لم تنته بعد حرب اللّوائح داخل مجلس نواب الشعب، وعلى الرّغم من ردود الفعل الشعبية المستهجنة للصراع داخل البرلمان والآثار السياسية والنفسية السلبية التي خلّفها هذا الصراع لدى العموم، إلّا أن معارك اللّوائح مازالت في أوجها. بعد لائحة أولى حول تصريحات رئيس مجلس نواب الشعب حول الصراع الدائر في ليبيا انتهى بانقسام حاد بين معسكرين الأول تمثله تنظيمات الإسلام السياسي ويدعم السراج وحكومة الغرب ومن ورائه تركيا وقطر والثاني تمثّله بعض الأحزاب والكتل التي تصنّف نفسها حداثية وتدعم حفتر وبرلمان الشرق ومن ورائه معسكر السعودية ومصر والإمارات. وعلى الرغم من تعبير بعض الأطياف السياسية صراحة عن حيادها تجاه القوى الإقليمية، إلا أن إسقاط لائحة تدين التدخل الخارجي في ليبيا أعطى انطباعا للداخل والخارج أن البرلمان التونسي لا يدعم السلام في ليبيا ولا يدين التدخل الأجنبي فيها.
أكثر من ثماني عشرة ساعة من النقاش والصراخ يوم الأربعاء الماضي 03 جوان 2020، لم تكن كافية ليحدد البرلمان التونسي موقفه مما يجري في ليبيا، وعلاقته بمختلف الأطراف المتنازعة هناك. المناسبة جلسة برلمانية تقول رئاسة المجلس أن موضوعها هو “حوار بين نواب المجلس ورئيسه حول الديبلوماسية البرلمانية”.
تظاهر، الإربعاء 3 جوان 2020، أنصار عبير موسي البرلمان. رغم الدعوات المتكررة على شبكة التواصل الإجتماعي، لم يحضر التحرك سوى بعض العشرات. طاقة الحشد الضعيفة هي التي ميزت هذا التجمع و اعتصام 1 جوان المطالب بحل البرلمان والذي علق في نفس اليوم بتعلة الحجر الصحي. وقد ربطت بعض المصادر الصحفية الدولية هذه الاحتجاجات بمحاولة انقلابية. كما زعمت أنها مدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف إسقاط حركة النهضة.
صادقت لجنة النّظام الدّخلي في البرلمان يوم 6 ماي 2020 على مقترح تعديل متعلّق بالنّظام الداخلي للمجلس يقضي بفقدان عضويّة النّائب في البرلمان في حال استقالته من الكتلة أو من الائتلاف الّذي ترشّح تحت اسمه. وهي ليست المناسبة الأولى الّتي يحاول فيها النّواب تغيير قواعد اللعبة السياسيّة من خلال ضمان بقائهم في السّلطة أو معاقبة خصومهم السياسيّين. فما هي أبرز ملامح مقترح هذا التعديل؟ وما هي أبرز دلالاته السياسية؟
يوم الخميس الماضي، نشر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المسيطرة على الغرب الليبي فحوى مكالمة هاتفية بين راشد الغنوشي وفائز السرّاج رئيس المجلس الرئاسي الليبي، والذي جاء فيها أن رئيس البرلمان التونسي هنّأ ”الرئيس السراج باستعادة حكومة الوفاق الوطني لقاعدة الوطية الاستراتيجية“. كان ذلك كافيا لإفاضة الكأس بالنّسبة لحلفاء النهضة وخصومها على حد السواء.
بعد الإجراءات الوقائية الّتي أقرتها الدّولة لمجابهة أزمة كورونا وتعطّل نشاط عديد القطاعات، وجد عديد الفنّانين أنفسهم مُحالين على البطالة القسريّة في ظلّ الحجر الصحّي وإلغاء العروض والمهرجانات وغلق الفضاءات العمومية والخاصّة. ومع غياب الرّؤية حول استئناف الأنشطة الثقافية وغياب إطار قانوني ومؤسّساتي واضح ينظّم القطاع ازداد الوضع تعقيدا أصبح معه الفنّ قطاعا هشّا لا يؤمّن حياة كريمة لممتهنيه. فما هو الإطار التشريعي المنظّم لهذا القطاع؟ وما هي الأطراف المتدخّلة فيه؟
لدى حضوره أمام لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة بالبرلمان، قدّم وزير الصناعة صالح بن يوسف اعتذاره للشعب التونسي إثر ما راج من شبهات ذات صلة بتصنيع الكمامات القماشيّة ومشاركة أحد نوّاب الشعب في صفقة عمومية. فما حقيقة هذه الصّفقة؟ وكيف تفاعلت السلطة التشريعية وهياكل الرّقابة مع الموضوع؟
صادقت الجلسة العامّة داخل البرلمان يوم الخميس 26 مارس 2020 على قرار صادر عن مكتب المجلس يتعلّق بإجراءات استثنائيّة لمواصلة عمل هياكله في ظلّ تفشّي وباء كورونا. ومن جملة هذه الإجراءات تمكين النوّاب من التصويت عن بُعد باعتماد تطبيقة إلكترونية وبما يسمح بالجزم باختيار كلّ مصوّت.
عندما نظّم الرئيس الاسبق بن علي استفتاء سنة 2002 للموافقة على حصوله على ولاية رابعة، اقترح الرّاحل زهيّر اليحياوي في موقع TUNeZINE استفتاءه الخاص: ”هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟.“ وذلك في مواجهة ساخرة لعبثيّة نظام بن علي آنذاك. كان كل العالم وقتها، يعرف جيّدا أن بن علي يحكم البلاد بقبضة من حديد، وأنّه غير مستعد للتخلّي عن السلطة تحت أي ظرف. ومع ذلك كان النظام وزبانيته يسوّقون لمسرحية الاستفتاء، ولم يجد زهيّر اليحياوي غير السخرية للرد على هذا العبث. فهل ينطبق توصيف الراحل زهيّر اليحياوي على ما يجري حالياً في البرلمان؟
بعد تأجيل النظر فيه لما يزيد عن السنتين، يعود مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين إلى طاولة النقاش داخل لجنة التشريع العام بالبرلمان إثر ورود طلب استعجال نظر من حكومة يوسف الشاهد المتخلّية. وقد عارض عدد من المكونات الحقوقية والسياسية لهذه المبادرة التشريعية لما تُمثّله من تضييق للحريات ومن تراجع عن مكاسب الثورة خاصّة فيما يتعلّق باحترام حقوق الإنسان. ومن المُنتظر أن تستكمل اللجنة البرلمانية المختصّة قائمة الاستماعات إلى الخبراء والحقوقيين.
صادقت لجنة الحقوق والحريات داخل البرلمان، يوم 20 فيفري، على تعديل قانون جوازات السفر بإضافة فصل يتعلّق بمنح نواب الشعب جوازات سفر دبلوماسية. وقد أمضى على هذه المبادرة التشريعية 25 نائبا من قلب تونس و ائتلاف الكرامة وحركة النهضة و التيار الديمقراطي وغيرها، في انتظار التصويت على هذا التعديل في جلسة عامة. أثار هذا التعديل جدلا في الأوساط الحقوقية الّتي طالبت بإسقاط هذه المبادرة التشريعية لما تُمثّله من “لهث وراء الامتيازات”. كما تساءل بعض الفاعلين السياسيين عن نجاعة الدبلوماسية البرلمانية وعن المعايير المعتمدة في إسناد المهام والمأموريات لأعضاء مجلس نوّاب الشّعب.
صادقت لجنة النظام الداخلي في البرلمان يوم 14 فيفري على مقترح قانون مُقدّم من 24 نائبا عن حركة النهضة يتعلّق باعتماد عتبة 5% في توزيع المقاعد على القائمات الفائزة في الانتخابات التشريعية. وكانت الجلسة العامة قد صادقت في الدورة النيابية الفارطة بتاريخ 18 جوان 2019 على جملة من التنقيحات المتعلقة بالقانون الانتخابي تشمل بالخصوص إدراج عتبة 3% في الانتخابات التشريعية. ونظرا للوعكة الصحية التي أصابت رئيس الجمهورية السابق الباجي قائد السبسي التي أدت إلى وفاته، فإنّ هذه التنقيحات لم تُختم، مما يعني أنها لم تدخل حيز النفاذ.
نجح راشد الغنوشي في الظفر برئاسة البرلمان في جلسة الافتتاح يوم 13 نوفمبر 2019التي تسلم فيها إدارة الجلسة العامة من نائبه ورفيقه عبد الفتاح مورو، كانت الجلسة تتويجا لمسار طويل من العمل أقدم عليه الغنوشي ليضمن لنفسه اعتزالا مشرفا من الحياة السياسية بعد عقود من الزمن كان فيها شيخ النهضة فاعلا بارزا في الحياة السياسية التونسية. رئاسة البرلمان هو أول منصب رسمي يشغله الغنوشي منذ عودته إلى تونس في 2011 رغم أنه تعهد بعدم الترشح إلى أي منصب في الدولة، لكن ترؤس السلطة التشريعية في تونس سبقه مسار عسير وكان له ثمن باهض داخل النهضة وخارجها.
بعد الحروب الكلامية المتبادلة بين حزبي النهضة وقلب تونس خلال الفترة الانتخابية، وبعد تعهدات قيادات الحزبين بعدم التحالف تحت أي ظرف. عرّت الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب في 13 نوفمبر 2019 زيف وعود كل من راشد الغنوشي ونبيل القروي، بعد أن صوتت كتلة قبل تونس لصالح زعيم حركة النهضة ليكون رئيسا للبرلمان وتصويت كتلة النهضة لممثلة قلب تونس سميرة الشواشي لتكون نائبة لرئيس المجلس.
عرفت جلسة المصادقة على التحوير الوزاري في حكومة الشاهد يوم الاثنين 12 نوفمبر 2018، سجالات بين أعضاء مجلس النواب من مختلفة الكتل البرلمانية. وقد تحولت بعض المداخلات إلى استعراضات شعرية وبلاغية ومحاولات في التأصيل الفلسفي. فقرة “نواة في دقيقة” اختارت لكم بعض المقتطفات من مداخلات أعضاء مجلس نواب الشعب.
انتقل الصراع بين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي إلى قبّة البرلمان بعد تأسيس الإئتلاف الوطني في 27 أوت 2018 كحزام سياسيّ لرئيس الحكومة. هذه الكتلة البرلمانية التّي ضمت في البداية 33 نائبا مستقلّا ومستقيلا من الكتل النيابيّة لمشروع تونس والاتحاد الوطني الحرّ وكتلة الولاء للوطن والكتلة الوطنيّة، توسّعت في 08 سبتمبر الجاري بعد إعلان 8 نوّاب جدد من كتلة نداء تونس الإستقالة من حزبهم والإلتحاق بهذا الإئتلاف الذّي ارتفع عدد أعضاءه إلى 41 نائبا مقابل تراجع كتلة نداء تونس إلى 43 نائبا.
تصدّر تعيين المديرة العامة للبنك المركزي التونسي نادية قمحة نائبا لمحافظ البنك المركزي نهاية الأسبوع أغلب العناوين كأوّل امرأة تتقلّد هذا المنصب منذ الاستقلال. تعيين حجَب دورها في واحدة من أكبر قضايا الفساد في القطاع العامّ فيما يُعرف بقضيّة البنك الفرنسي التونسي. نادية قمحة التّي تباشر مهامها الجديدة كثاني أقوى مسؤول في القطاع المصرفيّ، لم تكن استثناء في تاريخ التعيينات على رأس الذراع الماليّة الأقوى للدولة بل امتدادا للحرس القديم المسؤول عن الوضع الكارثي للقطاع المصرفيّ العموميّ.
بين القصبة والبحيرة انتهاء بقرطاج، اكتمل مشهد الصراع المُستعر بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ونجل رئيس الجمهوريّة بعد تدخّل الباجي قائد السبسي خلال حوار متلفز يوم الأحد 15 جويلية، مُخيّرا الشاهد بين الإستقالة أو اللجوء إلى مجلس نوّاب الشعب لتجديد الثقة في حكومته. منعرج جديد يقذف الأزمة إلى عتبة البرلمان الذّي قد يتحوّل خلال الفترة المقبلة إلى الساحة الأخيرة لمعارك أجنحة السلطة. هذه المحطّة المرتقبة قد تضع نقطة النهاية لعهد يوسف الشاهد أو قد تكون الإنطلاقة الجديدة لخطوات أشدّ ثباتا في مسيرته السياسية.