Blogs 793

مانيفستو مقاطعة الإنتخابات

في الفيزياء النيوتونية، يُعتبر عمل قوّة ما مؤثرا في مساره، إذا تم حشد طريقه في توازٍ مع اتجاه القوة الأولى. فإذا تعامد اتجاه القوة مع المسار، انعدم العمل، إذ يصبح متساويا مع الصفر .إن عمل القوى السياسية لا يحيد عن التناظر الوظيفي مع الفيزياء الكلاسيكية: فمهما بلغت القوة أوجها، فهي ليست حمّالة لتغيير ما في فضاء الصّراع إلا إذا تم تقليص التعامد (و له يعزى التناقض الطبقي في نموذجنا المبسط) مع أعمدة التماس لخطوط صيرورة الطبقات الفاعلة في الإنتاج، في إطار الرأسمالية المتأخرة.

إدارة الأزمات في تونس: صيف كل الحرائق

الكم الهائل من الأخبار الكارثية أو المهولة التي إختنق بها الفضاء السياسي والإجتماعي في تونس يعيدنا مرة أخرى إلى نفس التساؤل المفصلي: كيف يجب علينا التعامل مع المصيبة المقبلة؟ فما حدث خلال وبعد الخميس 27 جوان 2019 أوضح لنا بأن هناك ضرورة ملحة في تصور وتعاطي مختلف مع الأزمات بصفة عامة وصيف كل الحرائق الذي ينتظرنا.

من أجل استرجاع فكرة اليسار بعد إنهيار الجبهة الشعبية

بدأت أصوات تصدّع البناية الجبهوية ترتفع بطريقة لم يعد يمكن التستر عنها، وسط حالة من إنكار جزء كبير من أطرافها. أصوات تنبؤ بانهيار قريب، مثلما كان سقوط الجدار إنذارا لانهيار الإمبراطورية السوفياتية. تماما مثل ذلك الإنهيار، لكن مع التنسيب المناسب بطبيعة الحال، تحدث بوادره حالة من التشاؤم وتعمق من حالة الإحباط التي يعيشها أغلب من يعلن انتماءه لليسار، إما نضالا يوميا أو فكرا أو وجدانا، حالة إحباط تشمل حتى أولئك اللذين غادروا الجبهة وأحزابها في إحدى الفترات السابقة. ولكن في نفس الوقت تُشعل شمعة أمل جديد لدى هؤلاء بإمكانية إعادة بناء حلم اليسار الذي قضت عليه تجارب فترة الانتقال الديمقراطي وقياداتها. فبعد انهيار القلاع وتهاوي الصنم، يفتح لنا التاريخ نافذة من نوافذه القليلة علّنا نقتنص فرصة لبناء بديل يرفع راية اليسار.

الحراك الشبابي بين النجاح والمراكمة

أنا من ذلك الجيل الذي أصبح نقديا لوسائل الفعل السياسي القديمة، أنا من جيل هؤلاء الذين سئموا من تكرار أخطاء الماضي وما راكمته التجارب القديمة من شوائب منذ الستينات (على الرغم من أهميتها في تنشئة الكوادر)، أنا من جيل الهاشتاڨ وتويتر وأنستڨرام وأغاني الفيراج، أنا من جيل يمقت الاجتماعات الروتينية التي تمتد لساعات وساعات، أنا من هذا الجيل الموغل في نقده للدكاكين السياسية البترياركية والقاتلة للإبداع والابتكار .لكني كذلك وفي نفس الوقت من جيل الساحات الطلابية وصخرة سقراط، وجيل حلقات النقاش التي يحدث فيها “الجدل والتصادم” بين المادية التاريخية وجدل الإنسان، بين طبيعة المجتمع وطبيعة الثورة، بين الرأسمالية والاشتراكية، بين التكتيكي والإستراتيجي.

بعد طرد رموز الرجعية من سيدي بوزيد وقفصة ومنوبة: هل نشهد رمضانا آخر بلون التحدي؟

عاشت بلادنا، في شهر أفريل المنصرم، على وقع حادثتين بارزتين على الأقل، أسالتا الكثير من الحبر وأثارتا ردود أفعال إعلامية وسياسية متضاربة، لا سيما وأن ما تعول عليه حكومة الشاهد، كل عام، من إغلاق -ولو مؤقت- لقوس الحراك الإجتماعي الجبار، على إمتداد أشهر رمضان والصيف المتعاقبة، لا يبدو هذه المرة، مجديا. ونقصد طبعا بالحادثتين المنفصلتين: طرد المحامية التجمعية عبير موسي من مدينة سيدي بوزيد الديسمبرية والرئيس الأسبق لحكومة الترويكا والبرلماني الحالي عن حركة النهضة الحاكمة علي لعريض (رفقة زميله عبد الحميد الجلاصي) من كلية الآداب بجامعة منوبة.

سيدة من تحت الرماد : الوثائقي في خدمة الذاكرة

سنة 2012، قام سلفيون متشددون بإقتحام مقام السيدة المنوبية و حرقه، متهمين النساء القائمات على خدمته و اللاتي يسترزقن منه بالكفر و الشرك بالله، مقام السيدة لم يكن الوحيد و لا الأول ، حيث تم في نفس السنة تسجيل عشرات من حالات الاعتداء بالحرق على مقامات الأولياء الصالحين في مختلف الولايات، أمام انسحاب شبه تام لقوات الأمن. في اليوم الموالي للاعتداء، نقلتنا كاميرا المخرجة سمية بوعلاڨي إلى المقام الذي صبغت حيطانه بلون أسود مدنس، و حرصت نفس الكاميرا على توثيق تطهير “خادمات”السيدة المنوبية للمعلم التاريخي بالمياه و التراتيل، في تجسيد تونسي لانبعاث العنقاء من الرماد.

نحن وانتخابات 2019، لنحدّد رؤيتنا و خصومنا

ما نستطيعه، وما يتعيّن علينا اليوم الاضطلاع به لوقف هذا الانحدار، وهذا لا يزال ممكنا، هو الحفاظ ضرورة على طاقتنا كسلطة مضادة كامنة ومنغرسة في المجتمع المدني والتحتي وكذلك العمل من أجل التّشكل كتعبيرة سياسيّة برلمانية ومنتخبة تبني فضاءات التّصادي بين مجتمع الثورة ومجتمع المقاومة الذي يراد طمسه من جهة، والمؤسسات المنتخبة من جهة أخرى. فتفكك مثل هذه العلاقة وضعف التمفصل بين جسم المجتمع المحتج والرافض والحركي والجسم الانتخابي المفترض سهّل تشكل الثورة المضادة ووضعنا في المأزق التاريخي الحالي.

حادثة المهدية تعيد طرح معضلة الهجرة السرية في تونس

لم تكف الهجرة السرية في تونس عن رسم مأساة التونسيين الذين انسدت الآفاق أمامهم فبات الحلم الأوروبي يؤرقهم. فقد أمست الأجساد تتزاحم في قوارب الموت غير آبهة بمآلها المحتوم. ولعل حادثة ولاية المهدية التي عاشت منذ أيام على وقع فقدان تسعة من شبابها بعد مغادرتهم إلى السواحل الإيطالية تعيد إلى الذاكرة من جديد ظاهرة الهجرة غير النظامية التي أمست تتخذ نسقا تصاعديا خاصة في السنوات الأخيرة. وتدعونا إلى التساؤل عن الدور الرقابي للدولة.

أنفلونزا الدخولية لدى اليسار المريض في تونس: الأعراض وحتمية المواجهة

في الليلة المفصلية والفاصلة بين 8 و9 جانفي 2011، سقط عدد كبير من شهداء مدينتي تالة والقصرين العظيمتين، ولسان بعضهم يردد: “الشعب يريد إسقاط النظام!”. ولايمكن أن يخفى على أحد، اليوم، الجدل الراهن -صريحا كان أو ضمنيا- حول الجدوى التاريخية لواحد من الشعارات/العناوين الكبرى للمسار الثوري التونسي.

اتّفاق التبادل الحرّ الشامل والمعمّق: عهد الأمان ما قبل الحماية

كثر الحديث منذ أشهر عن الاليكا أو اتّفاق التبادل الحرّ الشامل والمعمّق بين الاتحاد الأوروبي وتونس ومدى تأثيره على الاقتصاد التونسي واستقلالية القرار الوطني. وفي هذه الورقة سنحاول تبيان الخطوات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة، قبل وبعد الثورة في طريق تحرير التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي، لنتناول بعد ذلك بالتحليل الجوانب الرئيسية لهذا المقترح الأوروبي الخطير والذي تستعدّ حكومة النهضة-الشاهد للقبول به تحت وقع الضغوط الهائلة للمالية العمومية.

رسالة مفتوحة من أم عمر العبيدي إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد

سنة مرت، 365 يوما، جلسات مكافحة بين الشهود والمتهمين، 12 شهر من الأبحاث، عشرات الوقفات الإحتجاجية، عشرات الحصص الإعلامية، صفر إيقافات، مقابل سبعة عشر متهم، كلها منذ وفاتي واستشهاد إبني عمر العبيدي.

الموت، تلك الحالة الغريبة

قد يموت أقرب الأشخاص إلينا، قد يموت من ننتصر لهم، قد تموت الثورات، لكن يبقى السؤال ذاته :مالذي يمكن أن نفعله أمام الموت ؟ رغم ما يردد عن الموت، فإن خوض تجربة الفقد على الصعيد الشخصي كفيل بتفكيكنا وتحويلنا إلى مخلوقات جديدة في علاقتنا بالأخر وبالحياة. الموت هو حالة غريبة غرابة التعبير عن اللانهاية.

أسئلة لكشف الإعلام الفاسد

مهنة الصحافة والإعلام من الناحية النظرية تعد عين، وعقل، وضمير المواطن والوطن، ومن المفروض انها أداة الشعب لمراقبة جميع سلطات ومؤسسات الدولة وفضح الفساد ان وجد، ومن المفروض ان تلقي الضوء على الحسنات والسيئات، ومواضع الضعف، وأماكن القوة، ومشاهد القبح وصور الجمال، وهي في الوقت نفسه همزة الوصل بين النظام الحاكم والمواطن، هي أداته ونافذته لتشكيل الرأي العام في القضايا المصيرية، ونافذته لمخاطبة المواطنين وتعريفهم بالقرارات والسياسات والقوانين وغيرها. وكذلك أيضا من الناحية النظرية، الإعلام يُسهِم في تشكيل أفكار الأمَّة، وهذا التشكيل إمَّا أن يكون عاملَ بِناء يَحثُّ على التقدُّم والتنمية والتماسُك، وإمَّا أن يكون عاملَ هدْم يُحدِث اضطرابًا وقلَقًا فكريًّا واعتقاديًّا، بل واجتماعيًّا.

إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين :رسالة مفتوحة إلى الرؤساء الثلاث

في هذه الرسالة المفتوحة، يخاطب المنسق العام المساعد لاتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين “إجابة” الرئاسات الثلاث حول عدم التزام وزارة التعليم العالي بتعهداتها مع النقابة والتبعات الوخيمة لذلك.

مقترح وصفة عملية من أجل تونس مزدهرة متطورة وعصرية

كلما تحدث التونسيون عن أوضاع البلاد إلا وانحصر اهتمام الكثيرين منهم، سواء كانوا مواطنين عاديين أو سياسيين، على ما يرون أنها أولويات مستعجلة وطالبوا بالتسريع في تنفيذها حتى في غياب استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات وأي تداعيات سلبية محتملة وقد يكون هذا التمشي هو أحد أهم أسباب فشلنا إلى حد الآن في إيجاد الحلول الناجعة لمشاكلنا المتراكمة والمتفاقمة. في الواقع المطلوب اليوم هو برنامج يعتمد على 3 أو 4 مبادئ عامة وعلى 3 أو 4 ركائز أساسية تجعل التونسي يحلم بمستقبل أفضل وكلمة “يحلم” هنا مهمة جدا لأنها هي التي ستزرع الأمل في إمكانية تغيير الواقع إلى الأفضل وتخلق الحماس الضروري لجعل التونسيين يصبرون وينخرطون بأعداد كبيرة في مسيرة الإصلاح والتغيير والبناء.

نسق التطور الحضاري… هل سننقرض؟

في أواخر ثمانينات القرن الماضي وصلت البشرية إلى مرحلة هامة جدا من التطور التكنولوجي باختراع آلات الكمبيوتر الشخصي الجديدة الذي أبهرت العالم ومكنت من إيصال هذه التكنولوجيا إلى عامة الناس بسعر في المتناول بعد أن كانت حكرا على المؤسسات الكبرى. وقبل أن يزول هذا الانبهار جاءت الانترنات أواخر التسعينات لتخلق واقعا جديدا كسر حواجز الجغرافيا وجعل كل العالم قرية صغيرة متصلة تنتقل فيها المعلومة تقريبا بصفة آنية. ومع نهاية العقد الأول من هذا القرن اكتسحت الهواتف الذكية والتطبيقات الخارقة التي جاءت معها واقعنا هذا حتى تكاد تصبح بدايات الانترنات نفسها من التاريخ البعيد بحيث لا يمكن أن نتخيل عالمنا دونها.

هموم المدرسة العصريّة

تتغيّر المدرسة اليوم بسرعة كبيرة في سبيل الرقيّ بخدماتها الموجّهة إلى طلاّب الألفيّة الثالثة. فالمدرسة العصريّة، وهي تستقبل أجيال الثورة الرقميّة، مطالبة بتغيير أساليبها ومراجعة أهدافها وتدريب مدرّسيها وتنمية مهاراتهم باستمرار، لتواكب عصرها وتقنع جمهورها. لكنّ البرامج التي تُضبط لتحديث المدارس شكلا ومضمونا، تتجاوز ما ذكرناه إلى قوائم طويلة من الخطط والإجراءات الإصلاحية المتتالية التي تتكامل أحيانا وتتنافر أحيانا أخرى، وينسخ بعضُها بعضاً، ويفشل منها ما يفشل، وتُبذل في سبيل تنفيذها نفقاتٌ كبيرة قد لا تتوفّر بالقدر المطلوب فتؤثّر على فاعليّتها وتعطّل جدواها.

“يا حاجّة بَرّا صلّي”: جملة تختزل برشة حاجات

نهار السّبت 10 نوفمبر 2018، حضرت لإختتام أيّام قرطاج السّينمائية لسبب واحد هو أنّني نكون حاضر مع أمّي منى الماجري في أوّل دورة ليها للمهرجان كممثّلة في فيلم مشارك في المسابقة الرّسمية، فيلم ولدي لمحمّد بن عطيّة. وقتلّي خرجنا من وتيل الأفريكا بش نطلعوا في الكرهبة إلّي بش تهزّنا لمدينة الثّقافة، فمّا برشا ناس واقفين مقابلين أغلبهم مالشّباب الأولاد، فيهم شكون قام يعيّط: “يا حاجّة، برّا صلّي” و الجملة هاذي تختزل برشا حاجات مع بعضها.