قرقنبوليس: حكاية بحر، بترول ودولة

في سبتمبر 2016، وضع الإتفاق الممضى بين الحكومة والعاطلين عن العمل والمنظّمات النقابيّة حدّا لأزمة اجتماعيّة تصاعدت لتتخّذ بعدا أمنيا بعد انسحاب قوّات الشرطة من جزيرة قرقنة بين منتصف أفريل ومنتصف سبتمبر من تلك السنة. سنتان بعد ذلك التاريخ، عاد وزيران شاركا في إمضاء الإتفاق إلى قرقنة في 07 سبتمبر 2018، للحديث عن واقع التنمية في الأرخبيل. لكنّ، هل يصحّ الحديث اليوم عن التنمية في ظلّ الاضرار التي تطال قطاع الصيد البحريّ الذّي يمثّل مورد الرزق الرئيسيّ لأهالي الجزيرة نتيجة نشاط الشركات البتروليّة؟ وأي مستقبل للسياحة البيئيّة التّي تبشّر بها الحكومة كأحد آليات تنشيط الدورة الإقتصاديّة في ظلّ هذه الظروف؟

عندما تدور العجلة من أجل النسوية

منذ بضع سنوات أصبحت الدراجة الهوائية تكتسب شعبية في تونس، ولكن مايزال مستخدمو العجلتين معظمهم من الرجال. وطالما أنهن غالبا ما حُرمن من ركوب الدراجات أثناء طفولتهن، فإن النساء اللواتي التقينا بهن في مدرسة تعليم سياقة الدراجات التي نظمتها جمعية “Vélorution” كن متحمسات لتعلم قيادة هذه الوسيلة والتجول بطريقة مختلفة في المدينة.

زغوان: عاصمة الماء التي أدركها عطش الفساد

مازالت الذاكرة الجمعية في مدينة زغوان تحتفظ بوقائع ثورة الماء، التي تعود إلى سنة 1858، حين تمرد الأهالي على أحمد باي بعد أن قرر الاستيلاء على عين عياد ونقل مياهها عبر الحنايا إلى العاصمة. وبعد مرور أكثر من قرن ونصف على تلك الحادثة مازال سكان مدينة زغوان ينفذون احتجاجات متواصلة، منذ سنة 2015، ضد الانقطاعات المتكررة للمياه في مدينتهم. وتتزامن هذه الانقطاعات مع اتهام السكان وجزء من المجتمع المدني المحلي للسلط المعنية بسوء استغلال المائدة المائية، سواء عبر الرخص الممنوحة للآبار العميقة الموجهة للأنشطة الفلاحية والصناعية أو عبر شركات المياه المعدنية.

نواة في دقيقة: الزلات الاتصالية للحكومة، ”كن وزيراً واصمت“

تحوّل الاتصال السياسي في حكومة الشاهد من آلية للتواصل إلى نقمة ومحلّ تندّر المواطنين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. إذ تعددت زلاّت الوزراء لتتجاوز التداول المحليّ مسبّبة أزمات ديبلوماسيّة على غرار نعت وزير البيئة للجزائر بالبلد ”الشيوعي“ والذّي تسبّب في استدعاء السفير التونسي في الجزائر بعد هذا التصريح انتهاء بإقتباس وزير التجارة عمر الباهي مصطلح ”النفط مقابل الغذاء“ لتفسير آلية للتبادل التجاري مع ليبيا، والذّي تمّ استعماله سابقا أثناء حصار العراق بعد حرب الخليج الثانية سنة 1991.

رغم جرائمه في اليمن: الطيران السعودي يتدرب في سماء تونس

في سماء تونس، يواصل الطيران السعوديّ منذ 03 أكتوبر الجاري مناوراته العسكريّة المشتركة مع القوات الجويّة التونسيّة “لإبراز قدرات واحترافية وجاهزية القوات الجوية السعوديّة” بحسب البيان الصادر عن وزارة دفاع المملكة. هذه القدرات التّي تسعى السعوديّة “لصقلها” بمساعدة تونس، كانت قد برهنت عن نفسها عندما استهدف طيرانها حافلة مدرسيّة في 9 أوت الماضي بصنعاء مُسفرا عن استشهاد 29 طفلا. لتتحوّل تونس بهذه المناورات ميدانا تشحذ فيه مملكة آل سعود سكاكينها قبل سفك دماء اليمنيّين.

من خلف القضبان إلى الرّكح: سجناء برج الرّومي يغنّون

شاركت مجموعة متكوّنة من 16 سجين ببرج الرّومي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2018 في عرض موسيقيّ ضمن فعاليّات أيّام قرطاج الموسيقيّة في دورتها الخامسة. حمل العرض الذي صمّمه الفنان والحقوقي المختص في إصلاح منظومة العدالة ظافر غريسة، عنوان “الزندالي، أغان من وراء القضبان”. في هذا الريبورتاج كان لنواة لقاء مع ظافر غريسة، أردنا من خلاله فهم خصوصيّة هذا العرض وكيفية مساهمته في إصلاح المنظومة السجنية وكيفيّة انتقاء الأغاني التي لم تنهل من ذاكرة روّاد الزنداليات، باستثناء أغنية “إرضى علينا يا لمّيمية” التي تمّ تقديمها بتوزيع جديد.

إنتفاضة الحوض المنجمي والعدالة الانتقالية: الرمزية لا تكفي

كان يوم الأربعاء 26 سبتمبر 2018 يوماً مشهوداً في المحكمة الإبتدائية بقفصة، فقد تأججت المشاعر مع دخول نشطاء وقادة انتفاضة الحوض المنجمي -التي اندلعت سنة 2008- إلى قاعة المحكمة نفسها التي تعرضوا فيها للضرب، وحُكِم عليهم فيها بالسجن بصورة جائرة منذ أقل من 10 سنوات مضت. ولكنهم دخلوا هذه المرة عبر الباب الرئيسي كضحايا ينتظرون محاكمة الجناة، لا كمتهمين بالتآمر ضد الدولة. كانت جريمتهم الوحيدة سنة 2008 أنهم تجرّؤوا على الاحتجاج السلمي ضد السياسة التشغيلية غير المنصفة وغياب الشفافية، وضد المحسوبية التي كانت تمارسها شركة فسفاط قفصة المملوكة للدولة، والتي تعتبر المشغل الرئيسي –إن لم يكن الوحيد– في المنطقة.

إركز هيب هوب: المزود والرّاب خطّان متوازيان، ولكن يلتقيان!

إركز هيب هوب، هو مشروع فنّي قائم على المزج بين صنفين من الفن مختلفين في الظاهر، لكنهما يشتركان في تاريخ من القهر السياسي المشترك: الرّاب والمزود. هذا المشروع من إنتاج استوديو “الدبّو”، تمّ عرضه يوم الجمعة 28 سبتمبر 2018 بالمعهد الفرنسيّ بتونس، وقد جمع بين فنّاني هيب هوب لكلّ منهم أسلوبه الخاص في الغناء وهم “فايبا” و”ماسي” و”تيقا” ومجموعة من عازفي المزود المحترفين. إركز هيب هوب مشروع قابل للنقاش والتطوير ويحاول أصحابه نحت هويّته الفنيّة تدريجيّا.

قفصة: بعد 10 سنوات، الحوض المنجمي يحاكم جلاديه

نظرت الدائرة القضائية المختصة في العدالة الإنتقالية بالمحكمة الإبتدائية بقفصة، يوم الأربعاء 26 ديسمبر 2018، في قضية أحداث الحوض المنجمي التي جدت سنة 2008. نواة واكبت أطوار الجلسة الأولى من هذه المحاكمة، و تحدثت إلى أبرز الفاعلين في انتفاضة الحوض المنجمي عن المحاكمة، وعن عودتهم إلى نفس قاعة الجلسة بعد 10 سنوات حتى يُحاكِموا جلاديهم.

فيضانات نابل: سوء تصرف، غياب إستراتيجيا وسطحية اتصالية

أثارت الفيضانات الأخيرة التي شهدتها جهة الوطن القبلي العديد من الإشكالات، المتعلقة بالتهيئة العمرانية والبنية التحتية ومواجهة الكوارث الطبيعية، وغيرها. وقد بَرز الخطاب الحكومي بأداء هزيل وتلطيفي، وكشف في جزء منه عن عدم إدراك لحجم الكارثة وأسبابها البشرية والمناخية. وفي الأثناء تشير آراء الخبراء في التغيرات المناخية والمختصين في مجال المياه، إلى أن تونس تعيش أزمة مزدوجة؛ تتراوح بين سوء التصرف في الموارد الطبيعية وبين افتقاد سياسات استراتيجية تواجه التغيرات المناخية.

نواة في دقيقة: الدولة والفيضانات، إجترار الصور وخطاب الخزعبلات

لم تكن الفيضانات التّي شهدتها قرى ومدن ولاية نابل في 22 سبتمبر الجاري سابقة في تاريخ تونس. هذه الأمطار الطوفانيّة التّي تسبّبت في خسائر بشريّة وماديّة جسيمة، تماثلت مع مشاهد تكرّرت خلال العقود الماضية شمال البلاد وجنوبها. السياسات الحكوميّة، وبدل معالجة المشاكل التقنيّة وضعف البنى التحتيّة، اقتصرت في مواجهة هذه الكوارث الطبيعيّة على خطاب المواساة والوعود. عجز فتح المجال أمام ظهور خطابات أكثر تعاسة تجلّى في تصريحات المهندس الرئيس المُقال من المعهد الوطني للرصد الجويّ عبد الرزّاق الرحّال.

قربة: الأمطار تُغرِق الأهالي في غياب السلطات

شهدت ولاية نابل يوم السبت 22 سبتمبر 2018 تهاطلا كبيرا للأمطار، تخطى الـ180 مم بأغلب المعتمديات. وقد بلغ أقصاها 297 مم بمنطقة بني خلاد، حسب المعهد الوطني للرصد الجوي. وتعد منطقة قربة إحدى المناطق المتضررة من هذه الفيضانات، التي تسببت في خسائر جسيمة على مستوى البنية التحتية وألحقت أضرارا مادية بممتلكات السكان، وذلك وسط غياب تام للسلطات. في هذا السياق زارت نواة منطقة قربة، ووقفت على حالة المنطقة إثر الفيضانات.

ومية: التعليم الابتدائيّ الخاصّ في أرقام

يشهد الإقبال على التعليم الخاصّ في المرحلة الابتدائيّة تطوّرا متسارعا خلال السنوات الأخيرة. ظاهرة تؤكّها الأرقام الصادرة عن وزارة التربيّة التّي كشفت عن ارتفاع عدد تلاميذ المدارس الابتدائيّة الخاصّة بنسبة 52.82 بالمائة بين سنوات 2010 و2017. ازدهار يقابله تدهور وضع التعليم العموميّ الذّي لم تتجاوز مخصّصات التنمية من الميزانيّة الجمليّة للوزارة سنة 2018 نسبة 4.26 بالمائة.

قبل محاكمة شمس الدين وطاقمه في إيطاليا: أهالي جرجيس يحتجّون

شهدت مدينة جرجيس يوم الأربعاء 19 سبتمبر 2018، تحرّكا احتجاجيّا واسعا بحضور بحّارة ونقابيّين وسياسيّين ونشطاء تونسيّين وأجانب للمطالبة بإطلاق سراح شمس الدين بوراسين وأفراد طاقمه المحتجزين في إيطاليا من 30 أوت الفارط بعد إيقافهم أثناء انقاذهم لمجموعة من المهاجرين غير الشرعيّين. تحرّك إستبق عرض الموقوفين اليوم الجمعة على القضاء الإيطاليّ والذّي قد يدفع الأمور نحو سيناريوهات غامضة مع ازدياد حالة الإحتقان وسط أهالي جرجيس ووعيد البحّارة بالتصعيد وتوسيع الحراك إلى باقي موانئ الجنوب الشرقي.

الطبّ الشرعيّ في تونس: ببّغاء الداخلية؟

منصف حمدون، رئيس قسم الطبّ الشرعي بمستشفى شارل نيكول ورئيس مجمع الأطبّاء الشرعيّين بتونس، من الأسماء التي عاد الحديث عنها منذ أسابيع بعد صدور تقرير الطبّ الشرعيّ الذي ينفي تعرّض فتاة قبلاّط إلى الاغتصاب من قبل خمسة أشخاص من بينهم عون أمن. الشكوك التي تحوم حول تقارير الطبّ الشرعيّ كثيرة خاصّة في حالات الوفيّات المُسترابة. وقد برز اسم منصف حمدون في قضيّة مقتل فيصل بركات الذي توفيّ تحت التعذيب سنة 1991 بمقرّ فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل لكنّ تقرير الطبّ الشرعي أكّد آنذاك أن الوفاة ناتجة عن حادث مرور. حالات الموت المُستراب في مراكز الايقاف والسجون تدفع إلى وضع علامة استفهام حول مصداقية تقارير الطبّ الشرعيّ التي دائما ما تؤيّد رواية السلطة.

في أرقام: السكن الجامعي في تونس، سرير لمن استطاع إليه سبيلا

بنسبة نموّ لم تتجاوز 1% للميزانيّة المخصّصة لبرنامج الخدمات الجامعيّة الذّي يتضمّن السكن الجامعي حسب ميزانيّة وزارة التعليم العالي لسنة 2018 مقارنة بالسنة الفارطة، وأمام تواصل تطوّر مؤشّر أسعار الإيجار بنسبة 5.2% مقارنة بسنة 2017 حسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء، توشك السنة الجامعيّة على الانطلاق بسلسلة من التحرّكات الطلابيّة المطالبة بالحق في الإيواء الجامعيّ الذّي تحوّل إلى كابوس سنويّ بالنسبة للطلبة، خصوصا مع مركزة التعليم العالي ومختلف الخدمات المرتبطة به.

الحامة: ”السينما في حومتنا“، رهان الفضاء العام في ظل غياب القاعات

اتجهت أنشطة مهرجان ”السينما في حومتنا“ يوم الجمعة 14 سبتمبر 2018 إلى مدينة الحامة التابعة لولاية قابس، وقد شهدت التظاهرة عرضا لأفلام تونسية موجهة للطفل على غرار فيلم ”صباط العيد“ لأنيس لسود و”بوبي“ لمهدي البرصاوي. وتهدف أنشطة ”السينما في حومتنا“ إلى خلق دينامية ثقافية في المناطق الداخلية المُهمشة، من خلال تقديم عروض سينمائية في الساحات العامة، ذات مضمون ثقافي بديل.

البحث العلمي في تونس، من أجل إيقاف نزيف الاختراعات


انعقد مؤخرا، بأحد نزل مدينة الحمامات، المؤتمر العاشر للاتحاد الإفريقي لجمعيات علم المناعة الذي أشرفت على تنظيمه الجمعية التونسية لعلوم المناعة. وقد شارك في هذا المؤتمر العالمي عديد الباحثين من كافة أنحاء العالم، من دول أوروبية وإفريقية. وقد شهد زخما علميا هاما وكمّا هائلا من الأبحاث التونسية النوعية، نذكر منها خاصة تلك التي تُعنى بأحدث الطرق لتشخيص إخلالات جهاز المناعة لدى الإنسان، وكيفية مجابهة التشوهات الوراثية عبر استحداث وسائل جديدة لدعم مناعة الجسم في مقاومة الأمراض الجرثومية والسرطان. إلا أن هذا الملتقى -على نجاحه- لم يختلف عن غيره من المؤتمرات العلمية الهامة التي شاركتُ فيها منذ عودتي إلى أرض الوطن. فجميعها ترك لديّ الشعور بالاستياء والمرارة، والسبب في ذلك غياب إجابة تشفي الغليل عن تساؤلات مؤرقة ومزمنة: ماذا بعد المؤتمرات؟ ماذا عملنا فيما علمنا؟ ما مدى مردودية أبحاثنا ودورها في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني؟