renseignement-tun

كشف الطيّب العقيلي رئيس لجنة البحث عن حقيقة اغتيال شكري بلعيد (IRVA) مؤخّرا عن وثيقة تمّ تسريبها من وزراة الداخلية تشير الى تلقّي ادارة الامن الخارجي بتاريخ 14 جويلية لاشعار من نظيرتها في جهاز وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) يفيد بوجود مخطّط لاغتيال عضو المجلس التأسيسي و زعيم التيار الشعبي محمد البراهمي.

وأثبتت الوثيقة المسرّبة بأنّ الاشعار تمّ تعميمه على المصالح التابعة للادارة العامة للأمن الوطني وهما على التوالي الادارة العامة للمصالح المختصة (محرز الزواري آنذاك) و الادارة العامة للامن العمومي (وحيد التوجاني آنذاك) دون اعلام بقية الأجهزة الاستخباراتية التابعة للحرس الوطني والأمن الرئاسي و الجيش الوطني مثلما كان يحدث في السابق -وفق ما تؤكّده شهادات متطابقة لمصادرنا الخاصّة- فضلا عن حجب المعلومة عن وزير الداخلية الذّي أذن بفتح تحقيق داخلي في الغرض لتحديد المسؤوليات في ما يتعلّق ب”التهاون في التعامل مع التحذيرات حول اغتيال البراهمي”.

و قد شُفع التسريب الاوّل (وثيقة 14 جويلية) بوثيقة ثانية سرّبها النائب في المجلس التأسيسي محمود البارودي توثّق ارسال المدير العام للمصالح المختصّة (سابقا) محرز الزواري لمذكرة رسمية للمدير العام للأمن العمومي وحيد التوجاني (آنذاك) يُعلمه بتاريخ 13 جويلية (أي قبل يوم من وصول التحذير الامريكي) بأنّ البراهمي مهدّد بالاغتيال غير أنّ وزارة الداخلية لم تتّخذ أيّ اجراء وقائي رغم حيازتها لمعلومات استخباراتية من مصادر داخلية وخارجية تؤكّد جدّية التهديدات.

⬇︎ PDF

في العمل الاستقصائي التالي سنحاول، استنادا الى مصادر متطابقة و شهادات تمّ التأكّد من صدقيتها، اثبات ضلوع جزء من جهاز المخابرات التابع لوزارة الداخلية في تحمّل جانب من مسؤولية اغتيال البراهمي سواء عبر حجب المعلومة الاستخباراتية عن بقية الاجهزة الاستخباراتية المعنية (الحرس الوطني، الأمن الرئاسي و الجيش) بحكم وجود حالة طوارئ متواصلة تفرض التعاون المشترك أو من خلال عدم اتّخاذ اجراءات وقائية لمنع وقوع مكروه للبراهمي.

مكوّنات جهاز المخابرات في تونس

يوجد في الجمهورية التونسية أربعة أجزاء استخباراتية تشتغل مع بعضها البعض سواء عبر التنسيق المشترك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل أفقي أو عبر العمل الجماعي في اطار “خليّة أزمات” يُفترض أنّها مفعّلة منذ تفجّر الأوضاع الأمنية والسياسية قُبَيلَ 14 جانفي 2011.

و يتكوّن الجسم الاستخباراتي من :

الأمن الوطني

– الادارة العامة للمصالح المختصّة

– ادارة الأمن الخارجي / الادارة الفرعية للتعاون
– الادارة المركزية للارهاب
– ادارة الاستعلامات العامة
– الادارة العامة للحدود والأجانب
– ادراة المصالح الفنية

– الادارة العامة للامن العمومي
– فرق الارشاد في المناطق

الحرس الوطني

– الادارة العامة للاستعلامات والأبحاث

– الادارة الفرعية للاستعلامات
– الادارة الفرعية للأبحاث
– الادارة الفرعية للارهاب

الأمن الرئاسي

– الادارة الفرعية لارشاد الأمن الرئاسي

الجيش الوطني

– ادارة الأمن العسكري / ادارة المخابرات العسكرية

و بالرّغم من استمرار حالة الطوارئ في البلاد التونسية و تفشّي اختلال التوازن الأمني (ارهاب، اغتيال بلعيد، مخازن أسلحة، عصابات مسلّحة …) الّا أنّ الأجزاء الاستخباراتية وجدت نفسها تعمل منفصلة، في أغلب الاحيان، في غياب شبه تامّ للتنسيق المشترك.

و تتأكّد هذه المعلومة من خلال وقائع ميدانية موثّقة تتمثّل في تعامل الأجزاء الاستخباراتية التابعة للحرس والأمن الرئاسي و الجيش باحتراز شديد مع نظيرتها التابعة للأمن العمومي . ويتجلّى ذلك من خلال :

– أوّلا : تكفُّل الادارة العامة للاستعلامات و الأبحاث التابعة للحرس الوطني بالاشتغال على ملفات (مخازن الأسلحة ببني خداش و مدنين والمنيهلة، الاطاحة بالمجموعتين المسلّحتين ببئر علي بن خليفة والروحية، عملية غدير القلّة، قضيّة الشعانبي الخ…) دون التنسيق مع الأجزاء الاستخباراتية التابعة للأمن الوطني. وقد وصل الأمر الى حدّ تدخّل الادارتين الفرعيتين للاستعلامات والارهاب التابعتين للحرس الوطني في بعض الدوائر التابعة هيكليا واداريا وكذلك من حيث الاختصاص لفرق الارشاد في المناطق الراجعة بالنظر للأمن العمومي بسبب عدم ثقة مخابرات الحرس في مخابرات الأمن وفق ما أكّدته مصادر مطّلعة.

– ثانيا : التصريحات (بعضها مُبهم) التي أدلى بها الجنرال رشيد عمّار لقناة التونسية حول حقيقة ما يحدث بجبل الشعانبي حيث “تلقّت المؤسسة العسكرية طعنات من الخلف” على حدّ تعبيره .. وقد اتّهم الجنرال لاحقا (وفق ما أسرّ به لبعض المقرّبين الذين نحتفظ بهويّاتهم) جهازَ الاستعلامات التابع لوزارة الداخلية بحجب حقيقة ما يحدث في الشعانبي عن المؤسسة العسكرية مشيرا الى وجود “قصور رهيب في نشاط الاستعلامات” ، داعيا في السياق ذاته الى ضرورة بعث “هيئة مستقلّة للاستعلامات” تكون بالضرورة – مادامت مستقلّة – بعيدة عن وصاية وزارة الداخلية.

– ثالثا : تعمّد ادارة الأمن الخارجي (التابعة هيكليا للادارة العامة للمصالح المختصّة) حجب المعلومات الاستخباراتية الوافدة من الخارج في اطار وكالة التعاون الخارجي عن الادارة الفرعية لارشاد الامن الرئاسي في أكثر من مناسبة.

وقد تجلّى ذلك خاصّة -وفق مصادرنا- في أحداث السفارة الامريكية حيث فوجئت ادارة الأمن الرئاسي لاحقا بورود معلومات استخبارتية داخلية وخارجية على الادارة العامة للمصالح المختصّة التي لم تبادر باعلام الأجهزة الاستعلاماتية المتعاونة معها بالرغم من التزام الامن الرئاسي باعلام هذه الأخيرة بأيّ معلومة استخبارتية تتوفّر له من الداخل أو من الخارج.

جملة هذه الوقائع التي تطرّقنا لها (مجرّد أمثلة عشوائية ونحتفظ بعديد الوقائع الأخرى الموثّقة) تكشف وجود شرخ كبير بين مكوّنات جهاز المخابرات في تونس، وتُبيّن تقوقُع الأجزاء الاستعلاماتية التابعة للادارة العامّة للامن الوطني على نفسها و حجبها للمعلومات الاستخباراتية الوافدة عليها من الخارج على اعتبار أنّ ادارة الأمن الخارجي تنضوي تحت مظلّة المصالح المختصّة و هو ما يفسّر قيام المخابرات العسكرية الجزائرية – وفق مصادرنا المطّلعة جدّا – بتبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلّقة بجبل الشعانبي بشكل مباشر مع المخابرات العسكرية التونسية دون المرور بوكالة التعاون الخارجي (ادارة الأمن الخارجي) على عكس ما كان يحدث سابقا.

اغتيال البراهمي .. كان بالامكان تفادي الجريمة

بعد تسريب وثيقة 14 جويلية التي تتضمّن التحذير الأمريكي من وجود مخطّط لاغتيال البراهمي، اتّجهت الأنظار صوب المدير العام السابق للمصالح المختصّة محرز الزواري قصد تحميله مسؤولية التقصير في التعامل بجدية مع هذه التحذيرات و عدم توفير الحماية الامنية اللازمة للبراهمي.

ولم يتأخّر ردّ الزواري كثيرا حيث تمّ تسريب وثيقة ثانية تفيد بأنّ الزواري كان على علم بمخطط اغتيال البراهمي قبل وصول التحذير الامريكي بيوم حيث قام بتوجيه مذكّرة للمدير العام للأمن العمومي وحيد التوجاني ( آنذاك ) يعلمه من خلالها بتاريخ 13 جويلية بالمعلومات التي بحوزته ويطلب منه “التفضّل باعطاء الاذن قصد اجراء ما يتعيّن في نطاق المشمولات، و موافاتنا بما يُرصد في الغرض” وفق ما جاء في المذكّرة حرفيا.

و لئن لم تتعاط الادارة العامة للأمن العمومي بالجدّية اللازمة مع جملة التحذيرات الواردة عليها من ادارة الأمن الخارجي و ادراة المصالح المختصّة فانّها لم تبادر باعلام بقيّة الاجهزة الاستعلاماتية التابعة للحرس والأمن الرئاسي والجيش فضلا عن حجب المعلومة عن وزير الداخلية -وفق ما أكّده بن جدّو- بدعوى أنّ التحريات لم تثبت وجود أيّ تهديد جدّي، علما أنّ عبد المجيد بلعيد شقيق الشهيد شكري بلعيد كان قد صرّح في حوار مسجّل لموقع نواة بعد نحو ساعة من اغتيال البراهمي بأنّ قيادة الجبهة الشعبية علمت قبل 10 أيّام من اغتيال البراهمي بوجود مخطّط الاغتيال :

” تلقّينا منذ عشرة أيّام معلومات موثوقة من مصادر رسمية -رفض الكشف عنها- حول اعادة حركة النهضة تفعيل جهاز الأمن الموازي التابع لها واعطاء الضّوء الأخضر لاستئناف عمليات الاغتيالات السياسية وفق قائمة الاغتيالات التي تمّ الكشف عنها سابقا والتي تحتوي على 14 اسما (…) وقد تمّ تداول هذه المعلومات الخطيرة بشكل مضيّق بين عدد من قيادات الجبهة الشعبية مع الحرص على عدم اطلاع وزارة الداخلية على ذلك نظرا لقفدان الثقة فيها “. وفق ما جاء على لسان عبد المجيد بلعيد.

شهادة عبد المجيد بلعيد التي صرّح بها يوم الاغتيال تتطابق من حيث الشّكل والمضمون مع الوثائق التي تمّ تسريبها مؤخّرا و تبرهن على أنّ مسألة اغتيال البراهمي كانت مُعطًى شائعا بين عديد الاطراف ما يدفع للتساؤل عن الأسباب الحقيقية التي جعلت من وزارة الداخلية (أو الجزء المعني في جهاز المخابرات) تتجاهل خطورة التهديدات وتتغاضى عن اتّخاذ اجراءات وقائية لحماية البراهمي او مجرّد احاطة وزير الداخلية بجوهر التهديدات.

ولكن هل اقتصرت هذه المعلومات الاستخباراتية على الادارتين العامّتين للمصالح المختصّة والأمن العمومي أم تمّ ابلاغ أطراف رسمية أخرى بها بالتوازي مع حجبها عن وزير الداخلية ؟

يقول الطّيب العقيلي (من سرّب وثيقة 14 جويلية) في تصريحات حديثة :

“انّ رئيس الحكومة المؤقتة علي لعريّض كان على علم بوثيقة اشعار التحضير لاغتيال محمد البراهمي منذ يوم 15 جويلية ثمّ أعطى أوامره باتلاف هذه الوثيقة يوم وفات البراهمي (…) العريض تستّر على الجريمة و أعطى الأوامر باعدام الوثيقة التي تكشف تواطؤ وزارة الداخليّة عندما اتّصل به وحيد التوجاني مُقترحا عليه اعدام الوثيقة (…) و قد علم لعريّض برفض أحد المسؤولين اتلاف هذا الاشعار فاتصّل به لاقناعه بالتراجع عن موقفه”.

تجدر الاشارة في هذا السياق الى أنّ العريّض نفى هذا السيناريو مؤكّدا بأنّه لم يعلم بوجود هذا التحذير الّا بعد حصول حادثة الاغتيال.

جهاز استعلامات تحت سيطرة حركة النهضة حجب المعلومة

لماذا حجب الجهاز الاستعلاماتي (بشتّى فروعه) التابع للأمن الوطني معلومة وجود مخطط لاغتيال البراهمي ؟

للاجابة عن هذا السؤال لابدّ من اعطاء صورة واضحة عن القيادات الامنية العليا التي كانت تُشرف آنذاك على مختلف المصالح المنضوية تحت مظلّة الادارة العامة للأمن الوطني. فقد تدفّقت المعلومة الاستخباراتية المتعلّقة بنخطط اغتيال البراهمي وفق هذا التسلسل :

1 – رفع المدير العام للمصالح المختصّة محرز الزواري بتاريخ 13 جويلية مذكّرة الى المدير العام للأمن العمومي يعلمه من خلالها بوجود مخطط لاغتيال البراهمي و طالبا منه الاذن للتحرّك.

2 – تلقّت ادارة الأمن الخارجي (التابعة للادارة العامة للمصالح المختصّة) بتاريخ 14 جويلية المعلومة ذاتها من نظيرتها التابعة ل(CIA) في اطار العمل الاستخباراتي المشترك داخل ما يسمّى ب”وكالة التعاون”.

3 – رفعت ادارة الامن الخارجي المعلومة بتاريخ 15 جويلية الى الادارة العامة للمصالح المختصّة و الادارة العامة للامن العمومي.

4 – تمّ حجب المعلومة عن أجهزة المخابرات التابعة للحرس الوطني والجيش الوطني و الامن الرئاسي و تمّ كذلك حجبها عن وزير الداخلية في حين يؤكّد الطيّب العقيلي الذّي سرّب الوثيقة بأنّه تمّت احاطة رئيس الحكومة علي العريّض علما بالموضوع.

promo-mi-1200full

قد يبدو اقتصار هذه المعلومة الاستخبراتية الخطيرة على هذا “الفريق الضيّق” أمرا مثيرا للغرابة غير أنّ التنقيب في السيرة الذاتية للقيادات الأمنية المشرفة على هذا الفضاء الاستخباراتي من شأنه أن يضع النقاط على الحروف ويكشف بوضوح وجود حالة اختراق لهذا الجزء الحساس من وزارة الداخلية.

وفي ما يلي لمحة عن هويات المسؤولين المعنيين :

– ضيغم بن حسين : مدير الأمن الخارجي، يشغل هذه الخطّة منذ نحو أربع سنوات. خرّيج دفعة 1992 المسمّاة “دفعة7 نوفمبر” رفقة محرز الزواري و وحيد التوجاني، وتجمعه بهذين الاخيرين علاقة صداقة متينة.

– محرز الزواري : مدير عام المصالح المختصّة (آنذاك)، مقرّب من قيادات حركة النهضة و على اتّصال دوري ومباشر (وفق شهادات متطابقة) بمونبلزير ورئاسة الحكومة. حامت حوله شكوك خلال الفترة التي تلت اغتيال بلعيد و اتُّهم بالاشراف على جهاز الامن الموازي. خرّيج دفعة 7 نوفمبر 1992.

– وحيد التوجاني : مدير عام الامن العمومي (آنذاك)، أصيل ولاية باجة، 46 سنة، تربطه علاقة متينة بعائلة علي لعريّض بمدنين و تحوم حوله شبهة التواطؤ مع شبكات التهريب. خرّيج دفعة 7 نوفمبر 1992.

يُعرف في الجهة بكنية “وحيد لايت” شغل عدّة مناصب أمنيّة هامّة قبل الثورة، خلال فترة حكم بن علي، حيث تولّى منصب رئيس منطقة بالقصرين ثم مدير إقليم بكلّ من ولايات الكاف ومدنين وصفاقس ثمّ رأس الجبل من ولاية بنزرت. ليشغَل بعد ذلك خطة مدير عام للأمن العمومي قبل أن يتمّ تعيينه في منصبه الجديد كمدير عامّ للأمن الوطني بعد اغتيال البراهمي.

فترة ادارة التوجاني للأمن العمومي شهدت عديد الأحداث الكارثية أهمها أحداث السفارة الأمريكية و تفاقم تحركات شبكات الجهاد الى سوريا و أحداث الرشّ في سليانة و تجاوزات روابط حماية الثورة و اغتيال بلعيد و لطفي نقض.

انّ أوّل ما يلفت الانتباه في السيرة الذاتية لهذا الثلاثي الذّي كان يملك معلومات استخباراتية حول مخطط اغتيال بلعيد هو تخرّجهم من نفس الدورة (دفعة 7 نوفمبر 1992) وعلاقتهم المتينة بقيادات من حركة النهضة بالاضافة الى حصول اغتيالات سياسية ( بلعيد، البراهمي) بالاضافة الى مقتل لطفي نقض و احداث السفارة الامريكية و مجزرة الشعانبي دون أن تلعب أجهزتهم الاستخباراتية التابعة للأمن الوطني أيّ دور يُذكر للحيلولة دون حصول تلك الاخفاقات الامنية.

ولعلّ ما يثير الاستغراب أيضا هو ترقية التوجاني بعد اغتيال البراهمي من منصب مدير عام الأمن العمومي الى مدير عام الامن الوطني و تعويضه بمصطفى بن عمر (مقرّب من الزواري) الذي انتقل في ظرف 8 اشهر من خطة رئيس المصلحة الجهوية المختصة ببنعروس (الادارة المركزية للإستعلامات العامة) إلى مدير إقليم الأمن الوطني بقرطاج ثم مديرا عاما للأمن العمومي.

وللاشارة فأنّ هذه الترقيات تمّت في مخالفة صارخة للتراتيب حيث تتعلّق ببن عمر القضية عدد 12/25333 المنشورة لدى مكتب التحقيق عدد 12 بالمحكمة الإبتدائية بتونس من أجل إخضاع موظف عمومي للتعذيب حال مباشرته لمهامه (و القضية لا تزال جارية).

وقد تمّ، في السياق ذاته، تعيين محرز الزواري مديرا عاما للمدرسة العليا لقوات الامن الداخلي و تعويضه بعاطف العمراني المحسوب أيضا على حركة النهضة في خطوة جدلية قرأها المتابعون للشأن الأمني على أنّها مجرّد تغيير مواقع لا غير.

من يحاسب من ؟؟

بعد انكشاف فحوى “كواليس” ما قبل اغتيال البراهمي للرأي العام تبرّأ وزير الداخلية لطفي بن جدّو من علمه بوجود مثل تلك الاشعارات و الوثائق و أذن – حسب قوله – بفتح تحقيق داخلي لتحديد المسؤوليات في ما يتعلّق بالتقصير المحتمل في حماية البراهمي.

كنا قد كشفنا في تحقيق سابق تحت عنوان “تحييد وزارة الداخلية”، أو كيف اخترقت النهضة الجهاز الأمني عن سيطرة حركة النهضة على أهم و أخطر أجهزة وزارة الداخلية

وبالتحرّي حول الجهة التّي يُفترض أن تضطلع بمهمّة اجراء التحقيق تبيّن لنا أنّها هي الأخرى تشوبها الشبهات من كلّ جانب حيث يصنّف سيف الدين بن عبد اللطيف المتفقدُ العام للأمن الوطني (الهيكل المختص في التحقيق إداريا في التقصير والإخلالات الأمنية و تحديد المسؤوليات والبحث إداريا في التجاوزات المهنية و المالية للأمنيين) ضمن الشخصيات المشبوهة في الداخلية بسبب ارتباطه بعلاقة قرابة بسيف الله بن حسين (إبن خالته) زعيم تيّار أنصار الشريعة بتونس المصنّف من قبل الوزارة ذاتها منظّمة ارهابية.

سيف الدين بن عبد اللطيف تمت ترقيته في أقل من 8 أشهر و دون مبرر موضوعي في مناسبتين إلى مدير إقليم الأمن الوطني بقفصة ثم متفقدا عاما للأمن الوطني.

يُذكر أنّ الجنرال المستقيل/المُقال رشيد عمّار كان قد دعا قبل مغادرته المؤسسة العسكرية الى ضرورة انشاء “وكالة مستقلّة للاستعلامات” تكون درعا للأمن القومي و ضمانة لعدم اختراق الأجهزة المسلّحة أو تسييسها أو توظيفها لخدمة أجندات بعيدة عن خدمة الوطن والصّالح العام.

وليد الماجري