أصدرت هيئة الحقيقة والكرامة تقريرها السنوي الأول. رجعت الهيئة التي تشرف على مسار العدالة الإنتقالية على مختلف انشطتها منذ تدشين مقرها المركزي في 10 ديسمبر 2014 إلى غاية 31 ديسمبر 2015.

يتناول التقرير في بابه الأول التطور الزمني لمسار العدالة الإنتقالية منذ تكوين لجان التقصي إبان الثورة إلى غاية تركيز الهيئة مروراً بإحداث وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وسن قانون العدالة الإنتقالية. هذا الباب التاريخي المؤطر مهد لباب أنشطة  الهيئة. الباب الثالث  تناول بالتفصيل دعم شركاء الهيئة الوطنيين والدوليين و مساهمات المجتمع المدني.  أما الباب الرابع والأخير فشمل تقرير التصرف والقوائم المالية والتقرير العام لمراقب الحسابات.

انطلقت الهيئة في تلقي الشكاوي والعرائض المتعلقة بالأنتهاكات يوم 15 ديسمبر 2014.

وشرعت في تنظيم جلسات إستماع سرية للضحايا  يوم 31 أوت 2015 كما انطلقت في أعمال البحث والتقصي وتفعيل آلية التحكيم والمصالحة.


شملت الملفات المودعة حول انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي الفترة الممتدة من جويلية 1955 إلى آخر ديسمبر 2013. ولقد تلقت الهيئة ملفات lالضحايا اليوسفيين وحركة بيرسبيكتيف والحركات اليسارية ونقابيي 1978 وضحايا أحذاث الخبز سنة 1984 والإسلاميين و ضحايا أحذاث الحوض المنجمي و ضحايا أحذاث الثورة وما بعدها.

الفرز الأولي للملفات بين تعرض هؤلاء الضحايا للعديد من الانتهاكات التي توزعت كالآتي :

لاحظت الهيئة وجود ترابط بين الإيقاف التعسفي من جهة أولى والتعذيب والرقابة الإدارية من جهة ثانية كإنتهاكات متلازمة. ففي 75% من حالات  الإيقاف التعسفي يوجد تعذيب، وفي 51% من من حالات  الإيقاف التعسفي تكون  الرقابة الإدارية شكلاً لاحقاً من الإنتهاكات. و هو ما يفسّر تجاوز مجموع النّسب ال 100%.
تتصدر ولايات القصرين وتونس وقفصة ترتيب الملفات المودعة حسب الولايات. تتوزّع ملفات تونس الكبرى كالأتي : ولاية تونس 3179، بنعروس 1450 ، أريانة 1004 و منوبة 675.

يتقاطع التوزيع الجغرافي مع تاريخ  البلاد المعاصر  و واقعها التنموي. فولاية القصرين كانت من أبرز الجهات المتضررة من تهميش الأنظمة السابقة. تهميش مؤسساتي وإقتصادي  وإجتماعي، إنطلق منه ألمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية ليودع ملف القصرين كأول جهة ضحية وذلك بمقتضى قانون العدالة الإنتقالية. كما أن هذة الولاية كانت من أبرز المناطق المتضررة إبان الثورة إذ سجلت أعلى عدد للشهداء والجرحى.

تركز أجهزة الدولة التي ارتكبت الإنتهاكات الجسيمة كالتعذيب والاختفاء الفسري والقتل العمد, وتمركز الزخم السياسي والإعلامي والنقابي في العاصمة يفسر من جهة اخرى إرتفاع عدد الملفات المسجلة في ولاية تونس التي كانت بدورها مسرحاً لعدد كبير من الإنتهاكات جدت أثناء الثورة وبعدها. و يفسر إرتفاع عدد الملفات بقفصة بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السابق سنة 2008, إضافة إلى تاريخ طويل من التهميش، حدا بجهة  المظيلة إلى تقديم ملفها كجهة ضحية أيضا.


اعتمدت الهيئة على موارد مالية متأتية من الدولة التونسية على شكل اعتمادات إستثمار وتسيير ومن هبات ممنوحة بشكل أساسي من برنامج الإمم المتحدة الإنمائي PNUD.

هذا وقد كانت الهيئة قد طلبت من الدولة اعتمادات بقيمة 29.6 مليون دينار لتنفيذ برنامج عملها لسنة 2015, لكنها لم تتلقى إلا 10 مليون دينار وهي اعتمادات عير كافية حسب الهيئة، « تسببت في تأخير فتح المكاتب الجهوية الأربعة وتعطل فتح مكاتب في بقية الولايات»