تخوض عائلات الموقوفين في ما يُعرف بقضيّة التآمر على أمن الدّولة إضرابًا عن الطّعام واعتصامًا مفتوحًا بمقرّ الحزب الجمهوري منذ 05 أكتوبر الجاري، مساندةً للمساجين السياسيّين الّذين لجؤوا لإضراب الجوع كشكل من أشكال الاحتجاج. في هذا الإطار، حاورت نواة المناضل وعضو تنسيقيّة عائلات الموقوفين في قضية التآمر عز الدّين الحزقي لبيان حالة الموقوفين ومآلات القضيّة على الصعيدَين السياسي والقضائي.
بين الأسبوع والآخر، تتحفنا مصالح الاتصال برئاسة الجمهورية بزيارات فجائية ليلية بطلها الرئيس قيس سعيد. تصوره في صورة المنقذ الذي وحده بإمكانه معالجة وإصلاح كل شيء، وأن أبسط الأمور لا تحل إلا بتدخل مباشر منه، أعانه الله في التصدي للمناوئين المتآمرين على سلطانه.
ليتحمل كل مسؤول مسؤولياته، جملة تكاد لا تغيب عن توجيهات الرئيس قيس سعيد كلما أطل على الشعب الكريم، خلال لقاءاته بوزرائه أو زياراته الفجائية أو حتى اجتماعات مجلس الأمن القومي فائقة الأهمية.
الاساءة إلى الغير عبر شبكات الاتصال، هي التهمة التي وُجهت إلى رسام الكاريكاتير توفيق عمران الخميس المنقضي واذنت بمقتضاها النيابة العمومية ببن عروس بالاحتفاظ به قبل أن تطلق سراحه بعد ساعات.
بعد أن صارت ميلوني وأعضادها من اليمين المتطرف الأوروبي أصدقاء تونس في نسختها القيسية، تواصل تونس انغلاقها في وجه القوى الديمقراطية وممثليها بالبرلمان الأوروبي، خاصة المجموعات التي تذكر تونس بالتزاماتها الديمقراطية وتتساءل “دون حياء” عن مصير المساجين السياسيين.
حركة قضائية بمواصفات عهد الدكتاتورية، هكذا وُصفت الحركة القضائية الاخيرة، التي نُشرت في الرائد الرسمي يوم 30 اوت الماضي، من قبل جمعية القضاة التي رفضتها واستنكرت ما اعتبرته تدخلا سافرا من رئيس الجمهورية ووزيرة العدل في القضاء وضرب استقلاليته. نقل تعسفية في حق قضاة لا ترضى عنهم السلطة وترقيات غير مستحقة لقضاة يقدمون خدمات لها، وغيرها من الاتهامات التي وجهتها جمعية القضاة لوزارة العدل في الندوة الصحفية التي عقدتها الاربعاء 13 سبتمبر بالعاصمة.
أكثر من 6 أشهر من الإيقاف دون محاكمة، مسار قضائي غامض وملفات فارغة تخجل النيابة من عرضها أو من تبرير اعتمادها لسجن سياسيين بتهمة في حجم التآمر على أمن الدولة. معطيات ما فتئت ترددها عائلات وأحزاب وفرق دفاع الموقوفين، دفعتها للاحتجاج مرة اخرى أمام المحكمة وسط اتهامات للقضاء بالخضوع و التقيد بتعليمات سلطة الأمر الواقع.
بعد ستة أشهر من الإيقاف التحفظي في ما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، تم التمديد في الايقاف بأربعة أشهر اضافية في حق الموقوفين. قرار زاد من حدة الانقسام بين السلطة و المعارضة التي تتهم قيس سعيد بتوظيف القضاء لتصفية خصومه السياسيين. قضايا تآمر على أمن الدولة وقضايا رأي ضد صحفيين ونقابيين ونشطاء وضعت القضاء في موضع الاتهام والخضوع لرغبات السلطة التنفيذية.
نائب أمين عام حزب التيار الديمقراطي زياد الغناي ممنوع من السفر بموجب قرار قضائي على خلفية مشاركته في الجلسة العامة الافتراضية لمجلس نواب الشعب المنحل في مارس2022، قاضي التحقيق المكلف بالقضية يرفض البت (رفضا او قبولا) في مطلب رفع تحجير السفر في سياق يُتهم فيه القضاء بتنفيذ تعليمات السلطة السياسية. قضية أخرى من قضايا التآمر على أمن الدولة وُجه فيها الاتهام لعشرات السياسيين والنواب ورجال الأعمال.
استجابة لصراخ الجوقة، أقال قيس سعيد موظفته برئاسة الحكومة مساء الثلاثاء 1 أوت وعوضها بآخر. تغيير موظفين لا ينتظر منه تغيير في السياسات، بل مزيدا من السرعة في السمع والطاعة والتنفيذ للقرارات الحكيمة الصادرة عن منقذ البشرية، سيد أسياد العلو الشاهق.
لئن استبشرت شرائح واسعة من التونسيين بإزاحة كابوس النهضة وأخواتها من الحكم، يوم 25 جويلية 2021، فإن سنتان من الحكم الفردي لقيس سعيد كانت كفيلة بمضاعفة الخيبة وإغراق البلاد في غياهب الفكر المؤامراتي ومستنقع الشعبوية المقيتة.
نفذت عائلات الموقوفين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، الخميس 13 جويلية، تحركا احتجاجيا أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة. تحرك وجه رسائل مساندة للشخصيات السياسية الموقوفة منذ نحو 5 أشهر، مع التنديد بسياسة قيس سعيد في ملاحقة المعارضين وتركيع القضاء خدمة لأجندته السياسية.