ريبورتاج-الكبارية: أحمد ساسي، قصة إيقاف تعسفي وتعنيف تلته تهم كيدية

في مشهد أشبه بالإختطاف، ومن أمام منزله البعيد عن المواجهات في الكبّارية، تمّ اقتياد أحمد ساسي، أستاذ الفلسفة وعضو المكتب الوطني لاتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، مساء أمس الإربعاء، من طرف أعوان الامن. بقي مصيره ومكان إيقافه مجهولا حتّى ساعة متأخرّة من صباح اليوم، حيث تمّ إعلام عائلته التي ظلّت طيلة تلك الليلة تتنقل بين مختلف مراكز الأمن، بإعتقاله في مركز الإيقاف ببوشوشة. ومن المنتظر إحالته على المحكمة الابتدائية تونس 2، غدا الجمعة، بتهمة تكوين وفاق بنيّة الإعتداء على الممتلكات العامّة والخاصّة. في الشارع الذّي اختُطف منه أحمد، كلّ الشواهد والشهادات التي استقيناها من عائلته وأبناء حيّه وحتّى تلاميذه، تفند التهم المنسوبة إليه وتعكس المظلمة والتعنيف الذّي تعرّض لهما أثناء عمليّة الإيقاف.

”75 دقيقة“ في مركز شرطة: إحلال السردية البوليسية محلّ العمل الصحفي

تعوّدنا منذ سبع سنوات على مشاهد الفراغ الأمني التي ترافق الاحتجاجات عندما تبلغ ذروتها. فيغيب البوليس عن الفضاء العام بالتزامن مع الاعتداءات على المنشآت العمومية والمغازات الكبرى، حتى صار حضور الجيش مؤشرا عن حرارة الحراك الشعبي. إلا أن هذا الغياب عن الفضاء العام يتمّ تعويضه بسلاسة عبر البلاغات الأمنية التي تبثها الوسائل الإعلامية في ثوب أخبار وأيضا على شاشات القنوات الكبرى عبر أعوان تحقيق في ثوب صحفيّين، مثلما كان ذلك خلال برنامج 75 دقيقة الذي تمّ بثه في القناة الحكومية مساء يوم 9 جانفي 2018 والذي تناول موضوع الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد.

خارطة الإحتجاجات: الزيادات تحرّك الشارع في 16 ولاية تونسية

الاحتجاج على قانون المالية لسنة 2018، والذّي بدأ تحت قبّة مجلس نوّاب الشعب والمنابر الإعلاميّة قبل وقت طويل من انتقاله إلى الشارع، أحدث نوعا من الشحن ضدّ الإجراءات التي نصّ عليها والتي كان عنوانها الأبرز موجة الغلاء. عنوان استنفر الشارع التونسيّ المنهك من ارتدادات أزمة اقتصاديّة طالت، لتنطلق موجة جديدة من الإحتجاجات التي بدأت منذ الأيّام الأولى لشهر جانفي الجاري وتتطوّر بشكل متسارع إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن في ستّة عشر ولاية وتبلغ ذروتها ليلة الإثنين على تخوم العاصمة أين تمّ تسجيل وفاة أوّل المحتّجين في معتمديّة طبربة.

ريبورتاج في طبربة: عائلة خمسي اليفرني تفنّد رواية وزارة الداخلية

ذهبت وزارة الداخلية في بيانها الصادر أمس الاثنين 08 جانفي 2017 إلى وفاة شخص بجهة طبربة بسبب مرض ضيق التنفس، نافية أن تكون الوفاة ناجمة عن الدهس بسيارة أمنية. هذه الرواية الرسمية أخذتنا إلى منطقة طبربة، التي مازالت تعيش احتقانا ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، أين التقينا بعائلة خمسي الفرني وبعدد من شهود العيان، الذين أجمعوا على مقتل خمسي الفرني دهسا بسيارة أمنية واختناقا بالغاز المسيل للدموع أثناء مشاركته في الاحتجاجات، متهمين المستشفى المحلي بطبربة بالتلاعب بالملف الطبي. ينقل هذا الريبورتاج مختلف الشهادات وآخر التطورات بمنطقة طبربة.

”فاش نستناو“، حراك احتجاجي يُجابه بقمع بوليسي

نظّمت حملة ”فاش نستناو“، والتي تضمّ فصائل طلابيّة لأحزاب يسارية وناشطين من مجموعة ”مانيش مسامح“، الثلاثاء 9 جانفي، مسيرة سلميّة أمام المسرح البلدي بتونس العاصمة احتجاجا على القمع البوليسي ضدّ نشطاء الحملة وضدّ التحركات الاحتجاجية الرافضة لقانون ميزانيّة 2018 والذي راح ضحيّته الشهيد خمسي اليفرني بمدينة طبربة. رفع المحتجون شعارات من قبيل ”الشعب يريد إسقاط قانون المالية“ و”سرّاقين بلادنا قتّالين أولادنا“ و”وزارة الداخلية وزارة إرهابية“. ومن أهمّ المطالب التي ترفعها حملة ”فاش نستناو“ إحداث خطّة وطنيّة شاملة لمحاربة الفساد وتوفير التغطية الاجتماعية والصحية للعاطلين عن العمل والتخفيض في أسعار المواد الأساسية والتراجع عن فكرة خصخصة المؤسسات العموميّة والترفيع في منح العائلات المعوزة ومراجعة السياسيات الجبائيّة.

رغم محاولة الإنعاش، وثيقة قرطاج تحتضر

رغم تدخّل رئاسة الجمهورية يوم الخميس 04 جانفي الجاري لتثبيت اتفاق قرطاج كأرضية للعمل السياسيّ، إلاّ أنّ اجتماع الأطراف الموقّعة في قصر قرطاج لم ينجح في رأب التصدّع الذّي كانت آخر تجلياته بيان حزب آفاق تونس يوم السبت 06 جانفي 2018، الذّي أعلن فيه انسحابه النهائي من الاتفاق. هذه الوثيقة التّي رسمت ملامح المشهد السياسي منذ صيف 2016، والتي انبثقت عنها حكومة يوسف الشاهد تبدو هشّة أكثر من أي وقت مضى خصوصا مع بوادر أزمة جديدة بين الحليفين الأقوى في الحكم، بعد إعلان نداء تونس “فكّ الإرتباط” مع حركة النهضة.

قراءة في سبل بناء صناعة تونسية حقيقية

في هذا المقال التكميلي للمقال السابق المتعلق بالتثمين الصناعي لقطاع زيت الزيتون كسبيل لإدماجه والحفاظ على الأنشطة ذات القيمة المضافة المتصلة به، سنتطرق إلى القطاعات والثروات الوطنية الأخرى الإنتاجية والخدمية كقطاع النفط والطاقة والغاز والفلاحة والسياحة وغيرها، التي يقع استغلالها كليا أو جزئيا، داخل تونس أو خارجها، من قبل أطراف خارجية بتكنولوجيات أجنبيّة مما يتسبب في فقدان تونس لجانب هام من الموارد والأنشطة ومواطن الشغل ذات القيمة المضافة العالية وما يتصل بها من فرص عمل للكفاءات التونسية العالية. والتي كان من المفترض الحفاظ عليها من خلال تطوير التكنولوجيات المحلية الضرورية لتصنيعها بتونس.

قانون المالية 2018، نحو تدهور كبير للقدرة الشرائية

انتقل الجدل حول قانون المالية لسنة 2018 من قبّة البرلمان إلى الشارع الذّي شهد حراكا احتجاجيّا في العاصمة وعدد من الجهات منذ أول جانفي الجاري، بعد أن بدأ تطبيق إجراءات الزيادات التي نصّت عليها ميزانيّة الدولة للسنة الحاليّة. الزيادات في الأسعار طالت أغلب الخدمات والسلع الاستهلاكية والإجراءات الضريبيّة تمحورت معظمها حول الترفيع في الموارد الجبائيّة، مستهدفة بذلك جميع الفئات الاجتماعيّة والقطاعات المهنيّة. موجة الغلاء كانت العنوان الأبرز لهذا القانون الذّي تمّ تمريره يوم 09 ديسمبر 2017 رغم المعارضة السياسية والتدهور المزمن للمقدرة الشرائيّة.

صفاقس: أزمة بيئية وعمرانية متواصلة في ظل قصور مشروع مجلة الجماعات المحلية

استكملت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوّات الحاملة للسلاح، خلال الجلسة المسائية ليوم الأربعاء 03 جانفي 2018 التصويت على كافّة فصول الباب الثالث المتعلّق بالتهيئة الترابية والتعمير والتنمية المستدامة، وذلك دون إضافة أي تعديلات. في المقابل، أجمع ناشطون سياسيون ومدنيون ومختصّون في المجال من مدينة صفاقس، على تدهور الوضع البيئي وانعدام الأمن العمراني ممّا لا يضمن حقّ الأجيال القادمة في مدينة متوازنة ومستديمة، مُؤكّدين، في نفس السياق، ضرورة مُلاءمة التشريعات مع مطالب المواطنين، وبما يستجيب لحساسية أزمة البيئة والتهيئة والتعمير بالجهة.

المواطن والانتخابات البلدية: في جدلية المشاركة والعزوف

عُزوف، نُفور، مُقاطعة، لا اهتمام، هي انطباعات يتمّ تداولها بشكل متواتر عن المواطن في خضم السباق الانتخابي البلدي الراهن، غير أنّ هذا التناول تغلّفه الكثير من المغالطات. فهو يختزل علاقة كلّ من الدولة وهياكلها والأحزاب السياسية ومنظّمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالمواطن بشكلّ عامّ. كما تستند هذه العلاقة إلى تصوّرات متباينة في جوهرها، غير منسجمة مع ما يقابلها من تمثّلات موازية لدى المواطن عن السلطة والعمل السياسي والمدني وعن حقيقة المشاركة وطُرقها.

ملف الناجحين في الكاباس: الوجه الآخر لفشل برامج التشغيل

تعيش تونس ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة، زاد في تعميقها التخبّط السياسي وتعثر الانتقال الديمقراطي (فشل الحكومات المتعاقبة، الأزمات السياسية، عدم استكمال الهيئات الدستورية، تأجيل الانتخابات البلدية) ممّا ألقى بظلاله على توازن المجتمع ودينامية مكوناته، حيث انحسرت الطبقة الوسطى “مفخرة دولة الإستقلال” مقابل توسّع قاعدة الهرم، ممّا يؤكّد ارتفاع نسب الفقر والفقر المدقع ونسبة البطالة وآليات التشغيل الهشّ ونسب الهجرة المرتفعة وصعود فئات جديدة من الأثرياء الجدد المستفيدين من ضعف الدولة وانهيارها أحيانا ومن طفرة الاقتصاد الموازي والتهريب والمُضاربة ممّا خلق وضعا اجتماعيا متّسما بالتوتر والضبابية وانعدام الآفاق.

”ثلاثين وأنا حاير فيك“ لتوفيق الجبالي: جنس، دين وسياسة لتحرير اللامنطوق

”ثلاثين وأنا حاير فيك“ هي توليفة لمسرحيّات سابقة لتوفيق الجبالي ولكن بروح جديدة وبنص يختلف عمّا سبقه، هي احتفاء بمرور ثلاثين عاما على تأسيس فضاء التياترو الذي يستمدّ وجوده من الفنّ المارق على معايير الرقابة والمتمرّد على العاديّ والدائس على الخطوط الحمراء. توفيق الجبالي في ”ثلاثين وأنا حاير فيك“ مكّن المشاهدين من التلصّص على الأفكار التي تحوم داخل رأسه، وعلى حيرته التي رافقته طيلة مسيرته المسرحيّة المُترعة بالتجارب والتي يمكن القول أن من أهمّ ميزاتها تثوير الخطاب المسرحي وخلق جماليّات جديدة على المستويات الفنيّة والسينوغرافيّة والإخراجيّة. ”ثلاثين وأنا حاير فيك“ تثور على واقع الأشياء بسخرية توفيق الجبالي من المفاهيم والسلطة، سخرية تصنع من المستحيل مُمكنا ومن العاديّ فنّا.

قانون المالية 2018: أي انعكاسات على النسيج الإجتماعي التونسي ؟

تتالي الأحداث منذ المصادقة يوم 9 ديسمبر الجاري على قانون المالية لسنة 2018 غيّب النقاش العام حول ملامح السنة القادمة على مستوى انعكاسات الإجراءات الاقتصاديّة الواردة في القانون المذكور وارتداداتها على الصعيد المالي والاجتماعي. رغم موجة ردود الأفعال المستهجنة لعدد من فصولها سواء من الخبراء الاقتصاديّين أو المنظّمات الوطنيّة قبيل المصادقة عليها، إلاّ أنّ العنوان الأبرز للميزانيّة العامة كان تعبئة موارد الدولة لخفض العجز وفرملة التدهور الاقتصاديّ. عنوان مفخّخ يعكس السياسة الرسمية للدولة القائمة على تحميل عبء الأزمة للطبقات الاجتماعية الأكثر هشاشة واعتصار ما تبقى في الجيوب شبه الخاوية لطبقة وسطى تتآكل بشكل متواصل منذ سبع سنوات.

تحقيق: كاكتوس برود، من المماطلة القضائية إلى المصالحة الإدارية [جزء 1]

شركة كاكتوس برود، الحصّالة التي كَدّس فيها بلحسن الطرابلسي وشريكه سامي الفهري مئات الملايين المتأتية من خزينة التلفزة التونسية المُموّلة من جيوب دافعي الضرائب. طالتها المصادرة بعد الثورة ولكنها ظلت “فكرة” حصرية لوكيلها القانوني السابق سامي الفهري الذي مازال يستغل استوديوهاتها ومعداتها في إنتاج برامج لقناة “التونسية-الحوار التونسي”. منذ الشكايات الأولى المرفوعة ضدها في أفريل 2011 لم يفض مسلسل التقاضي الطويل –الذي استمر أكثر من 6 سنوات- إلى استرجاع مقدرات الشعب المنهوبة. هذا ولم يسلم ملف كاكتوس من الضغط السياسي، سواءا في فترة هيمنة حركة النهضة على مراكز القرار أو بعد صعود نداء تونس إلى سدة الحكم. من خلال هذا التحقيق، نرصد مسار شركة كاكتوس منذ تأسيسها في فيفري 2003 إلى ديسمبر 2017، محاولين بذلك الكشف عن ملمح للفساد، ظل يتجدد بأشكال وميكانيزمات مختلفة.

العلاقات التونسية الإماراتيّة: أبو ظبي تبحث عن حليف مُطيع

ما تزال ارتدادات القرار الإماراتي بمنع التونسيات من السفر إلى الإمارات أو العبور منها على متن شركة الخطوط الإماراتية متواصلة، بعد ردّة الفعل التونسية بتعليق رحلات الشركة صاحبة القرار من تونس وإليها حتى إشعار آخر. هذه الأزمة التي استأثرت باهتمام مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي في تونس وخارجها منذ يوم الجمعة الفارط، لم تكن الأولى في تاريخ العلاقة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، ولكنّها مثّلت سابقة على مستوى التصعيد. مستوى التوتّر بين تونس وأبو ظبي أعاد طرح مسار التدخّل الإماراتي في تونس وسياسة ليّ الأذرع التي بدأت منذ سنة 2011 في سياق تنافس محموم بين مختلف القوى الدولية والإقليميّة في لعبة شراء المواقف. مسار ألقى بضلاله خلال محطّات عديدة على خريطة المشهد السياسيّ التونسيّ.

صحفيون تونسيون لأردوغان: “تركيا تحوّلت إلى سجن كبير للصحفيين”

تزامنا مع الزيارة التي يؤديها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يومي 26 و 27 ديسمبر إلى تونس، نظم عدد من الصحفيين التونسيين وقفة تضامنية مع زملائهم الأتراك المعتقلين في سجون النظام التركي منذ أكتوبر 2016. هذه الوقفة دعت إليها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث أعربت في بيان صدر أمس الاثنين عن رفضها لاستمرار اعتقال العشرات من الصحفيين الأتراك بتهم باطلة ومُلفقة واصفة تركيا بـ” أكبر سجن للصحفيين المحترفين في العالم حيث لا يزال حتى نوفمبر 2017 أكثر من 149 صحافيا وراء القضبان في ظروف لا إنسانية”. وقد دعى ذات البيان الرئيس الباجي قايد السبسي إلى إثارة هذا الموضوع في لقائه الرسمي مع الرئيس التركي.

”فرايجيّة“: عندما تعتقل وزارة الثقافة الفن، ينفجر البديل

في ظلّ غياب سياسة ثقافية قادرة على استيعاب الحركات الفنيّة الخارجة عن نطاق الدوائر الرسميّة الضيّقة، تبدو مقاربة الدولة للشأن الثقافيّ خالية من التجديد ومن فهم واضح لديناميكيّة المشهد الفنيّ، وهي قائمة على إخضاع الثقافة وتشكيل معانيها في أفق السياسة الحكوميّة. عندما تعتقل وزارة الثقافة، الثقافة، تتفجّر حركات فنيّة خارج أسوار المباني الضخمة، حركات لا تعترف بالتعقيدات البيروقراطيّة. بصفر ميزانية، اجتمع فنانون وسينمائيّون شبان وأطلقوا مبادرة ”فرايجيّة“ في ردّ واضح على ثقافة الدولة الرسميّة الداعمة للمُهادن والمهمّشة للمُزعج.

كيف يرانا البوليس التونسي؟

خضنا ثورة مجيدة، تعاقبت الحكومات، كتبنا دستورا جديدا نص على كرامة الإنسان، أصبح سقف الحريات أرفع بقليل. لكن هناك ثابتة سلبية تقوض بشكل عنيف ما سلف ذكره: الشرطة التونسية. ما بين الخطابي والواقعي، تكمن هوة شاسعة في ديناميكية الرهبة والتجنب التي تجمع المواطن التونسي بالشرطي التونسي. يرانا الشرطي في تونس كما يرى الراعي قطيعه. مابين عقدة التضخم وغياب أي براغماتية إصلاحية، تماهى جزء من “الحاكم” بالدولة ليتحول في بعض الأحيان إلى جهاز خارجها.