منذ أن بدأ أشغاله بصفة رسمية قبل عامين، وُضع البرلمان التونسي في مرمى الاتهامات لسببين، الأول أنه لا ملامح لمعارضة السلطة التنفيذية فيه، والثاني هو تحوله إلى ما يشبه شبّاكا للإمضاء على المشاريع المقترحة من رئاسة الجمهورية والتي تحظى بالأولوية، من ضمنها مشاريع اتفاقات قروض خارجية وداخلية.
عاد الجدل حول وضعية مهاجري جنوب الصحراء في تونس، هذه المرة من زاوية النساء المهاجرات حيث دعت نائبة إلى وقف نزيف الولادات في صفوفهن. دعوة رفضتها قوى مدنية واعتبرتها عنفا مسلطا على النساء وتمييزا واستغلالا لأجساد المهاجرات.
لا تكاد تخلو فترة سياسية في تونس من دعوات الحوار والمصالحة وإن بأشكال مختلفة، وخاصة بعد الثورة وما رافقها من تجاذبات وانقسامات دفعت الفرقاء السياسيين إلى فض النزاعات وإيجاد التسويات عبر لجان الحوار والتوافقات سواء كانت داخل مجلس النواب أو خارجه. اليوم تُطرح مرة أخرى دعوة للحوار الوطني أطلقها أعضاء بالبرلمان بهدف تهدئة الأجواء المتوترة وإطلاق سراح المساجين السياسيين.
يمثّل مشروع قانون المالية لسنة 2025، أوّل ميزانية في مسار ”البناء والتشييد“ الذي يبشّر به مريدو رئيس الجمهورية قيس سعيّد. المراقب لجلسات النقاش حول ميزانيات مختلف الوزارات والهيئات والمُنصت إلى الجمل الممجوجة لتدخّلات الوزراء، تكشف له الأرقام أنّ كلّ هذه الوعود ليست سوى اجترارا لعقل ماليّ واقتصاديّ كسول، ينسخ من منهج يُثبت فشله السنة تلو الأخرى.
في مشهد غير مسبوق منذ الاحتجاجات التي شهدتها حقبة رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي، شهد محيط مجلس نواب الشعب في باردو والطرق المؤديّة إليه حالة عسكرة كبيرة وحضورا أمنيا كثيفا تحسّبا للتجمّع الاحتجاجي الذي دعت إليه الشبكة التونسية للحقوق والحريات الجمعة 27 سبتمبر 2024.
قبل انتخابه وانطلاق اشغاله في 13 مارس من العام الماضي، لم يُعلق المتابعون للشأن العام على مجلس النواب الجديد آمالا كبيرة. وفعلا مجلس نواب الشعب لم يخيب هذه الانتظارات وظهر كمجرد ”وظيفة“ تشريعية، انتجتها إحدى أكثر الانتخابات ضعفا من حيث نسب المشاركة، وذلك لاضفاء شرعية ”الديمقراطية“ في النظام السياسي الجديد، وظيفتها الوحيدة تزكية كل ما يأتيها من الرئاسة.
بعد سنتين من تنصيب المجلس التشريعي، بقيت مبادراته التشريعية محدودة لم تمسّ جوهر الحقوق والحريات، إذ كان من المنتظر مراجعة التشريعات الزجرية وتعزيز منظومة الحقوق والحريات وتسجيل مواقف إزاء القضايا العادلة، إلا أنّه فضل الاختباء وراء ظلّ قصر قرطاج.
بدت لحظة 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من عدوان همجي ووحشي على الشعب الفلسطيني، فرصة تاريخية ليصبح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني واقعا ونصّا قانونيّا مُعتمدا. إلاّ أنّ الأيام كشفت كيف التفّت السلطة على هذا المطلب الشعبي الذي استغلّه الرئيس قيس سعيّد خلال حملته الانتخابية وإبّان الأيّام الأولى للعدوان على غزّة.
حدث وراء آخر وفرقعات إعلامية هنا وهناك لم تنجح على تنوعها في طرد كابوس ليلة 2 نوفمبر الشهيرة، ليلة الهروب البرلماني المذل من جلسة التصويت على مشروع قانون تجريم التطبيع وما أحوجنا لتجريمه مع الابارتايد والاستبداد.
صادق البرلمان التونسي على ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2024 بموافقة 132 صوتا دون تسجيل أي تحفظ أو اعتراض. ميزانية الرئاسة سجلت ارتفاعا ب 9.4 مليون دينار مقارنة بالسنة الماضية، نورد مقتطفات من نقاشها الحماسي.
ظهر طيف الرئيس قيس سعيّد خلال الجلسة العامّة بالبرلمان المنعقدة بتاريخ 02 نوفمبر 2023 والمتعلّقة بمناقشة مقترح القانون المتعلّق بتجريم التطبيع، حين نقل إبراهيم بودربالة رئيس المجلس ما قاله سعيد عن هذا المقترح، الّذي تبيّن وفق قوله أنّه ”سوف يضرّ بالمصالح الخارجية لتونس“، وأنّ ”الأمر يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي“. وبعد التصويت على فصلين من المقترح، رُفعت الجلسة ولم تُستأنف بعد.
انتظمت الخميس 2 نوفمبر 2023 مظاهرة أمام مجلس النواب، تزامنا مع نقاش الجلسة العامة للبرلمان مشروع قانون “تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني و الاعتراف به و التعامل معه”. المتظاهرون طالبوا النواب بعدم الرضوخ لأي ضغوطات قد تعيق التصويت على القانون، مجددين شديد إدانتهم للصمت المخزي أمام عملية التطهير العرقي التي ينفذها الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني.
تزامنا مع العدوان على غزة، كثف نشطاء الحملة التونسية لمناهضة التطبيع الدعوات لمقاطعة منتجات شركات متهمة بالتعامل مع الاحتلال الاسرائيلي والاستثمار في الأراضي المحتلة. نواة التقت الناشطة الاء الهادف، عضوة الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، للحديث عن مقاييس المقاطعة الاقتصادية ومدى تفاعل التونسيين و تأثرهم بهذه الحملة.
في جلسة يوم الاثنين 23 أكتوبر 2023، صادقت لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان على مقترح القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني برمّته بعد إدراج جملة من التعديلات قبل عرضه على التصويت في جلسة عامة منتظرة.
توجّه قرابة مائة نائب في البرلمان بعريضة يوم 10 أكتوبر إلى مكتب المجلس لطلب استعجال النّظر في المبادرة التشريعية المجرّمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، في سياق العدوان ضدّ الشعب الفلسطيني وعملية طوفان الاقصى.
تسعة قوانين، ثلاث جلسات حوار مع الحكومة، جلسة لطرح سؤال شفاهي وأكثر من 170 سؤالا كتابيّا موجَّهًا للحكومة هي حصيلة المجلس التشريعي الّذي انطلقت أشغاله في 13 مارس 2023، بنظام انتخابي قائم على الأفراد وفي ظلّ منظومة سياسيّة تكرّس حكم الفرد وتُضعف البرلمان والحكومة.
منذ تجميده البرلمان قبل حله، بنى الرئيس قيس سعيد سرديته على القطع مع ”الغرف المظلمة“ التي تصاغ فيها ”قوانين على المقاس“. ثلاثة أشهر بعد تركيز البرلمان الجديد، تحول مجلس نواب الشعب إلى حاضنة لمجموعة من الغرف المظلمة وهي اللجان البرلمانية.