عكس الرواية الرسمية لوزارة الداخليّة، وخارج إطار الصور المنتقاة بعناية للنشر في أغلب وسائل الإعلام السائد التي انخرطت منذ اللحظات الأولى في شيطنة الحراك الاجتماعي والخلط بين الإحتجاجات وعمليات السلب والتخريب، تتعالى بصوت خافت تتجاهله المصادح، شهادات لمنظّمات دولية وموقوفين حول إيقافات لم تفرّق بين من يحمل حجرا أو لافتة أو من وضعه حظّه السيء في طريق أعوان الأمن وهم يطاردون المحتجّين. مأساة الكثير من هؤلاء لم تنته بمجرّد الإيقاف، بل تواصلت أثناء التحفّظ ليُخلى سبيل بعضهم ويبقى آخرون في سراح مشروط بانتظار محاكمات لم تختلف في جوهرها عن محاكمات أخرى مستمرّة منذ سنة 2011 ضدّ شباب الحراك الاجتماعي الذّي تفجّر في أكثر من منطقة وأكثر من مناسبة.
حملات إيقاف عشوائيّة وموقوفون بلا تهم
أحمد ساسي الذّي تمّ إيقافه من أمام منزله يوم الإربعاء 10 جانفي الجاري لم يكن سوى مثالا على آليات مواجهة الحراك الاجتماعي والتّي لم تفرّق بين ناشط سياسي أو محتجّ. بلاغات وزارة الداخليّة المتتالية حول الإيقافات لم تركّز سوى على عمليات النهب والسرقة والتخريب لتتجاهل مئات الموقوفين الذّين تمّ الزجّ بهم في قضايا تتمحور في أغلبها حول الشغب وتكوين وفاق بقصد الإعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصّة. في هذا السياق، تؤكّد مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس، آمنة قلالي أنّ المنظّمة رصدت خلال الأيّام الماضية العديد من الانتهاكات التي رافقت الإيقافات، على غرار المداهمات الليليّة التي استمرّت حتى يوم الجمعة الفارط في طبربة رغم تراجع الاحتجاجات هناك. لتضيف موضحّة طبيعة الانتهاكات قائلة:
“مداهمات تعرّض خلالها الموقوفون إلى شتى أنواع الاعتداءات على غرار الضرب والحرمان من حضور المحامين والإحالة إلى المحاكمات بعد عمليات تحقيق مقتضبة”.
آمنة قلالي التي كانت متواجدة في طبربة أثناء مداخلتها، أكدّت أنّ أغلبيّة الموقوفين لم يشاركوا في عمليّات نهب أو تخريب، بل كانوا يمارسون حقّهم في الاحتجاج السلمي، بل أن عددا منهم تمّ الاحتفاظ به على خلفيّة توزيعهم مناشير توعويّة حول قانون الماليّة.
تزامنا مع اقتراب محاكمة موقوفي طبربة المكوّنة من 23 شابا غدا الجمعة، أطلق مجموعة من الشباب حملة “تي سيّب عاد” للدفاع عن الموقوفين والتنسيق مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني للضغط على الجهات المسؤولة من أجل تحرير المحتجيّن أو إيقاف التتبّعات العدليّة ضدّهم. وتؤكّد الناشطة ضمن هذه الحملة، عفراء بن عزّة، أنّ حملة “فاش نستناو” كانت هي الأخرى مستهدفة من قبل وزارة الداخليّة منذ أن بدأت التحرّكات الاحتجاجيّة عكس ما صرّح به الناطق الرسمي لوزارة الداخليّة، ليبلغ عدد الموقوفين ضمن صفوفها 30 ناشطا على الاقلّ. لتضيف أنّ أغلب الموقوفين تمّ اعتراضهم أثناء توزيعهم المناشير أو الحديث إلى المواطنين حول الإرتدادات الاقتصاديّة والاجتماعيّة لقانون الماليّة. وفي هذا السياق، أكّدت عفراء:
“حملة “تي سيّب عاد” بصدد إعداد قائمات تفصيليّة لأعداد الموقوفين وأماكن إيقافهم والتهم الموجّهة إليهم، بالتنسيق مع عدد من منظّمات المجتمع المدني على غرار محامون بلا حدود والرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان، قصد الوقوف في وجه العمليّة الممنهجة لتجريم الحراك الاجتماعي وسياسة التأديب الجماعي والعشوائي التي تنتهجها الحكومة ضدّ الإحتجاجات”.
إنتهاكات، عنف وتواطؤ رسمي لتوريط الموقوفين
خلف أسوار مراكز الإيقاف، ما يزال يقبع المئات من الموقوفين الذّين تنوّعت أعمارهم وحيثّيات إيقافهم، بينما ينتظر آخرون خارجا مواعيد محاكماتهم التي تمّ توريطهم فيها بعد سلسلة من الانتهاكات القانونيّة والماديّة التي طالتهم أثناء عملية الاحتفاظ. المحامي أيّوب الغدامسي، الذّي كان مطّلعا على ملابسات وتفاصيل ما يجول خلف جدران المراكز أو مكاتب التحقيق، أكّد لنواة أنّه إضافة إلى الموقوفين الذّين ثبت تورّطهم في عمليات نهب أو تخريب، وهم أقليّة مقارنة بالعدد الجملي الذّي فاق الثمانمائة، فإنّ الأغلبيّة ممن تمّ إيقافهم والاحتفاظ بهم أو ممن تمّ إخلاء سبيلهم وإطلاق التتبّعات العدليّة ضدّهم، كانوا ضحايا إيقافات عشوائيّة استمرّت حتى يوم الإثنين من الأسبوع الجاري. يضيف محدّثنا: “اعتقالات وتُهم ومحاكمات لم تستند على دلائل ماديّة أو محجوزات بل تمّ عدد منها في منازل الموقوفين أو في مناطق بعيدة عن المواجهات وأحداث العنف”. ويوضّح الأستاذ أيّوب الغدامسي أنّ الانتهاكات تتجاوز الضرب والتعنيف أثناء عملية التوقيف؛
“تتواصل الإعتداءات الماديّة والمعنوية في مختلف مراكز الإيقاف على غرار مركز بوشوشة الذّي بلغ فيه الازدحام خلال ذروة الاحتجاجات حدّا أدّى إلى قضاء عدد كبير من الموقوفين ليلتهم في ساحة المركز في العراء رغم قساوة البرد في مثل هذا الوقت من السنة”
يمضي محدّثنا في سرد الانتهاكات التي عاينها أو بلغته من خلال شهادات عدد من الموقوفين، ليكشف عن تواجد أعداد مهمّة من القصّر والأطفال قيد الاحتفاظ أو صدرت في حقّهم بطاقات إيداع. العنف والإعتداء على الحرمة الجسديّة للموقوفين والمماطلة في معاينة الأضرار من قبل النيابة العموميّة، كان أحد السمات المميّزة لتعامل قوات الأمن على الموقوفين، وهو ما كشفه المحامي أيّوب الغدامسي قائلا: “عاينت بنفسي أضرارا جسديّة متنوعة لدى أكثر من 30 موقوفا في محكمة منوبة أو تونس 2″، ليذهب محدّثنا إلى أنّ السلطات وأمام حجم الضغط المسلّط على هيئات الدفاع نظرا لأعداد الموقوفين المهولة وانتشارهم جغرافيا، تعمّدت تسويف طلبات المعاينة والتسريع في عمليّات الإحالة على المحاكمات. في هذا السياق، يؤكّد الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني، الشهادات المتعدّدة للتعذيب والإنتهاكات التي طالت الموقوفين خصوصا وأنّ المنظّمة تتابع الملفّ منذ بدأ الإيقافات. ليضيف قائلا:
“المنظّمة عاينت العديد من حالات العنف على غرار حالة أحد الشبّان الموقوفين في حيّ التضامن والذّي تعرّض إلى إصابة خطيرة في الخصيتين لتتمّ معالجته على وجه السرعة وتقديمه للمحاكمة في محكمة أريانة يوم الثلاثاء الفارط.”
السيّد منذر الشارني وضّح أنّ الانتهاكات لا تقتصر على العنف الذّي تعرّض له الموقوفون سواء أثناء إعتقالهم أو نقلهم أو في مراكز الإيقاف، بل تشمل حرمانهم من إعلام عائلاتهم أو تمكينهم من حضور محام أثناء التحقيق واستغلال جهلهم بحقوقهم القانونيّة. بل ويؤكّد الكاتب العام للمنظّمة التونسيّة لمناهضة التعذيب أنّ الإيقافات شملت قصّرا دون 18 سنة.
الأصوات المطالبة بالكشف عن حيثيات عمليات الإيقاف وظروف الإحتفاظ وصدى الانتهاكات لم تقتصر على النشطاء المحليّين أو المنظّمات الوطنيّة ذات الشأن، لتتخّذ بعدا دوليا مع تزايد حجم الإيقافات. قلق دولي ترجمته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي دعت السلطات إلى “ضمان عدم اعتقال الأفراد تعسفيا ومعاملة كل المعتقلين بكامل الاحترام لحقوقهم”، لتكشف المفوضّية أنّ 200 موقوف تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما. هذا وأشارت المنظّمة الأمميّة مباشرة إلى سياسة العقاب الجماعي الذّي تنتهجه الحكومة التونسيّة داعية إلى “عدم تحميل المتظاهرين سلميا مسؤولية أعمال العنف التي يرتكبها آخرون”..
le 14/1/11 c’était juste une révolte. pas une révolution.
une vraie révolution doit TOUT changer, comme la révolution US, Fr, russe …
chez vous rien ou presque n’a changé.
mème les médias, les partis que vous pensez libérés, sont soumis au pouvoir de l’argent …
pour le reste rien n’a changé.
la preuve: le système policier et judiciaire est le mème. il est toujours copiée mot à mot sur la France.
et c’est la France qui a inventé la “garde à vue”, la “détention provisoire”, le “juge d’instruction” … une justice qui ne connait pas le “Habeas Corpus” , justice archaique, compliquée, lente, aberrante , inefficace.
rappelons que la France que vous copiez, a été maintes fois condamnée par le CEDH*, en matière de justice et police, plus particulièrement l’abus de la détention provisoire : en moyenne , 50 % des détenus , en attente de jugement !!!
faut pas s’étonner qu’il y a eu chez vous, des intimidations, violences policières , détentions arbitraires …
je le répète à l’infini: la colonisation française = une malédiction.
*CEDH= cour européenne des droits de l’homme
Monsieur Sputnik
Vous accusez la France d’être une malédiction, vous avez une haine profonde de la France ! Soit, mais entre 1881 et 1956, pourriez-vous me dire Qui a construit les premiers hôpitaux en Tunisie ? Qui a vacciné les enfants ? Qui a crée l’Institut Pasteur ? Qui a construit les routes ? Qui a construit les chemins de fer ? Qui a construit les ports ? Qui a construit les lycées ? Qui a construit les tribunaux ? Qui a mis mis en place des codes juridiques modernes ? Qui a obligé les notaires à consigner leurs actes sur des registres au lieu et place d’actes dont seul le détenteur possède un copie ? Qui a établit le système de la Conservation foncière ? Qui a construit les immeubles administratifs modernes ? Qui a crée la Poste et construit des Postes dans le pays entier ? Qui a crée et construit les municipalités ? Qui a mais en place l’état civil et l’obligation d’enregistrer les naissances et les morts ? Qui a mis en place le système bancaire moderne ? Qui a conçu et bâti les villes modernes ? Qui a construit la belle et grande avenue de Tunis ? Qui a mis en place le transport urbain moderne ? Qui a multiplié les plantations d’oliviers ? Qui a crée les écoles professionnelles ? Qui a construit les écoles primaires dans le moindre village en Tunisie ? Notre retard n’est pas du à la France mon cher ami. En occupant la Tunisie la France a fait du bien mais aussi du mal. Nous avons profité de ses bienfaits, et nous avons souffert de ses méfaits. Mais ce sont nous qui sommes responsables en premier lieu, ce sont nos aïeuls et leurs croyances dans le pouvoir des djinns, de la magie et en la force surnaturelle des marabouts qu’il faut blâmer, au lieu de condamner la France. ” Le dromadaire ne voit pas sa bosse” dit le proverbe tunisien !!! kch.