المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة
صورة لأحمد زروقي

تعمقت الأزمة خاصة مع نشأة النقابات الأمنية في فترة حكم رئيس الجمهورية فؤاد المبزع حين أصدر المرسوم عدد 42 لسنة 2011، باقتراح من وزير الداخلية، والمتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي. تحديدا كما نص به الفصل 11:

لأعوان قوات الأمن الداخلي الحق في ممارسة العمل النقابي، ولهم لهذا الغرض تكوين نقابات مهنية مستقلة عن سائر النقابات المهنية واتحاداتها.

أصبح لا يمكن ردع النقابات الأمنية بتعلة الحق الدستوري في العمل النقابي. وتم إنشاء أكثر من نقابة بهذا القطاع، حسب التقسيمات المحدثة فيه، تقريبا خمس نقابات محدثة خلال سنوات 2011 و2012 و2013.

أصبحت النقابات الأمنية تمثل درعا للأمنيين وإثراء للمنظومة القمعية، لازالت تقدم على تجاوزات جسيمة في حق المواطنين، نذكر من بينها حالات موت مستراب اثر تدخلات بوليسية، وليد دنقير سنة 2013 وصولا إلى محب النادي الإفريقي عمر العبيدي سنة 2018.

الكثير من التساؤلات تطرح اليوم على وزارة الداخلية حول هذه الانتهاكات الخطيرة التي حولت رجال الأمن من “حماة الحمى” إلى “حماة النظام”، ويبقى أهم تساؤل يلقى على وزارة الداخلية هو وضعية النقابات الأمنية خاصة وأن الإفلات من العقاب ظاهرة تهم بالخصوص المنتمين إليها، ولعل حادثة “غزوة محكمة بن عروس” تؤكد هذه الظاهرة.

كما صرح العديد من القضاة والمحامين في ذلك اليوم أن تلك الممارسة ترتقي إلى مرتبة “الجرائم المنظمة” وتمثل أيضا “ضربا لاستقلالية السلطة القضائية”. علما وأن الفصل 11 من المرسوم 42 لسنة 2011 نص على أن :

يحجر على أعوان قوات الأمن الداخلي، في ممارستهم العمل النقابي، الإضراب عن العمل أو تعطيل سيره بأي وجه،

كما صرح العديد من القضاة والمحامين في ذلك اليوم أن تلك الممارسة ترتقي إلى مرتبة “الجرائم المنظمة” وتمثل أيضا “ضربا لاستقلالية السلطة القضائية”. علما وأن الفصل 11 من المرسوم 42 لسنة 2011 نص على أن :

يحجر على أعوان قوات الأمن الداخلي، في ممارستهم العمل النقابي، الإضراب عن العمل أو تعطيل سيره بأي وجه،

بالرغم من ذلك، حادت النقابات الأمنية عن أهدافها وأصبحت تتمحور حول “البلطجة”، وطالت تعنت النقابات مجلس النواب سنة 2017 حين هددت نواب الشعب ورؤساء الأحزاب بالتوقف عن إجراءات الحماية لهم إن لم يتم آنذاك عرض مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب.

وبتاريخ 29 جويلية 2020 راسل رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، رئيس مجلس نواب الشعب بخصوص مبادرة تشريعية بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي. ووردت في المبادرة إضافة للفصل 9 مكرر تقتضي ب :

يمكن حل النقابات الأمنية التي لم تؤسس طبق القانون أو التي تحيد عن دورها أو التي ثبت خرق مسيريها للسر المهني أو لواجب التحفظ أو الخروج عن ضوابط العمل الأمني…

في الفترة الأخيرة، شاهدنا اعتداء على الحرمة الجسدية وانتهاك لحقوق المواطن وبالأحرى انتهاك للقانون، في حادثة موثقة بالفيديو حين حاول أمنيون جر امرأة بعنف من سيارتها لإيقافها. بغض النظر إن كانت المرأة تعالت على القانون أو لا، هذا لا يبرر عملية العنف التي طالتها. وعلى غير العادة، لم يكتف المارة بالمشاهدة بل تدخل أحد الحاضرين لإنقاذ المرأة من بين أيدي الأمنيين. لكن إثر هذه الحادثة ثار الأمنيون على وسائل التواصل الاجتماعي في صفحات تنسب لنقابات وبعض الصفحات الخاصة على الشاب “حسين” الذي ساعد المرأة. إذ وصلت الحملة إلى تهديدات له بالإيقاف ونشر صوره وصفحته الخاصة على الفايسبوك. وفعلا تم إيقافه يوم الخميس 13 أوت 2020. وصرح محاميه، الأستاذ المحامي هادي الحمدوني:

تم إيقافه بفرقة مكافحة الإجرام من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى التاسعة ليلا. و بعدها تم إعطاؤه استدعاء للحضور لدى الفرقة المركزية للحرس الوطني العوينة و إحالته للمحكمة و تم الحكم بخطية 100 دينار من أجل التصدي لمن بيده السلطة. الايقاف بفرقة القرجاني كان غير قانوني و يعتبر احتجاز شخص

ولا تقتصر هذه التجاوزات على عامة المواطنين فقط، بل يعاني الصحفيون بدورهم من هذه التجاوزات  خاصة في فترة الحجر الصحي وما أثاره بعد انتهائه من احتجاجات. كما نذكر الحملة التي تعرضت لها الصحفية وصال الكسراوي الأسبوع الفارط من قبل مجموعة من الأمنيين إثر تدوينة لها انتقدت فيها أداء الأمنيين وعلى خلفية هذه الحملة أصدرت نقابة الصحفيين بيانا تندد فيه بهذه الأساليب.

ومع كل انتهاك وكل هرسلة من قبل البوليس التونسي تتزايد الحيرة والتساؤلات على مصير الوضع الأمني والعلاقة يين الأمني والمواطن خاصة وأن رجال الأمن بالرغم من كل الانتهاكات من صفوفهم مازالوا متشبثين بحقهم في قانون يحميهم ويقمع الشعب.