هل تغيّرت النّهضة فعلا؟

لا شكّ أنّ حركة النّهضة اليوم لم تعد الحزب الذي عرفناه سنة 2011، فمنذ انطلاق تجربة التّوافق لم يتوقّف قياديّوها عن الحديث عن الفصل بين الدّعوي والسّياسي. وهو ما لم يكن متوقّعا ولا ممكنا في السّنوات الأولى بعد الثّورة. فلطالما استغلّ الإسلاميّون العاطفة الدينيّة لاستمالة النّاخبين في غياب تامّ لأيّ مشروع أو رؤية واضحة للبلاد. وكانت هذه المرجعيّة الدينيّة وَسِيلتهم الوحيدة للوصول إلى السّلطة وللحصول على الدّعم من بعض البلدان لاسيما عندما كان المناخ الدّولي ملائما لوجودهم. أمّا اليوم فالنّهضة كالحرباء تتلوّن تماشيا مع المعطيات الإقليميّة والعالميّة الجديدة. وهو ما جعل الكثيرين يعتبرون أنّ هذا التغيّر ليس إلاّ ورقة سياسيّة تضمن لها مواصلة نشاطها.

صيانة المدارس: الأزمة الاقتصادية والإدارية للتعليم العمومي

مرّ أكثر من شهر على العودة المدرسية ومازالت تروج أخبار عديدة ومتفرّقة عن عدم انطلاق العام الدراسي في الظروف الملائمة. ومع تنامي التجاذبات بين مختلف الفاعلين في قطاع التعليم، تأخذ الجهات الداخلية والمناطق الريفية نصيبها الأوفر من سوء التدبير. فالمدارس تعاني نقائص بالجملة، أهمّها مشاكل البنية التحتية والتهيئة بالمرافق الصحيّة الأساسية، تقابلها احتجاجات المواطنين المطالبين بشكل مستمرّ بتقريب المصالح والخدمات وتحسينها. في المقابل، تقف السياسات الحكومية المركزية عاجزة عن تلبية الحدّ الأدنى، لبعدها الكبير عن المحليّات وضعف التغطية وفشل مبادرات الإصلاح.

حدثت الذكورية السامة قالت

هل يمكن لفنانة تونسية اليوم أن تُعلن بشكل صريح وعلى الملأ عن واقعة تحرش جنسي تعرضت لها؟ ماذا عن المرأة التونسية في واقعها المليء بتجارب العنف الجنسي؟ في ظل أي رغبة اجتماعية أو سياسية فعلية، أصبحت الذكورية السامة في تونس مرضا متفشيا تعانيه المرأة في تونس بشكل يومي بغض الظن عن انتماءاتها الجغرافية والدينية والطبقية.

ختم قانون المصالحة: عندما يتملّص الباجي قائد السبسي من مهمّة “رمز وحدة الدولة”

ينص الفصل 72 من الدستور في الباب الرابع المتعلق بالسلطة التنفيذية أن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور”. ولكن عندما يُوضع هذا النص على محك المقارنة مع الواقع السياسي تتهافت الكثير من أجزائه لتكشف آليات السلطة وممارساتها عن تصادم فعلي مع منطوق النص الدستوري وروحه. فرئيس الجمهورية الذي خَتم، اليوم الثلاثاء، قانون المصالحة الإدارية بعد صراع اجتماعي وسياسي كبير حوله، لم يكن بأي حال من الأحوال رمزا للوحدة بل كان طرفا رئيسيا في الصراع، مُسخّرا موقعه الهرمي في جهاز الدولة ليفرض مبادرته التشريعية. أما بالنسبة للجزء المتعلق باحترام الدستور فإن رئيس الجمهورية خَتم قانونا طعن فيه نصف أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

البرادعة: إضراب عام أهالي منطقة ذات صبغة سياحية بلا سياحة

دخل أهالي البرادعة التابعة لمعتمدية قصور الساف بالمهدية، منذ الاثنين 16 أكتوبر 2017، في إضراب عامّ مفتوح لتجديد مطالبهم المتعلّقة بحقهم في التنمية وتقريب المصالح والخدمات وتهيئة الأحياء المهمّشة بكلّ من منطقة الرشارشة والحسينات والعالية. يأتي هذا التصعيد اثر عدم التزام السلط الجهوية والمركزية بالاتفاق المبرم مع الأهالي في 26 فيفري 2017 والذي تضمّن عدد من النقاط لم يتمّ تفعيلها، بل جاء ردّ رئيس الحكومة على مطلب الأهالي بإحداث معتمدية بالبرادعة بالرفض مع الاقتصار على أنّه “مطلب غير وجيه”..

جدل ”قضيّة القبلة“: الأخلاق الحميدة، عصا السلطة لضرب الحريّات الفرديّة

لا تأخذ النصوص القانونية في تونس بعين الاعتبار والاهتمام مسألة الحريّات الفرديّة، رغم التنصيص عليها في دستور الجمهوريّة الثانية سواء في ديباجته أو في فصله الـ21، فالمجلة الجزائيّة تحصر هذه الحريّات بفصول فيها الكثير من السلطويّة الذكوريّة والدينيّة. تغيب عن معظم فصول هذه المجلّة التي يعود تاريخ صدورها إلى سنة 1913 -خاصّة المتعلّقة منها بالجرائم الجنسية- آليّات حمائيّة محدّدة ومضبوطة مهمّتها الحدّ من الرقابة المفروضة على حريّة الأشخاص. تجدّد الجدل حول مسألة الحريّات الفرديّة إثر ما عُرف بـ”قضيّة القبلة“ ليُعيد معه أزمة العبارات الفضفاضة والقابلة للتأويل في المجلّة الجزائيّة مثل ”الأخلاق الحميدة“ و”خدش الحياء“ و”التظاهر بالفحش“ و”هضم جانب موظف عمومي“ والتي يوظّفها جهاز الدولة للسيطرة على الأجساد الفالتة.

الإضراب العامّ بالبرادعة: الأهالي يطالبون بتقريب المصالح والخدمات

من أمام قصر البلدية، رفع أهالي البرادعة التابعة لمعتمدية قصور الساف بالمهدية، شعار “مانطوّلوهاش وهي قصيرة، نحبّو معتمدية كي بني مهيرة”. ولئن يبدو المشهد متناقضا فإن مطلب أهالي البرادعة يخفي مسايرة اجتماعية لسياسات السلطة المركزية التي تلجأ إلى إحداث معتمديات جديدة من أجل امتصاص الاحتقان الشعبي.

البيئة: ماهي البدائل الممكنة للاقتصاد الملوّث؟

دائما ما تُرفَع المتطلبات التنموية كحجة في وجه المطالب البيئية. خلال الدورة الرابعة لمنتدى من أجل عدالة بيئية في تونس، الذي نظمه المنتدى الاقتصادي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيام 06 و07 و08 أكتوبر 2017، التقى موقع نواة بعدد من الناشطين البيئيين، من سيدي بوزيد والمنستير وقابس وتطاوين. وقد استعرض كل منهم جردًا للمشاكل البيئية بجهته والبدائل المُمكنة من أجل تحقيق تنمية محترمة للسلامة البيئية.

الجميع في الحكم… لكن لا أحد يحكم

مرّت ثلاث سنوات بعد المصادقة على دستور 2014، الاستثناء العربي في تكريس مبادئ الديمقراطيّة والتعدّدية. ولكن مع اقتراب موعد مغادرته قصر قرطاج، أبدى رئيس الجمهوريّة تذمرّه من نظام الحكم الحالي وتَفنّن في تعديد عاهاته، مطالبا بضرورة تعديله حتّى تتضح ملامح النّظام الذي لم يمكّنه –بصيغته الحالية- من الالتزام بوعوده الانتخابيّة. وتعالت أصوات المُطبّلين الذين سارعوا إلى تمجيد هذا القرار الحكيم والذي سيجعل من تونس سنغافورة إفريقيا. موقفي هذا لا يعني أنّ دستور سنة 2014 لا يخلو من المساوئ، بل بالعكس أرى أنّه من الحكمة التأنّي قبل مساندة هذا الاقتراح أو معارضته.

محرقة الكاباس 2017: عندما يدفع الأساتذة الناجحون ضريبة املاءات صندوق النقد الدولي

أعتقد أن ملف الناجحين في الكاباس في دورتها الحالية سنة 2017 يندرج في سياق عام يرتبط بنقطتين أساسيتين وهما الاصلاح التربوي وسوق الشغل. هذا الملف صَاحَبه في بداياته تعتيم اعلامي لا نعتقد أنه كان بريئا وهو ما أقرّ به أحد الصحفيين المشتغلين بإحدى القنوات التي تسدد أجور موظفيها من أموال دافعي الضرائب وأقصد هنا التلفزة الوطنية التي مازالت مقيدة نوعا ما بسياسة التعليمات، كذلك ما جوبهنا به من صد لدى المسؤولين في وزارة التربية التي تنصلت بصفة جلية من مسؤولياتها وقَابلت من هم منتمون إليها (الأساتذة الناجحون في كاباس 2017) ببيان صادم حين نعتتهم بالمتجمهرين وكأنهم جسم دخيل عليها، وذلك رغم أننا اجتزنا مناظرة وطنية هي نسخة مطابقة للأصل من سابقاتها من الناحية العملية والاجرائية الصرفة.

سيدي بوزيد: أي بدائل للإستغلال المفرط للمياه الباطنية ؟

في سيدي بوزيد، تخلى صغار المنتجين الفلاحيين عن أراضيهم لنقصٍ في الوسائل، خاصة شُحّ المياه. في الوقت الذي تزايدت فيه مخاطر التصحر يتهم المناضلون البيئيون الدولة والمستثمرين الفلاحيين بالتسبب في تفاقم الوضع عبر الإفراط في استغلال الموارد المائية. غسان المحفوظي، ناشط في التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية، يندد بحفر حوالي 4500 بئر دون ترخيص. التقته نواة على هامش منتدى العدالة البيئية للوقوف على البدائل الممكنة لهذه المعضلة.

عندما ينحني الرؤساء للتلاميذ، تسقط قلعة “الفارينة” الفاخرة !

جاءت واقعة إخراج المسؤولين المحليين بسوسة للتلاميذ من المؤسسات التربوية بغاية حشدهم لموكب استقبال رئيس الجمهورية -حتى لا يقال عنهم “الجماعة ما فرحوش بينا”- لتـُعرِّي فينا أشياء قضّينا ستّة أعوام ونحن نتوهم ذهابها. فبين قائل بمشروعية هذا الإخراج والقائل بعدمها، يلوح للعيان استمرار التداعيات الثقافية للنظام السابق، وتغلغلها في السلوك النفسي واختراقها سُلّم القيم. هذا وقد سارع المسؤولون، على اختلاف مراتبهم، إلى تقزيم هذه التداعيات بخطاب اتصالي تزويقي، يتعللون فيه زيفا ببراءة الأطفال الذين “خرجوا تلقائيا” وما كان للسلطة إلا أن استجابت لهم. في حين كان للشبكات الاجتماعية حديث آخر ومخاضات أخرى.

ريبورتاج في البرادعة: الإضراب العامّ الثاني في سنة 2017

مسافة قصيرة تفصلنا عن قصر البلدية بالبرادعة بولاية المهدية. استقبلتنا أفواج من التلاميذ في مسيرة واحدة باتجاه الهيكل العمومي الوحيد بالمنطقة، البلدية. كان الثلاثاء 17 أكتوبر 2017، اليوم الثاني منذ إعلان الإضراب العامّ المفتوح الذي يشمل كلّ من منطقة الرشارشة والحسينات والعالية وقد أغلقت أربع مدارس أبوابها وأقفلت المقاهي والمحلاّت وانقطعت الحركة في مختلف الأحياء المجاورة. التلاميذ يرفعون المعلّقات التي تنادي بحقّ البرادعة في التنمية وأصوات تتوعّد بالتصعيد في غياب المنظمات النقابية والاجتماعية.

بنزرت: هرسلة بوليسية لعائلة الناشط السياسي صلاح الدين كشك

أين صلاح؟ كيف خرج إلى فرنسا ؟ هل تملك نسخة من بطاقة تعريفه أو جواز سفره ؟… هذا جزء من الأسئلة التي وجهها أعوان الحرس إلى محمد كشك، والد الناشط السياسي و رئيس حزب القراصنة صلاح الدين كشك. محمد كشك، يبلغ من العمر 66 سنة، ويواجه أوضاعا صحية حرجة، نظرا للأمراض المزمنة التي يشكو منها على غرار السكري والقصور الكلوي و يخضع دورياً إلى عملية تصفية الدم. هذه التتبعات اعتبرتها عائلة صلاح الدين كشك ضغوطات غير قانونية أدت إلى تفاقم الوضع الصحي لوالده.على اعتبار أن العائلة لا تتحمل المسؤولية القانونية والسياسية في نشاط ابنها المقيم حاليا بفرنسا.

الإفتتاحية: العنف والتحرش في تونس، القيم الذكورية تهزم القوانين

يتجدد العنف كظاهرة انتروبولوجية ملازمة لتاريخ الانسان، بأشكال وأنماط مختلفة. تسعى الأنظمة والدول الحديثة إلى عَقلنته أو ضبطه عبر “احتكاره الشرعي” أو صَرفه عبر إحلال قيم التعايش والمساواة التي ينظمها القانون. في السياق التونسي، تُنذر حركة المجتمع بنزوع مفرط نحو العنف داخل الفضاء العام، ضحاياه الرئيسيون من النساء والأطفال. هذا العنف المخصوص يُحرّكه مخيال اجتماعي، يقتات من قيم الثقافة البطريركية (الأبوية)، التي تصادر إنسانية المرأة لصالح الهيمنة الذكورية، تحت ذرائع الكمال والفتوة والقوة الجسدية. هذه الهيمنة القديمة ظلت فاعلة في تحديد المكانة الاجتماعية للمرأة، ولم يفلح التحديث الاجتماعي والتشريعي في إلغائها.

قابس: أي بدائل للصناعة الكيميائية؟

منذ إنشائه قبل حوالي 45 سنة، يشكل المركب الكيميائي بقابس خطرا بيئيا وتهديدا صحيا لآلاف المواطنين بالجهة. وفي ظل وجود عديد التحركات المواطنية المطالبة بإزالة هذا المركّب أو نقله إلى خارج المناطق السكنية على الأقل، يبرز رأي مخالف مفاده أن المركب الكيميائي بقابس هو مصدر التنمية في الجهة والمشغل الأول لأهالي الجهة، وأن إزالته أو نقله هو بمثابة الحكم على أبناء قابس بالبطالة والفقر. مريم دزيري، ناشطة في حملة “stop pollution” بقابس، تتحدث لموقع نواة عن الحلول البديلة للمجمع الكيميائي، والتي توازن بين توفير مواطن الشغل وتحقيق التنمية من جهة وبين احترام الطبيعة والحق في بيئة سليمة من جهة أخرى.

تطاوين: أي بدائل لاستخراج الغاز الصخري؟

المطالب الاجتماعية التي رفعها شباب تطاوين في اعتصام الكامور شهر ماي المنقضي، لا يجب أن تحجب الجانب الآخر المتصل بالتجاوزات البيئية التي تقوم بها الشركات البترولية، خصوصا عبر نشاط استخراج الغاز الصخري من صحراء تطاوين. عن صعوبة التوفيق بين مطالب أهالي الجهة في التنمية والنضال ضد تجاوزات الشركات البترولية، يتحدث سامي عون عضو ائتلاف “لا للغاز الصخري بصحراء تطاوين” لموقع نواة حول المشاكل التي تواجه المناضلين البيئيين في تطاوين.

المنستير: أي بدائل للصناعة الملوثة؟

كثيرةٌ هي المرابيح التي تتكدس في حسابات أصحاب المصانع والماركات المعروفة. وتقابلها العديد من المشاكل والأضرار البيئية التي تلحق الطبيعة جراء الأنشطة المعملية. في الوقت الذي يحقق فيه البعض أموالا طائلة يعاني البقية من مشاكل بيئية وصحية وظروف عمل قاسية. في ظل التأرجح بين الربح الفاحش والاعتداء على الطبيعة والإنسان، يقدم لنا الأستاذ منير حسين، عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بولاية المنستير، تصوّرا حول الموازنة بين احترام الحق في العمل اللائق والمحافظة على البيئة وبين حق أصحاب المصانع والماركات العالمية في قطاع النسيج في الربح، معتمداً مثال ولاية المنستير.