Patrimoine 12

قصر المحمدية شاهد على العبث الذي جلب الاحتلال

على بعد 20 كم من تونس العاصمة، تجثو بقايا سرايا أحمد باي فوق تلة بمدينة المحمدية، وما يزال ذلك القصر، منذ قرابة القرنين، شاهدا على ما جناه هوس عاشر البايات الحسينيين ببناء قصر شبيه بقصر فيرساي، حتى استنزفت الديون خزينة البلاد وانتهى الأمر بانتصاب الاحتلال الفرنسي أو الحماية لمن يريد تلطيفها.

متحف باردو: من مرجع علمي ووجهة سياحية إلى مقبرة آثار موصدة

يشترك مجلس نوّاب الشعب ومتحف باردو في بوّابة الدّخول. ومنذ اتّخاذ التدابير الاستثنائيّة في 25 جويلية 2021، ضُربت أسوار من حديد ونُصبت مدرّعات أمام البوّابة لمنع أعضاء البرلمان من مباشرة مهامّهم، فيما بقي المتحف رهين الإجراءات الاستثنائية، يدفع ثمن غضب الرّئيس على المجلس التشريعي، بأبواب موصدة بإحكام أمام الباحثين والسياح وغيرهم من الزوار منذ سنة.

مقهى تحت السور: أمجاد مدفونة في فساتين الأعراس وأطباق الكفتاجي

تسكن في “رْبَطْ” باب سويقة، أشهى الأحياء النابضة بالحياة، مئات الحكايات المليئة بالسحر وعبق الماضي التي حفظتها أسوار مبانيها وإن تهاوى أغلبها، بعضها بقيت سرا من الأسرار التي تروى في مجالس أبناء الربط والقريبين منهم، وأخرى دفنت في ركام المباني العتيقة التي هدمت لتحل مكانها مبان عصرية. أما قصة مقهى “خالي علي” المعروف بمقهى تحت السور، وبالرغم من أنه لم يعد هناك وجود للسور ولا للمقهى، فقد حفظتها الكتب والمسارح والإذاعات أيضا . لم يعد المقهى موجودا الآن، وبالكاد يمكن لغير العارفين تحديد مكانه. ففي آخر سبعينات القرن الماضي، باعه أصحابه وهدمه مالكوه الجدد ليحل محله متجر لكراء فساتين العرائس، ومطعم كفتاجي.

برج قليبية: معلم مهمل وذاكرة تنزف

شُقوق، نباتات، وأشجار تغطي جدران البرج الأثري بقليبية. البرج الذي يميز المدينة، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 2500 سنة يواجه إهمالا قد يتسب في انهياره. رغم التحذيرات التي أطلقها المجتمع المدني في قليبية فإن السلطات لم تحرك ساكناً، بل لجأت إلى محاولات ترميم لا تحترم الخصوصية التاريخية للبرج. في هذا السياق تحدثت نواة مع ممثلي المجتمع المدني بالمدينة للوقوف على آثار الإهمال التي يعيشها هذا المعلم الأثري.

مهرجان جو تونس 2018: عرض دندري، عندما يتحرر السطمبالي من المكان ويتحدى الزمان

الدندري هو مشروب خاص بالزوايا بمكوّنات بسيطة (دْرُع، لبن، سكّر وماء) ولكن الخلط بينها يبدو غريبا. هذا المشروب يلخّص الفكرة الجوهريّة لعرض دندري والقائمة على أساس الجمع بين آلات من معاجم وعوالم مختلفة، آلتي القمبري والقمبرة الافروأمازيغية من جهة وآلات غربيّة أخرى مثل الباتري والغيتار من جهة أخرى. واكبت نواة عرض دندري الذي انتظم أمس الأربعاء 27 جوان 2018 في فضاء بورصة الشغل ضمن الدورة الخامسة لتظاهرة “جو تونس” وتحدّثنا مع كلّ من عازف القمبري صالح الورغلي وعازف الباتري محمد خشناوي وعازف الغيتار أيمن بن عطية عن الموسيقى التي يقدمونها مع مجموعة أخرى من العازفين. دندري ليس محاولة متحمّسة لإنقاذ السطمبالي من النسيان فقط وإنّما هو خيار واثق لتطوير هذه الموسيقى وإيصالها إلى الجمهور بمختلف فئاته العمريّة.

برقو 08 : موسيقى الجبال بين الأصالة والتجديد 

من جبال الشمال الغربي الشاهقة – أين تتفجر أصوات النساء والرجال ببحة فريدة – تنهل فرقة برقو 08من هذا النبع الموسيقي وتحاول تعصير المقطوعات القديمة النادرة عبر إعادة التوزيع ومحاولات المزج مع الموسيقى الإلكترونية في إطار مشروع الجبهة الموسيقية الشعبية، مختبر موسيقي، يعيد خلق التراث الموسيقي بنفس معاصر.

قطاع التراث بين انتفاخ الهياكل وضعف التشريعات

لقد عملنا في هذا المقال على رصد بعض الإشكالات العامة حول قطاع التراث، دون أن ندّعي الإحاطة بكل تفاصيلها. وهو أمر نبّهنا إلى خطورته في عديد المناسبات، قناعة منّا بأنّ التراث يمثّل رصيدا حضاريا يتوجّب صونه وتثمينه، أولا لأنّ لا مندوحة عنه في أي مقاربة تستهدف تعزيز الأمن الثقافي ومن أجل بناء هوية وطنية متطلّعة نحو المستقبل، وثانيا لأنه يمكن توظيفه ليكون رافدا اقتصاديا ذو قيمة مضافة يسهم في وضع أسس تنمية مستدامة.

قطاع التّراث بين الحاجات المؤجّلة والقرارات المرتجلة: التّراث الثّقافي اللاّمادّي نموذجا

لقد صادقت تونس على اتّفاقية صون التّراث الثّقافي اللاّمادي الصّادرة عن المؤتمر العام لليونسكو بتاريخ 17 أكتوبر 2003 خلال الجلسة البرلمانية المنعقدة بتاريخ 02 ماي 2006. ومنذ ذلك التاريخ لم تقم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بأي إجراء جذري لصون تراثنا الثّقافي اللاّمادي المهدّد بالتلاشي والاندثار كما تقتضيه بنود تلك الاتفاقية، فأضحت الكثير من جوانبه ومكوّناته نسيا منسيا.

وزارة الثقافة: تمخّض الجمل فولد فأرا

بعد طول غياب خلناه سيحمل جديدا يحرّك الركود في وزارة الثقافة، ظهرت وزيرة الثقافة يوم أمس الخميس 1 أكتوبر الجاري لتظيف حقنة يأس جديدة لقطاع التراث. حرصت الوزيرة على ترديد كليشيهات ومفردات إنشائية بلا مضامين حقيقية، وقد لا يكون ذلك بنية مضمرة، ولكنه على أية حال، دليل إفلاس أخر ينضاف إلى “وزارة الثقافة”. إذ من بين حزمة “الإجراءات” الوزارية ذكر عنوان واحد في علاقة بالتراث، وهو إعداد أمر ترتيبي يتعلّق بإقرار الاستقلاليّة الماليّة والإداريّة لمتحف باردو !! والغاية كما يقول بيان الوزارة، الخالي من أية بيان، هو “مضاهاة أكبر متاحف العالم” بعد الصيت العالمي الذي ناله إثر “الحادثة الإرهابيّة التّي طالته”

تراث يندثر .. ومؤسّسات لا تعمل

مشاكل هيكلية وخراب شامل يلفّ مؤسّساتنا العاملة في التراث، وأولها المعهد الوطني للتراث الذي يعرف جميع العاملين فيه – طبعا باستثناء المسؤولين عمّا يحصل فيه بالمشاركة أو بالصمت – مقدار الضعف الهيكلي الذي عليه حتى بات غير قادر على إنجاز الحدّ الأدنى المطلوب من اختصاصاته. بل يمكن القول أنه صار عبء على التّراث وعلى العاملين فيه على حدّ السواء. ورغم الدّعوات المتكرّرة لإعادة هيكلته، والتي وصلت إلى حدّ دخول المنتسبين إليه في تحركات احتجاجية بعد أن استوفوا ما في جعبتهم من صبر، حتى أنّ بعض النّقابات الناشطة فيه قدّمت مشاريع إعادة هيكلة له منذ عدّة سنوات، ولكن وزارة الإشراف ما تزال تغمض عينيها عن الخراب الذي مسّ هذه المؤسّسة العريقة التي تعود لها المسؤولية الأولى في حماية التّراث ببلادنا.