marginalization 15

في حي التضامن، ما بدأه الفقر يكمله قمع البوليس

وسط قاعة المحكمة الابتدائية بأريانة، جلس عبد الرحمان المثلوثي، وهو تلميذ يبلغ من العمر 17 عاما، بين قدميه كيس به بعض الوثائق، أخرج من بينها بطاقة إعاقة باسمه، وهي إحدى إثباتات براءته بعد أن تمّ إيقافه على خلفيّة الاحتجاجات الليلية التي شهدها حي التضامن في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر، ثمّ أُطلق سراحه ومثل أمام وكيل الجمهورية في حالة تقديم.

في دوار هيشر، الدولة تصم آذانها عن صوت البطون الجائعة

يوم الأحد 26 سبتمبر الماضي، احتشد قرابة ألف شخص من سكان حي دوار هيشر قرب مدخل الحي مساء وأحاطوا بمنسقي حملة ”المفروزين اجتماعيا“ وطرحوا مطالبهم البسيطة: دفاتر علاج لذوي الدخل المحدود، إعانة مالية، الحصول على عمل، تجهيز الوحدة الصحية وتزويدها بالأدوية. بعد يوم من ذلك، حط ركب وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي بالحي. يقول أحد المتساكنين إن بعض منسقي حملة المفروزين اجتماعيا طالبوا الوزير بتوفير خمسمائة حقيبة مدرسية لتلاميذ ينتمون لعائلات محدودة الدخل، فردّ باستنكار ”خمسمائة محفظة“؟

نواة في دقيقة : نظام تعليمي لا يستحق الاحترام

ككل سنة منذ عقود طويلة، تكشف أرقام مناظرة الباكالوريا الهوة الشاسعة بين التعليم في المدن الساحلية والمناطق الداخلية. فوارق لم تنجح الوعود في معالجتها بل غذت الشعور بالتمييز والغبن بين مدارس الواجهة ومايخفيه الديكور الجميل.

سيدي حسين: إثر مقتل أحمد بن عمارة، ”من التالي؟“ يتساءل مواطنون

أدّى مصرع أحمد عمارة (32 سنة)، بتاريخ 8 جوان الجاري، أثناء إيقافه داخل مركز للشرطة، بحسب ادعاءات، إلى قيام موجة من الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات البوليس امتدت على عدة أيام، في الحي الشعبي سيدي حسين. العديد من الأشخاص تعرضوا لإصابات، بمن فيهم طفل يبلغ من العمر15سنة تم تجريده من ملابسه والاعتداء عليه بالعنف الشديد في مقطع فيدو انتشر على نطاق واسع، مما أنتج موجة غضب عارمة. سيدي حسين هو كذلك الحي الذي قتل فيه الشاب أحمد عثماني (19 سنة) برصاص أعوان الديوانة سنة 2018.

تاريخ حي هلال: كيف صنع الهامش في تونس العاصمة

لا نعرف عن حي هلال عموماً سوى أنه حي شعبي في وسط العاصمة يمثل بؤرة للجريمة وجب تجنب الدخول إليها متناسين أن العنف والانحراف هي نتيجة لسيرورة طويلة و مركبة من العوامل السياسية، الاجتماعية والتاريخية. يعود تاريخ حي هلال، هذا الحي الهامشي، إلى ثلاثينيات القرن العشرين. و منذ ذلك التاريخ وهو يعيش تهميشاً ممنهجاً أوصله إلى الصورة التي هو عليها اليوم، صورة الحي الخطير و الذي يعاني أبناؤه الوصم أينما ذهبوا.

سيدي حسين وهوامشه: الهباط، بائع الملسوقة والبرباش

قد يبدو المشهد مألوفا، أو لنقلها بشكل آخر “للأسف، لقد أصبح المشهد مألوفا”.. المشهد كما رأته الأعين ليس سوى مسحا لعشرات الأمتار المربعة المكتظة بالناس، من بينهم “بياع الملسوقة” وهو ينتصب كصائد للمارة، و”برباش” لم ينقطع عن نوبة سعاله الحادة، وأحد المراهقين بجسم نحيف وأيد فارغة وعلكة دوّارة يقطع الطريق من سوق الخضار نحو مقهى يقبع بدوره حذو مقهى آخر وحانوت لبيع الملابس الجاهزة المستوردة من تركيا ذات السعر الزهيد.

حوار مع الباحثة دنيا الرميلي: ”الانتحار ردّ فعل عنيف على التهميش“

شهدت مختلف جهات البلاد 467 حالة إنتحار ومحاولة إنتحار سنة 2018. رقم أخرج هذا الفعل من مجرّد حالات فرديّة معزولة إلى ظاهرة اجتماعيّة وتعبير احتجاجيّ قائم الذات. في هذا الحوار مع الاخصائيّة والباحثة في علم النفس دنيا الرميلي، تسعى نواة لتفكيك وفهم هذه الظاهرة وفق مقاربة تربط بين المعطى النفسي والاجتماعي والاقتصاديّ.

المٌشرّدون، الوجه الأخر للأزمة الاجتماعية

تٌساهم العديد من العوامل في ارتفاع عدد الذين لا مأوى لهم في شوارع تونس، من بينها تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار الإيجار وضعف تدخل الدولة، وقد قُدر عددهم بحوالي 3000 حالة سنة 2014. لقد أصبح وجودهم جليا في الشوارع وبجانب المحطات، وأمام مداخل العمارات، في الحدائق العامة وفي أماكن أخرى. وتمثل هذه الفئة أحد أعراض البؤس الاجتماعي والتهميش المنجر عن قيم المحافظة الاجتماعية.

بعد 10 سنوات من الإنتفاضة، الرديف تبحث عن مخرج من الداموس

بعد مرور 10 سنوات على انتفاضة الحوض المنجمي، يَلوح أن الوضع الراهن مازال مستمرا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. وعلى المستوى السياسي شهدت بعض المحاور تطورا، أما على المستوى الثقافي فهناك دينامية جديدة ترى النور. بين عادل جيار، 48 سنة، مناضل في الصفوف الأمامية لانتفاضة 2008، وحلمي مباركي، 23 سنة، المَسكون بشغف السينما والمسرح، تبحث الرديف عن ذاتها لتجدها. من خلال عادل وحلمي تتجلى وجهات نظر متقاطعة لجيلين عايشا الأحلام المجهضة والخطوات المتخذة طيلة العقد المنقضي.

————————————————

تم دعم هذه الفيديو من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ من خلال الدعم المقدم لها من وزارة التعاون الاقتصادي و التنمية الألمانية.
إن محتوى هذه المطبوعة هو مسؤولية جمعية نواة ولا يعبر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

البانديّة في تونس: مهمّشون مُسقطون من التاريخ الرسميّ

أعاد بث مسلسل “شورب” الجدل حول شخصية الباندي الرافض للسلطة والخارج عن القانون. وهو ما قد يدفعنا إلى اللجوء إلى الذاكرة الجماعيّة والرواية الشفويّة لكتابة تاريخ مضادّ للتاريخ الرسميّ الذي كتبه المنتصرون. تاريخ مضادّ يحتفي بالفئات المهمّشة، بأولئك الأبطال الاجتماعيّين الذّين شقّوا عصا الطاعة وظلّت حكاياتهم المتناقلة جيلا بعد جيل محفورة في الوجدان الشعبيّ. الصعاليك الشرفاء أو اللصوص الشعراء أو الشطّار أو الفلاّقة أو البانديّة أو غيرهم من المهمّشين، ظلّوا مُسقطين من التاريخ المكتوب، مقابل الاهتمام الشعبيّ بسيرهم وبطولاتهم التي قد ترتقي بصيغ المبالغة إلى مرتبة الملحمة أو الأسطورة. الصراع دائر بين تاريخين، تاريخ رسميّ دَوّنه مؤرّخون رسميّون انتصروا للعلماء والجنرالات والزعماء، وتاريخ شعبي شفويّ اهتمّ بالمغمورين الذين لن نجد شارعا باسمهم أو نَدرس عنهم في كتب التاريخ.

ريبورتاج في سكرة: عَلى تخوم ”حومة الرئيس“ يسكن الفقر والبعوض

في الطريق من وسط العاصمة إلى منطقة سكرة التي تقع شمالا، يقول سائق الأجرة أن الحراسة مشددة هذا الصباح على مداخل المدينة لأن الرئيس سيذهب للاقتراع هناك. ”مرحبا بسيادة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي“، عُلّقت هذه اللافتة وأخرى أيضا في المدخل المؤدي إلى مركز الاقتراع. يبدو أن الهدوء عاد إلى المكان بعد أن غادره الرئيس، الذي وجد في استقباله بعض أعضاء حزب نداء تونس المصحوبين بأطفال صغار يرددون النشيد الرسمي.

حريق مبيت معهد تالة: إهمال، شبهة فساد وأزمة ثقة

لم ينته الحريق الذي اندلع بإعدادية 25 جويلية بتالة، يوم الإثنين 5 فيفري 2018، بالتهام بعض الوسائد والأفرشة، بل أدى إلى وفاة هما تلميذتان رحمة السعيدي وسرور الهيشري، اللتين لم تتجاوزا السادسة عشر من العمر، وهما تلميذتان من أصل 112 قضين ليلتهن بمبيت المعهد في تلك الليلة. هذه الحادثة التي أثارت جدلا سياسيا وإعلاميا أخذتنا إلى إعدادية تالة، أين تحدثنا إلى أولياء التلاميذ والنقابة الأساسية للتعليم الثانوي، الذين أكدوا أن سبب الحريق ليس التماس الكهربائي فقط بقدر ما هو إهمال السلطة وفساد المقاولين، معبرين عن عدم استعدادهم لعودة الدروس إلا بعد إيجاد حلول للبنية التحتية المتآكلة للمعهد.

ريبورتاج في تالة: وعود العاصفة و استحالة المواطنة

غادرنا تونس مساء يوم الثلاثاء 09 جانفي 2018 باتجاه تالة (250 كلم) عبر الطريق السريعة تونس- مجاز الباب تاركين وراءنا احتجاجات في الأحياء واحتجاجات مضادة لها في إعلام السلطة. تعترضك شمال تالة مدينة الكاف، تمر السيارة بالطريق الحزامية وتمنحك المسافة عن وسط المدينة فرصة التمعن في جمال القلعة الرومانية وهيبتها. مكثر ليست بعيدة، قلعة سنان تصلها بعد ساعة وأمامك أفق ممتد من حيدرة غربا إلى سبيبة شرقا.

تونس الأخرى بين مطرقة السياسات الامنية وسندان القضاء

فرض ميزان القوى الذي أنتجته الثورة على الحكومات المتعاقبة إجراء إصلاحات في الأجهزة البوليسية لكنها ظلت غير قادرة على مواجهة بعض الممارسات المتجذّرة. سبع سنوات تقريبا من اندلاع الثورة تغيبت خلالها شبه كليا مسألة التسلط الأمني والتعسف القضائي كقضية مفصلية عن الساحة السياسية وهذا يعود أساسا إلى انقلاب موازين القوى الذي أنتجته الثورة والذي تولّد عنه إقصاء المجموعات المضطهدة من المح‍ڤورين من العملية الديمقراطية وإخماد صوتهم، فمركزيتهم و مركزية مطالبهم لم تدم طويلا ونجحت الثورة المضادة في إعادتهم إلى الهامش.

تاريخ عبودية في قرية القصبة

في ولاية مدنين شبه الصحراوية القاحلة، لفتت قرية صغيرة تسمى القصبة انتباه وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. قرية القصبة التي تقطنها من السود؛ عبيد غبنطن، تقع بجوار قرية أخرى يسكنها الغبنطن البيض؛ و يفصل المنطقتين واد صغير. الفقر والتهميش الجغرافي حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن عبيد غبنطن يتدبرون قوتهم كصيادين، إذ يجمعون المحار على شواطئ البحر، و هم أيضا موسيقيون.