4 سنوات بعد الدستور الجديد، تونس بدون محكمة دستورية

ينصّ دستور جانفي 2014 في أحكامه الانتقالية على أن “يتمّ في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المحكمة الدستورية”. هذا وقد تمّت المصادقة في 03 ديسمبر 2015، على القانون الأساسي المتعلّق بالمحكمة الدستورية، بعد تأخير مشطّ عرفته المداولات على مشروع القانون ثمّ مداولات فرز ملفّات الترشّح لعضوية المحكمة، حيث لم يتمّ إلى حدود اليوم التصويت على المترشّحين الثمانية الذين تمّ اقتراحهم من طرف الكتل البرلمانية، لتتم إحالة الملفّات إلى لجنة التوافقات قبل إحالتها على الجلسة العامّة للتصويت.

باردو: مواجهات بين أعوان الأمن والمحتجّين ضدّ قانون المالية

دعت حملة فاش نستناو اليوم الجمعة 26 جانفي 2018 إلى وقفة احتجاجيّة أمام مجلس نوّاب الشعب، مواصلةً لسلسلة الاحتجاجات ضدّ قانون المالية التي بدأت أول شهر جانفي الجاري. هذا التحرّك الذي انطلق على الساعة الثانية بعد ظهر اليوم في ساحة باردو بمشاركة نوّاب الجبهة الشعبية، جُوبِه بالعنف من قبل أعوان الأمن الذّين منعوا المحتجين من مواصلة المسيرة إلى بوابة المجلس باستعمال الهراوات والغاز المشلّ للحركة، وهو ما تسبّب في تسجيل العديد من حالات الإغماء والاختناق في صفوف المتظاهرين.

نص محاكمة 26 جانفي 1978: هكذا شيطن نظام بورقيبة الحركة الشعبية والنقابية

بعد مرور 40 سنة، يمكن القول أن يوم الخميس 26 جانفي 1978 شكّل لحظة تاريخية تكثفت فيها تعقيدات الواقع التونسي بأنحائه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. منظومة الحكم تسخّر أجهزتها الأمنية والقضائية والإعلامية من أجل الإجهاز على حالة شعبية منتفضة، غذّاها الإضراب العام الذي دعى إليه الاتحاد العام التونسي للشغل والذي كان أشبه بسَكب الزيت على نار مشتعلة منذ زمن. الإدارة النظامية لحدث التمرد الشعبي والنقابي اتخذت شكل الجريمة التاريخية، التي استقرت في الذاكرة الجمعية رغم إرادة الطمس. جزء من معالم الجريمة تفصح عنه دفاتر النظام نفسه، وهنا يبرز نص الحكم الصادر عن محكمة أمن الدولة ضد النقابيين، أول أكتوبر 1978، كإحدى الوثائق الكاشفة عن طبيعة منظومة الحكم وأدواتها في إدارة الصراع الاجتماعي والسياسي.

سيدي مذكور: التلوث البيئي يهدد الأراضي الزراعية وصحة الأهالي

بالرجوع الى القضية المرفوعة ضد عشرة مواطنين من سيدي مذكور بمنطقة الهوارية (نابل) لاحتجاجهم على الوضع البيئي في الجهة والآثار البيئية للمياه المستعملة لمصانع تحويل الإنتاجات الفلاحية كالطماطم وغيرها، فإنه في صائفة 2017 لم تكن الروائح الكريهة المنبعثة من معامل الطماطم أقل وطأة على قلوب الفلاحين من صرف مياه المعامل في الأراضي الزراعية والذي كان سببا واضحا في انتشار الأمراض وفي إتلاف المحاصيل الزراعية.

اللامركزية في تونس: وهم الرخاء وإعادة توزيع البؤس

طرحت اللامركزيّة نفسها كمسار جديد لمعالجة الارتدادات السلبية لمركزة القرار والثروة طيلة العقود التي تلت الاستقلال. تلك السياسة التي بلغت منتهاها مع تواتر الانتفاضات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والتي كان أغلبها في المناطق الداخليّة. هذا المشروع الذّي حمّلوه وعود الرخاء ومفاتيح حلّ معضلة الاختلال الجهوي على مستوى التنمية وتوفير الخدمات والبنى الأساسيّة يبدو مثقلا بهذه الرؤية التي تتضارب مع واقع السياسة التنموية للبلاد وخياراتها الاقتصاديّة، فأمام حقائق الأرقام يتضّح الفرق بين المأمول والممكن.

”السيدة كليمونتين“ لأمل خليف: نصّ مؤنّث أم كتابة نسويّة؟

”السيّدة كليمونتين“ للكاتبة التونسيّة أمل خليف، صدر عن دار النشر المصريّة ”هنّ“ في ديسمبر 2017. ”هنّ“ هي دار نشر نسوية لصاحبها رجائي موسى الذي استلهم فكرة بعث مؤسسة تُعنى بالكتابة النسويّة من رواية الكاتبة الإيرانيّة آذار نفيسي ”أن تقرأ لوليتا في طهران“، والتي جاءت على ذكر وجود دار نشر نسويّة في فرنسا بسبعينات القرن الماضي. يبدو كلّ شيء مناسبا كي تحتفل أمل بديوانها الثاني بعد ”قلب على رأس إبرة“ (2015) وتعلن عن نضوج تجربتها. في ”السيدة كليمونتين“، تنفلت أمل من صرامة الضوابط اللغويّة لتكتب نصوصا حرّة ذات خصوصيّة مؤنّثة. بإمكان القارئ وبغضّ النظر عن جنسه، أن يتماهى مع أمل، أن تنصهر ذاته مع ذوات قبيلة النساء التي يغصّ بها حلقها، أن يعاشر نصوصها، يقتحم حميميّتها، ويتجوّل في خيالها الشيزوفرينيّ.

سيدي بوسعيد: مشروع سياحي يهدد منطقة خضراء ذات قيمة أثرية

شرعت أوّل شهر ديسمبر 2017 شركة أكربول للسياحة والنزل في تهيئة وتوسعة قطعة أرض بالمنطقة الخضراء بسيدي بوسعيد قصد استثمارها في إقامة نزل سياحي ذو طابع مميز. هذا النشاط أثار احتجاجا في صفوف المواطنين ونشطاء في المجتمع المدني، تلاه قرار بلدي بإيقاف أشغال التهيئة والبناء. رغم أن هذه المنطقة صُنفت وفقا للأمر عدد 1246 المؤرخ في 07 أكتوبر 1985 كمنطقة خضراء ذات قيمة أثرية وتاريخية وطبيعية، فإنه تم الترخيص في 26 ماي 2016 لاستغلالها في إقامة مشروع سياحي.

المحكمة الدستورية، رهينة توافقات الاغلبية البرلمانية

رغم وضوح النصّ الدستوري الذي نصّ في أحكامه الانتقالية على ضرورة إرساء المحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة من تاريخ أوّل انتخابات تشريعية، لم يُحدّد مجلس نوّاب الشعب بعد جلسته العامّة للتصويت على أوّل أربع أعضاء رشّحتهم الكتل البرلمانية. تأخير مشطّ في إصدار القانون الأساسي ثمّ تعطيل كبير في مداولات فرز الترشحات قبل الزج بها في نفق التوافقات السياسية، ليبقى تركيز المحكمة الدستورية -أربع سنوات بعد الدستور- مهمّة مُؤجّلة تُخلّف وراءها فراغا دستوريا وعدد من القوانين الغير مطابقة لأحكام الدستور.

كراس شروط للإحتجاج، حتى لا تغضب السلطة التونسية

حركات شبابية بتصور أفقي تتشكل وتنتفض في تونس، التي تسلك طريقا نحو طمس كل التعبيرات التي تتعارض مع مقاييس السلطة في الاحتجاج. « فاش نستناو « أحد تمظهرات الاحتجاج المواطني خارج الصناديق الحزبية الذي أثبتت فشلا في إدارة الشارع. تحاول الحركة تنسيق خبرات نشطاء ما قبل 14 جانفي بأحلام شباب نشأ في ظل الحرية. تنسيق واعٍ يضع تعليق ميزانية الدولة لسنة 2018 هدفا معلنا، بعد أن فشلت المعارضة البرلمانية الموصوفة بالقلة العددية في فرض خيارات تخدم الطبقات السفلى. هذا كله يندرج في الوقت الذي ينتهج فيه حزبي الحكم (نداء تونس وحركة النهضة) منوالا اقتصاديا نيوليبراليا، سيَفتك بكل مقدرات الاقتصاد الوطني ذو القدرة التنافسية الضعيفة.

أحسن 10 أغنيات في 2017: من خارج السائد والمُعتاد

استمعنا في 2017 إلى العديد من الأغاني والألبومات التي جرّدتنا من أنفسنا وسمحت لنا بخوض تجارب لا زمنية، والانتقال إلى عوالم حسيّة، عوالم تأخذنا بعيدا عن اليوميّ ورتابته. قد تعطينا هذه الأغنيات شعورا بالتماهي مع ذواتنا، قد تفزعنا وتحفر عميقا في عوالمنا الداخليّة، ويمكن أيضا أن تهبنا الرغبة في الرّقص، التمثّل الجسديّ الملوس للإيقاع. قرّرنا أن نشارككم أحسن الأغنيات الصادرة في 2017 وننصهر سويّا في تصورات خياليّة وفكريّة وحسيّة، ويجب أن نقول أن عدم اختيارنا لهذه الأغنية أو تلك، لهذا الفنّان أو ذاك لا يعني قيامنا بقطيعة جماليّة أو معرفيّة معها، لكننا نؤمن بأنّ كل واحد فينا يستجيب للفن بطريقة مختلفة، لذلك كان اختيارنا قائما بالأساس على وجهة نظر ذاتية بحتة مُجرّدة من الموضوعيّة والاستدلالات المنطقيّة.

تالة تحتمي بالليل: قصّة القهر الجماعي والهروب من كاميرات البوليس

كانت مدينة تالة واحدة من أكثر المدن التي شهدت مواجهات عنيفة مع قوّات الأمن خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت بداية شهر جانفي الجاري. خلف صور المواجهات والإطارات المطّاطية المشتعلة وبلاغات الإيقافات الصادرة عن وزارة الداخليّة، رصدنا رواية أخرى للأحداث من مدينة تالة. دوافع التظاهر ليلا وشهادات المواطنين حول الاعتداءات العشوائيّة كانت محور هذا الريبورتاج المُصوّر خلال ذروة الاحتجاجات، أين قدّم المواطنون سرديّة مغايرة لرواية السلطة، بكلمات اختزلت حجم الضيم المسلّط على هذه المدينة وعَكَست حالة عامة من القهر والغضب.

خلف أسوار مراكز الإيقاف: عنف وانتهاكات وتوريط للمحتجّين

رغم تراجع نسق الاحتجاجات التي اجتاحت مختلف المدن التونسيّة منذ بداية شهر جانفي، إلاّ أنّ ارتدادات هذا الحراك الاجتماعي ما تزال متواصلة بعيدا عن الشوارع والساحات. هناك، في مراكز الإيقاف، يقبع مئات الشباب الموقوفين بانتظار انتهاء التحقيق أو إحالتهم إلى المحاكمة. أمّا من أُطلِق سراحهم فبانتظار محاكمات قد تسلبهم حريّتهم في أيّ لحظة. الإيقافات التي ناهز عددها 806 بحسب الناطق الرسمي لوزارة الداخليّة لم تقتصر على المشاركين في الاحتجاجات بل كانت عشوائيّة، طالت نشطاء في حملة “فاش نستناو” وحتى من وضعته الصدفة قرب دائرة المواجهات الليلية والنهاريّة على حدّ سواء.

ما وراء شيطنة الحراك الاحتجاجي: ضرب التعددية ووصم اللاسلطوية

تتملّص حكومة يوسف الشاهد في كلّ مرّة من مسؤوليّتها عن تردّي الأوضاع في البلاد وتلقي بفشلها على شمّاعة المواطنين “المُخرّبين” أو الأحزاب المعارضة وذلك بشيطنة الاحتجاجات والانتصار لنظرية المؤامرة، وهو ما فعلته جميع الحكومات السابقة ومنها حكومة حمادي الجبالي إثر أحداث الرشّ في سليانة باتّهام الشهيد شكري بلعيد بالتحريض على العنف. أكّدت الاحتجاجات الأخيرة ضدّ قانون الميزانية أنّ المسار الثوريّ مازال متواصلا وأن أجيج الغضب تجاه السلطة لم يخبو ولن يخبو مادامت الدولة تقمع الاختلاف والأفكار المزعجة. شيطنة الاحتجاجات من قبل حزبي النهضة والنداء هو محاولة لحصر السلطة في دائرة النافذين.

أي صعوبات تُواجه الراغبين في تشكيل قائمات للانتخابات البلدية ؟

أجمع كلّ من عمري الزواوي من سبيطلة وهشام فرادي من مرناق وريم القلعي من الكرم ورضا زنينة من قليبية ومروان النيفر من الصخيرة وحافظ عزيز من شنني-نحّال، على أنّ تشكيل قائمات الانتخابات البلدية قبل منتصف شهر فيفري القادم ليس بالأمر الهيّن. فمنهم من اشتكى من عدم رغبة الشباب في الترشّح، وصعوبة إدماج حاملي شهادة إعاقة، أو من غياب مصادر تمويل لقائماتهم المستقلّة. كما اتفق أغلبهم على أنّ تشريك النساء والالتزام بمبدأ التناصف الأفقي والعمودي يبقى التحدّي الأكبر. في المقابل، لا تتوانى أحزاب السلطة في توظيف كلّ الأساليب المتاحة لحصد أغلبية المقاعد في المجالس البلدية المقبلة، فالضوابط المنصوص عليها في القانون الانتخابي وفي إجراءات تقديم الترشّحات تميل لصالحهم.

حوار مع كمال الجندوبي: ”المشروع الوحيد للنهضة والنداء هو المحافظة على السلطة“

أشار كمال الجندوبي الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في حوار مع نواة، إلى خطورة تعطيل المسار الانتخابي مُثيرا أهمّ الانحرافات التي شهدها طيلة الفترة المنقضية. ولم يخف الجندوبي تخّوفه، في ظلّ الانحرافات الدستورية وانعكاساتها السياسية، من نتائج الرهان الانتخابي البلدي القادم الذي سيفرز -حسب رأيه- مشهدا حزبيا مشابها للمشهد البرلماني الخاضع للاستقطاب الثنائي والصراع الحزبي على اقتسام السلطة، مع غياب تام لمشروع واضح للسلطة المحلية على المدى المتوسّط والبعيد.

في تونس، الأماني تسجن أصحابها

فِعلٌ أو أمرٌ موحش في حق رئيس الجمهورية قد يحقق حلمك في خوض تجربة سجنية في تونس ما بعد 14 جانفي 2011. هذا ما تحيل عليه المحاكمات التي تنتصب تحت يافطة ارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية منذ توليه المنصب في جانفي 2014. لن نخصّص هذا المقال للتعريف بمعاني “الفعل الموحش”، لأنه يندرج ضمن الصلاحيات التقديرية لقضاة التحقيق والنيابة العمومية. سنتناول عيّنة مجردة من الفعل حتى نفهم ماهيته وتأثيره على رمز الدولة المقدس.

الحراك الاحتجاجي في تونس: حكاية ”الفقير الخايب“، ”الفقير الباهي“ و”الكرزة البهيم“

في تونس، جانفي، كيما عادتو منذ حقب الانتفاض إلي نعرفوها في الذاكرة، مكرز. مرة أخرى الشتاء متاع تونس الشعبية، المفقرة، متاع الهامش و الطبقات الإجتماعية إلي في السوسول متاع الهرم الإجتماعي، سخون يشوي. خاطر ما لازمناش ننساو إلي شبح الإحتجاج موجود و قاعد يتمدد، و إلي ما زال موجود و يتمدد ما دام العنف الإجتماعي إلي تنتجو الهيمنة الإجتماعية و الرمزية موجود و يتمدد. و خاطر زادة جانفي يفكرنا الي الفقير راهو ماهوش ديما راضي بوضعو و موقعو في الفضاء الاجتماعي. الفقير ماهوش ديما ساكت و على نياتو و خاضع. مالآخر، الفقير ماهوش ديما الزوالي. الفقير راهو ساعة ساعة يكرز. معناها ماهوش ديما مطابق للأطر إلي حاطينهملو الكرز، ماهوش ديما ”الفقير الباهي“.

رغم الشيطنة والإيقافات، حملة ”فاش نستناو“ مستمرّة

ما تزال التحرّكات الإحتجاجيّة التي انطلقت للمطالبة بإسقاط قانون الماليّة 2018 متواصلة. في العاصمة، نظّمت حملة ”فاش نستناو“ وقفة احتجاجيّة اليوم 12 جانفي أمام مقرّ ولاية تونس في الساعة الواحدة. التحرّك الذّي استطاع المحافظة على نسقه رغم حملات الشيطنة وإيقاف العشرات من النشطاء، انطلق من أمام المسرح البلدي، ليتمّ منعه من الوصول أمام مقرّ الولاية الذّي أُحيط بتعزيزات أمنيّة كبيرة. العنف الأمني الذّي طال المحتجّين على مستوى شارع الحبيب ثامر لم يمنع تواصل المسيرة التي عادت أمام المسرح البلدي للدعوة إلى وقفات مماثلة يوم 14 جانفي في شارع الحبيب بورقيبة و20 جانفي أمام مجلس النوّاب.