هل يمكن أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة فرصة للإصلاح والإنقاذ؟ وهل يمكن بمراجعة وتجذير مفهوم الانتقال الديمقراطي أن يشكل نواة للفكر السياسي وللمبادرة السياسية الرامية إلى تجاوز الأزمة المركبة الناتجة عن كل من القصور أو التقصير الذي وسم عشرية ما بعد الثورة والمخاوف المرافقة لمرحلة ما بعد 25 جويلية؟ سؤال يستحق أن يطرح في بلاد لم تتوفق بعد إلى الخروج من النفق الذي قادت إليه سياسات خاطئة انتهجت بين 2012 و2021 ومعالجة غير موفقة لنتائجها منذ تحوّل 25 جويلية.
من أقصى الجنوب إلى قلب العاصمة، يواصل الرئيس زياراته الفجائية في العشر الأوائل، متفوقا على الإنتاج التلفزي الرمضاني في نسب المشاهدة وفي تصدر مشهد لا ينازعه في بطولته أحد.
قبل انتخابه وانطلاق اشغاله في 13 مارس من العام الماضي، لم يُعلق المتابعون للشأن العام على مجلس النواب الجديد آمالا كبيرة. وفعلا مجلس نواب الشعب لم يخيب هذه الانتظارات وظهر كمجرد ”وظيفة“ تشريعية، انتجتها إحدى أكثر الانتخابات ضعفا من حيث نسب المشاركة، وذلك لاضفاء شرعية ”الديمقراطية“ في النظام السياسي الجديد، وظيفتها الوحيدة تزكية كل ما يأتيها من الرئاسة.
تسميات واقالات، تمديد وراء التمديد وتنقيح يلي التنقيح ولم تحصل لجنة الصلح الجزائي مليارات المليارات التي بشر بها الرئيس. فشل لم تفلح الشعبوية في اخفائه رغم بحثها عن أكباش فداء جدد سنة الانتخابات الرئاسية.
بعد سنتين من تنصيب المجلس التشريعي، بقيت مبادراته التشريعية محدودة لم تمسّ جوهر الحقوق والحريات، إذ كان من المنتظر مراجعة التشريعات الزجرية وتعزيز منظومة الحقوق والحريات وتسجيل مواقف إزاء القضايا العادلة، إلا أنّه فضل الاختباء وراء ظلّ قصر قرطاج.
تجمع الآلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل، صباح السبت 2 مارس في ساحة القصبة بتونس العاصمة، استجابة لدعوة القيادة النقابية في حشد مناصريها ردا على محاولات السلطة في ضرب العمل النقابي وتحجيم دور المنظمة الشغيلة. تجمع عمالي ألقى خلاله الأمين العام نور الدين الطبوبي كلمة نبه فيها من مغبة استهداف المنظمة، مؤكدا تمسك الاتحاد بأدواره النقابية والوطنية في فترة تشهد انغلاقا سياسيا و ضربا للحقوق النقابية.
منذ 25 جويلية 2021، مر على تونس استفتاء وانتخابات تشريعية وأخرى للمجالس المحلية. محطات شهدت اشكالات كبيرة على غرار الضعف الفادح لنسب المشاركة، خاصة في الانتخابات التشريعية والمحلية، بالإضافة إلى مقاطعة طيف واسع من قوى المعارضة لمجمل هذه الاستحقاقات. واقع أفرز تركيبة برلمانية (في انتظار تركيز مجلس الجهات والأقاليم) تفتقر إلى التعددية والتنوع وتوصف بأنها موالية لرئيس الجمهورية بالكامل.
بعد عزل النقابي بوزارة الثقافة الناصر بن عمارة (في 5 فيفري الجاري) ومحاكمته وفق المرسوم 54 وإيداعه السجن لأسبوع بسبب نشاطه النقابي، عاد الجدل مرة أخرى بخصوص ضرب العمل النقابي وردود الاتحاد المحتشمة. لبيان مجمل هذه النقاط حاورت نواة الناصر بن عمارة، كاتب عام نقابة إطارات وأعوان وزارة الثقافة.
قضايا التآمر على أمن الدولة كانت أبرز ملف واجه به نظام قيس سعيد خصومه السياسيين. منذ فيفري 2023 والاعتقالات في قضايا التآمر لم تتوقف، لتتحول جهود المعارضة من التظاهر ”لإسقاط النظام“ إلى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.
بعد إعلان هيئة الانتخابات مساء 5 فيفري 2024 – بحرجها المهذب المعتاد – بلوغ نسبة الاقبال عتبة الرقمين (في حدود 12 بالمائة) للدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية، ذهبت أغلب ردود الفعل والتعاليق السياسية إلى اعتبار هذه النسبة دليلا آخر على افلاس مشروع الرئيس قيس سعيد السياسي وافتقاده لعمق شعبي جماهيري لطالما اعتبره سعيد نفسه سنده الوحيد، في ساحة يعلو فيها ”فحيح الأفاعي“ المتربصة بمسار صعود تونس نحو ”العلو الشاهق“ المنشود.
ثبتت محكمة الاستئناف بالمنستير الحكم الصادر في حق الشاب رشاد طمبورة القاضي بسجنه سنتين، على خلفية رسمه غرافيتي ينتقد تصريحات الرئيس قيس سعيد المتعلقة بالمهاجرين أصيلي جنوب الصحراء الافريقية.
اثارت التصريحات الأخيرة لعدد من السياسيين والمحامين بفتح تحقيق جديد فيما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة جدلا واسعا في تونس، ورغم نفي النيابة فتح أي بحث جديد ضد أشخاص بينهم أجانب، الا أن السلطة بقيت متهمة بفبركة قضايا التآمر عبر قضائها استهدافا للخصوم السياسيين.
في الوقت الذي يتصيد فيه التونسيون علبة حليب وقليلا من السكر، ارتفعت وتيرة قضايا التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وحافظت لخبطة الحكم الفردي على سياسة الهروب إلى الامام والتضارب بين القول والفعل.
بعد مقترح النواب المتعلق بتغيير القانون المنظم لعمل الجمعيات، أعدت الحكومة مقترحها في الغرض. مقترح وقع تسريبه ما دفع عدة منظمات مدنية لدراسته والتنبيه من أثر عدد من فصوله. لنقاش هذه المحاور وبيان نقاطها الغامضة، التقت نواة أمين غالي رئيس مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية.
في مستهل سنة الانتخابات الرئاسية، إن شاء الرئيس، يحتدم التنافس بين قيس سعيد الرئيس الحالي وقيس سعيد المرشح للرئاسة. واقع ترجمه سجن وتتبع القضاء المستقل لكل من سولت له نفسه، الأمارة بالسوء، المنافسة على كرسي العرش.
يستعدّ عدد من عائلات شهداء وجرحى الثورة لتقديم مبادرة تشريعية بهدف تنقيح المرسوم المحدث لمؤسسة ”فداء“. مقترح يسعى إلى فكّ الارتباط بين ضحايا الثورة وضحايا الأحداث الإرهابية من القوات الحاملة للسلاح، إلى جانب تفعيل عدد من الامتيازات لفائدة عائلات الشهداء والجرحى. لتوضيح ملامح هذه المبادرة حاورت نواة جريح الثورة ومنسق مجموعة ”فك الارتباط“، عبد الحميد الصغير.
في الذكرى 13 ليوم 14 جانفي 2011، يكاد هذا التاريخ أن يتحول إلى يوم عادي، بعد تتالي الخيبات من قصر قرطاج والفشل الذريع في حماية الثورة من مخاطر الارتداد نحو التسلط والاستبداد.
من قلب الشمال الغربي التونسي بين أرياف بوسالم الجميلة القاسية، ترفض النساء العاملات في الفلاحة الرضوخ لواقع البطالة وقلة ذات اليد. تراهن يتنقلن فجرا في رحلات تكون بعضها مميتة للعمل الفلاحي دون تغطية اجتماعية وبأجور زهيدة. نواة التقت بعضهن لتنقل نضالاتهن في وجه الحيف الاجتماعي.