لست من المهووسين بنظرية المؤامرة، ولكن تستهويني القراءات المنطقية للأحداث في هذا السياق أو ذاك. وفي ظل غياب المعلومة الدقيقة نضطر إلى الحكم على الأحداث في سياقها التاريخي من خلال ما يتبع هذه الأحداث من إجراءات، أو توجيه للرأي العام و صرف نظره عن المعارك الحقيقية المتعلقة بمصالحه و مصيره إلى قضايا هامشية.
الحفاظ على نمط المجتمع التونسي…وعد أم توعّد؟
تعالت الاصوات المنادية بضرورة المحافظة على نمط مجتمعي معيّن طيلة فترة الحملات الانتخابية بل وأصبحت هذه الفكرة بمثابة معيار يجب الاعتماد عليه لاختيار من يمثلنا في البرلمان ومن الاجدر برئاسة الجمهورية. فتفاوت الاهتمام بهذه الفكرة بين مرور عرضيّ عليها من قبل الاحزاب اليساريّة وبين تركيز جوهري عليها في الحملة الانتخابية بالنسبة لحركة نداء تونس.
رسالة مفتوحة للرئيس السبسي: لا تدفنوا استراتيجيا مكافحة الارهاب بسبب الخصومة السياسية
اخاطبك الان بصفتك رئيسا للجمهورية وليس مؤسسا لحزب خصم او مرشحه الخصم في الانتخابات الرئاسية، وبصفتك قائدا اعلى للقوات المسلحة، والمعني بالتالي بمسائل “الامن القومي”. واخاطبك الان ليس بصفتي الحزبية بل بصفتي مديرا عاما سابقا للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية من منتصف ماي 2012 الى تاريخ استقالتي في نهاية ديسمبر 2014 والتحاقي مجددا بالتدريس الجامعي.
الإتحاد و الحكومة : لمن تقرع الطبول ؟
يشهد تاريخ تونس المعاصر على أن لا مبادرة تاريخية جدت في هذا البلد في غياب أو في غفلة من القوى النقابية مجمعة و موحدة في منظمتها العتيدة : الإتحاد العام التونسي للشغل. ويأبى ذات التاريخ إلا أن ينزل تلكم المبادرة في سياق يكاد يكون متفردا للمنظمة الشغيلة ألا وهو السياق السياسي الذي لم يشكل نشازا بالنظر إلى الجذع الأصلي المنظمة. ولعل الإكتساح السياسي الحاسم و المشهود والمرجعي الذي سجلته المنظمة هو ذاك الذي عبرت عنه جدلية الأب المؤسس فرحات حشاد بأن “لا تحرر إجتماعي بدون تحرر وطني و أن لا تحرر وطني بدون تحرر إجتماعي”.
عودة لإشكالية التغيير
لم تُخيبّ النسخة المنقحة من “التجمع الدستوري الديمقراطي” التي تحكم تونس حاليا، ظنّ كثيرين، والأشهر الخمسة الأولى من تولي “جماعة النداء” للحكم، كانت كما توقعها كل من عاين بتمعن تجربة أزيد من نصف قرن من حكم هؤلاء، ولو أنهم زوّقوا بعناية الواجهة القبيحة للبناية القديمة ببعض الوجوه التي كانت لوقت قريب تقف على مسافة منهم، من دون أي تغيير للغرف الداخلية لهذه البناية التي ترفض الانهيار.
أورنج: كفاكم مشاركة في قتل الفلسطينيين
إن الحملة الشعبية التونسية لمقاطعة “إسرائيل” وإذ تحيّي المقاومة الفلسطينية الباسلة بكل أشكالها، تُجدّد تنويهها بأهمّية سلاح المقاطعة وضرورة تعميمه لما له من نجاعة كبرى أثبتها في السنوات القليلة الفارطة. إنّ الميزانية الضخمة المرصودة من الدولة الصهيونيّة لمحاربة الحملة عالميا، وتركيز دعايات بعض سفاراتها في عديد الدول (فرنسا مثلا) على مواجهتها، لأحسن دليل على أثرها البالغ وأهمّية توسيعها وتعميقها لتشمل كلّ المجالات.
هل حالنا كان أفضل زمن بن علي؟
مع الأسف، كثيرون أصبحوا اليوم، عن حسن أو حتى عن سوء نية، يتساءلون، وأحيانا يؤكدون أن حالنا كان أفضل زمن بن علي والديكتاتورية خاصة وقت الأزمات الحادة كحدوث هجمات إرهابية. في الواقع هذا السؤال هو مغالطة كبرى ومؤسف حقاً أن يسوق البعض إلى أن الشعب التونسي “ندم” على هذه الثورة وذلك لسبب بسيط هو أن الثورة لم تكن خيارا حتى نندم عليه بل أن انهيار نظام بن علي كان نتيجة منطقية وحتمية لفساده وسياساته ولخياراته الفاشلة وهو انهيار ما كان يمكن تفاديه وكان سيأتي لا محالة بل إنه كلما تأخر ذلك الانهيار كان سيكون أشد وطأة وخطورة على البلاد. المنظومة التي وضعها نظام الاستبداد هي التي أدت إلى فشله والتي نتحمل تبعاتها إلى اليوم لأنها تركت البلاد دون مناعة ودون دفاعات قوية أمام الأزمات والمخاطر بكل أنواعها.
لا حرية للوطن و لا تقدم للمجتمع بغير الديمقراطية
بين عامي 1967 و 1979 اثنا عشر عاما وعدة حروب وهزائم عربية. بين التاريخين أيضا حروب وانتصارات غير عربية. بين التاريخين كذلك عدة متغيرات عميقة شملت العرب وغير العرب المنتصرين والمنكسرين على السواء. ولكن لماذا العام 1967 ولماذا العام 1979؟ ألأنهما بالنسبة لنا نحن العرب، هما على نحو ما تاريخ واحد؟ فالهزيمة العربية المدوية-وفي القلب منها كانت الهزيمة الناصرية-لم تثمر العلقم إلا في معاهدة الصلح المنفرد، بمعنى أن العدو انتظر أكثر من عشر سنوات ليجني ثمار حرب الأيام الستة.
ما هكذا تورد “يا سي كمال “الإبل
بعد قرار مجلس الوزراء تكليف السيد : كمال الجندوبي بمعالجة ملف الحوض المنجمي ، والإعلان عن تحوله إلى قفصة لمباشرة الوضع على عين المكان، يبدو أن السيد الوزير لم يتقدم إلى حد الآن بأي خطة واضحة لحلحلة الأوضاع و لا تحول إلى قفصة ، فانتعشت سوق الوساطة و السمسرة و الحج إلى “بيت سي كمال” ، الذي يبدو كغيره مترددا، يتوجس خيفة من هذا التكليف حسب ما صرح به في بعض المناسبات : “التكليف فخ” قد يكون لغير صالحه.
على هامش المشهد السياسي المترجرج : ألسنا في حاجة إلى حوار وطني حتى لا يصاب المسار الديمقراطي برمته في الصميم.
قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أنّ تونس اليوم في حاجة إلى تكاتف كافة مكونات المجتمع المدني وكل القوى السياسية لتثبيت أركان الجمهورية الثانية سيما في ظلّ التحديات الأمنية والاجتماعية المتلاحقة،وهذا يستدعي منا جميعا هبّة وعي تكون سدا منيعا أمام كافة المخاطر التي تهدّدنا وتسعى إلى تحويلنا إلى نماذج مرعبة ومخيفة لما يجري في العراق وسوريا وليبيا.
قراءة في أسباب فشل النمط الاقتصادي التونسي
تجمع الطبقة السياسية والاقتصادية في تونس على أنّ إنهيار الوضع الاقتصادي بتونس وتأزمه إلى درجات غير مسبوقة يعزى إلى فشل ما يسمّى بالمنوال التنموي التونسي المتبع منذ مطلع السبعينات٬ والقائم على استقطاب الصناعات التصديرية الأجنبية من خلال قانون 1972 ٬ وهذا الاخفاق يتمثل أساسا وفقا لهذا الطرح في عجز هذه المنظومة عن جلب الصناعات ذات القيمة المضافة العالية واقتصارها على نوعيّة متدنية من الصناعات الأوروبيّة الوافدة على تونس فقط لتقليص كلفة الإنتاج بالإعتماد على تدنّي الأجور وتشغيل العمالة التونسية غير المختصّة.
حرية التظاهر من يمنعها ؟
حرية الاجتماع و التظاهر السلميين مضمونة. هذا ما اقره الدستور من حرية للاجتماع و التظاهر. ويتضمن ذلك ان حرية التظاهر- التي تقترن بحرية الاجتماع وتتجسم في الخروج الى الشوارع و الساحات والتجمع السلمي بقصد المطالبة بحق او التعبير عن راي او دفع انتهاك – هي من صنف الحقوق و الحريات الاساسية التي يجب ضمانها من قبل الدولة وهو ما يقتضي اتخاذ الدولة لجميع التدابير اللازمة التي تكفل لكل شخص حماية السلطات المختصة له بمفرده وبالاشتراك مع غيره ، من أي عنف او تهديد او انتقام او تمييز ضار فعلا او قانونا او ضغط او أي اجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته لهذا الحق المشروع(إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان – الفصل12).
شهادة من قلب الحدث: عودة القبضة البوليسية
كان منتظرا بعد كم الخطاب التحريضي تحت قبة البرلمان من عديد نواب الرباعي الحاكم ومن رئيس الحكومة الذي صبغ خطابه في جلسة يوم 5 جوان بالاتهامات والتحذيرات والوعيد والتهديد الصريح، وبعد الشيطنة الإعلامية التي قادتها اذاعات وفضائيات مناوئة لحملة “وينو البترول”، والضغوط الرهيبة المعلنة من بعض الدول والمناهضة القوية من عديد رجال الاعمال، -كان منتظرا- أن يتم الانتقال إلى التنفيذ واستعراض القوة من الداخلية واستعادة الممارسات النوفمبرية التي وصلت مداها عقب انطلاق الثورة في 17 ديسمبر وتجلت عبر عديد المحطات في سنة 2011 وعدة مواعيد في سنوات 2012 و2013 وصولا إلى 2015.
الثورة والثروة و السلطة: الحوض المنجمي نموذجا
يمكن القول أن الإضراب العام الأخير في الحوض المنجمي كشف عن عناصر مستجدة في سجال اجتماعي سياسي على صلة بالمسار الثوري المتواصل. ولعل أبرز عنصر بهذا الصدد يتصل بمكونات الطبقة السياسية (في السلطة والمعارضة) والتي مأسست وجودها خارج الإرادة الشعبية وفي تعارض معها. وبصورة أشمل وأعم يمكن القول بأن الحوض المنجمي سيظل محتفظا بدوره المحوري في تطور الصراع الطبقي في تونس و في مختلف مسارات الثورة الإجتماعية منها و الوطنية.
لماذا ما زالت انجازات بورقيبة تزعج البعض ؟
ماذا ما زالت انجازات بورقيبة تزعج البعض ؟ طلع علينا منذ أسبوعين امام الايمة و شيخ الشيوخ راشد الغنوشي المرشح لخلافة القرضاوي بتصريح لاحدى وسائل الاعلام يدعي فيه أن حكم بورقيبة لم يكن مختلفا عن دولة الاستعمار، دون أن يوضح لتفادي الالتباس، أن هذا الأمر يتعلق بالحد من الحريات الشخصية فقط. والملاحظ أنه رغم تصريحه للاذاعة الوطنية في 17 أفريل 2015 من أن موقفه ازاء بورقيبة “أصبح أكثر واقعية” لم يتحل الشيخ الوقور الى حد الآن بالشجاعة الكافية و النزاهة الفكرية اللازمة للاعتراف بما قام به نظام بورقيبة في شتى المجالات.
حملة “وينو البترول؟”: اين البوصلة الصحيحة؟
لا ندري الى اليوم هل ان حملة “وينو البترول؟” التي انطلقت الاسبوع المنقضي كانت مخططة من طرف ما ام كانت تلقائية؟ لكن الثابت انها خلقت زخما معتبرا على صفحات الفايسبوك بحكم حساسية القضية وارتباطها بارقام بقيت في خانة المسكوت عنه ما اطلق العنان لكل الارقام المضادة التي وصلت حد الاسطوري بأن تونس تعوم على بحر من البترول.
تحية الى مكتبة الجمهورية ببنزرت
عرِفَتْ “مكتَبَةُ الجمهوريّة” أَوْجَ نشَاطِهَا وَوَاسِعَ إشْعَاعِهَا ثمَانِيناتِ القرْن الماضِي وبعْدَهَا بِقليلٍ. حرَاكٌ اجتمَاعِيٌّ كَثِيفٌ وفِي ميَادِينَ متعَدِّدَةٍ وخاصَّةٍ في قِطاع التَّعليمِ تَدَعَّمَ بنَقْل “دارِ المُعلِّمِين العُلْيَا” مِن تونِسَ إلى بنزَرْت، صارَتْ نُقْطَةَ تقَاطُعِ الطَّلَبَةِ وكَثيرٍ مِن رِجال التّعليم النَّشيطِينَ حوْلَ صُحُفِ تلْكَ الفتْرَةِ: “الرَّأي”، Démocratie، “الحَبِيب”، “الفَجْرُ”، “المُستقبَل” وخاصَّة في 1981 و1989. يُشْرِفُ عمّ عبد الحميد الزَّمُّوري بنَفْسِهِ علَى بَيْع هذِه الجرَائِدِ سرِيعَةِ الرَّوَاجِ كمَا كانَ يُشْرِفُ علَى بَيْعِ جريدَة “الشَّعْبِ” قبْل أحدَاثِ 26 جانفي 1978. كانَ يفْخَرُ أنْ تُبَاعَ هَذِهِ الجرَائِدُ فِي مكْتَبِهِ ويُصِرُّ على عدَمِ الامتِثَالِ لأوَامِرِ “لجْنة التَّنْسِيقِ” والبُولِيسِ السِّياسي. يُقَارِعُ هذَا السِّلْكَ الحَرِيصَ علَى مُراقَبَةِ المُدْمِنِينَ على شِرَاءِ هذهِ الجرَائِدِ ويُقَيِّدُ أسْمَاءَهُمْ. بيْنَ صاحِبِ المَحلِّ وحُرفائِه اتِّفاقٌ ضِمْنِيٌّ “أنْتَ تُزَوِّدُنَا بالجَرَائِد” ونحْنُ نتَحَدَّى الرَّقَابَةَ.
شلل “الهيكا”.. لمصلحة من؟
بعد تعطّل بعثها الفعلي لمدة سنة ونصف كاملة، لم تعمّر الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهيكا) طويلا وسقطت في حالة “شلل” قانوني على الظاهر بعد استقالة اربعة من جملة تسعة اعضاء، آخرهم هذا الاسبوع، بتاريخ 27 ماي، رشيدة النيفر ورياض الفرجاني.