بين التلعثم في استحضار أسماء ما تزال دماءها دينا في رقاب من تعهدّوا بكشف القتلة، وخلط رهيب للمفاهيم، وإصرار على مصادرة التاريخ، تنقّل رئيس الجمهوريّة من موضوع لآخر طيلة ساعة تقريبا، محاولا حسم بعض القضايا، وليثير الجدل من جديد حول أخرى

بين التلعثم في استحضار أسماء ما تزال دماءها دينا في رقاب من تعهدّوا بكشف القتلة، وخلط رهيب للمفاهيم، وإصرار على مصادرة التاريخ، تنقّل رئيس الجمهوريّة من موضوع لآخر طيلة ساعة تقريبا، محاولا حسم بعض القضايا، وليثير الجدل من جديد حول أخرى
صادق مجلس نواب الشعب في جلسة عامة انعقدت أول أمس على مشروع قانون متعلق بالمجلس الأعلى للقضاء برمته بـ132 نعم، دون احتفاظ ودون رفض. ورغم حالة الإجماع الغير معهودة التي سادت أثناء التصويت على فصول القانون فإن جمعية القضاة التونسيين عبرت عن رفضها للتنقيحات التي أجرتها الجلسة العامة على النص الأصلي للمشروع، وهو ما أثار الجدل مجددا حول هذا القانون الذي رافقته الكثير من الطعون والتعديلات، وارتحل منذ شهر مارس 2015 بين قصر الحكومة ولجنة التشريع العام بمجلس النواب والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. ويظل جوهر الخلاف داخل هذا القانون متعلق أساسا بمبدأ استقلالية القضاء.
تزامنا مع الاحتفاء بالذكرى 60 لاستقلال تونس، عادت الخطابات الإحيائية المنادية ببعث الإرث البورقيبي وترميمه على نحو طقوسي، مُنتقية أفضل الصور من سيرة الرئيس الحبيب بورقيبة، الموشّحة بالألقاب والنياشين من قبيل “المجاهد الأكبر” و”باني تونس الحديثة” و”منقذ الأمة”. هذه الخطابات رغم طابعها التمجيدي الصارخ فإنها تنكرت للزعيم بورقيبة، لأنها طردته من مجال التاريخ وأسكنته فراديس “اللاّ تاريخ”، إذ جعلت منه أيقونة لا تصلح إلا لحشد الهمم في المناسبات العابرة، وفي أهون الأحوال يُرجَى من بورقيبة أن ينتصب تمثالا ضخما في أكبر شوارع البلاد، قد يكلف ميزانية الدولة 650 ألف دينار.
خالد شوكات، احترف السياسة كما تُحترف الرياضة، فهو ينتقل من فريق لخصمه والإنتقال يكون دئما مرتبط بما سيحققه من مكاسب، فالرجل كان ولايزال قادرا على أن يخفي اشد مواقفه انتهازية خلف شعارات المبدئية.
مراسلات السفارة الامريكية السرية التي نشرها ويكيليكس تجيب عن اسئلة أهم من طبيعة عقد الإيجار الذي أُبرم بين ادارة مدرسة التعاون الامريكية بتونس ووزارة املاك الدولة. لماذا ارادت الولايات المتحدة الامريكية أن يقع تعويضها بقطعة ارض عوضا عن 36 مليون دينار؟ الجواب لم يكن «تفهم للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تونس» كما صرّح وزير الشؤون الخارجية. انما هو تحقيق رغبة امريكية انطلقت منذ 2007
لم يُسدَل الستار بعد عن خفايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة بن قردان فجر أمس الاثنين، وقد اكتفى رئيس الحكومة الحبيب الصيد بالإعلان صباح اليوم عن الحصيلة البشرية التي تمثلت في مقتل 36 عنصرا إرهابيا وأسر سبعة آخرين، وبالمقابل سقط 12 شهيدا و14 جريح من القوات الأمنية، بينما بلغت الحصيلة في صفوف المواطنين الأبرياء 7 شهداء و3 جرحى. إن استقراء الأهداف والخطط المتحولة للجماعات الإرهابية يمر عبر تحديد سياقاتها الأمنية والجغرافية والاجتماعية، وهو ما ينطبق إلى حد بعيد على مدينة بن قردان، الأمر الذي أهّلها للاضطلاع بأدوار لوجيستية وسياسية في الحسابات الاستراتيجية للجماعات الإرهابية.
إثر البيان الذي أصدره مجلس وزراء الداخلية العرب الملتئم في تونس يومي 02 و03 مارس 2016 والذي وَصف فيه حزب الله اللبناني بـ”الإرهابي“، كان لموقع نواة حوارا حصريا مع السيد محمد عفيف المسؤول عن وحدة العلاقات الإعلامية في حزب الله. وقد تناول الحوار جملة من المحاور، من بينها قراءة حزب الله لبيان مجلس وزراء الداخلية العرب والموقف التونسي في مستوييه الرسمي والشعبي، علاوة على الدور السعودي في المنطقة والاتهامات التي تطال حزب الله بخصوص الولاء لإيران.
الملفت للانتباه في بيان مجلس وزراء الداخلية العرب أن نقاطه خِيطَت على مقاس السياسات الخارجية للملكة العربية السعودية، إذ تضمَّن فقرات بأكملها تُحيل على المقاربة السعودية الخاصة للأوضاع الإقليمية والدولية. وقد أفلحت الرياض إلى حد ما في خلق حالة اصطفاف عربي وراء سياساتها، لتظهر بصورة الدولة الجامعة، القادرة على جر بقية العرب وراءها
أصدر مركز كارنيغي للشرق الأوسط في 24 فيفري الفارط دراسة تحت عنوان ”ثورة هادئة: الجيش التونسي بعد بن علي“، تناول خلالها تاريخ العلاقة بين المؤسّسة العسكريّة والسلطة منذ الاستقلال مرورا ببن علي وانتهاء بالحكومات التي أعقبت 14 جانفي 2011.
اول تفاصيل المشهد تُستهل بمعرفة موقع راشد الغنوشي في حركته وواقع الصراع الداخلي صلبها. ليس كما الصورة من قريب، فهي تضلل وتقدم الغنوشي على انه زعيم أوحد ووحيد، وعلى أنه صاحب الأمر والنهي في الحركة التي كان من مؤسسيها، لكن واقع الحركة منذ التسعينات مختلف عن الصورة التي تسوقها، حتى وإن كان الواقع يقر للرجل بحسن إمساكه بملفات شائكة لغاية اليوم رغم المد والجزر.
ولئن لم يتخذ النزاع حول ملف الإرهاب طابعا رسميا سَافرا، فإن العديد من التسريبات والوقائع تشير إلى أن الجهازين الأمني والقضائي يعيشان تململا داخليا يتجلى في التعارض الملحوظ بين جهازي دولة يتزعّمان البث في القضايا الإرهابية. فهل أن هذا التعارض يعبّر عن نزاع فرَضَه عدم التنسيق وتداخل الاختصاصات أم أنه يعكس صراعا سياسيا تسرّب إلى أجهزة الدولة؟
بعد إصدار الدستور التونسي في سنة 2014 وخاصة الباب السابع منه والمتعلّق بالسلطة المحلية يتساءل كثيرون عن دور المعتمدين في ظلّ هذه التحولات التي سيعرفها التنظيم الإداري التونسي في الفترة القادمة.
بلحاج صاحب التاريخ الموغل في الهامش لا أنصار له أو معجبين قبل 2011، فمن يعلمون اسم الرجل لا يتجاوزون أصابع اليد ومن يعلمون سيرته أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، بمن في ذلك أبناء مهنته، المحاماة التي احترفها في أواخر الثمانينات بعد عودته من الجزائر التي ظل بها أكثر من سنتين لا أحد غيره يعلم ما فعله هناك.
دقت طبول الحرب والتدخّل الأجنبيّ هذه المرّة، وستستهدف بحسب التصريحات خطر تنظيم الدولة داعش بعد أن تغيّرت قواعد الصراع في سوريا والعراق. وقد اتُّخِذ القرار بضبط الساحة الليبيّة التي كانت مركزا للتدريب ومعبرا رئيسيّا لآلاف المقاتلين باتجاه الشامّ وهاجسا لدول الجوار، على رأسهم تونس التي كانت قبل سنوات معبرا “لثوّار الحريّة” باتجاه ليبيا
تحت رُكام التفاصيل المتشعّبة اختَنق ملف اغتيال شكري بلعيد وجُرِّد من مضامينه السياسية، ليتحوّل إلى مجموعة من الوقائع المزدحمة التي يصعب في بعض الأحيان رَبطها على نحو متناسق. ومن هذا المنطلق تعتبر العودة إلى مرحلة “ما قبل الاغتيال” من الأهمية بمكان، لأنها تسمح بوضع الحدث في سياقه التاريخي والاجتماعي، وتتيح إمكانيات فهم مغايرة لحقيقة ما حصل
في نفس اللحظة التي كان فيها رفاق رضا يحياوي وأبناء مدينته يحتفلون بتعيينهم، كان هذا الأخير تحت وقع صدمة، لم يستطع تجاوزها إلاّ حين سقط جثّة هامدة من أعلى العمود الكهربائيّ أمام مقرّ ولاية القصرين. يوم السبت 16 جانفي الفارط، جرّة القلم التّي محت اسمه من قائمة المنتدبين للوظيفة العموميّة لم تنه آمال شاب ذاق الأمرين من البطالة، بل كانت سببا في انهاء حياته.
هذا اليوم الذي يُطلق عليه البعض “الخميس الأسود” تَحوّل من إضراب عام أعلنته قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حالة شعبية رافضة لسياسات الحكم وخياراته، أمسَى في قراءات المؤرّخين حدثا يختزِل سياقات مرحلة بأكملها من التاريخ السياسي والاجتماعي للبلاد.
اتساع الاحتجاجات رافقته اشتباكات بين أعوان الأمن والشباب المُتمرِّد على واقع التهميش والبطالة. وكعادتها التقطت الجهات الرسمية مشاهد إحراق العجلات المطّاطية واقتحام مراكز السلطة وقذف أعوان الأمن بالحجارة لتُعيد تشكيل صورة رسمية من شأنها أن تضع حدّا لحُمّى الالتهاب الاحتجاجي وتفتح للطبقة الحاكمة مَسارب الخروج من هذا المأزق الذي عَمّقه غياب إجابة سياسية مقنعة على المطالب القديمة-الجديدة.