ومية: الشيخ راشد VS الأستاذ الغنوشي

على منبر واحد، وبين استحقاقين، تغيّر خطاب رئيس حركة النهضة راشد الغنّوشي مراوحا بين رجل دولة مدنيّة وزعيم حزب دينيّ. تلك الصورة التّي تقمّصها الغنّوشي خلال المؤتمر العاشر لحركة النهضة في 20 ماي 2016 للأستاذ العقلانيّ المؤمن بضرورة فصل الدين عن السياسة والانخراط التام في النمط المجتمعي العصري، إبّان ذروة التحالف والتماهي مع حليفه الحاكم نداء تونس، سرعان ما اندثرت خلال خطابه الأخير المثقل بالشحن الدينيّ وتوظيف النصّ القرآني والسيرة النبوية خلال افتتاح الحملة الانتخابيّة للحركة في 14 أفريل الجاري. خطاب يتلاءم مع السياق التنافسي الجديد مع حليف الأمس قبيل أسابيع من الاستحقاق الانتخابي البلدي.

جيش الطباشير ويوميات الصمود الساخر: ”باش يقصو الشهرية؟ خلّي يقصو“

“سأحجز جناحا في السجن مع زوجي وأبنائي”. كانت هذه إجابة حنان، أستاذة تقنية بمدرسة إعدادية وأم لابنين، عندما توجّهتُ إليها بالسؤال عمّا سيحصل بعد تهديدات وزارة التربية الأخيرة بقطع الرواتب وتلميح بعض الدوائر بإمكانية الحكم بالسجن على الأساتذة اللذين سيواصلون حجب الأعداد. توقّعتُ أن أجدها في حيرة من أمرها، لكن على عكس ذلك وجدتها ضاحكة، ساخرة وسعيدة بإمكانية قضاء أيام راحة مع زوجها، هو أيضا أستاذ من حاجبي الأعداد. أحمد هو الآخر أستاذ إيطالية، أشار إلى أن قطع الرواتب لن يغيّر شيئا بالنسبة له “فما الفرق بين 1000 دينار في “الروج” و2000 دينار؟”. أما نجوى، سجينة سياسية سابقة، تناولت المسألة بكل تجرّد “كان على الحبس أنا مستانسة بيه”.

القفي-القيروان: مشروع مقطع حجارة يهدّد التوازن البيئي وقوت الأهالي

“لم نطلب شيئا من الدولة سوى العيش في بيئة سليمة”. هكذا اختصر أحد أهالي عمادة القفي بمعتمدية السبيخة أسباب تحرّكهم الإحتجاجيّ الذّي انتهى إلى حملة إيقافات وإحالة 4 منهم إلى المحاكمة في 08 ماي المقبل. على تخوم جبل بن فضلون، يعتاش أغلب السكّان من الغطاء النباتيّ للجبل من زياتين وإكليل ونعناع ورعي المواشي. لكنّ هذه المنطقة قد تشهد تغييرا جذريّا مع انطلاق اشغال مقطع الحجارة الذّي تمّ إسناد رخصة تهيئته من قبل وزارة التجهيز إلى أحد الخوّاص ليهدّد التوازن البيئيّ وسلامة الأهالي ومصدر رزقهم.

إضراب التعليم العالي: التمثيلية النقابية بين القانون وأهواء الوزير

تعيش الجامعة العمومية اليوم على وقع إضراب إداري تخوضه نقابة الأساتذة الجامعيين الباحثين (إجابة) منذ جانفي 2018 على خلفية جملة من المطالب، التي أقرت سلطة الإشراف بمشروعيتها ولكنها رفضت الجلوس على طاولة التفاوض معها مستندة إلى أن هذه النقابة لا تشكل “الأكثر تمثيلية”، وهو ما أدى إلى تعميق الأزمة واحتدام حالة الاحتقان في الأوساط الجامعية في ظل تشبث الوزير بالتفاوض مع “النقابة الأكثر تمثيلية” -على حد تعبيره- وهي حسب تقديره الشخصي الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، وبذلك أخذت الأزمة بعدا قانونيا. فما مدى وجاهة موقف وزير التعليم العالي والبحث العلمي من الناحية القانونية؟

عرض ”أنا برشا“: عندما تَكفر الكتابة بالمحرّمات

“أنا برشا” من العروض التي تدفعك إلى التفكير والغوص عميقا في عوالم تناسيناها. “أنا برشا” عرض مخيف، قذر ومبهج. سهى بختة، مجد مستورة، حمدي مجدوب وليليا بن رمضان، أربعة كتّاب فوق ركح قاعة الفن الرابع يوم السبت 14 أفريل، أربكوا حشدا من الجمهور بنصوصهم العاميّة التي تهتمّ بأدقّ التفاصيل والتي تعدّ عصارة سنوات من اللهيث والنباح المحموم. لا يمكن تصنيف هذا العرض ووضعه تحت خانة “السلامslam ” أو “الشعر الجديد”. هو كلام فوق الركح فقط، ولكنّه كلام يعرّي المستور و”المخبّل في كبّة”، يسخر من الوجود، يهدم الثوابت ويسائل الحتميّات. “أنا برشا” هو عرض سكران يترنّح يمنة ويسرة، معدته خاوية، يتقيّأ ويصرخ بصوت مثقل: لقد تغيّر العالم يا رفاق !

من بروكسل إلى الحرايرية: ملامح الرهان الأوروبي على حركة النهضة في تونس

من العاصمة البلجيكية بروكسل إلى منطقة الحرايرية بالعاصمة، يواصل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مسار البحث عن الدعم الانتخابي لحزبه، دوليا ومحليا. كان له يوم الخميس الفارط لقاء في العاصمة الأوروبية مع فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. أما الحرايرية فقد كانت يوم السبت المنقضي الوجهة التي اختارها راشد الغنوشي للإعلان عن افتتاح الحملة الانتخابية. بين أوروبا وتونس تسعى حركة النهضة إلى ضبط مسار التوزيع المحلي للسلطة، دافعة برهانين متوازيين: كسب ود المانح الأوروبي، والتفوق في معركة الإثبات الانتخابي.

نواة في دقيقة: #تعلم_عوم

اثارت حادثة وفاة الشاب عمر العبيدي إثر دفعه من رجل أمن في وادي مليان في رادس نهاية شهر مارس الفارط موجة استهجان واسعة. استنكار الحادثة وإصرار وزارة الداخليّة على نفي مسؤوليتها، أطلق حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تحت شعار#تعلم_عوم، للمطالبة بالتتبّع العدلي للجاني وللتنديد بالتعنيف الممنهج الذّي تمارسه أجهزة الأمن ضدّ الجماهير الرياضيّة. وفاة عمر خلقت بدورها حالة تضامنيّة استثنائيّة بين محبّي مختلف الفرق الرياضيّة التّي توعّدت بعدم التفريط في محاسبة الجناة.

ملفّ: تونس وفرنسا في مواجهة الإرهاب

تم إنجاز هذ الملف بالتعاون مع المجلة الإلكترونية الفرنسية Orient XXI اوريان21، شريكة منظمة CCFD-Terre Solidaire. مفهوم #الإرهاب، جذور هذه الظاهرة، تبعات الحرب على الإرهاب على الحقوق والحريات، وضعية السجون كحاضنة للفكر المتطرف، التعبئة المواطنية… كلها نقاط مشتركة بين #تونس و #فرنسا عالجناها بعمق في مجموعات المقالات المدرجة بهذا الملف. قراءة طيبة للجميع

تونس-فرنسا: تعبئة مواطنية ضد القمع بإسم مكافحة الإرهاب

منذ سلسلة الهجمات التي ضربت فرنسا سنة 2015 وحالة الطوارئ التي تلتها، يرى الكثير من الفرنسيين أن حقوقهم قد انتُهِكت. وهكذا فإن بعض الجمعيات الفرنسية والتونسية، وكذلك الأفراد، يتجندون يوميا من أجل الدفاع عنها وإدانة التجاوزات المرتكبة.

تونس-فرنسا: الإرهاب، تحدّ مشترك لضفّتي المتوسط

منذ سنة 2015، وخلال النقاشات الدورية التي جمعتنا بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لفت انتباهنا تقارب الأوضاع بين فرنسا وتونس بخصوص مسألة الإرهاب، من ضمنها؛ إقرار حالة الطوارئ كإجراء طبيعي، والجدل حول سحب الجنسية وحول الشباب المهمش أو الذي أضاع بوصلته، والرابط بين السياسات السجنية والتطرف… من خلال مسألة الإرهاب، وخلف الروابط التاريخية التي تجمع الدولتان، لاح لنا أن المجتمعين الفرنسي والتونسي، كمجتمعين شقيقين، يمران بصعوبات مشتركة. وقد تبعتها نقاشات بين CCFD-Terre solidaire و”أورينت XXI”، وهكذا وُلدت فكرة القيام بتحليل مقارن بين فرنسا وتونس بخصوص مسألة الإرهاب.

من السجن إلى داعش: أي بدائل في تونس وفرنسا لمجابهة هذه الظاهرة؟

في فرنسا كما في تونس، مثّلت السجون أحد الفضاءات التّي يتمّ فيها استقطاب أو تكوين الإرهابيين المستقبليين. بعد أن أيقنت السلطات محدوديّة سياساتها وأمام إكتظاظ السجون، تحاول الحكومات في البلدين تكييف منظومتها التشريعية وأساليبها في التعامل مع هذه الظاهرة.

حالة الطوارئ في فرنسا وتونس: غياب النجاعة وانتهاك للحقوق والحريات

“الحرب على الإرهاب” التي تُخاض على نطاق عالمي بلغت ذروتها، وقد كان لفرنسا وتونس نصيب منها. وفي خضم البحث عن حلول للهجمات الإرهابية لسنتي 2015 و2016 لجأت الدولتان إلى عدد من التدابير الأمنية، من بينها حالة الطوارئ. ولكن على ضفتي البحر الأبيض المتوسط تقع إدانة العديد من التجاوزات التي رافقت هذا الإجراء.

بين فرنسا وتونس: سردية الجهاد تتغذى من التهميش الاجتماعي

من تونس إلى فرنسا، تَرك المئات من الشبان -على امتداد السنوات الفارطة- بلديهما للالتحاق بجبهة القتال السورية. هذه الهجرة التطوعية التي تحضنها فكرة “الجهاد تحت راية الخلافة الإسلامية” جعلت فرنسا وتونس تتصدران المراتب الأولى في تزويد التنظيمات الجهادية المسلحة بالعناصر البشرية. وقد ساهمت أيضا في قلب المسارات المعيشية للمئات من الشبان، الذين اندفعوا بحماسة إلى مغادرة حدودهم الجغرافية والركض وراء سراب الأمة المُتخيلة. بين فرنسا وتونس يُطرح السؤال دائما حول العوامل التي ألقت بكل هؤلاء إلى مثل هذا الخيار، هل أن سردية الجهاد كافية لوحدها أن تمارس جاذبيتها الخاصة عليهم أم أن الواقع بمستوياته المتشابكة ساهم في صناعة هذه التجربة؟

ومية: نداء تونس… دار كبيرة

أثارت الجملة الدعائية “الدار الكبيرة” التي اعتمدها حزب نداء تونس للترويج لحملته الانتخابية العديد من ردود الفعل الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم أن الحزب الحاكم حرص من خلال هذه الجملة على إظهار صورة ناصعة لبيته الداخلي، إلا أن حرب المواقع التي عصفت به طيلة المدة الفارطة أضعفت رصيده السياسي وأظهرت الكثير من الخلافات في صفوفه قياداته.

”سيتاكس“ لإنتاج الدجين: شبهات فساد في قطاع مهترئ

خسائر بملايين الدينارات، وتكتّم شديد حول وضعيّة واحدة من أقدم شركات النسيج في تونس في قطاع راهنت عليه الدولة منذ ستينات القرن الماضي. تكشف قضيّة الشركة الصناعية للمنسوجات SITEX، التي سيتناولها هذا التحقيق في جزئه الأوّل عن عمليات تزوير وتلاعب امتدت لعقود، استطاع من خلالها الشريك الأجنبي الهيمنة على هذه المؤسّسة -التّي تأسست قبل ستّين سنة بتمويل حكومي- ليحقّق مرابيحا بمئات ملايين الدينارات، في حين راكم الشريك التونسيّ خسائر فاقت رأس مال المؤسّسة وسط صمت أشبه بالتواطئ من قبل الدوائر الرسميّة.

نواة في دقيقة: العنف البوليسي ضدّ الجماهير الرياضية، ”حالة عاديّة“

بعد 10 أيّام من انتشال جثّة المشجّع عمر العبيدي من وادي مليان، ماتزال ارتدادات هذه المأساة متواصلة. هذا الشّاب الذّي فقد حياته بعد أن تعمّد شرطيّ دفعه في الوادي، حسب شهادات عدة، كان سببا في إطلاق حملة واسعة في وسائل التواصل الاجتماعيّ تحت شعار #تعلم_عوم للمطالبة بمحاسبة الجناة. هذه الحادثة أعادت طرح قضيّة العنف البوليسيّ ضدّ الجماهير الرياضيّة، والتّي تحوّلت إلى ممارسة دوريّة “وحالة عاديّة” في مدارج الملاعب مخلّفة في كلّ مرّة عددا جديدا من الضحايا.

انقلاب المفاهيم: من جمهوريّة أفلاطون إلى جمهوريّة البوليس

قد يبدو العنوان غريبا وغامضا للبعض، خاصّة في جزئه الأوّل. لذلك وجب التوضيح أنّه، ومنذ ظهور فكرة الجمهوريّة التي وضعها أفلاطون وبسط تفاصيلها على لسان سقراط وتلاميذه، برز تفاوت الطبقات وانفراد كلّ مجموعة بشريّة بمهام معيّنة وامتيازات تبعدها الواحدة عن الأخرى. لن ندخل في جدال فلسفيّ (ليس هذا مجاله) بل سنحاول شرح انقلاب المفاهيم من خلال اسقاط نموذج الجمهوريّة الأفلاطونيّة على الجمهوريّة التونسيّة أين ينتج الفارق الطبقي مجموعة من الإشكاليات الحرجة التي تتطلّب تفكيرا عميقاً في أسباب نشأته واستتباعاته على الحياة اليوميّة للمواطن. والمقصود هنا ليس التفاوت الطبقي بمفهومه الماركسيّ بل هي قراءة في اقتحام الجهاز البوليسي المشهد من خلال استفراده بطبقة خاصّة به أين يكون رجل الأمن فوق القانون وغير خاضع لأيّ رقابة أو محاسبة.