أعلنت رئاسة الحكومة في بلاغ صادر بتاريخ 22 جوان الجاري تعيين رضا شلغوم مديرا لديوان رئيس الحكومة. التعيين الجديد يُسلّط الضوء مرّة أخرى على آخر وزراء بن علي رضا شلغوم الذّي شغل إلى حدود 27 جانفي 2011 منصب وزير المالية في عهد الرئيس الأسبق واستمر في منصبه في حكومة محمّد الغنوشي الأولى. بعد حفظ قضيّته في ديسمبر 2013، عاد هذا الأخير لأروقة الحكم متنقلا من منصب إلى آخر بسلاسة ودون إثارة الصخب المعتاد حول رجال بن عليّ، ليشغل قبل التعيين الأخير منصب مستشار أوّل لدى رئيس الجمهورية مكلّفا بمتابعة الإصلاحات الاقتصادية.
وزير حتّى الرمق الأخير من عمر النظام
تنقّل رضا شلغوم، أصيل مدينة قفصة والمتحصل على شهادة الدراسات العليا اختصاص تمويل التنمية وعلى الإجازة في العلوم الاقتصادية، بين العديد من المناصب خلال مسيرته المهنيّة في ظلّ نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن عليّ. حيث عُيّن رئيسا لهيئة السوق المالية، كما اضطلع بمهمّة رئيس ديوان وزير المالية ومدير عام الامتيازات الجبائية والمالية بوزارة المالية ومدير الإدخار والسوق المالية بنفس الوزارة. سنة 2006، نال رضا شلغوم عضويّة المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى حدود 15 جانفي 2010، تاريخ تعيينه على رأس وزارة الماليّة.
رغم أهميّة المناصب التي شغلها في عهد بن علي، إلاّ أنّ الصعود المهني لهذا الأخير لم يقترن بارتقاء مماثل في هياكل التجمّع الدستوري الديمقراطي كما كان معمولا به حينها. حيث تخلو قائمة اللجنة المركزيّة الأخيرة المنبثقة عن مؤتمر الحزب سنة 2008 من اسمه. مسافة لم تمنع الرجل من الولاء لنظام بن علي حتّى الرمق الأخير، ليستمرّ في مهامه على رأس وزارة الماليّة حتّى مع انهيار النظام الحاكم في 14 جانفي 2011. بعد خروج الرئيس الأسبق من تونس وتولّي محمدّ الغنوشي زمام الأمور، استمرّ رضا شلغوم وزيرا للماليّة إلى تاريخ 27 جانفي 2011، لينسحب من المشهد لفترة طويلة مع الإطاحة بتلك الحكومة وتعيين جلّول عيّاد خلفا له.
الانسحاب بأخفّ الأضرار
عقب الخروج من المشهد السياسي نهاية شهر جانفي 2011، لم يكن رضا شلغوم بمنأى عن التتبّعات العدلية التي طالت معظم رجالات النظام السابق. لتبدأ رحلته في المحاكم شهر فيفري 2011، عقب عريضة تقدّم بها 25 محاميا لدى قاضي التحقيق الأول في المحكمة الابتدائيّة في تونس للتحقيق مع مجموعة من وزراء بن علي. وقد واجه وزير المالية الأسبق حينها تهما تراوحت بين “اختلاس موظف عمومي او شبهه اموالا باطلا واستغلال موظف عمومي او شبهه صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره او للإضرار بالإدارة او مخالفة التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة او الحاق الضرر حسب الفصول 32 و95 و96 من المجلة الجزائية.”
جلسات الاستماع والتحقيق والمرافعات التي استمرّت طيلة سنتين، انتهت في 11 ديسمبر 2013 بقرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس حفظ التهم ضدّ رضا شلغوم وتبرئته.
الرجل الذّي اعتاد القرب من مراكز القرار، لم يستطع بعد اغلاق ملّف التتبعات القضائيّة البقاء بعيدا عن المشهد السياسي. فبعد انزوائه النسبي خلال سنتي 2014 و2015 واستئناف مسيرة مهنية جديدة بدأت بعضويّة مجلس إدارة الوسيط في البورصة “STB FINANCE” التابعة للشركة التونسية للبنك سنة 2015 لتنتهي برئاسة مجلس إدارتها في جانفي 2016، دخل مجدّدا قصر قرطاج في 17 فيفري 2016 كمستشار لدى رئيس الجمهورية مكلّف بالإصلاحات الاقتصاديّة.
العودة لأروقة الحكم والمهام الجديدة
رغم مشاركته في أغلب المداولات التي شهدها قصر الضيافة بقرطاج إعدادا لولادة حكومة يوسف الشاهد، إلاّ أنّ رضا شلغوم، وعلى عكس جميع التوقّعات حينها، لم يكن ضمن التركيبة الحكومية لرئيس الحكومة الجديد. ليستمرّ في منصبه كمستشار اقتصاديّ لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. لكنّ مهمّة الرجل لم تكن روتينيّة، إذ كان أحد الأذرع التي اعتمدت عليها خطّة رئاسة الجمهورية لتمرير النسخة الجديدة من قانون المصالحة. وثيقة أماطت نواة عنها اللثام في 21 أفريل الفارط، لتكشف عن تفاصيل ومهام عشرة من أعضاء الديوان الرئاسي في خطّة متكاملة للدفع مجددا بمشروع قانون المصالحة الذّي تعطّل طرحه في مناسبتين. وقد أُوكلت لرضا شلغوم مهمّة عقد لقاءات مع الخبراء الاقتصاديّين لعرض الصيغة الجديدة من المشروع وتوضيح أهداف التعديلات التّي أدخِلت عليه وإبراز نتائج المصالحة على المستوى المالي والارتدادات الاقتصاديّة لتمرير مشروع القانون المذكور، إضافة إلى إعداد وتقديم الاحصائيّات والتقديرات الماليّة المنتظرة من إجراءات المصالحة قصد ابرازها ضمن الحملة الإعلاميّة والتأثير على الرأي العامّ.
بعد سنة وأربعة أشهر تقريبا، يغادر رضا شلغوم قصر قرطاج نحو القصبة كمدير لديوان رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ليفسح المجال مجدّدا للتساؤلات حول أبعاد هذا التعيين الجديد لأحد رجالات السبسي بعد فشل مهمّته ضمن خطّة تمرير قانون المصالحة، وحول طبيعة المهمّة الموكلة في رئاسة الحكومة لهذا الرجل الذّي استطاع النجاة من حرائق ما بعد 14 جانفي 2011 ليعود أقرب من ذي قبل لمراكز صنع القرار.
Il finira par se griller, mais on nous dira qu’il est un modèle d’intégrité et qu’il n’y a pas plus compétent.
Cette classe politique ne peut creuser que dans le sillage du RCD et ses dérivés…
Le renouvellement des dirigeants de ce pays n’est malheureusement pas pour demain.
بعيدا عن هذا الموضوع
الرجاء من السيد سميح (صاحب المقال والصورة المصاحبه) تفادي إشهار التدخين وشكرا لكم
Effectivement, les gouvernements post-révolutionnaires sont contraints de faire appel aux compétences de zaba qui les a attirés de “force”(les privilèges ) de “gré”(une occasion pour eux pour profiter de ces postes ) à le servir.L’Etat n’a plus de cadres compétents et honnêtes, deux qualités difficiles à trouver ensembles chez les Tunisiens.