منذ مارس 2023 صدر قرار عن وزيرة الثقافة السابقة، حياة قطاط القرمازي، يقضي بعزل 3 نقابيين وهم خالد الهداجي، أمامة العربي الزاير و ناصر بن عمارة بعد تبليغهم عن ملفات فساد. النقابيون يتهمون الوزيرة السابقة بالتورط في شبهات فساد و إهدار للمال العام وإحالتهم تعسفيا على مجالس التأديب بسبب كشفهم للملفات، نواة التقت خالد الهداجي أحد النقابيين المعزولين ليحدثنا عن أسباب تواصل المظلمة.
بعد عزل النقابي بوزارة الثقافة الناصر بن عمارة (في 5 فيفري الجاري) ومحاكمته وفق المرسوم 54 وإيداعه السجن لأسبوع بسبب نشاطه النقابي، عاد الجدل مرة أخرى بخصوص ضرب العمل النقابي وردود الاتحاد المحتشمة. لبيان مجمل هذه النقاط حاورت نواة الناصر بن عمارة، كاتب عام نقابة إطارات وأعوان وزارة الثقافة.
”صورة أو كاريكاتير؟“ كان هذا السؤال هو ما أقضّ مضجع وزارة الثقافة نهاية الأسبوع الفارط، بدء بزيارة الوزيرة حياة قطاط القرمازي للمساحة المخصصة لنواة في فعاليات ”دريم سيتي“ مرورا بتكليفها أحد أعوان المعهد الوطني للتراث بالتنقل يوم الأحد، الموافق ل 24 سبتمبر الجاري لتصوير غلاف مجلة نواة في عددها خارج السلسلة الثاني بعنوان؛ ”النظام السعيّدي الجديد“ الصادرة بتاريخ أكتوبر سنة 2021.
جاءت حياة قطاط قرمازي من البيروقراطية الثقافية إلى حكومة نجلاء بودن ذات الميلاد العسير. وأدت الإنتاج السينمائي وعاد في عهدها الحجب للقاعات المظلمة وحتى معرض الكتاب. من شب بين أروقة الوزارة زمن بن علي واعتاد مكاتب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) التي لطالما عبقت رائحتها بدكتاتوريات الأنظمة الأعضاء، شاب على تدمير قطاع برمته.
تتواصل الانتهاكات اليوميّة لحقوق المؤلف الأدبيّة والمادية بالرغم من تعدد النصوص التشريعية في هذا الغرض. كما أن الإجراءات المتّخذة لتوثيقها والحدّ منها حافظت على طابعها الروتيني والشكلي. ناهيك عن أن المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة لا تشهد إقبالا كبير من قبل الفنانين والمبدعين. هذا علاوة على عدم احترام وسائل الإعلام في القطاع السمعي البصري لالتزاماتها القانونية التي تنص عليها كراسات شروط الهايكا. فما هو تقييم الوزيرة الجديدة لهذه المنظومة؟ وهل من إصلاحات مرتقبة؟
طال الحديث حول مشروع قانون الفنان منذ أكثر من 4 سنوات دون أن تناقشه اللجنة البرلمانية المعنية. انتظار عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفنانون. وضعية حرجة أضحت خانقة في ظل ارتدادات الحجر الصحي الشامل الذي سبب شللاً في القطاع الثقافي. وتبقى مسألة بطاقة الاحتراف الفني من النقاط الخلافية في مشروع قانون الفنان. هذه الوثيقة الإدارية التي أثارت جدلا كبيرا في المدة الأخيرة وفي العديد من المناسبات خلال السنوات الفارطة. في الجزء الثالث من حوارنا مع وزيرة الثقافة، حاولنا الاستفسار حول هذه النقاط القاتمة في مشهد ضبابي.
أجور فنانين غير مدفوعة منذ أكثر من سنتين في بعض الحالات، تعهدات تجاه شركات لم يتم الإيفاء بها، ديون تغرق مؤسسات أنهكت مواردها المالية… تتراكم المشاكل المالية لوزارة الثقافة في ظل سوء التصرف والفوضى التسييرية والبيروقراطية الخانقة. موضوع تطرقنا إليه في الجزء الثاني من حوارنا مع وزيرة الثقافة شيراز لعتيري.
منذ أكثر من 3 أشهر، تم تعليق التظاهرات الثقافية وإغلاق قاعات العرض بموجب الحجر الصحي الشامل الذي فرضته جائحة كورونا. الشيء الذي تسبب في خلق أزمة إقتصادية خانقة لشريحة واسعة من فنانين و عاملين في قطاع الفنون الركحية من موسيقى و مسرح و رقص و تمثيل. من جانب آخر أغلقت المكتبات أبوابها وتوقفت أنشاطة الطباعة والنشر و التوزيع، مما تسبب في صعوبة نفاذ المواطن إلى المنتوجات الثقافية. تطرقنا في الجزء الأول من لقائنا مع وزيرة الثقافة، شيراز العتيري، إلى موضوع إدارة الأزمة من طرف الوزارة و مدى فاعليتها.
تأثرت جل القطاعات سلبا بمخلفات الحجر الصحي الشامل في تونس ومن بينها القطاع الثقافي، حيث توقف نشاط محترفي الفنون الركحية وتم تعليق تصوير الأفلام، وفقد العديد من العاملين في الحقل الثقافي مورد رزقهم الوحيد بعد أن أُحيلوا على البطالة. وهنا نتحدث عن فئة لها مستحقات مالية لدى وزارة الثقافة منذ أكثر من سنة، فئة تطالب بإطار قانوني ينظم مهنتها ويضمن لها الحد الأدنى من الكرامة. هي فئة تعاني من مشاكل مزمنة مع سلطة الإشراف زمن كورونا وفِي غير زمن كورونا. نواة التقت المغنية والممثلة لبنى نعمان والموسيقي مهدي شقرون، زوجان يعملان حصرا في الفن، زاد الحجر الصحي من صعوبة وضعيتهما المهنية والمادية.
قدمت وزارة الثقافة إلى البرلمان، في 27 ديسمبر 2017، مشروع قانون يتعلّق بالفنّان والمهن الفنيّة، أثار جدلا حادّا داخل الأوساط الثقافية لما يحتويه من فصول تحدّ من نشاط الفنّانين. ومن بين الفصول الجدلية في هذا القانون، الفصل 37 الذي ينصّ على معاقبة بخطيّة ماليّة تتراوح بين 1000 و5000 دينار من يمارس نشاطا فنيّة بصفة محترفة دون الحصول على البطاقة المهنيّة التي رفض العديد من الفنانين الحصول عليها نظرا لشكليتها ولتعميقها لمنطق البيروقراطية. وقد ساهم أحمد بن حسانة المحامي المعروف بعدائه للحريّات في صياغة هذا القانون ممّا زاد من حدّة الجدل حوله.
في ظلّ غياب سياسة ثقافية قادرة على استيعاب الحركات الفنيّة الخارجة عن نطاق الدوائر الرسميّة الضيّقة، تبدو مقاربة الدولة للشأن الثقافيّ خالية من التجديد ومن فهم واضح لديناميكيّة المشهد الفنيّ، وهي قائمة على إخضاع الثقافة وتشكيل معانيها في أفق السياسة الحكوميّة. عندما تعتقل وزارة الثقافة، الثقافة، تتفجّر حركات فنيّة خارج أسوار المباني الضخمة، حركات لا تعترف بالتعقيدات البيروقراطيّة. بصفر ميزانية، اجتمع فنانون وسينمائيّون شبان وأطلقوا مبادرة ”فرايجيّة“ في ردّ واضح على ثقافة الدولة الرسميّة الداعمة للمُهادن والمهمّشة للمُزعج.
لن أذهب بعيدا قبل أن أذكّر بوعد الرئيس الأسبق بن علي في 2009 في آخر حملة انتخابية له المتمثل في تخصيص 1 بالمائة من مجموع ميزانية الدولة للثقافة. وقد كان على وعده وتم ضبط هذه الزيادة على أربع سنوات من 2010 إلى 2013. وبفعل الثورة ناهزت هذه الميزانية 1 بالمائة في الميزانية التكميلية سنة 2011. أما الترويكا المجيدة وبفعل تعزيز وزارة الشؤون الدينية وتعبئة جيوب أنصار الاسلام السياسي وغيرها من الخزعبلات المشكوك في جدواها خفضت هذا التخصيص حيث وصل الى حدود 0.63 بالمائة بفضل إيمانها الشديد بدور الثقافة خاصة في مرحلة الانتقال الديمقراطي ووفاءا منها لوعودها الانتخابية. من الترويكا الأولى الى الترويكا الثانية، نلاحظ عودة إلى زعزعة العمل الثقافي. وكنا نتصور أن بعض الموقعين على وثيقة قرطاج سيسعون إلى الدفاع عن حظوظ الثقافة، إلا ان الترويكا الجديدة قضت عليهم وعلى إيمانهم المعلن بالثقافة.
انتهت السلسلة الماراطونية لجلسات الاستماع والتحقيق فيما يعرف بقضيّة حفلات “ماريا كاري” في تونس سنة 2006 بإصدار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في 03 مارس الجاري، حكما بالسجن 6 سنوات مع النفاذ العاجل ضدّ كلّ كاتب الدولة للشباب سابقا كمال حاج ساسي، وزيرة التجهيز سابقا سميرة الحاج خياش ووزير السياحة السابق التيجاني الحداد، إضافة إلى الرئيس السابق زين العابدين بن علي وعماد الطرابلسي بتهمة الإضرار بالإدارة واستغلال النفوذ وتحقيق فائدة غير قانونية. هذا الحكم في عمليّة التحيّل التّي فاقت معاملاتها 2 مليون دينار أعاد إلى دائرة الجدل قضيّة المسؤولية السياسيّة والأخلاقيّة للمسؤولين الحكوميين في عهد الرئيس السابق بن علي وصمتهم أو تواطؤهم في قضايا الفساد وتسخير الإدارة العمومية لخدمة العائلة الحاكمة.
لقد صادقت تونس على اتّفاقية صون التّراث الثّقافي اللاّمادي الصّادرة عن المؤتمر العام لليونسكو بتاريخ 17 أكتوبر 2003 خلال الجلسة البرلمانية المنعقدة بتاريخ 02 ماي 2006. ومنذ ذلك التاريخ لم تقم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بأي إجراء جذري لصون تراثنا الثّقافي اللاّمادي المهدّد بالتلاشي والاندثار كما تقتضيه بنود تلك الاتفاقية، فأضحت الكثير من جوانبه ومكوّناته نسيا منسيا.
“كيف يريدوننا أن نتصدّى لأمثال كمال زرّوق من دون ميزانيّة؟” بهذه الإشارة الاستنكاريّة إلى القيادي السابق في تنظيم أنصار الشريعة، لخّص سفيان الڨاسمي، مدير دار الثقافة ابن زيدون بالعمران، الأوضاع المزرية التي تعاني منها مؤسّسته منذ حوالي السنة. فهذه الدار كغيرها من دور الثقافة، خاصّة بالأحياء الشعبية والجهات الداخلية، تعاني من تداعيات قرار إلغاء العمل باللجان الثقافية
بعد طول غياب خلناه سيحمل جديدا يحرّك الركود في وزارة الثقافة، ظهرت وزيرة الثقافة يوم أمس الخميس 1 أكتوبر الجاري لتظيف حقنة يأس جديدة لقطاع التراث. حرصت الوزيرة على ترديد كليشيهات ومفردات إنشائية بلا مضامين حقيقية، وقد لا يكون ذلك بنية مضمرة، ولكنه على أية حال، دليل إفلاس أخر ينضاف إلى “وزارة الثقافة”. إذ من بين حزمة “الإجراءات” الوزارية ذكر عنوان واحد في علاقة بالتراث، وهو إعداد أمر ترتيبي يتعلّق بإقرار الاستقلاليّة الماليّة والإداريّة لمتحف باردو !! والغاية كما يقول بيان الوزارة، الخالي من أية بيان، هو “مضاهاة أكبر متاحف العالم” بعد الصيت العالمي الذي ناله إثر “الحادثة الإرهابيّة التّي طالته”
في قلب العاصمة تونس، تبرز كرة ضخمة قبيحة من البلّور تسنُدُها أعمدة شاهقة. شيء يشبه كرة الكريستال، تزيد إنارته الباهتة من عتمة هذا المبنى الموحش المُسمّى مدينة الثقافة. وجوهه المتعدّدة تذكّر الفنّانين المارّين أمامه بكلّ المال المُبذّر والذي كان يمكن أن يُنفَق على تمويل العديد من المشاريع الإبداعية التي صارت حبيسة الماضي.