Etat de police 40

بين العنف البوليسي و الإرهاب، “المتضرر الجانبي” هو المجتمع

الجهاز الأمنيّ الذّي كان الأداة الرئيسيّة في يد بن عليّ لفرض سلطته، لم يغيّر من عقيدته في التعامل مع المجتمع المدنيّ والمواطن التونسيّ رغم الحملات الإعلامية التي سوّقت لمرحلة الأمن الجمهوريّ واحترام المؤسّسة الأمنية لقيم الحريّة والكرامة ودورات التأهيل والتكوين التي خضع لها الأمنيّون. فخلال تعاقب الحكومات “الانتقاليّة” الخمس بدءا من محمد الغنّوشي مرورا بالباجي قايد السبسي وحمّادي الجبالي وعليّ العريّض وصولا على مهدي جمعة، سُجّلت عودة قويّة للممارسات القمعيّة في مواجهة التحرّكات الإحتجاجيّة والأصوات المناوئة لكلّ حكومة.

التحسّر على عهد بن عليّ: مغالطات خطاب الحنين إلى “رفاه” الدكتاتورية. الجزء الثالث: ما الذّي تغيّر بين الأمس واليوم

بعد أن حاولنا في الجزء الأوّل أن نقف على حقيقة الوضع الإقتصاديّ بين مرحلة بن عليّ ومرحلة ما بعد 14 جانفي 2011، وفي الجزء الثاني أن نتناول فترة حكمه من الناحية الحقوقيّة والسياسيّة من خلال استعراض جزء من الانتهكات والاعتداءات التي مارسها بمعيّة الجهاز الأمني على المعارضين لحكمه، سنحاول اليوم أن نسلّط الضوء على الواقع الأمني والسياسيّ في البلاد بعد أن غاب الرئيس الأسبق عن الساحة السياسيّة وبعد أن انعتق النّاس من الخوف والانقماع الذّي لازمهم طيلة عقود.

الظهور الإعلامي لقياديي النقابات الأمنية، بين مخالفة القانون و امتهان السياسة

يشتكي التونسيون في هذه الفترة وبصفة واضحة وعلنية من الظهور المفرط لممثلي النقابات الأمنية بوسائل الإعلام بمختلف أصنافها. فممثلوا هذه النقابات أصحبوا وجوها تلفزية معروفة تطرح المشاكل وتقدم الحلول وتوجه الإتهامات لأطراف بعينها وتنزّه أطرافا أخرى في مسائل تخص أمن البلاد وذلك بالتزامن مع حدوث عمليات إرهابية في مناطق متفرقة من البلاد.