مثلت الهجمة الشعبوية الأخيرة على اتحاد الشغل امتحانا حقيقيا لقدرة السلطة على العبث بالأجسام الوسيطة مهما كان حجمها. إلا أن نجاح كبرى نقابات العمال في التصدي مؤقتا لهجمة ميليشيات السلطة لا يمكن سحبه على باقي المنظمات والجمعيات التي اندثرت دون مقاومة تذكر. فلماذا تعادي السلطة الأجسام الوسيطة؟ وهل يستقيم الحديث أساسا عن أجسام وسيطة زمن التسلط والاستبداد؟
مقابل صمت رسمي، انتفض نوّاب سعيّد وجوقته ضد تهريج السيناتور المتصهين جون ويلسون ومبادرته “استعادة الديمقراطية في تونس”. بين وعيد بفيتنام جديدة وتلويح بعقوبات ضد أمريكا، تعامى النواب عن حجم التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وتواصل الشراكة التونسية مع الناتو.
بعد أن منّاهم بانتدابهم، تراجع سعيّد عن وعده بتشغيل حملة الدكتوراه بمناصب في الدولة الى ضرورة المرور بالمناظرات. ولاء بدل الكفاءة كما كان الحال في تونس منذ عهد البايات، مع تغليفه بخطاب شعبوي حماسي.
تظاهر الخميس 28 أوت، مئات الاساتذة والمعلمين أمام مقر وزارة التربية تحت شعار ”يوم الغضب“ و”وقفة الكرامة“ احتجاجا على وقف التفاوض منذ جانفي الماضي وعدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الحكومة والطرف النقابي. التظاهرة رفعت شعارات تطالب بالعودة إلى المفاوضات والقطع مع سياسة ضرب الحق النقابي وتستنكر الهجمة ضد اتحاد الشغل، كما عبر المحتجون والمحتجات عن استعدادهم للتصعيد في حال عدم استجابة وزارة التربية للمطالب وتنفيذ تحركات أخرى أمام مندوبيات التربية في مختلف الجهات بدعوة من الجامعة العامة للتعليم الثانوي والجامعة العامة للتعليم الأساسي.
دعت وزارة الصحة الأطباء والصيادلة إلى ترشيد استعمال الأدوية وذلك ضمن نقاط استراتيجيتها لضمان توفير الأدوية الأساسية. إعلان الوزارة تزامن مع قصة وفاة شاب، هزت شبكات التواصل، جراء عدم تمكنه من الحصول على دواء للسرطان. لتشخيص أسباب فقدان الأدوية والوضع الحقيقي للمخزون، حاورت نواة زبير قيقة رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة.
جاء قرار سعيّد بإغلاق هيئة النفاذ إلى المعلومة ،نهاية شهر أوت الجاري، تتمة لسلسلة من الخطوات المماثلة تجاه عدد من الهيئات الدستورية تزامنا مع تكثيف الهجوم على اتحاد الشغل وخنق الجمعيات. تصحر لا يمكن دونه بسط الاستبداد وتكميم الأفواه للعودة بتونس إلى ما وراء الوراء، طبقا للمقاربات الجديدة.
Après le succès de la manifestation du 21 août, la centrale syndicale gagne son premier pari : celui de reconquérir sa place dans l’espace public. Le bras de fer avec le pouvoir franchit, ainsi, une étape cruciale.
في تجمع عمالي مهيب، تظاهر آلاف النقابيين الخميس 21 أوت تلبية لدعوة الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل، المسيرة التي عمل البوليس على تطويقها ومنع المواطنين من الالتحاق بها، رفعت شعارات رافضة لتجنيد الميليشيات في محاولة ضرب النقابات كما يحصل في الانظمة الفاشية. كما نددت المظاهرة بتآكل المقدرة الشرائية والارتفاع المتواصل للأسعار محذرة من مغبة تخلي الحكومة عن المفاوضات الاجتماعية. ورفعت المظاهرة شعارات تطالب بالقطع مع سياسة القمع والتضييق على الحريات وتجريم العمل المدني والسياسي ومحاكمات الرأي.
تنفيذا لتعليمات سعيّد، قررت رئاسة الحكومة إنهاء ”التفرغ النقابي“ والاقتطاع الآلي لمعلوم الانخراطات من أجور المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل من موظفي الدولة، تشنج السلطة هذا سبقه إيقاف الحكومة لجلسات التفاوض مع المركزية النقابية في عدة قطاعات استراتيجية. قرارات اعتبرها الاتحاد خارج الزمن متوعدا بتجمع نقابي ومسيرة رفضا لمساعي السلطة ضرب المنظمة الشغيلة، بعد دفاع الرئيس سعيد عن محاولة ميليشيات مناصرة له الاعتداء على مقر المنظمة النقابية والمطالبة بحلّها.
الترفيع في سقف تمويل الشركات الأهلية إلى مليون دينار بعد أن وضعت لها كتابة دولة، رغم عجزها عن دفع عجلة الاقتصاد المعطوب. خطوة تعكس صمم النظام وإصراره على تجنّب معالجة مشاكل الاقتصاد الحقيقة والهروب إلى المقاربات الشعبوية.
بعد أن كانت المحاماة رافدا للقوى الحيّة التي تصدت من موقعها للظلم والاستبداد قبل 2011، تردّت صورة هيئة المحامين خلال عهدي ابراهيم بودربالة وحاتم مزيّو لتشبّثها بتلابيب سعيّد ودعم نظامه رغم إمعانه في ضرب مرفق العدالة و سجن المحاميات والمحامين في قضايا رأي وتعبير .
بعد أيام من محاولة أنصار الرئيس اقتحام دار الاتحاد ومطالبتهم بحل المنظمة العمالية. عقدت المنظمة الشغيلة الاثنين 11 أوت هيئة إدارية استثنائية رفع النقابيون خلالها شعارات تكرس الوحدة النقابية ضد الهجمة الشعبوية، كما ندد أعضاء الهيئة الإدارية خلال نقطة صحفية بمساعي السلطة الهادفة إلى إخضاع الاتحاد وتدجينه، مطالبين باتخاذ خطوات قوية ضد هجمة السلطة وإيقاف النقابيين وضرب الحريات العامة وحرية التعبير والتنظم.
أمام التراجع الشديد للحريات الصحفية في تونس والحريات العامة اجمالا وفتح أبواب السجون في وجه أصحاب الرأي، برزت تجارب اعلامية خاصة سرعان ما تم قبرها بعد ضغوطات من السلطة. في هذا السياق التقت نواة الصحفي زياد الهاني لتقييم أوضاع القطاع الصحفي والوقوف عند آخر تجاربه الإعلامية.
في مشهد مشابه لاعتداء 4 ديسمبر 2012، تجمّع العشرات من أنصار الرئيس سعيّد يوم 7 أوت 2025 أمام مقّر الاتحاد العام التونسي للشغل محاولين الهجوم عليه. حادثة تأتي بعد حملة كبيرة من الشيطنة وقرار السلطة وقف المفاوضات الاجتماعية. في هذا السياق، التقت نواة سمير الشفي، الأمين العام المساعد للاتحاد للوقوف على حيثيات ما حدث وخلفياته.
تعرضت فاطمة بن بركة لحادثتي اعتداء عنصري في يومين متتاليين بمدينة صفاقس أثناء محاولتها ركوب سيارة تاكسي رفقة أفراد من عائلتها بداية شهر أوت 2025. نواة التقت فاطمة لكشف حقيقة الاعتداء العنصري الذي هز شبكات التواصل وما أثاره من تفاعلات وردود أفعال.
على عكس الاستعراض أمام مستشار ترامب خلال زيارته لتونس في 22 جويلية 2025، اختفى ”الموقف المشرف“ خلال لقاء سعيد غامض الفحوى بميلوني يوم 31 جويلية، رغم دعمها هي الأخرى للابادة في غزة. موقف مشرف يبدو أنه لا ينسحب على مئات التونسيين المخدرين قسرا قبل الترحيل والمتوفين في مراكز الاحتجاز بإيطاليا.
رشاد طمبورة، الفنان الشاب وعضو الألتراس الذي قادته جدارية إلى السجن، قضى سنتين خلف القضبان بتهمة ”إهانة رئيس الدولة“ و”نشر أخبار كاذبة“. تجربة قاسية لم تنل من قناعته بأن الفنّ صوت لا يُكمّم. أيام بعد خروجه من السجن التقته نواة للحديث عما بقي من تجربة السجن والدفاع عن الحق في التعبير.
وسط ظروف غامضة لفظ الشاب منتصر عبد الواحد أنفاسه الأخيرة داخل زنزانته في سجن المرناقية ،يوم الأحد 20 جويلية2025، بعد أقل من أسبوع على إيقافه الذي رافقه اعتداء بوليسي عنيف طال حتى ابنته، قصة سيف ابن “حومة” ترنجة بقلب العاصمة تُعيد إلى الواجهة شبح قصص “الموت المستراب” المتزايدة خلف القضبان. نواة زارت العائلة الملتاعة لتروي لنا أصواتها الموجوعة، تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة سيف.