مكتب رئيس الجمهوريّة: ساحة أخرى للصراعات في نداء تونس

بعد الإعلان الرسميّ لرئاسة الجمهوريّة عن تعرّض الباجي قائد السبسي إلى “وعكة صحيّة حادّة”، وتأكيد المستشار الأوّل لدى رئيس الجمهوريّة المكلف بالإعلام والتّواصل، فراس قفراش الحالة الحرجة للرئيس، عاشت البلاد طيلة 4 ساعات على الأقّل حالة فراغ وشخوص ممّا أطلق العنان لشتّى التكهّنات وسط صمت مطبق لديوان الرئاسة. هذه الأزمة عكست حالة العجز الاتصالي لهذه المؤسّسة التّي تحوّلت من رمز لوحدة البلاد والضامن لاستمراريّة الدولة إلى فناء خلفيّ لتصفية الخلافات والترضيات السياسيّة.

نواة في دقيقة: وعكة اتصالية في الرئاسة جعلت من وعكة الرئيس أزمة

, سيبقى يوم الجمعة 27 جوان 2019، تاريخا عالقا في ذاكرة التونسيّين، ليس فقط بسبب العمليّتين الإرهابيّتين و الوعكة الصحية الحادّة التي أصابت الرئيس، بل لما كشفت عنه تلك الحوادث من أزمة إتصالية حقيقيّة، تجلّت في ردّة فعل رئاسة الجمهورية في التعاطي مع الحالة الصحية لرئيس الجمهورية. نتيجة هذا القصور الإتصالي الكارثي، حيث ساد الصمت الرسمي طيلة ساعات و اقتصرت التوضيحات على عدد قليل من البلاغات المقتضبة، وجد التونسيون أنفسهم في مواجهة أخبار و شائعات من مصادر مختلفة، وحديث عن أزمة دستورية وانقلابات. لتعمّ الشارع حيرةٌ تفاقمت بتواصل الغموض في الخطاب الرسمي.

اختبارات إشاعة موت الرئيس: اتصال أزمة ضعيف، حرب صور وإعلام عربي بعضه ماكر

تشهد تونس منذ يوم 27 جوان 2019 حالة من الضبابية في معرفة تفاصيل الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، على الأقل في جزئها المتعلق بالشأن العام التونسي والمرتبط بقدرة الرئيس على مواصلة مهامه، خاصة في ظرف أمني دقيق تمر به تونس بعد العمليات الإرهابية الأخيرة. هذه الضبابية كثفت من تركيز جزء واسع من الرأي العام التونسي على الرئيس وصحته، كما كشفت ضعفا واضحا في إدارة الأزمة من الناحية الاتصالية للمسؤولين في قصر قرطاج، كما كانت اختبارا جديا لأجندات بعض الأطراف الأجنبية وكيفية دفعها لمسار الأحداث في تونس عبر وسائلها الإعلامية.

الباجي قائد السبسي: الرجل الذّي ظلم نفسه

جاؤوا به على عجل في 2011 ليتولّى تسيير الأمتار القليلة المتبقيّة قبل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، فإذ به يقطع الطريق على الجميع لتتحوّل الأمتار إلى سنين، وليشكّل مشهدا سياسيّا جديدا انتقل به من إسم في أرشيف الحقبة البورقيبيّة إلى رئيس جمهوريّة تونس ما بعد الثورة. ولكنّ الباجي قائد السبسي، وقبيل الأمتار الأخيرة في فترة حكمه، وهو يترنّح تحت تأثير المرض أو الشيخوخة، قد يغادر المشهد السياسيّ بحصيلة عنوانها الأبرز أنّه كان الرجل الذّي ظلم نفسه.

8 أشهر بعد مقتل أيمن عثماني برصاص الديوانة: ما الجديد؟

يوم 24 أكتوبر 2018، أنهى رصاص الديوانة حياة أيمن عثماني، عامل يومي، خلال مداهمات مستودع سلع مهربة في منطقة سيدي حسين. بعد 8 أشهر من الحادثة، لا جديد في القضية سوى أنها في مرحلة التعقيب، و لا تغيير في التهمة التي وجهت لأعوان الديوانة، وهي القتل على وجه الخطأ. إعتبرت والدة الضحية و منظمة العفو الدولية أن التهمة ليست في مستوى الحادثة و أن القضاء تواطأ و أضاع حق الضحية.

نواة في دقيقة: شيخوخة الرئيس ومعوضيه تنذر بأزمة دستورية

أثارت الوعكة الصحية الحادة التي تعرض لها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي (93 سنة)، الخميس 27 جوان 2019, الكثير من الجدل. خاصةً في من سيتولى مهام رئاسة الجمهورية في حال وجود شغور. و ينص الفصل 84 من الدستور، في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية على أن تجتمع المحكمة الدستورية، وهي غير موجودة، لمعاينة ذلك الشغور. و تكلف رئيس مجلس النواب، محمد الناصر (85 سنة) ، الذي عانى بدوره من أزمة صحية ألزمته مصحة خاصة لمدة 5 أيام. و كذلك نائبه، عبد الفتاح مورو (71 سنة)، الذي عانى من وعكة صحية وهو يباشر مهامه بالبرلمان، و توجب نقله إلى المشفى.

ملف: عودة على أسباب وحيثيات إجهاض بعث المحكمة الدستورية

بعد إعلان رئاسة الجمهوريّة صبيحة اليوم 27 جوان 2019، نقل الرئيس الباجي قائد السبسي إلى المستشفى العسكريّ بسبب وعكة صحيّة حادّة، وتتالي الأخبار المتضاربة حول وضعه الصحيّ، تعتري الشارع التونسيّ والوسط السياسيّ بشكل عامّ حالة من القلق حول مستقبل مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة في ظلّ الغموض الذّي يعتري آليّة نقل مهام الرئيس.

تفجير شارع شارل دي غول: نواة على عين المكان

جدت صباح الخميس 27 جوان 2019 عملية انتحارية استهدفت دورية أمنية في شارع شارل ديغول على مستوى قريب من باب بحر وسط العاصمة تونس، وذلك على الساعة 10.50 تقريبا. الانتحاري رجل تسبب في جرح خمسة أشخاص بين مدنيين وأمنيين من ضمنهم عون أمن تأكدت وفاته تأثرا بجراحة حسب بلاغ وزارة الداخلية.

تفجير شارع شارل دي قول: شهادات وأهم المعطيات الرسمية والميدانية

جدت صباح الخميس 27 جوان 2019 عملية انتحارية استهدفت دورية أمنية في شارع شارل ديغول على مستوى قريب من باب بحر وسط العاصمة تونس، وذلك على الساعة 10.50 تقريبا. الانتحاري رجل تسبب في جرح خمسة أشخاص بين مدنيين وأمنيين من ضمنهم عون أمن تأكدت وفاته تأثرا بجراحه حسب بلاغ وزارة الداخلية.

سيدي حسين وهوامشه: الهباط، بائع الملسوقة والبرباش

قد يبدو المشهد مألوفا، أو لنقلها بشكل آخر “للأسف، لقد أصبح المشهد مألوفا”.. المشهد كما رأته الأعين ليس سوى مسحا لعشرات الأمتار المربعة المكتظة بالناس، من بينهم “بياع الملسوقة” وهو ينتصب كصائد للمارة، و”برباش” لم ينقطع عن نوبة سعاله الحادة، وأحد المراهقين بجسم نحيف وأيد فارغة وعلكة دوّارة يقطع الطريق من سوق الخضار نحو مقهى يقبع بدوره حذو مقهى آخر وحانوت لبيع الملابس الجاهزة المستوردة من تركيا ذات السعر الزهيد.

عبير موسي، حين تُفرّخ الثورة أعداءها

من الصفوف الخلفيّة لحزب التجمّع الدستوري الديمقراطي المنحلّ، إلى منافس جديّ في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة المقبلة نهاية 2019. هكذا كانت مسيرة عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحرّ. محامية وجدت نفسها خلال 8 سنوات، من مطرودة من قاعة المحكمة التّي قضت بحلّ حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي إلى رئيسة حزب يلوّح بالوعيد لديمقراطيّة فسحت له المجال ليعود من جديد، تغذّيه خيبة شارع يائس ومناخ سياسيّ لم يفرّخ سوى الفشل والتيه.

سيدي حسين وظاهرة الانقطاع المدرسي، أو حين تكون ”الخربة“ أكثر إغراء من المدرسة

الانقطاع عن الدراسة يعود إلى أسباب نفسية وصحية واجتماعية. هل هذا كل ما في الأمر؟ بالتأكيد لا. إذا أُريد لهذا الموضوع أن يُفتح بالشكل المطلوب علينا أولا أن نحدد منطقا ما في تناوله، هل سنكتفي بالبحوث والدراسات والأرقام؟ أم أن الأمر يتطلب سبرا لأغوار الظاهرة بشكل مباشر ومعاين وميداني على نحو ما.. هناك، في أزقة حي سيدي حسين بتونس العاصمة.

من أجل استرجاع فكرة اليسار بعد إنهيار الجبهة الشعبية

بدأت أصوات تصدّع البناية الجبهوية ترتفع بطريقة لم يعد يمكن التستر عنها، وسط حالة من إنكار جزء كبير من أطرافها. أصوات تنبؤ بانهيار قريب، مثلما كان سقوط الجدار إنذارا لانهيار الإمبراطورية السوفياتية. تماما مثل ذلك الإنهيار، لكن مع التنسيب المناسب بطبيعة الحال، تحدث بوادره حالة من التشاؤم وتعمق من حالة الإحباط التي يعيشها أغلب من يعلن انتماءه لليسار، إما نضالا يوميا أو فكرا أو وجدانا، حالة إحباط تشمل حتى أولئك اللذين غادروا الجبهة وأحزابها في إحدى الفترات السابقة. ولكن في نفس الوقت تُشعل شمعة أمل جديد لدى هؤلاء بإمكانية إعادة بناء حلم اليسار الذي قضت عليه تجارب فترة الانتقال الديمقراطي وقياداتها. فبعد انهيار القلاع وتهاوي الصنم، يفتح لنا التاريخ نافذة من نوافذه القليلة علّنا نقتنص فرصة لبناء بديل يرفع راية اليسار.

نواة في دقيقة: حرائق موسم الحصاد في تونس

بلغ عدد الحرائق 427 بين 04 جوان و11 جوان 2019. وقد تركّزت الحرائق التّي أتت على أكثر من 627 هكتارا من الغطاء النباتي في ولايات الشمال والشمال الغربيّ الأكثر إنتاجا للحبوب مسبّبة خسائر ب1.2 مليون دينار للفلاحين، تزامنا مع توقّعات بموسم إنتاج قياسيّ بحسب وزارة الفلاحة. لتتضارب الآراء لاحقا بين رواية رسميّة ترجّح فرضيّة الحوادث العرضيّة ودعوة اتحاد الفلاحين إلى التحقيق في شبهات أعمال إجراميّة. وقد أضافت الأضرار التّي لحقت بالحقول الزراعيّة عاملا جديدا لأزمة قطاع الحبوب وعجز الميزان الغذائي مع تواصل تراجع الإنتاج وزحف الأراضي البور وارتفاع واردات الحبوب خلال السنوات الفارطة.

الحراك الشبابي بين النجاح والمراكمة

أنا من ذلك الجيل الذي أصبح نقديا لوسائل الفعل السياسي القديمة، أنا من جيل هؤلاء الذين سئموا من تكرار أخطاء الماضي وما راكمته التجارب القديمة من شوائب منذ الستينات (على الرغم من أهميتها في تنشئة الكوادر)، أنا من جيل الهاشتاڨ وتويتر وأنستڨرام وأغاني الفيراج، أنا من جيل يمقت الاجتماعات الروتينية التي تمتد لساعات وساعات، أنا من هذا الجيل الموغل في نقده للدكاكين السياسية البترياركية والقاتلة للإبداع والابتكار .لكني كذلك وفي نفس الوقت من جيل الساحات الطلابية وصخرة سقراط، وجيل حلقات النقاش التي يحدث فيها “الجدل والتصادم” بين المادية التاريخية وجدل الإنسان، بين طبيعة المجتمع وطبيعة الثورة، بين الرأسمالية والاشتراكية، بين التكتيكي والإستراتيجي.

ملف: السجّل الوطني للمؤسّسات، آلية لعرقلة العمل الجمعيّاتي في تونس

أصدر 27 منظّمة وجمعيّة يوم 03 جوان الجاري، بيانا ضدّ ما اعتبروه تهديدا لحريّة الجمعيّات نظرا لما بدأت تعانيه من صعوبات بعد دخول القانون عدد 52 لسنة 2018 المؤرّخ في 29 أكتوبر 2018 والمتعلّق بالسجّل الوطني للمؤسّسات حيّز التنفيذ منذ 06 فيفري 2019. وكان هذا القانون قد أثار موجة رفض واسعة قبل المصادقة عليه في 27 جويلية 2018، كما تمّ تقديم طعن في شأنه لدى الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستورية مشاريع القوانين من قبل 30 نائبا في 02 أوت 2018، قبل أن ترفض الهيئة لاحقا تلك الطعون. وقد اعتبرت الجمعيّات الممضية على البيان أنّ هذا القانون غير دستوريّ بالأساس، ويأتي في سياق تكثيف التضييقات على العمل الجمعياتي منذ سنة 2017، بعد إصدار تقرير مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال  “القافي-GAFI” الذّي صنّف تونس ضمن قائمة الدول التي تعتبر ملاذا ضريبيا. وعلى هذا الأساس، أكّد الممضون على ضرورة تعليق تطبيق القانون في انتظار مراجعته وسحب الجمعيات من قائمة الذوات المعنوية المطالبة بالتسجيل، كما طالبوا المؤسّسات الإداريّة والماليّة للدولة بإيقاف مضايقاتها على الجمعيّات والإلتزام بما في المرسوم عدد 88 لسنة 2011 الضامن لحرية عمل الجمعيات وشفافية معاملاتها.

ملّف :العلاقات التونسيّة السعوديّة… جزرة المساعدات مقابل الإصطفاف

تزامنا مع تشديد العقوبات الأمريكيّة على إيران وتحرّكات الأسطول الأمريكيّ في المنطقة بعد اتهام الإيرانيّين بالهجوم على ناقلات النفط السعوديّة والإماراتيّة في 12 ماي الفارط، ومع تواصل جرائم النظام السعوديّ ضدّ الشعب اليمني، لم تشذّ مداخلات رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي خلال أشغال القمّة العربيّة الطارئة والقمّة الإسلاميّة العاديّة الرابعة عشر في مكّة يومي 30 و31 ماي 2019 عن الملامح الكبرى للسياسة الخارجيّة التونسيّة التّي اتّسمت منذ سنة 2015 بالإصطفاف الأعمى وراء المواقف والخيارات السعوديّة. في هذا الملّف، نعود على مسار وطبيعة العلاقات التونسيّة السعوديّة بعد سنة 2014 والملامح الكبرى لدبلوماسية العين الواحدة التّي طبعت الموقف التونسيّ إزاء مغامرات آل سعود في المنطقة.