسي والاجتماعي للبلاد.