Justice transitionnelle 83

قضاء العدالة الانتقالية: هل سيتأثر بقرار عدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة؟

أعادت وثيقة مسربة من وزارة العدل، الأسبوع الفارط، الجدل حول مصير الملفات المحالة على الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية، وقد تضمنت هذه الوثيقة التي تعود إلى 28 ماي 2018 دعوة من المتفقد العام بوزارة العدل إلى رؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ووكلاء الجمهورية والدوائر الجنائية المتخصصة إلى الأخذ بعين الاعتبار قرار عدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة. ولئن أكّد مصدر مطلع بوزارة العدل لنواة أن الوزير قد ألغى هذه المذكرة بعد الجدل الذي أثارته حول المس من استقلالية القضاء، إلا أنها تطرح السؤال مجددا حول مصير الملفات التي أودعتها هيئة الحقيقة والكرامة بعد تاريخ 31 ماي 2018، الذي يوافق انتهاء مدة عمل الهيئة.

حصاد الموسم السياسيّ: يا أحرار تونس انتبهوا؛ إنهم يكرهون الديمقراطيّة

ينغلق في هذه الأسابيع، مع حلول شهر الصيام، الموسم السياسيّ السابع منذ الثّورة. فتنسدل ستائر العام السياسيّ بنجاح نسبيّ لا محالة عبّرت عنه تعبيرا باهتا الانتخابات البلدية بنتائجها عددًا وبرسائلها سياسةً. ورغم عيوبها السافرة من حيث المشاركة ومن جهة النتائج فمن الغباء المُلهي عن الحكم الصحيح إنكار ثقلها في استكمال بناء مؤسّسات الانتقال الديمقراطيّ ومن الظلم القائم إنكار فضل من قام عليها وشارك فيها ترشحا وانتخابا. لكن النّجاح النسبي الذي مثّلته هذه الانتخابات لا يجب أن يحجب عنّا خطر حالة الانسداد السياسيّة وتعطيل عمل المؤسّسات ودعوات الردّة والتشكيك والانقلاب على الثقافة الدستورية الديمقراطيّة الوليدة عندنا.

قابس: إنطلاق جلسات الدوائر القضائية المختصة في العدالة الإنتقالية

انطلقت، الثلاثاء 29 ماي 2018، أولى جلسات الدوائر القضائية المختصة في العدالة الانتقالية بابتدائية قابس للنظر في قضية الشهيد كمال المطماطي. وتتولى هذه الدوائر النظر في ملفات انتهاك حقوق الإنسان، المُحالة إليها من هيئة الحقيقة والكرامة. هذه الجلسة التّي مثّلت محطة تاريخية وأساسيّة في مسار العدالة الانتقالية لم تخلو من الإخلالات والنقائص لعل أبرزها غياب المتهمين ومحاميهم. وهو ما يضع جديّة مختلف الأطراف وعلى رأسهم الدولة محلّ شكّ. يُذكر أن المحكمة ارتأت التأجيل في هذه القضيّة إلى جلسة 10 جويلية 2018 إلى حين استدعاء باقي الشهود والمتهمين.

حملة “مانيش مسامح” تتحرك من جديد

تجمّع يوم الثلاثاء الفارط عدد من الناشطين السياسيين والاجتماعيين أمام المسرح البلدي بالعاصمة، مندّدين بما اعتبروه انقلابا على العدالة الانتقالية وخرقا واضحا للقانون المؤسس لهيئة الحقيقة والكرامة وعلى القانون الداخلي لمجلس النواب. وجاء هذا التحرك إثر دعوة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تم خلاله رفع شعارات عديدة من قبيل “الشعب فد فد مالطرابلسية الجدد” و”يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب”. وقد أعلن في اجتماع عام الناشط السياسي و عضو حزب التيار الديمقراطي قصي بن .فرج عن بداية لمجموعة من التحركات الاحتجاجية للتصدي لما اعتبره حيادا عن مسار العدالة الانتقالية

هيئة الحقيقة والكرامة: طريدة نداء تونس وقربان النهضة

لم يُسدَل الستار بعد عن أزمة التمديد لهيئة الحقيقة الكرامة، ففي الوقت الذي رَاسل فيه مجلس نواب الشعب يوم الأربعاء المنقضي رئاستي الحكومة والجمهورية لحثهم على اتخاذ الإجراءات المترتبة عن قرار عدم التمديد، أعلنت من جهتها هيئة الحقيقة والكرامة في ذات اليوم أنها ستواصل عملها بمقتضى قانون العدالة الانتقالية. ورغم أن هذا الصراع يُخاض ظاهريا على أرض الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة، فإنه يُدار تحت تأثير الإرادات الحزبية المهيمنة والمتزاحمة التي يمثلها أساسا حزبا نداء تونس وحركة النهضة. وعلى هذا الأساس سيتحدد مصير هيئة الحقيقة والكرامة والمسار الجديد للعدالة الانتقالية في تونس.

أي مصير للدوائر القضائية المتخصصة في ملفات العدالة الانتقالية؟

ألقى قرار عدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة بضلاله على مسألة إحالة الملفات الجزائية على الدوائر القضائية المتخصصة. وحسب ما أعلنته هيئة الحقيقة والكرامة فإنه إلى حد الآن قد تمت إحالة ملف وحيد متعلق بانتهاكات ضد حقوق الإنسان على الدائرة القضائية المتخصصة بقابس بتاريخ 02 مارس 2018. ويُلاحظ أنه رغم مرور 4 سنوات على إصدار قانون العدالة الانتقالية ماتزال الإجراءات القانونية المتعلقة بهذه الدوائر غامضة وقد بات مصيرها مجهولا في ظل الصراع السياسي حول مسار العدالة الانتقالية.

منظومة التوافق تجهض إغلاق ملفّ المحكمة الدستورية

بانتظار يوم الأربعاء المقبل، كموعد جديد لعقد جلسة عامّة ثالثة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستوريّة، يظلّ هذا الملّف مفتوحا على جولات أخرى من التأجيل، بعد فشل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب يوم الأربعاء 14 مارس الجاري، في إيجاد حدّ أدنى من التوافق بين مختلف الأطياف السياسيّة. منظومة التوافقات التّي تحوّلت إلى الآليّة الرئيسيّة في تسيير الشأن السياسي منذ سنة 2014، مثّلت العائق الأبرز لتركيز هذه الهيئة القضائية المستقلة ضمن مسار متعثّر لإنهاء الأحكام الانتقاليّة وتفعيل دستور 27 جانفي 2014 بشكل كامل.

سليانة: مطالب لم تتحقق و جروح لم تلتئم

تم إلغاء الاضراب العام الجهوي بمدينة سليانة الذي كان مبرمجا ليوم الأربعاء 13 ديسمبر 2017، إثر التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة يوسف الشاهد حول جملة من المحاور أبرزها التنمية المحلية والتحقيق في أحداث الرش التي عرفتها المدينة نوفمبر 2012. وقد عادت هذه القضية إلى السطح مجددا إثر جلسة الاستماع العلنية التي بثتها هيئة الحقيقة والكرامة أواخر نوفمبر المنقضي، وقد خلّفت هذه الجلسة ردود فعل مستنكرة من قبل بعض المنظمات الوطنية المتابعة للملف، وفي صفوف الأهالي.

المكلف العام بنزاعات الدولة: جهاز تحت هيمنة السلطة السياسية

إقالة القاضي لزهر الجويلي بعد مرور أربع أشهر من تعيينه -بطريقة متسرعة وملتبسة- يقود إلى التساؤل عن الوضع الداخلي الذي آلت إليه مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة. رغم التعتيم الذي يغمر هذا الجهاز فإن آثار التدخل السياسي تلوح جلية في الكثير من المحطات خاصة أثناء استبدال رؤساء بآخرين. ويتضخم هذا التدخل كلما تعلق الأمر بملفات الفساد المالي والعدالة الانتقالية.

ملفات الشهداء والجرحى: هل تضع الدوائر المتخصصة حدّا للإفلات من العقاب؟

كان القضاء العسكري على رأس المتّهمين بالتواطؤ مع الجناة، وقد وَصفت أم الشهيد أنيس الفرحاني أحكام الاستئناف العسكري الصادرة في 12 أفريل 2014 بـ”الصفقة”، مشيرة إلى تنازلات متبادلة جرت بين وزارة الدفاع ووزارة الداخلية من أجل تبرئة أمنيين وجنود. وتكررت -أثناء جلسات الاستماع- المطالبات بسحب الملفات من المحاكم العسكرية وإحالتها على الدوائر القضائية المتخصصة. هذه الدوائر يعتبرها البعض “ملاذا أخيرا” للكشف عن الحقيقة ومحاسبة الجناة، ولكن لا يُعرف الكثير حول هذه المنظومة القضائية التي ارتبطت نشأتها بسن قانون العدالة الانتقالية، وهل ستفلح فيما أخفقت فيه المحاكم العسكرية؟

جلسات الاستماع العلنيّة لضحايا التّعذيب : عن تاريخيّة الحدث و سذاجة الإنتقادات

إنّ شهادات الضحايا أو عائلاتهم و بمجرّد الإنتهاء منها تخرج من بعدها الذاتي الضيّق لتتوسّع و تصبح تجربة جماعيّة يتشارك فيها كلّ مستمع/ متعاطف مع أدقّ تفاصيل الأحداث. لقد أمدتنا هذه الجلسات بلحظات نادرة كان التونسيون فيها مُوَحَّدِينَ على إختلاف رؤاهم و إنتماءاتهم السياسيّة.

ملف سليم شيبوب ولعبة المصالح السياسية

تأجيل إصدار القرار التحكيمي -الذي كان من المفترض أن يتم بتاريخ 5 أوت 2016- يطرح الكثير من التساؤلات حول المسار الذي اتخذه ملف سليم شيبوب. ففي الوقت الذي تلجأ فيه هيئة الحقيقة والكرامة إلى التعديل الدوري لدليل إجراءات التحكيم والمصالحة لتمديد الآجال القانونية، يلوح أيضا المكلف العام بنزاعات الدولة عنصرا مُعرقلا. بين استراتيجيا التمديد التي تتبعها الهيئة وبين الدور المعطّل الذي يلعبه المكلف العام بنزاعات الدولة، يظل مصير أحد أهم ملفات الفساد مُعلّقا، تتقاذفه لعبة المناورة والحسابات السياسية، وهو ما يفتح على تساؤل أكبر: أي مصير لمسار العدالة الانتقالية في تونس، خصوصا في ملفات الفساد المالي والاقتصادي؟

مسار العدالة الإنتقالية في تونس

يمكن القول أن المبادرات المتتالية المتعلقة بمسار العدالة الانتقالية أدخلت ارتباكا على هذا المسار في الوقت الذي تواصل فيه هيئة الحقيقة والكرامة عملها عن طريق اللجان التي تكونها والمراكز الجهوية التي يبلغ عددها 9 مراكز والتي استقبلت أكثر من 50 ألف ملف خاصة في اليوم الأخير لقبول الملفات وهو يوم 15 جوان 2016 وقامت بأكثر من 5000 جلسة استماع.

التقرير السنوي لهيئة الحقيقة والكرامة : العدالة الإنتقاليّة في أرقام

أصدرت هيئة الحقيقة والكرامة تقريرها السنوي الأول الذي تناول مختلف انشطتها منذ تدشين مقرها المركزي في 10 ديسمبر 2014 إلى غاية 31 ديسمبر 2015. يتناول التقرير في بابه الأول التطور الزمني لمسار العدالة الإنتقالية منذ تكوين لجان التقصي إبان الثورة إلى غاية تركيز الهيئة مروراً بإحداث وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وسن قانون العدالة الإنتقالية. هذا الباب التاريخي المؤطر مهد لباب أنشطة الهيئة. الباب الثالث تناول بالتفصيل دعم شركاء الهيئة الوطنيين والدوليين و مساهمات المجتمع المدني. أما الباب الرابع والأخير فشمل تقرير التصرف والقوائم المالية والتقرير العام لمراقب الحسابات.

راي لجنة البندقية حول مشروع قانون المصالحة: المؤسسات الرسمية على خط المغالطة الصارخة

غريب ما يحدث حقا صلب مؤسساتنا الرسمية هذه الايام سواء في السلطة او في الاعلام وآخرها ما ارتبط بالتعليق على الراي الانتقالي للجنة البندقية في خصوص مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية الذي صدر يوم 24 اكتوبر الجاري. والحقيقة ان تتنصل عدة مؤسسات رسمية من المستلزمات المحمولة عليها بموجب الدستور والعرف والقانون والمواثيق المهنية، وتتخلى عن واجب الحياد والنزاهة والشفافية والتقيد بالحقيقة وخدمة الصالح العام، وتدخل على خط الانحياز والتجاذب الى حد التزييف وخاصة ما صدر عن “وكالة تونس افريقيا للانباء” و”رئاسة الجمهورية”، فهذا فعلا تجاوز صارخ لكل الخطوط الحمر، ومثير للحيرة العميقة على مستقبل الديمقراطية والحوكمة الرشيدة وحرية التعبير.

رأي لجنة البندقيّة في قانون المصالحة: غير منسجم مع الدستور ولا يضمن كشف الحقيقة وإصلاح المؤسّسات

كشف تقرير، أصدرته لجنة البندقيّة أمس، أنّ مشروع قانون المصالحة الإقتصادية لا ينسجم مع الفصل 148 من الدستور، ولا يضمن كشف الحقيقة ولا إصلاح المؤسّسات في مجال قضايا الفساد والرشوة. ويمسّ هذا “الرأي المؤقت” نسبيًا بمصداقيّة رئاسة الجمهورية، التي أكّدت قبل يومين أنّ اللجنة أقّرت دستورية مشروع القانون، دون الإشارة إلى ما تضمنّه التقرير من انتقادات جوهريّة. ويبدو أنّ رئاسة الجمهورية تعمّدت نشر بلاغها قبل صدور التقرير، الأمر الذي ساعد على تبنّي جلّ وسائل الإعلام تأويلها المجتزأ.

العدالة الإنتقالية في تونس وخطورة الإستثناء

بدأ تجسيد قرار تونس بإطلاق مسارها الخاصّ للعدالة الانتقالية، الذي لاقى دعمًا واسعًا من المجتمع الدولي، حوالي سنتين بعد رحيل الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ولا يبدو واضحًا بعد كيف سيتمّ قياس مسار البلاد نحو المصالحة في سياقه العامّ ولا كيف ستكون انعكاساته على التونسيين. لكن في نفس الوقت، يقدمّ السجل المتنامي للمسارات المشابهة حول العالم دروسًا وأمثلة للمؤسّسة المُكلّفة بالكشف عن الحقيقة في تونس؛ وهي تحاول الاضطلاع بمهامها في مواجهة تحدّيات سياسيّة وبنيويّة واستراتيجية.