protest-kasserine-map-2

تحيين

يبدو أن تعاطي السّلطة مع موجة الاحتجاجات السلميّة المطالبة بالتشغيل قد أخذ منعرجا قمعيّا مع تواتر أخبار المحاصرة والإيقافات واستعمال العنف لإنهاء الاعتصامات.

في جندوبة شهدت الأوضاع تصعيدا من قوّات الأمن، حيث عمدت هذه الأخيرة في ساعة متأخرّة من ليلة الاثنين 25 جانفي 2016 إلى مداهمة المعتصمين داخل مقرّ الولاية وإخراجهم بالقوّة من هناك. وقد أصدرت الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الانسان بيانا أدانت فيه العنف المستعمل لفضّ الإعتصام السلميّ للمعطّلين عن العمل، ممّا أدّى بحسب البيان على تدهور الحالة الصحيّة لأحدهم. هذا وحمّلت الرابطة السلطات الجهويّة مسؤوليّة التصعيد وازدياد حالة الاحتقان. في معتمديّة غار دماء من ولاية جندوبة، أبلغنا شهود عيان اليوم 26 جانفي 2016، أنّ المعتصمين داخر مقرّ المعتمديّة محاصرون بعد أن أمّنها الجيش، في حين ترابط قوّات الأمن في محيط المقرّ، لتوقف في ايّ شخص يغادر المكان. هذا ويتجمّع داخل مقرّ المعتمديّة عدد من المعطّلين عن العمل وعمال الحضائر في إطار سلسلة الاحتجاجات التي تشهدها معظم جهات البلاد للمطالبة بالتشغيل والتنمية الجهويّة وتسوية وضعيّة عمال الحضائر.

المطالب التي رُفعت من أجل التشغيل والكرامة خلال موجة الاحتجاجات التي بلغت أوجّها يوم الخميس 21 جانفي 2016، عندما انتشرت لتشمل أكثر من 16 ولاية في كامل البلاد، لم تستطع أن تقاوم الصدى الاعلاميّ للفوضى التي اندلعت في بعض المناطق على غرار حيي التضامن والانطلاقة في العاصمة وولاية القيروان. سرعان ما التقطت الحكومة هذه الحوادث لتزرع الرعب في قلوب المتعاطفين مع مطالب المعطّلين عن العمل من حالة الفوضى القادمة، ولتدغدغ في ذاكرة المتابعين مشاهد الفراغ الأمنيّ التي شهدتها معظم ولايات البلاد عقب 14 جانفي 2011.

يوم الإثنين 25 جانفي 215، مثّل حلقة جديدة في مسيرة نضالات المعطّلين عن العمل، الذّين اصرّوا على النأي بمطالبهم المشروعة عن موجات التخريب، ليعيدوا رفع شعاراتهم بكلّ ثقة تحت النور وبمرأى الجميع في أكثر من 10 ولايات حتّى لحظة كتابة هذه الأسطر.

القصرين: المعتصمون يصدرون بيانهم الرابع


ما يزال الاعتصام داخل مقرّ ولاية القصرين مستمرّا مع تواصل التجاهل الحكوميّ لمطالبهم. وقد أصدر المعتصمون مساء يوم الأحد 24 جانفي 2016 بيانهم الرابع من مقرّ الاعتصام حيث أعادوا التذكير بمطالبهم الاساسيّة المتعلّقة بالتشغيل والتنمية والتمييز الإيجابيّ لولاية القصرين. وقد أكدّ هؤلاء على التمسّك بسلميّة واستقلالية الاعتصام على الرغم من محاولات التوظيف والإجهاض على التحرّكات المشروعة عبر توريطها في أحداث العنف والتخريب التي شهدتها بعض مناطق البلاد خلال الأيّام القليلة الفارطة. هذا وأدان البيان التعاطي الحكومي مع مطالبهم القائم على التجاهل والتعامل الفوقيّ مصرّين في ذات الوقت على انفتاحهم للحوار والتعامل مع جميع المبادرات الجديّة لحلّ قضيّتهم. وأكّد المعتصمون على مضيّهم قدما في نضالهم السلميّ حتّى “فرض الملفّ الاجتماعي عموما وملف التشغيل خصوصا كعنوان رئيسي للمرحلة.”

من جهة أخرى شهد عدد من معتمديات ولاية القصرين تحرّكات احتجاجيّة سلميّة للمطالبة بالتشغيل على غرار فريانة وجدليان التي شهدت إضرابا عاما طيلة اليوم.

بدورها تواصل الحراك الاجتماعي في مدينة فوسانة من ولاية القصرين، حيث نظّم المحتجّون من الشباب المعطّل عن العمل والأهالي وقفة احتجاجيّة أمام مقر المعتمديّة.

مسيرة سيدي بوزيد تُواجَه بالغاز

مدينة سيدي بوزيد شهدت صباح اليوم 25 جانفي 2016 مسيرة سلميّة للمعطّلين عن العمل نظّمها كلّ من اتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل والاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. المسيرة التي توجّهت إلى مقرّ الولاية تعرّضت للتعنيف عند محاولة بعض الشباب الدخول إلى الولاية، حيث استعملت قوّات الأمن الغاز المسيّل للدموع لتفريق المحتجّين ممّا أدّى إلى عدد من حالات الاختناق بمدرسة ابتدائيّة قرب الولاية.

التحرّكات لم تقتصر على مركز الولاية، حيث شهدت معتمديات بوزيّان وسبيطلة والرقاب تحرّكات مماثلة رفعت شعارات تطالب بالتشغيل والتنمية.

العاصمة تحتجّ بهدوء

العاصمة لم تغب عن قائمة المدن المحتجّة، حيث شهدت هذه الأخيرة 3 تحرّكات منفصلة. إذ نظمت لجنة متابعة وإسناد إضراب الجوع لأعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز من حاملي الشهائد العليا وقفة تضامنيّة مع المضربين عن الطعام عند منتصف يوم الإثنين 25 جانفي 2016. هذا التحرّك يأتي ضمن سلسلة من الوقفات الاحتجاجيّة التي نظمتها لجنة المساندة لحرّاس الشركة البالغ عددهم 15 شابا من حاملي الشهائد العليا المضربين عن الطعام منذ 22 يوما، والمعتصمين في العراء أمام مقرّ الشركة الوطنية للكهرباء والغاز في نهج كمال أتاتورك منذ ذلك التاريخ. وتتمحور مطالب المضربين حول تسوية وضعياتهم الماديّة والإداريّة.

غير بعيد عن موقع التحرّك الأوّل، نظّمت مجموعة من الشباب المعطّلين عن العمل وقفة احتجاجيّة بساحة القصبة في إطار مواصلة نسق التحرّكات السلمية من أجل الحقّ في التشغيل. الوقفة الاحتجاجيّة لم تشهد مضايقات من قوات الأمن وانتهت بعد ان رفع المحتجّون شعاراتهم ومطالبهم في ساحة القصبة.

التحرّك الثالث، كان في مقرّ الرابطة التونسيّة لحقوق الإنسان، حيث ينفّذ ثمانية شبّان اصيلي مدينة بوزيّان من ولاية سيدي بوزيد إضرابا عن الطعام في مقرّ الرابطة منذ 22 جانفي الجاري. بالاتصال مع أكرم ضيف الله، أحد الشباب المعتصمين، أكّد هذا الأخير أنّ تحرّكهم يأتي في إطار سلسلة من الاعتصامات المتلاحقة منذ السنة الفارطة. حيث نفّذ شباب بوزيّان في البداية اعتصاما مفتوحا طيلة 47 يوما في مقرّ المعتمديّة ليدخلوا في اضراب عن الطعام من 22 أفريل الفارط إلى 04 جوان من سنة 2015. تلاه جلسة تفاوضيّة مع وزير الشؤون الاجتماعيّة بحضور الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي، وعضو من الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الانسان ونائبين عن مجلس النوّاب هما مباركة عواينية (الجبهة الشعبية) ونزهة بياوي (الجبهة الوطنية للانقاذ). الاجتماع أفضى إلى الاتفاق على انتداب 64 شابّا في الوظيفة العموميّة. ويضيف أكرم ضيف اللّه انّ اضرابهم جاء على خلفيّة التلاعب بالقائمات التي اقصت المجموعة المعتصمة في مقرّ الرابطة حاليّا مطالبا بتفعيل قرارات اجتماع 04 جوان 2015 وانتداب المعتصمين الذّين يعانون من ظروف اقتصاديّة واجتماعيّة صعبة في الوظيفة العموميّة.

تواصل التحرّكات الاحتجاجيّة في عدد من ولايات البلاد شمالا وجنوبا

التحرّكات السلميّة المطالبة بالتشغيل لم تقتصر على مدن سيدي بوزيد والقصرين والعاصمة، حيث شهدت عدد من المدن والمعتمديات تحرّكات للمعطّلين عن العمل على غرار مدينة باجة ومعتمدية تيبار، حيث نفذ عدد من الشباب والشابات وقفة أمام مقرّ معتمديّة باجة الجنوبيّة ليتوجّهوا فيما بعد لمقرّ الولاية لتسليم مطالب التشغيل. مدينة جندوبة ومعتمدية غار دماء إضافة إلى مدينتي الكاف وسليانة كانت هي الأخرى مسرحا لعدد من الوقفات الاحتجاجيّة للمطالبة بالتنمية الجهويّة وحلّ معضلة البطالة لشباب الشمال الغربيّ.

الجنوب التونسيّ شهد بدوره تحرّكات مماثلة، حيث عمد مجموعة من الشباب المعطّلين عن العمل في الحامة من ولاية قابس إلى قطع الطريق الوطنيّة عدد 16 الرابطة بين قابس وقبلّي بغية الضغط على السلطات الجهويّة ومقابلة المسؤولين لنقل مطالب شباب الجهة إليهم. كما شهدت الإدارات الجهوية في المدينة إضرابا استمرّ طيلة اليوم.

كما عاد المحتجّون إلى الاعتصام في مقرّ ولاية توزر بعد تعليقه ردّا على غياب تحرّك جديّ للحكومة إزاء تحرّكاتهم السابقة

التحرّكات تواصلت في قفصة، حيث شهدت المدينة تجمّعا للشباب المعطّلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا وعمال الحضائر. وقد رفع هؤلاء مطالب تتعلّق بالتنمية الجهويّة والتمييز الإيجابيّ للجهات المهمّشة. كما شهدت مدينة مدنين تحرّكا مماثلا رفع نفس الشعارات والمطالب. لتتواصل اليوم 26 جانفي في عدد من مدن الحوض المنجميّ.

أمّا في جبنيانة من ولاية صفاقس، فقد نظّم اتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل بمشاركة عدد من الهياكل النقابيّة مسيرة ضخمة وسط المدينة، ليتوجّهوا فيما بعد نحو مقرّ المعتمديّة ومن ثمّ إلى مقرّ البلديّة مطالبين بالتشغيل والتنمية الجهوية، لتصل الهتافات حدّ المطالبة باستقالة الحكومة الحاليّة بعد فشلها في حلّ مشكلة التفاوت الجهويّ وتفاقم معضلة البطالة.

كما نظّم اتحاد المعطّلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا تحرّكا عشيّة اليوم 26 جانفي 2016 في مدينة الحنشة  للمطالبة بالتنمية والتشغيل.