Ennahdha 297

حكومة ”الوحدة الوطنية“: قراءة في الملامح والتوجهات

شكّلت مبادرة حكومة ”الوحدة الوطنية“ التي أطلقها الرئيس السبّسي يوم الخميس الفارط المحور الأبرز في المشاورات الجارية بين الأحزاب السياسية، سواءا في الحكم أو في المعارضة. وفي هذا السياق اجتمع صباح أمس الاثنين وفدان عن حركة النهضة وحزب نداء تونس لتفعيل هذه المبادرة حسب تصريحات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عقب الاجتماع.

من يحكم البلاد التونسية؟

مالا يمكن الاختلاف فيه هو اننا نعيش تغييرا في التوازنات السياسية في تونس. هذا التغيير يجعلنا نطرح آلاف الأسئلة وأهمها. كيف؟: كيف يمكن لتيار سياسي كان مقموعا ومسجونا ومعذبا قبل حدوث الثورة أن يضع اليد في اليد مع تيار سياسي معظمه محسوب على النظام الذي قامت ضده الثورة؟

مؤتمر حركة النهضة: تحوّل أم تشكّل جديد للإسلام السياسي؟

شكّل الإعلان عن الفصل بين الدعوي والسياسي من قبل رئيس الحركة راشد الغنوشي مركز اهتمام العديد من المتابعين للظاهرة الإسلامية في تونس وخارجها. وتنقسم المواقف إزاءه بين من يرى فيه استثناءا محليا يؤسس لانقلاب تاريخي في فكر الحركات الإسلامية المعاصرة، وآخر يعدّه مجرد إجراء شكلي فرضته السياقات السياسية في تونس والمنطقة. ولعل العودة إلى خصائص نشأة الحركة الإسلامية والوقوف على المنعطفات الفكرية والسياسية التي عرفتها طيلة أكثر من 40 سنة، يتيحان قراءة أفضل لطبيعة التحول الذي أعلنته حركة النهضة خلال مؤتمرها الأخير

الحراك الإجتماعي وأزمة الإئتلاف الحاكم

التصريحات الرسمية الناعمة، المُشِيدة بالتضامن الحكومي، لم تُفلح في إخفاء خطوط التصدّع البادية على جدران البيت الحاكم. وقد شكّل الاجتماع الثنائي، الذي جمع مساء أمس حزبي نداء تونس وحركة النهضة، منطلقا لتحوّل جديد، قد ينتهي بتغيير تركيبة الائتلاف الحاكم، خصوصا وأن هذا اللقاء الغير مرتقب لم يستسغه بقية “شركاء الحكم”، أساسا حزب آفاق تونس.

خطاب ”التونسة“…حركة النهضة و خصومها، السؤال الخطأ في السياق الخطأ

يغيب الرهان الديسمبري الإجتماعي الإقتصادي الذي لا تراها النخبة تحديًّا يستحق الخوض أو المجازفة. بهذه الكيفية يتفوّق الخطاب الهوياتي كأحد أهمّ ملاحح الصراع النخبوي بين حركة النهضة و خصومها الذين يوحده هذا الخطاب الليبرالي المفرط مما يجعل الصراع بين النهضة و خصومها صراعًا ليبراليًّا-ليبراليًّا خاليًّا من أيّ جرعة إجتماعية و إقتصادية و يجعل هذا الصراع خارج سياقات 17 ديسمبر و إستحقاقاتها.

حزب النهـضة: من يخلف المرشد ؟

اول تفاصيل المشهد تُستهل بمعرفة موقع راشد الغنوشي في حركته وواقع الصراع الداخلي صلبها. ليس كما الصورة من قريب، فهي تضلل وتقدم الغنوشي على انه زعيم أوحد ووحيد، وعلى أنه صاحب الأمر والنهي في الحركة التي كان من مؤسسيها، لكن واقع الحركة منذ التسعينات مختلف عن الصورة التي تسوقها، حتى وإن كان الواقع يقر للرجل بحسن إمساكه بملفات شائكة لغاية اليوم رغم المد والجزر.

اغتيال شكري بلعيد : إرادة العنف وتصفية المشروع الإجتماعي

تحت رُكام التفاصيل المتشعّبة اختَنق ملف اغتيال شكري بلعيد وجُرِّد من مضامينه السياسية، ليتحوّل إلى مجموعة من الوقائع المزدحمة التي يصعب في بعض الأحيان رَبطها على نحو متناسق. ومن هذا المنطلق تعتبر العودة إلى مرحلة “ما قبل الاغتيال” من الأهمية بمكان، لأنها تسمح بوضع الحدث في سياقه التاريخي والاجتماعي، وتتيح إمكانيات فهم مغايرة لحقيقة ما حصل

التوجّه الخارجي نحو إسرائيل في الحكومة الجديدة يعني عمليّا التوجه داخلا نحو الجبهة الشعبية

سوف نبدي هنا بعض الملاحظات المتعلقة بالتحوير الوزاري الجديد وإتجاهاته ومساراته وأهدافه تركيزا على مسألة وحيدة هي مسألة الضامن الإستعماري الصهيوني لثنائي الحكم الإخواني التجمعي.

حكومة تصريف أزمة الحكم

أُسدِل السّتار مساء الاثنين 11 جانفي 2016 عن آخر فصول التحوير الوزاري الذي أعلنه الحبيب الصيد، لتحظى التركيبة الحكومية الجديدة بثقة الأغلبية المطلقة وسط سيل من الانتقادات التي طالت منهج تشكيل الحكومة ومضمونها السياسي والحزبي. وفي انتظار أن يعيد نواب نداء تونس بشقيه ترتيب أوضاعهم الداخلية ستعمد حركة النهضة إلى استثمار هذا الوضع من أجل دفع حليفها نحو ترجمة شعار “التعايش السياسي” إلى وقائع سياسية في محطات قادمة ولعل أبرزها الانتخابات البلدية التي تشير آخر المعطيات إلى أن موعدها قد يكون أواخر السنة الجارية.

أزمة نداء تونس: صراعٌ يتجاوز السياسة

من الواضح أنّ التنافس بين اللوبيات المالية هو من أهمّ محرّكات الصراع داخل نداء تونس. إذ رأينا كيف سمح اصطفاف نبيل القروي إلى جانب حافظ قائد السبسي بأن تحصل قناة نسمة على البثّ الحصري للاحتفال بجائزة نوبل للسلام في قصر قرطاج. إنّ الصراع داخل نداء تونس مصلحيّ أكثر منه سياسي. إذ تتقاطع فيه الطموحات المستقبليّة لبعض قياداته مع مصالح اللوبيات المالية المرتبطة بكلّ فريق. بذلك فقط يمكن أن نفهم التغيير المتواصل لمواقف عدد من قياديي الحزب من “شرعيّة الهيئة التأسيسيّة”، و”تاريخ المؤتمر التأسيسي”، وغيرها من العناوين التنظيميّة لأزمة نداء تونس.

بعد سنة من الانتخابات: البرامج الاقتصاديّة وعود زائفة

بعد سنة من الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة، ظلّت الوعود مجرّد شعارات، إذ لم يتمكّن الرباعي الحاكم من تحقيق أدنى تقدّم في معالجة استمرار تدهور المؤشّرات الاقتصاديّة المختلفة. فلم يتجاوز معدّل النموّ خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015 نسبة 0.7%، ضمن نسق بطيء مقارنة بسنتي 2013 و2014، حيث لم يتمكن الاقتصاد التونسيّ من تجاوز نسبة نموّ تفوق 1%. وهو ما انعكس على الموازنات المالية، حيث حافظ الميزان التجاري على حالة العجز بنسبة 32% بقيمة 926 مليون دينار. وفي نفس السياق شهدت الصادرات للسنة الجارية تراجعا ب2.5%. أمّا المديونيّة فارتفعت ب3.5% ليبلغ اجمالي الدين الخارجي لتونس 30 ألف مليون دينار ممّا يستنزف 52% من الناتج المحلّي الخام. على المستوى الاجتماعيّ، استقرّ مؤشّر التضخّم عند مستوى 4.7% طيلة سنة 2015.

أيّ رابطيين نكون؟ أيّ رابطة نريد؟

شهدت سنتا 2012و 2013 محاولات جهنّمية متنوّعة لسيطرة الإخوان المسلمين والوهابيين على مفاصل الدولة والمجتمع (الدكتاتورية الناشئة، دعاة الوهابية، غزوة المنقالة، غزوة السفارة الأمريكية، الإمارات الإسلامية، الشرطة السلفية، التكفير، سحل لطفي نقض، اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، النسخ الأولى من مشاريع الدستور، التدافع الاجتماعي، حاكمية الشريعة…) وكان لا بدّ من كل القوى المناهضة للفاشية الزاحفة أن تستنهض قدراتها لإنقاذ المجتمع التونسي بمكاسبه التقدمية التي راكمها بتاريخه نضالا وحضارة ومن هنا كانت مبادرة الحوار الوطني لإخراج البلاد من الأزمة الحادّة وتجنيبها ما تطوّرت إليه الأوضاع في ليبيا ومصر. لم يتعلّق الأمر بانحراف سياسي او انخراط في مشروع حكم دون آخر بل كان ضرورة حياتية للإنقاذ الوطني وقطع الطريق أمام الدكتـاتورية الناشئـة.

الحفاظ على نمط المجتمع التونسي…وعد أم توعّد؟

تعالت الاصوات المنادية بضرورة المحافظة على نمط مجتمعي معيّن طيلة فترة الحملات الانتخابية بل وأصبحت هذه الفكرة بمثابة معيار يجب الاعتماد عليه لاختيار من يمثلنا في البرلمان ومن الاجدر برئاسة الجمهورية. فتفاوت الاهتمام بهذه الفكرة بين مرور عرضيّ عليها من قبل الاحزاب اليساريّة وبين تركيز جوهري عليها في الحملة الانتخابية بالنسبة لحركة نداء تونس.

قانون الزجر: وثيقة ”تغوّل أمني“ غير دستورية لضرب الإعلام والحريات

يحمل مشروع قانون “زجر الإعتداء على القوات المسلحة” في طياته جملة من الفصول التي تتعارض مع ما جاء في دستور تونس الجديد من مساواة بين جميع المواطنين وحماية للحقوق والحريات والحق في الحياة. وسنقدم في ما يلي مقارنة بين بعض هذه الفصول وبعض فصول الدستور ما يثبت هذا التعارض غير المبرّر سوى برغبة بعض الأطراف في فرض نظام بوليسي يسعى التونسيون للتخلص منه.

راشد الغنوشي والسلطة والمثلية الجنسية، ماذا بعد ؟

لا يمكن الحديث عن التمشي السياسي لحزب حركة النهضة دون الحديث عن فكر مهندس هذا التمشي، زعيم الحركة راشد الغنوشي. الإنقسام الحاصل داخل الحزب والذي أدّى إلى استقالة بعض أهم مؤسسيها مثل حمّادي الجبالي، هو أكبر دليل على أن البقاء في هذا الحزب ليس للأقوى، بل للأكثر قدرة على هضم قرارات “الشيخ” المتغيرة بتغير طبيعة علاقاته وصداقاته مع بقية القوى السياسية في البلاد والرضوخ لها دون شروط أو بعنوان البراغماتية التي أسس لها الشيخ نظرياته في الإسلام السياسي.

حكومة الصيد والأربعون عضوا: بين المحاصصة الحزبية وتداخل الإختصاصات

أحدثت تركيبة حكومة الصيد انقساما داخل حزب النداء. رفض بعض مكونات هذا الحزب لمشاركة حركة النهضة لم ينجح في إسقاطها. ورغم أن الخيار كان سانحا منذ البداية لتجنب هذه الشراكة بضم حزب آفاق إلى الإئتلاف الحكومي بما يمكن من نيل ثقة مجلس النواب، إلا أن تجاهل هذا الحزب في البداية أشّر إلى وجود “مناورة” سياسية الهدف منها هو الإيحاء بأن مشاركة النهضة “حتمية” رغم أن مؤشرات هذا التحالف كانت واضحة منذ رفض راشد الغنوشي لإقصاء التجمعيين وفتحه الباب على مصراعيه أمام الباجي قائد السبسي لترأس البلاد.

في انتظار حكومة ” قطّاع الطرق”

تشكيل حكومة تحظى بالتوافق، تحول من مدعاة للفخر بعد نجاح تونس في تنظيم انتخابات حرة وشفافة، إلى مصدر للسخرية على المواقع الإجتماعية والإعلامية أيضا. في البداية كان الأمر أشبه بإجراء ديمقراطي ينافس ما يحدث في أهم الدول المتقدمة حيث أكد حزب نداء تونس انتهاء مهمته بتكليفه الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة وعدم التدخل في اختياراته، مع فتحه المجال لجميع الأحزاب بتقديم برامجها لاختيار أعضاء الحكومة حسب الخيارات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للأحزاب المشاركة. وفي مبالغة في إظهار انفتاحه على مكونات الساحة السياسية، لم يمانع حزب النداء في تشريك حزب حركة النهضة، منافسه السياسي الأول، في المشاورات. النهضة بدورها رحبت بهذا الإنفتاح المزعوم حيث أكد القيادي في الحركة، العجمي الوريمي، في تصريح سابق لنواة رغبة حزبه في المشاركة في حكومة الصيد وقدرته على اقتراح عدد هام من الكفاءات لتقديم الإضافة خلال الفترة القادمة ضمن حكومة وحدة وطنية.

حكومة وحدة وطنية: حل لإدارة الأزمة أم تهرّب من المسؤولية السياسية؟

يبقى احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال الأسابيع القادمة واردا وتبقى مشاركة حركة النهضة في هذه الحكومة واردة أيضا. ولئن يشرح هذا المقال ارتباط تشكيل هذا النوع من الحكومات بإدارة الأزمات الكبيرة أو الحروب أو لعدم قدرة حصول الحزب الفائز بالأغلبية على دعم البرلمان، فالتساؤل يبقى قائما حول رغبة حزب نداء تونس في التخلص من مسؤولية الحكم في صورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، ورميها على منافسه السياسي وبعض حلفائه. ونذكر أن حزب النداء قادر على الحصول على ثقة البرلمان بتشكيل حكومة ائتلاف حزبي مضيق وأن الأزمة التي تمر بها تونس ليست بحجم الأزمات التي تم ذكرها في هذا الإطار والتي دفعت ببعض الدول مرغمة إلى تشكيل حكومات وحدة وطنية كشكل من أشكال الهدنة السياسية.