في الجزء الأوّل من التحقيق الذّي أنجزته نواة حول مصبّ النفايات في برج شاكير، كنّا قد تناولنا المعاناة الصحيّة والاجتماعيّة لأهالي المنطقة. في هذا الجزء الثاني، سنحاول تقصّي الكارثة البيئيّة التي تتهدّد المنطقة وحجم التلوّث الذّي خرّب محيط برج شاكير.

في الجزء الأوّل من التحقيق الذّي أنجزته نواة حول مصبّ النفايات في برج شاكير، كنّا قد تناولنا المعاناة الصحيّة والاجتماعيّة لأهالي المنطقة. في هذا الجزء الثاني، سنحاول تقصّي الكارثة البيئيّة التي تتهدّد المنطقة وحجم التلوّث الذّي خرّب محيط برج شاكير.
مأساة أهالي برج شاكير بدأت منذ أكثر من 15 سنة بسبب المعاناة الصحيّة للسكّان من مصبّ النفايات. هذه البلدة التي تبعد عن العاصمة 8 كيلومترات ويتجاوز عدد سكانها 000 50 نسمة (سكان العطّار، برج شاكر، الجيّارة وسيدي حسين) كانت وجهة نواة لترصد عن كثب مأساوية الوضع الصحيّ والبيئيّ في المنطقة.
من حقنا أن نحلم ببيئة نظيفة وبسبخة السيجومي تتحول إلى مرفأ سياحي كما وعد بذلك مؤخرا أحد الوزراء، بشرط أن نكون بذلنا الجهد الكافي لحل أزمة النفايات في أغلب مدننا، وإذا كانت الرؤية واضحة عن النمط البيئي الذي ننشده، فهل هو من قبيل : المواطن و المعامل تلوث كما شاءت والدولة تنظف كما هو الحال الآن ، أم هو يقوم على تبادل المسؤوليات والأدوار بين الدولة والمؤسسات والمجتمع المدني والمواطن كما هو الشأن في الدول المتقدمة في هذا المجال
اشتكى مواطنون في قرية السْعيدة (معتمدية الرڨاب، ولاية سيدي بوزيد) من استمرار انتشار الإصابات بفيروس الالتهاب الكبدي (صنف أ)، ومن تواصل “غياب الدولة” وعدم توفيرها للحدّ الأدنى من مقوّمات العيش الكريم من ماء صالح للشراب وصحّة عموميّة. وقال بعضهم أنّهم يعيشون “حالة فزع”، مطالبين بـ”حلول عاجلة”.
في ظل أزمة النفايات المتفاقمة التي تعيشها جزيرة جربة منذ أشهر و التي لم يوجد لها حل إلى حد كتابة هذه الأسطر، يعيش متساكنو جربة في حالة تردد بين المشاركة في الإنتخابات التشريعية القادمة و بين الأصولت الداعية إلى مقاطعتها احتجاجا على تعثر الحلول المقترحة. كاميرا نواة تجولت بين أهالي جربة في محاولة لرصد موقف المواطنين من الإستحقاق الإنتخابي القادم.
تحولت معضلة النفايات و المصبات إلى صراع جهوي بين أهالي جربة و جرجيس و مدنين و النفاتية ، كل يدعي الأحقية و يرفض الحل، فما الحل ؟ كحل استعجالي لمعضلة النفايات بجربة تم نقل النفيات الى منطقة النفاتية (التابعة ترابيا للشهبانية بن قردان) لكن هذا الحل فشل أيضا. فما هي أسباب فشل هذا المقترح ؟ لماذا لم تقع استشارة سكان منطقة النفاتية ؟ هل كان هناك تنسيق وتشاور حول هذا الحل ؟ هل كان هذا الحل دائما أم وقتياً ؟ هل تنفع الحلول الوقتية في حل أزمة النفايات بالجزيرة ؟ و هل سترضي مثل هذه الحلول الوقتية السريعة الغير مدروسة متساكني جربة الذين يبحثون في الأصل عن حل جذري وشامل ؟
لم يبقى أي شك في أن الحلقة المفقودة التي هي من أهم أسباب تدهور منظومة خدمات النظافة ببلادنا هي الضعف الكبير لعملية الرقابة بجميع المستويات في أغلب البلديات، ما جعل أغلب قرارات المسئولين و أغلب الحملات التي يقودها المجتمع المدني لتحسين وضع النظافة المتردي تعطي عكس النتائج التي كانت ترجى منها.
شهدت جزيرة جربة حملة توقيع على عريضة مطالبة بتحويل جربة إلى ولاية عدد 25. و تمركزت هذه الحملة في مدينة حومة السوق و جابت جملة من القرى للتوقيع على العريضة. و تجدر الإشارة هنا أن هذه الحركة هي ردّة فعل عن حالة التهميش التي تعيشها جزيرة جربة التي تواصلت فيها معضلة النفايات منذ شهور كثيرة دون حل من السلط الجهوية و المركزية.
عاشت جزيرة جربة على وقع إضراب عام و هو الثاني الذي تشهده الجزيرة خلال الأشهر الاخيرة بعد الإضراب العام الجزئي الأول الذي كان بأربعة ساعات في رمضان الفارط، جرّاء تواصل معضلة النفايات التي لم تحل منذ أشهر. نواة تستطلع آراء الشارع من خلال هذا التحقيق المصور.
على الورق، وإن بدا نشاط المركز القائم على الإدارة المستدامة للنفايات الصناعيّة فعّالا على المستوى البيئيّ، إلاّ أنّ متساكني الجهة كان لهم رأي آخر، إذ يرون أنّ الوضعيّة البيئيّة صارت كارثيّة، بل وذهبوا إلى تشبيه المركز “بسلاح الدمار الشامل”. وقد بلغ الضيق بالسكّان إلى حدّ التظاهر والاحتجاج من أجل إيقاف نشاطات المركز والذي تصاعدت وتيرته عقب الثورة وتحديدا بداية من شهر فيفري 2011.
التجاوزات التي أتتها حكومة “التوافق الوطني” بخصوص مسألة غاز الشيست وعنجهيّة الخطاب الموجّه لمكوّنات المجتمع المدني بالإضافة إلى التجاوزات السابقة المتعلّقة بملفّ الإصلاحات الاقتصاديّة، تتأتي تكملة للعقود المسكوت عنها المبرمة تحت مسمّى الشراكة بين القطاع الخاّص والعامّ الذّي لم يتمّ تمريره والمصادقة عليه حتّى هذه الساعة من قبل المجلس الوطني التأسيسي، والتي ثبّتت هيمنة الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة على الإقتصاد التونسي ومكّنت بعض قياديّيه من ربح أسواق في عدد من القطاعات مثل السياحة والطاقة والإتصالات والتكنولوجيا الحديثة
أهالي جربة ومكونات المجتمع المدني يقفون مساندة لقضية مصب قلالة، بعد أن كانوا متوجهين للتفاوض و فوجئوا بالقرار الحكومي لفتح المصب بالقوة ودون أي إعلام، مما إنجر عنه مواجهات عنيفة بين الأمن و المواطنين وحرق مقر إدارة المصب وبعض وسائل العمل كما يهددون بالتصعيد والإضراب العام يوم غد الثلاثاء 15 جويلية في صورة عدم التوصل إلى حل يرضيهم ويرفع عنهم مصيبة التلوث.
”نبذل كل جهدنا لاستقطاب الزوار و توفير الراحة للمواطنين و لكن غياب السلوك الحضاريهو السبب الرئيسي وراء تلوث مدينة قربص“. كان هذا تصريح السيدمحمد العونيكاتب عام بلدية قربص. هذه المدينة التي تعتبر قطبا من اقطاب السياحة في الوطن القبلي تعاني اليوم من ويلات انعدام السلوك الحضاري و غياب الحس المدني و المسؤولية و الوعي لدى غالبية مواطني وزوار الجهة. اتصلنا بوزارتي السياحة و البيئة و للاسف ما من مجيب عن سماعات هواتف الوزارتين المذكورتين و امام غياب الطرف الذي يوفر الاجابة و غياب الاجابة في حد ذاتها نتساءل عن الحل لهذه المعضلة البيئية.