Blogs 803

أحمر الشفاه و جحيم المؤسسات… وهم الإصلاح من الداخل

هذه الأسطر لن تبحث عن “الحقيقة” في قضيّة أحمر الشفاه. فالحقيقة لها أوجه مختلفة، ولكل روايته للحقيقة. وكما يقال دائما في الخطابات التي تتجمّل بأحمر شفاه الحياد والموضوعية، فإن الحقيقة الكاملة هي مزيج من روايتين أو أكثر. لا يخفاكم أنّ مزيجا من حقيقتين مختلفتين لا يمكن إلا أن ينتج رواية سمجة لا تشبع الذئب ولا تُرضي الراعي. سنترك إذا جانبا هوسنا بحقيقة ما حدث، لأن هذه الأسطر لن تكون موضوعية. بل ستكون موضوعية، لكن ليست موضوعية أصحاب الإيمان الخرافي بدين الحياد. سنلقي جام تركيزنا على الحقيقة الرسمية. وسنصدّقها. وسنحاول قدر الإمكان أن نقرأ ما تقوله لنا رواية الطرف الرسمي. بكلّ موضوعيّتنا المتموقعة علنا إلى جانب الأستاذة مريم بوزيد.

تونس… هي فوضى

لا يختلف عاقلان حول أن تونس تعيش أحلك فتراتها بل أخطرها على الإطلاق منذ الاستقلال، في ظل التهديدات بتفكيك الدولة ومختلف أجهزتها إذا ما تواصلت التجاذبات والصراعات السياسية على هذه الشاكلة..كل الأطراف تعلي مصلحتها الحزبية على المصلحة الوطنية وتعلن النقيض.

ما بعد كورونا: السردية المهيمنة، الخطأ القاتل والسردية المنشودة

كشف وباء كورونا مدى وحشية الرأسمالية التي تجعلنا اليوم نعيش على وقع جائحة في ظل تردي الخدمات الاجتماعية وهشاشة الحقوق الأساسية للمواطن التي تنص عليها الدساتير مثل الحق في الحياة والحق في الصحة. إنّ اضطرار الأطباء في إيطاليا مثلا للاختيار بين من يتمتع بالأولوية من بين مرضى كوفيد -19 لاستعمال جهاز التنفس الاصطناعي و من يترك ليواجه مصيره لوحده، فإنها بالتأكيد من نتائج الرأسمالية التي تتعامل بمنطق الربح والخسارة، وهي من أوصلتنا إلى هذا الوضع من الشّحة و الندرة و غياب وسائل الإنعاش عن كافة المرافق الصحية، ببساطة لأن منطق الربح والخسارة والمردودية الاقتصادية في استعمال هذه الوسائل لا يؤتي أُكله.

الداخليّة تفرض سطوتها من جديد على الدولة

هي لم تختف أبدا، لكن بعد أزمة الشك التي حامت حولها خلال وبعد الثورة ، استغلّت دولة “البوليس” في تونس زمن الكورونا لإعادة بسط هيمنتها بشكل مختلف و بأدوات جديدة أكثر عصرية وحنكة. ثلاثة أساليب وأدبيات جديدة توضح لنا كيف استطاعت المنظومة الأمنيّة إنتاج نفسها بشكل مغاير: الخطّة الاتصالية، التكنولوجيا العالية والبهرجة السلطويّة الجديدة.

تقرير هيئة الحقيقة والكرامة في الرائد الرسمي: فرصة جديدة لدفع مسار العدالة الإنتقالية

اتّسم مسار العدالة الانتقالية الذي تقوده هيئة الحقيقة والكرامة منذ عام 2014 بكل شيء ما عدى الاستقرار. فبعد عهدة استمرت لنحو خمس سنوات مضطربة، أنهت الهيئة مهمتها عام 2019؛ إذ أحالت ما لا يقل عن 173 حالة من حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد ونشرت تقريراً شاملا تضمّن النتائج والتوصيات التي خلصت إليها. واليوم نُشِر التقرير في الرائد الرسمي مثلما يقتضي قانون العدالة الانتقالية.

صندوق الزكاة ببلدية الكرم: تدبير حر أم ضرب لمدنيّة الدولة ؟

أصدرت بلدية الكرم بعد مداولات مجلسها قرارًا يقضي بإحداث صندوق ضمن حساب خاص بالهبات يُخصّص لموارد الزكاة يتم فتحه لدى المحاسب العمومي على مستوى البلدية. وبناء على مداولات المجلس البلدي، أصدر رئيس بلدية الكرم يوم 22 نوفمبر 2019 قراره بإحداث صندوق الزكاة.

مكافحة الفساد ليست من الكماليات حتى خلال الأزمات

لم تنجح تونس في حربها ضد الفساد النجاح الذي كانت ترسمه في استراتيجياتها وتصوّره في خطابات سياسييها ومسؤوليها وذلك بالرغم ممّا خطته من خطوات مهمّة. ولئن اختلفت الأسباب وراء ذلك فإن العديد من الفاعلين يجمعون على أن الظروف التي تصاحب الأزمات -كالأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمنجرة عن جائحة كوفيد-19- من شأنها أن تساهم في استشراء الفساد الذي يعمّق بدوره آثار الأزمات خاصّة على الفئات الهشّة من المجتمع.

ملاحظات نقدية حول صلاحيات الوزير المكلّف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد

صدر بالرّائد الرّسمي عدد 36 لسنة 2020 الأمر الحكومي عدد 167 لسنة 2020 المؤرّخ في 28 أفريل 2020 والمتعلّق بضبط مشمولات وزير الدّولة لدى رئيس الحكومة المكلّف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد والهياكل والمؤسّسة الرّاجعة إليه بالنّظر وبتفويض بعض صلاحيات رئيس الحكومة له. هذا الأمر الحكومي يثير بعض الملاحظات، بعضها يتعلّق بمسائل شكلية لها صلة بتقنية صياغة النّصوص القانونية، والبعض الآخر يهمّ الأصل وبشكل خاصّ مسألة التّفويض.

في رثاء لينا بن مهني: شهادة ناشط حقوقي مصري

غيب الموت جسد الصديقة العزيزة لينا بن مهنى في 27 جانفي2020 ، كانت المرة الأولى التي أشعر فيها ببعض القدرة على الكتابة عن المقاتلة الشجاعة في الدفاع عن حقوق الإنسان دون اعتبار لانتماء الضحايا، وعن الإنسانة لينا بن مهني التي طالما دعمتني وآنستني في غربتي.

تونس المريضة بالبكاء: شهادة عن إيقافي في «بوشوشة»

قبل دموع المكي شهدت تونس تجمعات بشرية مخيفة إبان توزيع المنح والمساعدات الاجتماعية التي أقرتها الدولة مما قوض كل ما أُنجز في الوقاية من الفيروس. خلل سبقته عدة ثغرات وأهمها فشل السلطة في توفير حاجيات من لا دخل لهم ولا تعويضات تشملهم في ظل الحجر الصحي. ستطفو على السطح مآس ربما لن يقدر أحد ردء صدعها. أغلب ساكنة البلاد لا تتوفر بيوتهم على عدد غرف يتماثل وعدد أفرادها. لن نطيل في هذا التفصيل لأن أصل المرض كامن في وزارة شقيقة هي وزارة الداخلية التي ربما تكون الحليف الرئيس لهذا الوباء… فيما يلي .شهادتي عن ليلة أمضيتها في معتقل «بوشوشة» بتونس العاصمة

جريمة الاتجار بالبشر في تونس بين الواقع والقانون

يعد الاتجار بالبشر من الظواهر التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع التونسي، وهو ما جعل المشرع التونسي يتحرك في سنة 2016 ليصادق على القانون المتعلق بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته. ولطالما كانت تونس سباقة في مكافحة العبودية والاتجار بالبشر، حيث يعتبر الأمر العلي المؤرخ في 23 جانفي 1846 الذي أصدره أحمد باي والذي ينص على أن “لا عبودية بمملكتنا ولا يجوز وقوعها فيها، فكل إنسان حر مهما كان جنسه أو لونه ومن يقع عليه ما يمنع حريته أو يخالفها، فله أن يرفع أمره للمحاكم”، أول نص عربي ومن أوائل النصوص في العالم التي منعت العبودية.

مالذي أفشل السياسات الإقتصادية التونسية بعد ثورة 2010-2011 ؟

تمثل هذه المقالة جزءًا من ورقة بحثية للباحث فاضل علي رضا نشرت باللغة الإنجليزية من قبل بمؤسسة روزا لكسمبورغ – مكتب شمال أفريقيا، ولأهميتها البحثية، ترجمت إلى اللغة العربية، وقدّ خصّنا المؤلف، بحقوق ترجمتها، وكذلك بمقدمة موجزة للقارئ العربي. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الكيفية التي تم بها استبعاد العمال من خطاب وعمليات التحول الديمقراطي منذ ثورة 2011.

 الأخبار المزيفة في زمن الكورونا : كيف يستغل البعض الوضع لصالحهم

بين آلاف المقالات اليومية التي لا أساس للصحة منها، يتوه القارئ، فتستحيل عليه التفرقة بين خبر مؤكد و خبر مفبرك. في زمن الكورونا، أو في الأيام الروتينية العادية، لا يخلو الفايسبوك من المغالطات التي قادت العالم نحو هيستيريا جماعية. بين أولئك الذين يتحدثون عن نهاية موشكة للعالم و من يتحدثون عن إصابات قد تبلغ نصف البشرية : مزيج من الهلوسة و القلق الذي تسرب لنا دون رحمة.

قيس سعيد، شعبوية في زمن المشاعر الحزينة

كي نفهم شعبوية قيس سعيد لا بد من وعي الديمقراطية في تونس من حيث إنزياحاتها الممكنة التي تتيح التلاعب، و التزييف و كل أشكال الالتباس و عدم الاكتمال. فالديمقراطية تظل دائما صيرورة غير مكتملة و هذا ما يجعل الشعبوية مكونا أساسيا من مكونات الديمقراطية و منتج من منتجاتها و ليس مجرد ”وباء خارجي“ يتهددها. إنها ”عدو حميمي للديمقراطية“ و قفاها المنحرف، حيث السعي المستمر للإنخراط الفوري و الكلي للقواعد الشعبية و الدفاع الدائم عن سيادة الشعب دون حماية الحريات الفردية. يبدو قيس سعيد على هذا النحو ”عدوا حميميا للديمقراطية“ التونسية في ظل تمدد التيار الديني و المحافظ برلمانيا و استمرار نهج الخيارات الاقتصادية الليبرالية.

على الطريق، اجراءات سريعة

نظرا لتردي وضع السلامة المرورية في تونس، يمكن للمهتم بالشأن العام و للمطلع على تجارب دول شبيهة بمستوانا الاقتصادي و الاجتماعي، و دون التخصص في الموضوع، أن يقترح بعض الحلول و الاجراءات التي من شأنها أن تساهم في الحد من الحوادث المرورية و الفوضى في طروقاتنا و من تحسين السلامة المرورية.

بلى، إنه الفساد ”الديمقراطي“

لما التعجب وكل العارفين يعلمون تموقع الهيئات الدينية في العالم بأسره في قلب أخطبوط الفساد والمافيا والجريمة المنظمة مثلما هو الحال بالنسبة للكنيسة المسيحية و هيأة أركانها : الفاتيكان ؟ لما لا يحدث ذلك عندنا بعد أن أفرزت بؤر السياسة أطيافا تمرست على مر العقود على المتاجرة بالدين وأطيافا أخرى استوحت ملامحها من نسخة رديئة للمافيوزي الكولومبي بابلو أسكوبار ؟

خسىء المتملقون وأخطأ الواهمون… قيس سعيد ليس ثوريا

من حقنا أن ننفي على أي كان صفة الثورية سيما إذا تعلق النفي برئيس الجمهورية. وليس في الأمر أي ادعاء أو غرور طالما أن هذه الصفة أصبحت في زمننا شأن كل الأزمنة الثورية الجميلة على قارعة الطريق وفي متناول اليد. لننظر إلى ما يجري حولنا في العالم ونتبين عشرات الملايين من الثوريين في الشيلي والعراق ولبنان والجزائر وكلهم يصرخون “الشعب يريد إسقاط النظام”، خرجت عندئذ صفة الثورية من الحيز النخبوي وولى زمن البطولات “الثورية” التي تبين أن اغلبها مزيفة وها أننا نلج عصرا تكاد تصبح فيه الثورة الاجتماعية جبلة عند الطبقات الشعبية.