silliana-1

نيابة عن 163 مواطن من جهة سليانة, تقدّمت مجموعة ال25 بشكوى رسميّة للسيد وكيل الجمهورية بالمحكمة العسكرية الدائمة بالكاف حول ما يعرف بأحداث سليانة. الأحداث تعود لشهر نوفمبر 2012 حين اندلعت موجة من الاحتجاجات الشعبية في مدينة سليانة قوبلت بقمع أمني عنيف كان أثار جدلا اعلاميا و حقوقيا واسعا خاصة مع استعمال الرصاص الانشطاري (أو ما يعرف بالرش) لأول مرّة في مجابهة متظاهرين.
المشتكى بهم

الشكاية حرّرت في حق عدد من مسؤولي الدّولة و هم :

1. حمادي الجبالي، الرئيس السابق للحكومة المؤقتة
2. علي العريض، وزير الداخلية السابق و الرئيس الحالي للحكومة المؤقتة
3. عبد الحميد البوزيدي، المدير العام للأمن الوطني
4. وحيد التوجاني، المدير العام للأمن العمومي
5. عماد الغضباني، المدير العام لوحدات التدخل
6. توفيق الديماسي، المدير العام للمصالح المشتركة بوزارة الداخلية
7. رياض باللطيف، المدير العام للتكوين بوزارة الداخلية
8. محمد جعفورة، مدير التنسيق الجهوي بوزارة الداخلية
9. خالد طروش، الناطق الرسمي السابق بوزارة الداخلية
10. كل من سيكشف عنه البحث

و للغرض قدّم المحامون ملفّا يطرح سردا مفصّلا للوقائع استنادا على تقرير اللجنة المستقلّة للتحقيق في أحداث سليانة.

احتجاجات سليانة

ملف الشكوى يعود على تفاصيل التحرّكات الاحتجاجيّة التي شهدتها مدينة سليانة أواخر نوفمبر 2012:

حيث وبتاريخ 27/11/2012 انتظم بولاية سليانة إضراب عام جهوي شمل كافة المؤسسات، تنفيذا لمقررات الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة المنعقدة بتاريخ 23/11/2012 للنظر في التحرّكات الاحتجاجية المزمع القيام بها والإشراف على تنظيمها للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين في إطار ما يُسمىّ “بالقضية 206″، وبإقالة والي الجهة الذي تسبب في تعطيل منهج الحوار بين السلطات الجهوية ومختلف فعاليات المجتمع المدني وفي تغذية حالة الاحتقان بين المواطنين وخاصة منهم أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل وفي تعطيل مسار التنمية بالجهة والقطع مع سياسات التفقير والتهميش التي تشكو منها.

وحيث تجمّع في التاريخ المذكور حوالي 6000 شخص أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة، وانطلقت إثر ذلك مسيرة شعبية وسلمية جابت مختلف أرجاء المدينة قبل أن تستقر أمام مقر الولاية، وكان المتظاهرون رافعين لشعارات منادية بالتنمية العادلة وبالتشغيل وبإقالة والي الجهة وبإطلاق سراح الموقوفين من أبناء الجهة في القضية المنشورة أمام المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف على خلفية أحداث 26 أفريل 2012.

وحيث تواصل رفع الشعارات أمام مقر الولاية من طرف المتظاهرين اللّذين كانوا واقفين خلف العوارض الحديدية التي ركّزها أعوان الأمن في محيط الولاية، وكان يتقدمهم مجموعة من النقابيين الحاملين لصدريات مميزة حاملة لشعار الاتحاد العام التونسي للشغل، واللذين كان دورهم يتمثل في تنظيم المسيرة وتحصينها من كلّ محاولة اختراق أو انفلات وفي تنسيق الشعارات المرفوعة (الوثائق عدد 1_ 2_ 3).مقتطف من نص الشكاية

أحداث سليانة و التعامل الأمني

ملف الشكوى يسرد كذلك تفاصيل التدخّل الأمني الذي كان أثار جدلا واسعا وقد كنّا نشرنا في نواة حينها تحقيات تكشف خروقات أمنية خطيرة في التعامل مع المحتجّين خاصة منها استخدام غازات سامّة و اللجوء لاستعمال الرصاص الانشطاري (الرش):

وحيث بلغ الأمر حدّ اعتراض سبيل احد المنوبين (علي بن صالح) عندما كان مغادرا لعمله بالمقهى حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال من طرف سيارتين أمنيتين (باقا) نزل منها ما يزيد عن العشرين عون مرتدين لأزياء نظامية سوداء اللون وانهالوا عليه مباشرة ركلا وضربا بالعصي قبل أن يتولوا إصعاده لإحدى السيارات ويواصلوا تعنيفه هناك لمدة تناهز العشر دقائق ثم يتولون إلقاءه أمام الباب الخارجي للولاية، حيث أدخلته عناصر الجيش الوطني وقدمت له بعض الإسعافات الأولية، وقبل أن يتوجه إلى المستشفى الجهوي بسليانة أين وقع علاجه.

وحيث انه وحوالي الساعة الخامسة والنصف مساءا، انطلق أعوان الأمن في استهداف عشوائي ومجاني للمواطنين بالرش، من ذلك أن المنوب محمد المكّي الذي كان آنذاك مغادرا لمحل الحلاقة الغير بعيد عن مقر الولاية قبل أن يعترض سبيله عون امن مغطى الوجه ومرتدي للزي النظامي الأسود الخاص بوحدات التدخل ويطلق عليه عيار الرش مباشرة وعلى مسافة لا تتجاوز العشرة أمتار على مستوى وجهه ثم يعيد استهدافه مرة ثانية على مستوى صدره وهو ما شخصه طبيب الصحة العمومية الذي أشار عليه براحة أولية بـ21 يوما حسبما تؤكده الشهادة الطبية المصاحبة.

وحيث انه وفي نفس ليلة 27 نوفمبر 2012، وقع قطع التيار الكهربائي على اغلب الأحياء الشعبية المجاورة لمقر ولاية سليانة حسبما أكده مسؤول بالشركة التونسية للكهرباء والغاز، مضيفا أن “انقطاع الإنارة كان متعمدا، وان أعوان الشركة تعذر عليهم التنقل لإصلاح العطب نظرا للوضع الأمني المتردي آنذاك…”( الصفحة 9 من تقرير اللجنة المستقلة للتحقيق في أحداث الثورة).(الوثيقة عدد4),

وحيث استغل أعوان النظام العام ذلك الظرف للقيام بمطاردات للمتظاهرين وللمواطنين داخل الأحياء والأزقة وخاصة بحي الطيب المهيري وحي صلاح وحي المسكية، وبلغ بهم الأمر إلى حد القيام ببعض المداهمات للمنازل والمحلات التجارية، وهو ما حصل لمقهى “هوليود” التابع للمنوب طارق الزكراوي حيث عمد الأعوان إلى تهشيم بلوره الخارجي والإضرار بواجهة المقهى وخاصة ببابه الحديدي. مقتطف من نص الشكاية

وحيث انه ومنذ الصباح الباكر ليوم 28 نوفمبر 2012 واصل أعوان النظام العام استهداف المواطنين بسلاح الرش بشكل مجاني وفي وضعيات لم تميزها حتى صفة المواجهة الأمنية أو التصدي لأعمال شغب أو التعامل مع مظاهرة.مقتطف من نص الشكاية

وحيث انه وعلى الرغم من سلمية التحرك المذكور وعدم تشكيله لخطر داهم على سلامة الأمن العام وعلى مناعة المواطنين ومقرات المؤسسات العمومية أو الخاصة، فإن أعوان الأمن من مختلف الإدارات (أمن عمومي – وحدات تدخل- حرس وطني – فرق إرشاد..) قد تعمدوا مواجهتهم بشكل عنيف ومبالغ فيه مستعملين في ذلك بنادق الرش بشكل مكثف وعشوائي، ومركزين في تصويبهم على وجوه المتظاهرين وصدورهم وكذلك مؤخراتهم، وقد بلغ بهم الأمر إلى مطاردتهم وإصابة عدد من المنوبين الذين لم يشاركوا مطلقا في الوقفة الاحتجاجية المذكورة، ولم يتواجدوا أصلا في محيط مقر الولاية (على غرار محمد الميساوي، محمود البرقاوي، جمال الخروبي، ربيع زروق، نهاد الجودي، المولدي الجلاصي، عمار العاتي، حسام بالحاج، حسام الزواغي، سيف الدين عكروش، بلال الشعلي، علاء الدين البشير، حسونة السلامي، فتحي رجب، الامين بن الأخضر اليهبي…).

وحيث وعلى الرغم من تفرق أغلب المتظاهرين أمام مقر الولاية، إلاّ أن أعوان النظام العام واصلوا إطلاق الرش على الشباب بصفة عشوائية دون اكتراث بخطورة آثاره، وهو ما تسبب في إصابة عدد من الصحفيين الذين كانوا بصدد تغطية التحركات ميدانيا، على غرار الصحفي دافيد طمسون مراسل قناة فرنسا 24، الذي أصيب بعشرات حبات الرش على مستوى ظهره (الوثيقة عدد7)مقتطف من نص الشكاية

وحيث أن الاعتداءات العنيفة على بعض المنوبين تواصلت كامل اليوم المذكور، ولم تتوقف حتى في الأيام اللاّحقة، من ذلك أن المنوب هشام الكافي كان يوم 29 نوفمبر 2011 مساءا مرافقا لخطيبته في اتجاه منزلها قبل أن تباغته سيارة شرطة كبيرة الحجم بيضاء اللون وحاملة للرقم المنجمي تونس 17752، وتتعمد الاصطدام به من الخلف، ثم تواصل دهسة على الجزء الأيسر من بدنه عندما سقط أرضا، قبل أن تغادر مسرعة. الأمر الذي تسبب له في كسور مختلفة تطلب علاجها إقامته لمدة 5 أيام بالمستشفى الجهوي بسليانة حيث وقع منحه راحة أولية بـ45 يوما.مقتطف من نص الشكاية

وحيث أن أعوان النظام العام، وخاصة الشبان منهم، صدرت عنهم عديد الأقوال والشتائم والإشارات والحركات اللاّأخلاقية ، والتي رصدت البعض منها عدسات وسائل الإعلام( الوثيقة عدد 11) في اتجاه المواطنين وخاصة النساء والشباب منهم، الأمر الذّي حزّ في نفوس أهالي سليانة وغذّى الشعور بالغضب والحنق لديهم وساهم في مزيد استفزازهم وسخطهم.مقتطف من نص الشكاية

ملف الشكاية يتناول بالتفصيل أهم النقاط التي من أجلها توجّه المواطنون المتضررين للقضاء و هي:

– استهداف المحتجّين بالرش.
– مخالفة قواعد التدرّج المنصوص عليها بالقانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر.
– الاستعمال المفرط والغير قانوني للقنابل المسيلة للدموع.
– محاولة القتل العمد المسبوق بنية القتل للمنوب هشام الكافي.
– ارتكاب جرائم الفصول 101، 101 مكرر، 102 و103 م ج (فصول تتعلّق بالعنف).

حمّادي الجبالي و علي لعريض على رأس قائمة المشتكى بهم

نص الشكاية يفصّل المسؤوليّة الجزائية لكل المشتكى بهم بالعودة الى نتائج تقرير لجنة التحقيق المستقلّة في أحداث سليانة و للنصوص القانونية و التراتيب الجاري بها العمل.

على رأس القائمة نجد السيد حمادي الجبالي, الوزير الأول السابق:

وحيث جاء بالقانون التأسيسي عدد6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 والمتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية أن رئيس الحكومة هو الممثل الرئيسي للسلطة التنفيذية ، وهو الذي يرأس مجلس الوزراء ويشرف على تنفيذ السياسة العامة للحكومة وهو من يعين سائر الوزراء ومستشاريهم وكتاب الدولة وهو من يقوم بعزلهم أو اعفائهم او انهاء مهامهم .

وحيث أن المشتكى به حمادي الجبالي كان على اطلاع تام بتطور الأحداث سياسيا وأمنيا بمدينة سليانة وكان على علم بالأزمة الحادة التي سببها والي الجهة مع الأهالي وسائر مكونات المجتمع المدني والسياسي ، ورغم ذلك لم يتدخل لتطويق تلك الأزمة ولا لتهدئة الأهالي واكتفى في المقابل في احدى تصريحاته الاعلامية مساء يوم 27/11/2012 بتمسكه بشخص السيد محمد الزين المحجوبي على رأس الولاية قائلا : ” أرحل انا قبل الوالي “مقتطف من نص الشكاية

الشكاية تناولت المسؤولية الجزائية للسيد علي العريض محملة ايّاه المسؤولية كاملة في الأحداث و متهمة ايّاه بالتحريض على القتل:

وحيث أن علم وزير الداخلية بالمقصد الاجرامي لمنظوريه أم مفترض باعتبار أنه الشخصية الأكثر تحكما في أجهزة الأمن وبالتالي فإن السلطة التي كانت بينه هي وسيلة من الوسائل المساعدة على تنفيذ الفعل حسبما ينص عليه الفصل 32 م ج وأن بمشاركته هي مشاركة سابقة لتنفيذ الفعل الاجرامي من خلال حرصه على اسداء التعليمات لأعوان الأمن بالتصدي المسلح للمتظاهرين وتزويدهم بالأسلحة الحربية للغرض وتأمين نقلهم واعاشتهم واقامتهم بولاية سليانة وكذلك من خلال الأمر بارسال التعزيزات البشرية واللوجسية لهم على عين المكان وهي كذلك مشاركة متزامنة مع تنفيذ الفعل الاجرامي من خلال عدم مدخله لوقف استعمال الرصاص ضد المواطنين رغم علمه باتساع حجم الأضرار البشرية ، وهي كذلك مشاركة لاحقة لارتكاب الجريمة المذكورة ضرورة عدم مبادرته الى الاذن باجراء التفقد الميداني ولا الى الىبحاث الادارية المفضية الى تحديد مسؤولية أعوانه في الخسائر المادية والبشرية المسجلة بمدينة سليانة ، تمهيدا لاتخاذ القرارات التأديبية الملائمة فضلا عن أنه عوض تحمل أعوانه الميدانيين فقد ساهم في مزيد تأزيمهم واثارة حنق وغضب المواطنين عندما بادر باتهام بعضهم ببيع ذمتهم لبعض الأطراف السياسية للمشاركة في أعمال العنف.مقتطف من نص الشكاية

وحيث عمل المشتكى به المذكور على تحريض منظوريه على اطلاق الرصاص على المتظاهرين قاصدا بذلك التأثير عليهم ودفعهم لارتكاب جرائمهم ومستعملا في كل ذلك نفوذه بوصفه رئيس المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي .مقتطف من نص الشكاية

نص الشكاية:

⬇︎ PDF