كما كان متوقعا لم يرد رئيس الجمهورية قيس سعيد على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل حول الحوار الوطني، ورغم مرور حوالي أسبوعين على تقديمها، لم يعلّق سعيد على المبادرة، كما تجاهل قبلها مبادرة التيار الديمقراطي بفتح حوار اقتصادي واجتماعي. وفي لقائه مع مجموعة من النواب من الكتلة الديمقراطية في بداية الأسبوع الماضي، على إثر أحداث العنف التي شهدها المجلس، اكتفى قيس سعيّد بالتذكير أنه على علم بتفاصيل كل ما يجري وأنه لن يترك تونس ومؤسساتها تتهاوى.
عام بعد الانتخابات التشريعية، جا وقيت أنو نشوفو مجلس النواب شنيا عمل. في العام إلي تعدا، شفنا برشا عرك، صياح وعنف. في التركينة، باش نفسرو خدمة النواب وادوار البرلمان. باش نحكيو زادا عالاحداث إلي صارت والقوانين إلي تصادق عليها. اعتمادا على تقرير منظمة بوصلة، باش نقيمو عمل المجلس، نعطيوكم الارقام، الانجازات والاخلالات.
صادقت لجنة المالية بالبرلمان يوم 18 نوفمبر 2020 على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020، بعد أن سحبت الحكومة النسخة الأولى نتيجة ضغط البنك المركزي الذي تحفّظ على تمويل عجز ميزانية الدولة من خلال الاقتراض من البنوك المحلّية. كما رفض النوّاب النسخة الأولية المقترحة نتيجة ارتفاع النفقات وغياب الموارد لتسديدها نظرا لما قد يتسبّب فيه من ارتفاع نسبة التضخّم بالتوازي مع تراجع نسب النموّ وخلق الثّروة. وبمقتضى القانون الأساسي للميزانية يُعرض مشروع قانون المالية التعديلي على التصويت في الجلسة العامّة بالبرلمان في أجل أقصاه 21 يوما من تاريخ إيداعه، وذلك قبل الشروع في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2021 الذي حدّد الدستور تاريخ 10 ديسمبر كأجل أقصى للمصادقة عليه.
أثناء تحركهم ضد مشروع قانون حماية القوات الأمنية والديوانة، الذي كان من المقرر أن يُعرض على أنظار الجلسة العامة للبرلمان اليوم الثلاثاء 6 أكتوبر 2020، تعرض المتظاهرون إلى اعتداءات وهرسلة من قبل قوات البوليس، وصلت إلى حدّ إيقاف 4 منهم، ليتم إطلاق سراحهم فيما بعد. هذا القانون المثير للجدل أسال الكثير من الحبر حوله ودفع عديد الجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية للنضال ضده.
مع بداية السنة البرلمانية الجديدة 2020-2021، تشرع الجلسة العامّة النيابية في مناقشة مشاريع قوانين من شأنها تهديد الحريات العامّة بما يُمثّل تراجعا عن مكاسب الانتقال الديمقراطي. كما تشهد الساحة البرلمانيّة حالة غير مسبوقة من العنف المعنوي والعبث السياسي خاصّة مع إعادة توزيع المقاعد بين الكتل البرلمانية داخل مكاتب اللجان وتبادل العنف اللفظي بين رئيسة كتلة الدستوري الحر ورئيس كتلة ائتلاف الكرامة.
أثارت جلسة الاستماع إلى المستثمر أنيس الرياحي، صاحب شركة Express Air Cargo المختصة في الشحن الجوّي، داخل لجنة الماليّة في البرلمان، الجدل من جديد حول تضارب المصالح، بين التيّار الدّيمقراطي الّذي جعل من مكافحة الفساد رأس ماله السياسي والانتخابي من جهة، وقلب تونس الّذي سعى مؤخرا إلى كسب ثقة الفاعلين السياسيّين بينما لا تزال قضايا تهرب ضريبي وتبييض أموال متعلقة برئيسه نبيل القروي محل أنظار القضاء، من جهة أخرى.
أعلن إئتلاف الكرامة نهاية الأسبوع المنقضي عن تحالفه مع قلب تونس، وبعد أشهر من الود الخفي أحيانا والمعلن أحيانا أخرى، قرر ائتلاف الكرامة وقلب تونس إعلان “حبّهما” والخروج إلى العلن من خلال مشهد رومانسي جمع رئيسي الكتلتين يوم التصويت على منح الثقة لحكومة المشيشي.
يستعد رئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي للإعلان عن تشكيلة حكومته، وهي حكومة مصغّرة تضم شخصيات غير حزبية، وتتكوّن من حوالي 23 وزيرا حسب المعطيات الأوليّة. وقد اختار المشيشي الذّهاب إلى حكومة محدودة العدد، تتكون من شخصيات تشبهه، ليس لها انتماءات حزبية، ولا حتى تجربة سياسية أو حكوميّة. وهي حكومة بلا سند حزبي أو برلماني، من الممكن أن تمر ولكن من الصعب أن تستمر.
يستعد المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي بعد لقاءات ومشاورات مطولة مع مختلف الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية، لعرض حكومته على مجلس نواب الشعب لنيل الثقة والعديد من المؤشرات تفيد بحصول ذلك، والانطلاق في العمل خلفا لإلياس الفخفاخ الذي حالت طموحاته المالية وصداماته المتكررة مع حركة النهضة أساسا دون بقاءه على رأس الحكومة.
يوم الخميس الماضي، كان يوما صعبا في تاريخ حركة النهضة، حيث اضطر رئيسها راشد الغنوشي إلى التحصّن بمكتبه في انتظار ما ستؤول إليه عملية الاقتراع على سحب الثقة منه. وإلى لحظات الفرز الأخيرة لم يكن بإمكان أي كان التكهن باتجاه التصويت ونتائجه، وكان يمكن للمعادلة أن تتغير في اللحظات الأخيرة بحيث تتلقّى حركة النهضة وزعيمها ضربة يصعب القيام بعدها كما في السابق. ضربة كان يمكن أن تكون النهاية السياسية لراشد الغنوشي، وإن كانت اللائحة في حد ذاتها أنهكته رمزيا وأخلاقيا وكذلك سياسيّا باعتباره مرّ بأقل من ثلث أعضاء المجلس من خارج حزبه. ولكن لماذا يتّحد أغلب الطيف السياسي ضد حركة النهضة، هل هو عداء للإسلاميين والإسلام السياسي بشكل عام؟ هل هو عداء للثورة من قبل ممثلي أزلام النظام السابق مثلما يحاول تسويقه بعض النهضويين؟
حمل المخيال الشعبي التونسي الكثير من المسلّمات حول زعماء حكموا تونس ، من قبيل أن الرئيس الحبيب بورڨيبة كان السياسي الأكثر حنكة في زمانه، أو اعتبار الباجي قايد السبسي الوريث الشرعي لهذه الحنكة و فيه ”ريحة“ بورڨيبة، لكن صعود نجم قايد السبسي رافقه أيضا صعود أسطورة ”الشيخ التكتاك“.
يعيش مجلس نواب الشعب في عهدته النيابية الثالثة التي انطلقت فعليا في 13 نوفمبر 2019 قصصا وأحداثا لن تخطر حتى على مخيّلة أبرع كتاب سيناريوهات الأفلام التي يشاهدها الملايين عبر العالم على منصة “نتفليكس” الأمريكية. نسق هذه الأحداث والسيناريوهات تواتر بشكل متسارع لينتج لوحات سريالية لن يقدر على رسمها حتى سلفادور دالي أحد أعلام هذه المدرسة الفنية.
توضع القوانين لتُحترم، تلك هي القاعدة. غير أن متابعة أشغال مجلس نواب الشعب خلال المدة النيابية الحالية تكشف عن خروقات عديدة للنظام الداخلي، خصوصا من قبل مكتب المجلس، العقل المُدبّر والمسير للمؤسسة التشريعية، والنظام الداخلي. وقد تواترت في المدة الأخيرة مظاهر التجاوزات وتطورت نوعيتها بصفة لافتة لا يمكن تجاهلها، مما أثّر سلبا في صورة المجلس الداخلية والخارجية على حد السواء، الأمر الذي يستدعي التوقف قليلا عندها ولفت الانتباه الى مسألة تتجاوز البعد الاجرائي الصرف.
لا يختلف عاقلان حول أن تونس تعيش أحلك فتراتها بل أخطرها على الإطلاق منذ الاستقلال، في ظل التهديدات بتفكيك الدولة ومختلف أجهزتها إذا ما تواصلت التجاذبات والصراعات السياسية على هذه الشاكلة..كل الأطراف تعلي مصلحتها الحزبية على المصلحة الوطنية وتعلن النقيض.
تصاعد الخلافات داخل البرلمان بين كتلة الدستوري الحر من جهة وكتلة حركة النهضة وائتلاف الكرامة من جهة أخرى أحدث فوضى خلال جلسات البرلمان وعطل المصادقة على مشاريع قوانين مهمة وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية المتبقين. وتطورت الخلافات فيما بعد لتتحول لمشادات كلامية وتدافع وإصابات جسدية وحضور أمني لأول مرة داخل قاعة الجلسات في مشهد سريالي يطرح عدّة تساؤلات حول مصير التجربة الديمقراطية في تونس.
تقدمت كتلة ائتلاف الكرامة بمقترح تنقيح لثلاثة فصول في المرسوم 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري، أبرز هذه التنقيحات هي إلغاء نظام الاجازة (الرخص) في بعث القنوات الاذاعية والتلفزية وتغيير الأغلبية البرلمانية لانتخاب أعضاء الهايكا من أغلبية الثلثين إلى النصف زائد واحد. هذا المقترح أثار جدلا واسعا ورفضا في صفوف الهياكل المهنية والصحفيين والخبراء ومنهم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري. مشروع التنقيح حظي بدعم ثلاث كتل (النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة) في لجنة الحقوق والحريات. في حين كشف نواب رافضون للقانون عن تجاوزات في مناقشة التعديلات داخل اللجنة ومرور إلى التصويت دون نقاش بين النواب ودون استشارة “الهايكا” كما ينص على ذلك الدستور.
لم يكن الياس الفخفاخ مقنعا وهو يردّ على منتقديه بشأن شبهة الفساد وقضية تضارب المصالح التي تحوم حوله. فكل التبريرات التي قدّمها، على وجاهتها من الناحية القانونية، لم تستطع منع الضرر الفادح الذي لحق بصورته وصورة حلفائه في الحكومة، لاسيما صورة حكومة الوضوح والشفافية وإعادة الثقة للمواطنين، وأساسا الحكومة التي وضعت أولى أهدافها الحرب على الفساد وملاحقة كل من يعبث بالمال العام.
البعض اعتبرها “زوبعة في فنجان” وآخرين أعطوها أهمية خاصة ويأملون بأن تثمر نتائج على المدى القريب والمتوسط. الحديث هنا على احتجاجات ساحة باردو المطالبة بحلّ البرلمان وإسقاط الحكومة والداعية بالمقابل لإنجاز انتخابات مبكرة وتغيير النظام السياسي في تونس من نظام برلماني (معدّل) إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي.