Code pénal 9

الأخلاق الحميدة بين القانون وتقييد الحريات، حوار مع أنس كدوسي

تحت غطاء ”الحفاظ على الأخلاق الحميدة“ عادت وزارة العدل الى قوانين متروكة يعود بعضها إلى حقبة الاستعمار والبايات، في سياق حملة ضد عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي. أحكام بالسجن وصلت إلى أربعة سنوات ونصف، لتفتح الباب حول روح المجلة الجزائية وتطويعها حسب أهواء السلطة. لمزيد تجلي الأمر وتوضيحه حاورت نواة الأستاذ أنس كدوسي

النصوص القانونية المهجورة سيف في غمد السلطة

التشريعات المهجورة هي نصوص قانونية موجودة ولكنّها لا تُطبَّق، زُجّ بها في المجلّة الجزائية أو في قوانين خاصّة تعود بعضها إلى عهد البايات. وجودها يطرح إشكالا لأنّها تُعتبر من قوانين الدّولة، إلا أنّها لا تُطبَّق، مثل منع بيع الخمر للمسلمين، أو منع الأشخاص الّذين ليس لهم مقرّ ثابت من التنقّل والإقامة بالمدن الكبرى مثل تونس وسوسة وصفاقس، على معنى قانون ”الهمج“.

مبادرة تجريم التطبيع: هل سيأكلها الحمار هي الأخرى؟

ظهر طيف الرئيس قيس سعيّد خلال الجلسة العامّة بالبرلمان المنعقدة بتاريخ 02 نوفمبر 2023 والمتعلّقة بمناقشة مقترح القانون المتعلّق بتجريم التطبيع، حين نقل إبراهيم بودربالة رئيس المجلس ما قاله سعيد عن هذا المقترح، الّذي تبيّن وفق قوله أنّه ”سوف يضرّ بالمصالح الخارجية لتونس“، وأنّ ”الأمر يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي“. وبعد التصويت على فصلين من المقترح، رُفعت الجلسة ولم تُستأنف بعد.

التآمر على أمن الدولة: تهمة تحت طلب السلطة

في 3 ماي الجاري، تمّ إعلام الفرع الجهوي للمحامين بتونس بفتح بحث تحقيقي ضدّ أربعة محامين، هم على التوالي العياشي الهمامي بشرى بالحاج حميدة ورئيس جبهة الخلاص المعارضة أحمد نجيب الشابي والقيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، الصادرة في حقّه بطاقة إيداع بالسجن منذ 14 فيفري 2023 على خلفيّة تصريح كُيّف على أنّه تحريض على الانقلاب.

هضم جانب موظف عمومي: عن مريم بريبري، والمئات الّذِين لا نعرفهم

أعاد الحكم الصادر على الناشطة مريم البريبري الحديث من جديد على القوانين البالية والترسانة التشريعية التي يُحاكم على أساسها مستخدمو شبكات الميديا الاجتماعيّة بعقوبات سالبة للحريّة، خاصّة منها الفصل 86 من مجلّة الاتّصالات والفصل 125 من المجلّة الجزائيّة.

جدل ”قضيّة القبلة“: الأخلاق الحميدة، عصا السلطة لضرب الحريّات الفرديّة

لا تأخذ النصوص القانونية في تونس بعين الاعتبار والاهتمام مسألة الحريّات الفرديّة، رغم التنصيص عليها في دستور الجمهوريّة الثانية سواء في ديباجته أو في فصله الـ21، فالمجلة الجزائيّة تحصر هذه الحريّات بفصول فيها الكثير من السلطويّة الذكوريّة والدينيّة. تغيب عن معظم فصول هذه المجلّة التي يعود تاريخ صدورها إلى سنة 1913 -خاصّة المتعلّقة منها بالجرائم الجنسية- آليّات حمائيّة محدّدة ومضبوطة مهمّتها الحدّ من الرقابة المفروضة على حريّة الأشخاص. تجدّد الجدل حول مسألة الحريّات الفرديّة إثر ما عُرف بـ”قضيّة القبلة“ ليُعيد معه أزمة العبارات الفضفاضة والقابلة للتأويل في المجلّة الجزائيّة مثل ”الأخلاق الحميدة“ و”خدش الحياء“ و”التظاهر بالفحش“ و”هضم جانب موظف عمومي“ والتي يوظّفها جهاز الدولة للسيطرة على الأجساد الفالتة.

الحقوق والحريات: جرائم يعاقب عليها القانون الجزائي

لطالما كانت القوانين الجزائية في تونس محل جدل واسع بين الحقوقيين والنشطاء و أثارت عديد الفصول منها استهجان المحامين و القضاة، وقد مثلت حصارا على الحريات الفردية والجماعية والحقوق التي يكرسها الدستور التونسي. تاريخيا تعتبر المجلة الجنائية من أقدم القوانين في تونس إذ تعود إلى سنة 1914 حيث صدرت بمقتضى أمر بتاريخ 9 جويلية 1913 والذي يتعلق بإصدار مجلة جنائية بأمر من محمد الناصر باشا باي، فهي تعود إلى حقبة الاستعمار الفرنسي وما تحمله تلك الفترة من تعسف وقهر و تطويع للمجتمع والمواطنين سواء عبر سلطة القوة أو سلطة القانون.

المغرب : شرعنة القمع

بعد ثلاث سنوات على تنصيبها طرحت الحكومة المغربية التي يقودها حزب إسلامي هو “العدالة والتنمية” مشروع قانون جنائي مثير للجدل بسبب العقوبات الشديدة التي حملها خاصة فيما يتعلق بالحريات السياسية والفردية وتعاليم الدين الإسلامي وأمن الدولة وشخص الملك وولي العهد وأفراد أسرته، وهو ما يؤشر لتراجعات خطيرة تهدد حرية التعبير والاعتقاد، بالإضافة إلى احتفاظه بقوانين قديمة تتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان مثل عقوبة الإعدام المخالفة حتى لمقتضيات الدستور المغربي الذي ينص على الحق في الحياة.

تونس : قرن على المجلة الجزائية

احتضنت العاصمة تونس ندوة علمية دولية يومي 9 و 10 ديسمبر الجاري، لتخليد المأوية الأولى للمجلة الجزائية التونيسة وذلك بحضور فقهاء القانون وعمداء حقوقيين وأعضاء الأسرة القضائية و الأساتذة والباحثين والطلاب وضيوف من كل من المغرب والجزائر وفرنسا.