في خضم الأزمة الحادة التي يعيشها الاتحاد العام التونسي للشغل، والتي بلغت حد الانقسام  في الهياكل بداية من المركزية النقابية التي يصطفّ 5 من أعضائها وراء مطلب عقد مؤتمر استثنائي انتخابي في النصف الأول من السنة الحالية بمساندة عديد الهياكل في مقابل 10 أعضاء ومسانديهم الرافضين لصيغة تطبيق مطلب عقد مؤتمر استثنائي الغير قانونية في تقديرهم، سرّعت المعارضة النقابية من تحركاتها الميدانية عبر اعتصام الثلاث أسابيع ببطحاء محمد علي والنقاشات داخلها لتوحيد رؤيتها وحلولها للأزمة في ظل صورتها الفسيفسائية الحالية.

وفي الحقيقة، فإن استعمال لفظ معارضة نقابية فيه مجانبة للواقع، فالأسلم لتوصيف الجهة التي تضع نفسها على نقيض طرفي الصراع داخل المكتب التنفيذي الوطني لاتحاد الشغل ومسانديهم من الجهات والهياكل الجهوية والمحلية، هو استعمال لفظ ”معارضات نقابية“ حتى في علاقة بالاعتصام الذي نفّذته أمام المقر المركزي للاتحاد، فمثلا تم اللجوء في صياغة البيانات إلى اعتماد لفظ مكونات المعارضة النقابية المشاركة في الاعتصام كإشارة لتنوعها واختلافها.

وخلافا للشكل أو ما تتضمنه بيانات المعارضات النقابية أو ”هيئة الاعتصام“، كما تم تسميتها ووفق ما رصدته نواة خلال عديد الزيارات للاعتصام، فالمعارضات النقابية المشاركة متنوعة وعلى رأسها الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة والهيئة التأسيسية للمعارضة النقابية بجهة تونس وحراك بن عروس والمعارضة النقابية بجهة صفاقس والمعارضة النقابية بقابس وحراك تطاوين والمعارضة الجذرية التي شاركت بصفة مُنفردة.

4 فيفري 2025 بطحاء محمد علي – جانب من نقاشات اعتصام البطحاء – صور الطيب بوعايشة

وبطبيعة الحال فإن التوفيق بين كل تلك التيارات المعارضة للمركزية النقابية وتمشّيها وخلافاتها، ليس بالأمر الهيّن مما دفع قياداتها التي قررت المشاركة في الاعتصام إلى إيجاد الحدّ الأدنى من الأهداف المشتركة كقاعدة للاعتصام تمت بلورتها باستعمال ألفاظ ومفاهيم ترضي كل تلك المعارضات التي تنتمي في غالبها إلى تيارات سياسية وإيديولوجية مختلفة.

تاريخ ظهور المعارضة النقابية

معارضة تمشّي القيادة النقابية من طرف نقابيين على اختلاف مواقعهم داخل المنظمة ليست أمرا جديدا على مختلف التشكيلات النقابية الوازنة في البلاد، سواء كان ذلك تحت الاستعمار الفرنسي أو خلال عقود الاستبداد الدستوري بوجهيه البورقيبي والبنعليني وصولا إلى فترة الرمال السياسية المتحركة بعد 2011 و2021. ورغم تعدد الروايات مع اختلافات في بعض التفاصيل، تفيد الشهادات التي استقيناها من قدماء المنظمة أن أولى المعارضات النقابية صلب الاتحاد تعود إلى سنة 1975 عندما حل الأمين العام، آنذاك الحبيب عاشور، نقابة التعليم الثانوي وجمّد النشاط النقابي لأعضائها، في حين يعتبر جزء هام من أبناء منظمة حشاد أن بداية المعارضة النقابية كانت بعد سجن القيادات النقابية عقب الاضراب العام سنة 1978 وتنصيب التيجاني عبيد على رأس المنظمة. تنصيب تصدى له النقابيون بأشكال مختلفة من بينها التنظم في ”المعارضة النقابية الثورية“. سنة 1984 رفضت قطاعات نقابية واسعة اتفاق قيادة الاتحاد مع حكومة مزالي بتجميد الزيادات في الأجور، ليعود الحبيب عاشور الى تجميد وعزل النقابيين خاصة من نقابات التعليم الثانوي. سنة بعد ذلك تصدت المعارضة النقابية لتنصيب السلطة لعبد العزيز بوراوي ومكتب ”الشرفاء“ ما خلّف طرد عشرات النقابيين من وظائفهم. نواة المعارضة النقابية عادت إلى التحرك في النصف الثاني من التسعينات خلال تولي إسماعيل السحباني للأمانة العامة لاتحاد الشغل وعبد السلام جراد للنظام الداخلي، حيث تم تجريد بعض النقابيين منهم الجيلاني الهمامي والمكي صواب ورشيد النجار وأحمد بن رميلة من صفتهم النقابية وتقديم قضية عدلية ضدّهم أدت إلى سجن بعضهم، على إثر خلافات مع المركزية يقول بعض ممن عايشوها أنها وشايات لا خلافات. وبعد تدخّلات ومساندة النقابيين لزملائهم المساجين، تم الإفراج عنهم قبل استعادة صفاتهم النقابية، لتكون تأثيرات تلك الخطوة التي أقدم عليها السحباني هي بقاء الحال على ما هو عليه داخل المنظمة مع تحجيم أي دور مفترض لأي نفس معارض داخل الاتحاد أو بالأحرى منع تنظّم المعارضين وعملهم بصفة مشتركة.

بانعقاد المؤتمر العام للاتحاد سنة 2006 بالمنستير، وطرح تنقيح الفصل 10 من القانون الاساسي، والمعروف حاليا بالفصل 20، للعودة نحو إتاحة الترشح لمن شغل دورتين متتاليتين بالمكتب التنفيذي الوطني بعد حصرها في دورتين فقط خلال تنقيح القانون الاساسي بمؤتمر جربة سنة 2002، ظهرت المعارضة النقابية من جديد وبشكل جدّي وبأهداف واضحة، بلغت حدّ الترشّح بقائمة ضدّ القائمة الرسمية التي ترأسها عبد السلام جراد آنذاك. القائمة التي ترشحت ضدّ قائمة الأمين العام تضمنت عددا من النقابين المعارضين لتمشي البيروقراطية النقابية وخاصة توجهها لتنقيح الفصل 10 من جديد، وعلى رأسهم الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس توفيق التواتي وكاتب عام جامعة البريد والبرق والهاتف الجيلاني الهمامي والطيب بوعايشة الذي شغل خطة كاتب عام لنقابة التعليم الثانوي، وغيرهم.

وبطبيعة الحال، ولمن يعلم تقاليد الاتحاد فالقائمة الرسمية التي يقود تشكيلها الامين العام المتخلي هي التي تنجح في الانتخابات نظرا لأنها توازن بصفة كبيرة بين كل المحدّدات التي توجّه نواب المؤتمر العام من معطى جهوي وقطاعي وإيديولوجي، وهو ما حصل في مؤتمر 2006 رغم نجاح المعارضة النقابية في تعطيل تنقيح الفصل 10. مؤتمر أفرز توزيع المهام داخل مكتبه التنفيذي تولي علي رمضان للنظام الداخلي، عادت المركزية النقابية لمعارضيها للـ”إنتقام“ وفق توصيف عديد النقابيين الذين تحدّثت معهم نواة، عبر حملة تجريد نقابي وسحب انخراطات وإزاحة قيادات المعارضة النقابية، وكانت البداية مع الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس توفيق التواتي. حيث تم دفع 5 أعضاء من المكتب التنفيذي الجهوي بتونس من بينهم الأمين العام الحالي نور الدين الطبوبي، من جملة 9 أعضاء في المكتب، للمطالبة بعقد مؤتمر استثنائي وعدت خلاله المركزية النقابية خميس صقرة بتولي الكتابة العامة، ولكن بعد الذهاب إلى المؤتمر الاستثنائي وفوز القائمة الرسمية تم التراجع عن وعد خميس صقرة بالكتابة العامة ومنحها لنور الدين الطبوبي.

نهاية 2006 وبداية 2007 انطلقت حملة واسعة من التجريد النقابي وسحب الانخراطات قادها المسؤول عن قسم النظام الداخلي علي رمضان لمن يحمل أي نفس معارض لتمشي المركزية النقابية أو يمثل تيارات سياسية تناهض الخطّ البيروقراطي المهادن للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لتخرج من رحم تلك العملية اللبنة الأولى للمعارضة أو المعارضات النقابية ولو بصفة غير منظمة تنظيما جيّدا أو داخل هيكل تحكمه قوانين داخلية تنظم العمل داخله وطرق اتخاذ القرارات صلبه. رغم ذلك تواصل ارتفاع صوت المعارضة النقابية في المساحة الضيّقة التي كانت تستطيع التحرّك داخلها لمحاولة التأثير على القرارات الداخلية ومزيد حشد المعارضين خاصة أن نوايا العودة لتنقيح الفصل 10 كانت موجودة بالتوازي مع إدارة الماكينة ضدّ كل من يتجرأ من النقابيين على المعارضة أي كانت صيغتها، مما دفع نور الدين الورتتاني، وهو أستاذ تعليم عالي وأحد النقابيين المعارضين البارزين الذين شملتهم العقوبات، إلى إطلاق منصة ضدّ التجريد النقابي سنة 2009.

تأسيس اللقاء النقابي الديمقراطي

لم تمرّ فترة طويلة على إطلاق المنصة التي تحشد النقابيين ضدّ التجريد النقابي، حتى تم تأسيس أول تنظيم أو هيئة للمعارضة النقابية بعد نقاشات مطولة انطلقت سنة 2007، تحت مسمى ”اللقاء النقابي الديمقراطي“ في 7 سبتمبر 2010 خلال اجتماع مضيّق ضم أبرز المعارضين النقابيين آنذاك، ليتفقوا على العمل المشترك في حدّه الأدنى مع إصدار بيان مشترك مفتوح للإمضاءات، وقد تجاوزت الـ 800 إمضاء آنذاك رغم انحسار استعمال وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة باليوم.

سبتمبر 2010 تونس – صورة لاجتماع الإعلان عن اللقاء النقابي الديمقراطي – أرشيف اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل

ووفق المعطيات التي تحصّلت عليها ”نواة“، ومن بينها صورة للاجتماع الذي أفرز الإعلان عن تأسيس اللقاء النقابي الديمقراطي أو اليسار النقابي كما يُسميه البعض، بحضور كل من، الطيب بوعايشة عن قطاع الثانوي والوطد الإشتراكي، والجيلاني الهمامي عن قطاع البريد وحزب العمال وراضي بن حسين عن قطاع البترول وهو يساري مستقل مقرب من العائلة الوطنية الديمقراطية كما كان ممثلا عن الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، فرج الشباح عن قطاع التعليم الثانوي ونشط ضمن الوطد وحسين الرحيلي عن حزب العمال وقطاع الفلاحة وأخيرا توفيق التواتي الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي للشغل بتونس المقرب من حزب العمال. الصورة على أهميتها التاريخية لا تظهر طبعا كل المؤسسين فالقائمة تتضمن وجوه نقابية بارزة مثل زهير الجويني النقابي بالتعليم الثانوي من تيار الوحدويين الناصريين وعثمان بلحاج عمر نقابي التعليم العالي عن حزب البعث إضافة إلى عشرات الأسماء التي عرفت بنشاطها وحركيتها الدؤوبة في التنسيق بين القطاعات والجهات لإحياء التحالف بعد تأسيسه حتى سقوط نظام بن علي.

انتفاء أسباب الوجود

بإندلاع الثورة وسقوط نظام بن علي تغيّرت المعطيات وترتيب الأولويات، وخاصة تلك المتعلقة بالعمل السياسي تحت غطاء نقابي مما حرّر يد أغلب منتسبي المعارضة النقابية للفعل السياسي وبالتالي تجميد اللقاء النقابي الديمقراطي، الذي كان يختزل المعارضة النقابيّة، بصفة غير مباشرة بعد انتفاء أغلب أسباب وجوده خاصة تلك المتعلقة بتنقيح الفصل 10.

إلا أن العودة لطرح تنقيح الفصل 10 خلال المجلس الوطني لاتحاد الشغل المنعقد بتوزر سنة 2015، وهي فترة تولي حسين العباسي للأمانة العامة للاتحاد، أحيى المعارضة النقابيّة في شكل أفراد، توحّدوا نوعيّا خلال المؤتمر العام للمنظمة المنعقد في قمرت سنة 2017 بتشكيل قائمة مُنافسة للقائمة الرسمية، ضمّت نقابيين معروفين كقاسم عفيّة وفوزي الشيباني ووسيلة العياشي والأسعد اليعقوبي، على سبيل الذكر لا الحصر. لكن كما هو معلوم لم تنجح القائمة المعارضة، التي ترأسها عضو المركزية النقابية السابق قاسم عفيّة، في الظفر بأي مقعد في المكتب التنفيذي إلا أنها نجحت في إلغاء طرح تنقيح الفصل 10 من القانون الأساسي، لتعود بعد ذلك المعارضة النقابية إلى فترة من الركود استمرت حوالي السنتين.

جانفي 2017 قمرت – صورة من المؤتمر العام 23 للاتحاد العام التونسي للشغل – اتحاد الشغل

عودة ظهور المعارضات ورفض التنقيح

وكما السياق في الماضي لعودة المعارضة النقابية للنشاط، مثّلت فترة أواخر عام 2019 تاريخ عودة طرح تنقيح الفصل 10 بصفة جدية من طرف المركزية النقابية دافعا للمعارضة النقابية للنشاط والظهور في أشكال أخرى مُغايرة. فتم تأسيس المُلتقى النقابي من أجل ترسيخ المُمارسة الديمقراطية واحترام قوانين المُنظمة في فيفري 2020 من طرف عدد من النقابيين، وهم أساسا الطيب بوعايشة ومنية بالنصر ومليكة عاشور والحبيب جرجير ومصباح شنيب، كما شهدت عديد الجهات ظهور تشكيلات من المعارضات النقابية، منها بن عروس وصفاقس. بالتوازي تم كذلك تأسيس لقاء القوى النقابية الديمقراطية من قطاع الثانوي بدرجة أساسية، وظمّ ممثلين عن بعض الأحزاب والتيارات السياسية من النقابيين وعلى رأسهم الجيلاني الهمامي وسليم غريس عن حزب العمال ونبيل الحمروني عن الوطد الثوري ولسعد اليعقوبي عن حركة الشعب.

بعد تنقيح الفصل 10 وتغيير ترتيبه في القانون الأساسي الجديد إلى الفصل 20، تجمّعت المعارضات النقابية لأول مرة تقريبا، تحت مُسمى اتحاد معارضتنا النقابية ضدّ الفصل 20، والذي تشكّل أساسا من الملتقى النقابي ولقاء القوى النقابية الديمقراطية وحراك بن عروس، وكذلك حراك تطاوين وحراك صفاقس. لكن بعد المؤتمر العام الأخير لاتحاد الشغل بسوسة وتفعيل التنقيحات التي تم إدخالها على القانون الأساسي وعلى رأسها إتاحة الترشّح لمن شغل عضوية المكتب التنفيذي لدورتين متتاليتين، انفرط عقد اتحاد معارضتنا النقابية ضدّ الفصل 20 بعد انسحاب لقاء القوى النقابية الديمقراطية والذي انفرط عقده بدوره بسبب تباين المواقف من الرئيس قيس سعيد وإجراءات 25 جويلية 2021 بدرجة أولى، ما حكم على عودة المعارضات النقابية للعمل بصفة مُنفردة حيث كان المُلتقى النقابي هو الجهة الرئيسية التي رفعت قضية لإبطال المؤتمر الاستثنائي والتنقيحات التي تم إدخالها على القانون الأساسي وعلى رأسها الفصل 20 بطبيعة الحال. اليوم عادت المعارضة النقابية في شكل فسيفساء يغلب عليها الطابع الجهوي نوعا ما مع عودة عديد الوجوه القديمة للمعارضة النقابية، وعلى رأسهم الطيب بوعايشة من خلال الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة، والعمل على الضغط بكل الوسائل لفرض نفسها كحلّ للأزمة التي يعيش على وقعها الاتحاد.

اختلاف التصوّرات والحلول للأزمة

المعارضات النقابية، بما فيها التي شاركت في اعتصام البطحاء، لا تتماهى في تصوّراتها للعمل النقابي وطرق انتظام العمال وغيرها من التفاصيل المُعقّدة، حتى في علاقة بأزمة الإتحاد تطرح المُعارضات النقابية حلولا مُتعدّدة، تختلف جذريّا في بعض الأحيان. فمثلا يطرح بوعايشة وكذلك حراك صفاقس، كحلّ للأزمة تشكيل لجنة تسييرية للإشراف على حلّ أزمة الإتحاد، تقطع قطيعة تامّة مع الهياكل الحاليّة للمنظمة، تتركّب من قدماء النقابيين المعروفين بنظافة يدهم، تُشرف على إعادة بناء هياكل المنظّمة بداية من النقابات الأساسيّة والاتحادات المحلية وصولا إلى عقد مؤتمر عام ينتخب مكتبا تنفيذيا جديدا لا يترشّح له أعضاء اللجنة التسييرية.

فيما نجد أن ما تُطلق على نفسها المعارضة الجذرية التي يقودها البشير الحامدي، تذهب إلى الأقصى في طرحها من خلال إعادة هيكلة الإتحاد والتخلّي عن البيروقراطية النقابية ومنح القطاعات والجهات الاستقلالية التامّة في اتخاذ قراراتها عبر تنقيح عميق للنظام الداخلي والقانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل. طرح يُصبح بمقتضاه كل قطاع سيّد نفسه ولا يعود للمكتب التنفيذي في أي ملفّ يخصّ القطاع حتى إن كان الإضراب العام، فيما يتمّ الأمر حاليّا من خلال عقد هيئة إدارية قطاعية يترأسها ضرورة عضو مكتب تنفيذي للموافقة على أي قرارات بما فيها الإضراب العام الذي تفرض كذلك مجلّة الشغل الموافقة عليه من المركزية النقابيّة، سواء الأعراف أو العمّال.

أما حراك بن عروس على سبيل المثال الذي يضم نقابيين سابقين بارزين كمحسن العرفاوي والحبيب التليلي، فيطرح منستبوه طرحا شبيها لما يطرحه الطيّب بوعايشة ولكن مع فروقات تتمثّل أساسا في الجهة التي تُشرف على عقد مؤتمرات كل هياكل المنظمة والمؤتمر العام، حيث يرون أنها يجب أن تظمّ نقابيين موجودين حاليّا في المنظمة لداريتهم أكثر من غيرهم بالمعطيات المطلوبة في مسار انتخاب مكتب تنفيذي جديد.

التعميم وإيجاد أرضيّة مشتركة

المعارض النقابي، وأحد مؤسسي التيّار، الطيب بوعايشة اعتبر في حديث مع ”نواة“ أن المعارضات النقابية اليوم هي امتداد للمعارضة النقابية التي ظهرت سنة 2007 لكن في أشكال أخرى، شاركت بعضها في الاعتصام الذي حقّق أهدافه وأكثر خاصة تلك المتعلقة بالتعريف بالمعارضة النقابية وتعميمها في كل الجهات ومزيد التعبئة ضدّ البيروقراطية النقابيّة، وفق تعبيره.

وبالنسبة لبوعايشة فإن معركة المعارضة النقابية مع البيروقراطية النقابية، التي يرى أنها جزء من البيروقراطية المتحكّمة في البلاد، تتجاوز تنقيح الفصل 20 رغم كونه كارثة كبرى وفق توصيفه، لتشمل الديمقراطية داخل اتحاد الشغل والتي عانى من غيابها مع عديد النقابيين خلال الفترة التي تلت التسعينات.

أما بخصوص الخطوات المقبلة للمعارضات النقابيّة، فقد أوضح أن الاعتصام تلاه الانطلاق مُباشرة في تعميم تجربة المُلتقى النقابي بصفة خاصة والمعارضة النقابية بصفة عامة على كل الجهات في مرحلة أولى قبل المرور إلى العمل على إيجاد الحدّ الأدنى للعمل المُشترك بين مكوّنات المعارضات النقابية في أسرع وقت، رغم كل الاختلافات بينها.


رحلت وزيرة الثقافة وتواصل عزل النقابيين، حوار مع خالد الهداجي
– 18 فيفري 2025 –

منذ مارس 2023 صدر قرار عن وزيرة الثقافة السابقة، حياة قطاط القرمازي، يقضي بعزل 3 نقابيين وهم خالد الهداجي، أمامة العربي الزاير و ناصر بن عمارة بعد تبليغهم عن ملفات فساد. النقابيون يتهمون الوزيرة السابقة بالتورط في شبهات فساد و إهدار للمال العام وإحالتهم تعسفيا على مجالس التأديب بسبب كشفهم للملفات، نواة التقت خالد الهداجي أحد النقابيين المعزولين ليحدثنا عن أسباب تواصل المظلمة.


برفع الاعتصام ببطحاء محمد علي اختلفت القراءات والتقييمات، فمنها من اعتبره خطوة ضرورية حققت أهدافها ورسالة ناجحة لعموم النقابيين والرأي العام مفادها أن مجموعة الخمسة ومجموعة العشرة داخل المكتب التنفيذي وجهان لعملة واحدة لا يرجى تغيير جذري في المنظمة في ظل تواصل مسكهما بزمام الأمور في الاتحاد، ومنها من اعتبر الاعتصام قفزة متقاعدين نحو المجهول دون اكتساب الزخم المطلوب من القواعد النقابية الكفيل بقلب الموازين والمعطيات، وأن رفعه تم بعد ان أنهكت ليالي الشتاء الباردة المعتصمين واشتدت الخلافات بينهم لا لأنه حقق أهدافه.

وبين قراءة وأخرى تبرز حقيقة مفزعة تتجلى في انحسار الأدوار الوطنية لمنظمة حشاد وعجزها أمام سلطة الامر الواقع في وضع اقتصادي واجتماعي دقيق. والأكيد هنا أن حالة الوهن التي أصابت الاتحاد شجعت السلطة على التفنن في التنكيل بالنقابيين ومحاصرتهم بالعزل والطرد والسجن كما حصل مع نقابيي الثقافة والعدل.