وزير الداخلية لطفي براهم، العدوّ الأول لحرية التعبير في تونس

رغم مرور 7 سنوات على هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وانهيار نظامه، إلا أن وزارة الداخلية التونسية واصلت سياستها العقابية ضد الصحفيين واستأنفت عداءها لحريّة التعبير، حتّى أن الوزراء المتعاقبين على رأس هذه الوزارة -التي أرّقت عيش التونسيين منذ عشرات السنين- فشلوا جميعا في إرساء منظومة أمنيّة تدافع عن قيم الجمهورية وبعيدة عن التجاذبات السياسية والتضييق على الحريات العامة والفرديّة.

رداً على الهرسلة البوليسية، نقابة الصحفيين التونسيين تنظم يوم غضب

نظّمت النقابة الوطنية للصحفيّين التونسيّين الجمعة 02 فيفري 2018 يوم غضب للرد على التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية لطفي براهم أمام البرلمان والتي اعترف خلالها بالتنصّت على الصحفيّين، إضافة إلى التنديد بالتدوينات التي نشرها على موقع فايسبوك بعض المُنتسبين للنقابات الأمنية والتي تدعو صراحة إلى تعنيف الصحفيّين والاعتداء الجنسي عليهم، علاوة على التضييقات الأمنية التي يتعرض لها الصحفيون ومراسلو وسائل الإعلام الأجنبية. وقد شارك في يوم الغضب العديد من الصحفيين التونسيين الذين ارتدوا الشارة الحمراء، كما ساندته العديد من المنظمات الوطنية والدولية وبعض الأحزاب السياسية. 

قروض جديدة ووعود: الوجه الآخر لزيارة ماكرون إلى تونس

اختتم الرئيس الفرنسي إيمانوال ماكرون أمس الخميس زيارته الأولى إلى تونس منذ توليه منصبه. زيارة كانت الأخيرة مغاربيّا، بعد زيارات مماثلة افتتحها في المغرب، ثمّ الجزائر وأخيرا تونس التّي أحاطت قدومه بهالة احتفاليّة وتغطية إعلاميّة استثنائيّة. صورة الرئيس الشاب الذّي حلّ ضيفا مبجّلا على رئيس يكبره بجيلين، عكست مشهدا جمَع المتناقضات، بين دم جديد يُضخّ في أحد أعرق الجمهوريات في العالم وديمقراطيّة ناشئة تُجترّ قياداتها من طيّات الذاكرة. بين دولة تخوض صراع تثبيت المواقع في حوض المتوسّط المزدحم، ودولة تتودّد لجلاّدها القديم طمعا في جرعات الإنقاذ الاقتصاديّة. ماكرون الذّي أكّد أنّ “فرنسا عائدة” خلال قمّة دافوس الأخيرة، كان واعيا تماما بمفعول الورقة الاقتصاديّة في ترسيخ الولاءات.

الصحافة في تونس، العدوّ المشترك للنقابات الأمنية ووزارة الداخلية

مازلنا نعيش على وقع الأزمة بين وزارة الداخلية والصحفيّين التي اشتعل فتيلها منذ يوم الاثنين إثر تصريحات وزير الداخلية لطفي براهم، أمام لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، وتهديداته للمدوّنين والصحافيّين واعترافه بالتنصّت على هواتفهم. وقد قرّرت النقابة الوطنيّة للصحافيّين التونسيّين تنظيم يوم غضب الجمعة 2 فيفري 2018، يتمّ خلاله حمل الشارة الحمراء وتخصيص مساحة في مختلف وسائل الإعلام بعنوان “الصحافة التونسيّة في غضب”. والواضح أنّ وزارة الداخليّة والنقابات الأمنيّة تريد العودة بالصحافة إلى مربّع الاستبداد، بتعميق الممارسات القمعيّة تجاه مراسلي الصحف الأجنبيّة والصحفيّين ومحاولة تكميم أفواههم وهرسلتهم.

مسرحية ”قزح“ لأيمن الماجري: انفلات الجسد ”المخنّث“ من الرقابة الأخلاقيّة

”قزح“ مسرحية جديدة لأيمن الماجري وهي أوّل تجربة إخراجيّة له بعد أن شارك كممثل في العديد من الأعمال المسرحيّة المهمّة على غرار ”عنف“ و”خوف“ للفاضل الجعايبي وجليلة بكّار. قد يبدو الأمر في ظاهره مثيرا للاستحسان، شاب تونسيّ في مقتبل مساره الفنيّ يقوم بإخراج أوّل عمل له من إنتاج المسرح الوطنيّ. هذه الكليشيهات لا تعنينا وسنتعامل مع أيمن الماجري بنديّة مطلقة لأنّ عمله يستحقّ أكثر من التوقّف عند حدود الإعجاب، يستحقّ أن نحفر عميقا في المنظومة الرمزيّة التي حملها والإيحاءات والأفكار التي حاول إيصالها للجمهور. ”قزح“ عالم مُتخيّل، عالم للهو والمجون، للأمل واليأس، للبوح والصمت.

الإشهار في تونس: عنصري أم عنصري ”ببراءة“ ؟

إن وصف عنصرية الإشهار التونسي بالبراءة ليس وصفا بريئا، فالإشهار التونسي بجميع أنواعه إمّا هو عنصري، أو هو عنصري بشكل محددّ جتماعيا، أي “ببراءة” سذاجة النّمط. تكتسي مسألة الإشهار أهمية نظرا لقدرته الرهيبة على التأثير. المواطن التونسي معرّض للإشهار طيلة يومه، و فيما نترك إلى مقالات أخرى قراءة خطورته على المقدرة الشرائية للمواطن، سنركّز في هذا المقال على الدور الذي يلعبه في مزيد ترجيح كفة “الرّجل الأبيض” في الفضاء العام التونسي، فالإشهار يتبنّى هيمنة البيض صوتا وصورة.

منتدى دافوس الاقتصادي: تونس في أدنى تمثيل لها منذ سبع سنوات

تغيّب رئيس الجمهورية التونسيّة ورئيس حكومتها عن الدورة 48 لمنتدى دافوس الدولي التي إلتأمت من 23 إلى 26 جانفي. خطوة غير معهودة بعد أن تحوّل هذا التجمّع العالمي لرؤساء الدول والهيئات المالية الدولية وكبار المستثمرين الدوليّين إلى مناسبة دوريّة لجمع المساعدات واقتناص فرص الإستثمار الممكنة لوقف التدهور الإقتصاديّ المتسارع الذّي تشهده البلاد منذ 7 سنوات. الوفد الرسمي التونسي الذّي كان في حدّه الأدنى ممثّلا في وزير الخارجيّة خميّس الجهيناوي، مثّل فرصة لرئيس حركة النهضة راشد الغنّوشي الذّي وإن تواجد بدعوة شخصيّة، فإنّه استطاع أن يجذب اهتمام وسائل الإعلام والديبلوماسيّين ليتحوّل إلى الممثّل الفعلي لتونس خلال فعاليات المنتدى.

ريبورتاج في تالة: وعود العاصفة و استحالة المواطنة

غادرنا تونس مساء يوم الثلاثاء 09 جانفي 2018 باتجاه تالة (250 كلم) عبر الطريق السريعة تونس- مجاز الباب تاركين وراءنا احتجاجات في الأحياء واحتجاجات مضادة لها في إعلام السلطة. تعترضك شمال تالة مدينة الكاف، تمر السيارة بالطريق الحزامية وتمنحك المسافة عن وسط المدينة فرصة التمعن في جمال القلعة الرومانية وهيبتها. مكثر ليست بعيدة، قلعة سنان تصلها بعد ساعة وأمامك أفق ممتد من حيدرة غربا إلى سبيبة شرقا.

حوار مع فاضل موسى: ”الشروط الإقصائية وراء تأخير إرساء المحكمة الدستورية“

بمناسبة الذكرى الرابعة لدستور جانفي 2014، توقّف أستاذ القانون والنائب المؤسس فاضل موسى في حوار أجراه مع نواة على أسباب التأخير الذي عرفه إرساء المحكمة الدستورية، راجعا إلى بعض الشروط التي تمّ التنصيص عليها لعضوية المحكمة وواصفا إياها بالإقصائية. في المقابل، أثار فاضل موسى الانعاكاسات الخطيرة التي يمكن أن تنجرّ عن عدم وجود المحكمة الدستورية وكذلك بعض الهنات في عمل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين والتي لم يتداركها القانون الأساسي المصادق عليه في 03 ديسمبر 2015 .

4 سنوات بعد الدستور الجديد، تونس بدون محكمة دستورية

ينصّ دستور جانفي 2014 في أحكامه الانتقالية على أن “يتمّ في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المحكمة الدستورية”. هذا وقد تمّت المصادقة في 03 ديسمبر 2015، على القانون الأساسي المتعلّق بالمحكمة الدستورية، بعد تأخير مشطّ عرفته المداولات على مشروع القانون ثمّ مداولات فرز ملفّات الترشّح لعضوية المحكمة، حيث لم يتمّ إلى حدود اليوم التصويت على المترشّحين الثمانية الذين تمّ اقتراحهم من طرف الكتل البرلمانية، لتتم إحالة الملفّات إلى لجنة التوافقات قبل إحالتها على الجلسة العامّة للتصويت.

باردو: مواجهات بين أعوان الأمن والمحتجّين ضدّ قانون المالية

دعت حملة فاش نستناو اليوم الجمعة 26 جانفي 2018 إلى وقفة احتجاجيّة أمام مجلس نوّاب الشعب، مواصلةً لسلسلة الاحتجاجات ضدّ قانون المالية التي بدأت أول شهر جانفي الجاري. هذا التحرّك الذي انطلق على الساعة الثانية بعد ظهر اليوم في ساحة باردو بمشاركة نوّاب الجبهة الشعبية، جُوبِه بالعنف من قبل أعوان الأمن الذّين منعوا المحتجين من مواصلة المسيرة إلى بوابة المجلس باستعمال الهراوات والغاز المشلّ للحركة، وهو ما تسبّب في تسجيل العديد من حالات الإغماء والاختناق في صفوف المتظاهرين.

نص محاكمة 26 جانفي 1978: هكذا شيطن نظام بورقيبة الحركة الشعبية والنقابية

بعد مرور 40 سنة، يمكن القول أن يوم الخميس 26 جانفي 1978 شكّل لحظة تاريخية تكثفت فيها تعقيدات الواقع التونسي بأنحائه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. منظومة الحكم تسخّر أجهزتها الأمنية والقضائية والإعلامية من أجل الإجهاز على حالة شعبية منتفضة، غذّاها الإضراب العام الذي دعى إليه الاتحاد العام التونسي للشغل والذي كان أشبه بسَكب الزيت على نار مشتعلة منذ زمن.

سيدي مذكور: التلوث البيئي يهدد الأراضي الزراعية وصحة الأهالي

بالرجوع الى القضية المرفوعة ضد عشرة مواطنين من سيدي مذكور بمنطقة الهوارية (نابل) لاحتجاجهم على الوضع البيئي في الجهة والآثار البيئية للمياه المستعملة لمصانع تحويل الإنتاجات الفلاحية كالطماطم وغيرها، فإنه في صائفة 2017 لم تكن الروائح الكريهة المنبعثة من معامل الطماطم أقل وطأة على قلوب الفلاحين من صرف مياه المعامل في الأراضي الزراعية والذي كان سببا واضحا في انتشار الأمراض وفي إتلاف المحاصيل الزراعية.

اللامركزية في تونس: وهم الرخاء وإعادة توزيع البؤس

طرحت اللامركزيّة نفسها كمسار جديد لمعالجة الارتدادات السلبية لمركزة القرار والثروة طيلة العقود التي تلت الاستقلال. تلك السياسة التي بلغت منتهاها مع تواتر الانتفاضات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والتي كان أغلبها في المناطق الداخليّة. هذا المشروع الذّي حمّلوه وعود الرخاء ومفاتيح حلّ معضلة الاختلال الجهوي على مستوى التنمية وتوفير الخدمات والبنى الأساسيّة يبدو مثقلا بهذه الرؤية التي تتضارب مع واقع السياسة التنموية للبلاد وخياراتها الاقتصاديّة، فأمام حقائق الأرقام يتضّح الفرق بين المأمول والممكن.

”السيدة كليمونتين“ لأمل خليف: نصّ مؤنّث أم كتابة نسويّة؟

”السيّدة كليمونتين“ للكاتبة التونسيّة أمل خليف، صدر عن دار النشر المصريّة ”هنّ“ في ديسمبر 2017. ”هنّ“ هي دار نشر نسوية لصاحبها رجائي موسى الذي استلهم فكرة بعث مؤسسة تُعنى بالكتابة النسويّة من رواية الكاتبة الإيرانيّة آذار نفيسي ”أن تقرأ لوليتا في طهران“، والتي جاءت على ذكر وجود دار نشر نسويّة في فرنسا بسبعينات القرن الماضي. يبدو كلّ شيء مناسبا كي تحتفل أمل بديوانها الثاني بعد ”قلب على رأس إبرة“ (2015) وتعلن عن نضوج تجربتها. في ”السيدة كليمونتين“، تنفلت أمل من صرامة الضوابط اللغويّة لتكتب نصوصا حرّة ذات خصوصيّة مؤنّثة. بإمكان القارئ وبغضّ النظر عن جنسه، أن يتماهى مع أمل، أن تنصهر ذاته مع ذوات قبيلة النساء التي يغصّ بها حلقها، أن يعاشر نصوصها، يقتحم حميميّتها، ويتجوّل في خيالها الشيزوفرينيّ.

سيدي بوسعيد: مشروع سياحي يهدد منطقة خضراء ذات قيمة أثرية

شرعت أوّل شهر ديسمبر 2017 شركة أكربول للسياحة والنزل في تهيئة وتوسعة قطعة أرض بالمنطقة الخضراء بسيدي بوسعيد قصد استثمارها في إقامة نزل سياحي ذو طابع مميز. هذا النشاط أثار احتجاجا في صفوف المواطنين ونشطاء في المجتمع المدني، تلاه قرار بلدي بإيقاف أشغال التهيئة والبناء. رغم أن هذه المنطقة صُنفت وفقا للأمر عدد 1246 المؤرخ في 07 أكتوبر 1985 كمنطقة خضراء ذات قيمة أثرية وتاريخية وطبيعية، فإنه تم الترخيص في 26 ماي 2016 لاستغلالها في إقامة مشروع سياحي.

المحكمة الدستورية، رهينة توافقات الاغلبية البرلمانية

رغم وضوح النصّ الدستوري الذي نصّ في أحكامه الانتقالية على ضرورة إرساء المحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة من تاريخ أوّل انتخابات تشريعية، لم يُحدّد مجلس نوّاب الشعب بعد جلسته العامّة للتصويت على أوّل أربع أعضاء رشّحتهم الكتل البرلمانية. تأخير مشطّ في إصدار القانون الأساسي ثمّ تعطيل كبير في مداولات فرز الترشحات قبل الزج بها في نفق التوافقات السياسية، ليبقى تركيز المحكمة الدستورية -أربع سنوات بعد الدستور- مهمّة مُؤجّلة تُخلّف وراءها فراغا دستوريا وعدد من القوانين الغير مطابقة لأحكام الدستور.

كراس شروط للإحتجاج، حتى لا تغضب السلطة التونسية

حركات شبابية بتصور أفقي تتشكل وتنتفض في تونس، التي تسلك طريقا نحو طمس كل التعبيرات التي تتعارض مع مقاييس السلطة في الاحتجاج. « فاش نستناو « أحد تمظهرات الاحتجاج المواطني خارج الصناديق الحزبية الذي أثبتت فشلا في إدارة الشارع. تحاول الحركة تنسيق خبرات نشطاء ما قبل 14 جانفي بأحلام شباب نشأ في ظل الحرية. تنسيق واعٍ يضع تعليق ميزانية الدولة لسنة 2018 هدفا معلنا، بعد أن فشلت المعارضة البرلمانية الموصوفة بالقلة العددية في فرض خيارات تخدم الطبقات السفلى. هذا كله يندرج في الوقت الذي ينتهج فيه حزبي الحكم (نداء تونس وحركة النهضة) منوالا اقتصاديا نيوليبراليا، سيَفتك بكل مقدرات الاقتصاد الوطني ذو القدرة التنافسية الضعيفة.