لئن استبشرت شرائح واسعة من التونسيين بإزاحة كابوس النهضة وأخواتها من الحكم، يوم 25 جويلية 2021، فإن سنتان من الحكم الفردي لقيس سعيد كانت كفيلة بمضاعفة الخيبة وإغراق البلاد في غياهب الفكر المؤامراتي ومستنقع الشعبوية المقيتة.

لئن استبشرت شرائح واسعة من التونسيين بإزاحة كابوس النهضة وأخواتها من الحكم، يوم 25 جويلية 2021، فإن سنتان من الحكم الفردي لقيس سعيد كانت كفيلة بمضاعفة الخيبة وإغراق البلاد في غياهب الفكر المؤامراتي ومستنقع الشعبوية المقيتة.
مضت سنتان على اتخاذ قيس سعيد تدابيره الاستثنائية التي أسّس بها حكم الفرد وألغى معها منظومة الأحزاب والمؤسسات القائمة، بتعلّة إرساء نظام حكم جديد أطلق عليه تسمية البناء القاعدي. وضع اليد على الحياة السياسية رافقه تخبط اقتصادي وعجز تام على معالجته، خارج دائرة خطب التخوين والمؤامرة وما يرافقها من زجّ بالخصوم السياسيّين في السجون وتقويض أسس القضاء المستقلّ.
تعترض المتجهين إلى وسط مدينة صفاقس من مدخلها الجنوبي، لافتة إشهارية عملاقة لإحدى الشركات المصنعة للحليب، تتوسطها صورة شاب أسود البشرة، تعلو الابتسامة محياه. كانت تلك اللافتة أكثر المشاهد سريالية، إذ يرقد على بعد عشرات الأمتار أكثر من مائة مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء في حديقة باب الجبلي المحاذية لجامع اللخمي، بعد أن طُردوا من منازلهم في أحياء متفرقة من المدينة.
قبل أيام من انعقاد قمة روما حول الهجرة والتي ستتناول موضوع الهجرة غير النظامية إلى الدول الاوروبية، نظّم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مؤتمر الشعوب حول الهجرة للرد على السياسات الأوروبية الاستغلالية في مجال الهجرة وسياسة التمييز وضرب حرية التنقل وانتهاك كرامة الإنسان. هذه الندوة تهدف إلى تقديم مقترحات ورؤى مخالفة للسياسات الأوروبية التي لم تخلف سوى آلاف المفقودين والموتى غرقا في البحر المتوسط.
بعد تأخير تجاوز الأسبوعين، تم إمضاء مذكرة التفاهم بين تونس وأوروبا في القصور المظلمة بعيدا عن أعين الصحافة. وعود أوروبية فضفاضة اجترت برامج تعاون قديمة، مقابل التزام تونسي بقبول “حراقتها” المنتشرين بالآلاف دون وثائق في دول “الشنغن”.
أقل من شهرين يفصلاننا عن بداية السنة الدراسية 2023 – 2024، لكن السنة الدراسية 2022-2023 مازالت عالقة، فعلى الرغم من انتهاء فترة الامتحانات وإجراء كل المناظرات الوطنية والكشف عن نتائجها، فإن هناك مئات الآلاف من تلاميذ المدارس الابتدائية لم يتسلموا بعد دفاتر النتائج المدرسية التي تحتوي الأعداد المتحصل عليها في الامتحانات وكذلك قرار مجلس القسم: الرسوب أو الارتقاء إلى المستوى الدراسي الموالي.
وسط ساحة باب الجبلي بمدينة صفاقس، يتكدّس أكثر من مائتي مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء بعد أن طُردوا من منازلهم التي استأجروها. كانت تلك إحدى أكثر علامات حنق سكان مدينة صفاقس على تواجد المهاجرين هناك ومشاركتهم العيش في مدينتهم.
في 23 جوان 2023، توصّلت هيئة الانتخابات إلى تحديد مختلف الدوائر الانتخابية المحلية التي سيتمّ على أساسها انتخاب المجالس المحلّية. لم تكن منهجية عمل الهيئة واضحة بالنسبة إلى عدد من الجمعيات المختصة في مراقبة الانتخابات، مثل شبكة مراقبون التي انتقدت في بيان صدر يوم 27 جوان ”الصلاحيات الواسعة“ لهيئة الانتخابات و ”نقص الشفافية“ في طريقة عملها.
نفذت عائلات الموقوفين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، الخميس 13 جويلية، تحركا احتجاجيا أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة. تحرك وجه رسائل مساندة للشخصيات السياسية الموقوفة منذ نحو 5 أشهر، مع التنديد بسياسة قيس سعيد في ملاحقة المعارضين وتركيع القضاء خدمة لأجندته السياسية.
بعد الرسالة التي قدمناها إلى العالم بأسره حول العلو الشاهق، حان الوقت لتلقين أوروبا البيضاء درسا في التعامل الإنساني مع ملف الهجرة.
من المنتظر أن تناقش لجنة المالية في البرلمان مقترح قانون يتعلق بمراجعة الفصل 25 من القانون الأساسي المنظم للبنك المركزي التونسي، والّذي ستتمكّن الدولة بمقتضاه من الاقتراض مباشرة من البنك المركزي دون المرور عبر البنوك التجارية. فما معنى أن يكون البنك المركزي مستقلا، وما انعكاسات ذلك؟ أسئلة طرحناها على أماني بن سيك علي، محللة السياسات العامة بالمرصد التونسي للاقتصاد.
منذ تركيزها وانتخاب أعضائها واجهت هيئة الانتخابات أزمات متتالية، تجلت بداية باستقالة رئيسها الأسبق شفيق صرصار مرورًا بطلب إعفاء رئيسها الموالي محمد التليلي المنصري المقدّم من أعضاء مجلسها، وصولا إلى مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 والمناورات التي قام بها قيس سعيّد لتغيير طريقة تعيين أعضائها وما خلفته من تشكيك في استقلاليتها، إلى جانب طلبات الإعفاء المرفوعة إلى رئيس الدولة، والتي طالت العضو السابق سامي بن سلامة في أوت 2022، والعضو الحالي ماهر الجديدي.
شهدت ولاية صفاقس، الأيام القليلة الماضية، تحريضا غير مسبوق على التواجد المتنامي لمهاجري أفريقيا جنوب الصحراء. تحريض تطور إلى أحداث عنف انتهى إلى طرد جماعي لهم من المدينة، فما الذي حدث في صفاقس وما أسبابه؟ إلى أي وجهة تم نقل مهاجري جنوب الصحراء وما علاقة تلك الأحداث بمفاوضات تونس مع الاتحاد الأوروبي؟ محاور حارقة طرحتها نواة على رمضان بن عمر مكلف الهجرة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
في 8 جوان، صدرت أحكام قضائيّة تتراوح بين ثمانية أشهر وسنتين سجنًا ضدّ عشرات النّشطاء في حراك ”مانيش مصبّ“، إثر مطالبتهم غلق مصبّ النفايات بالقنة من منطقة عقارب التابعة لولاية صفاقس. وهو حكم صادم، يجرّم الحراك البيئي ويضرب حق المواطنين في بيئة سليمة.
بين عبارات ”تغيير التركيبة الديموغرافية“، والحل الإنساني لقضية المهاجرين، والتساؤل حول سبب اختيارهم لمدينة صفاقس، اختلطت الأوراق مرة أخرى في قضية الهجرة نحو سواحل أوروبا. ارتباك واحتقان تزامنا مع تعطل امضاء مذكرة التفاهم بين تونس وأوروبا، التي تسعى إلى وقف تدفق المهاجرين إلى شمال المتوسط.
منذ تجميده البرلمان قبل حله، بنى الرئيس قيس سعيد سرديته على القطع مع ”الغرف المظلمة“ التي تصاغ فيها ”قوانين على المقاس“. ثلاثة أشهر بعد تركيز البرلمان الجديد، تحول مجلس نواب الشعب إلى حاضنة لمجموعة من الغرف المظلمة وهي اللجان البرلمانية.
تسربت عبارة ”إعادة القبول“ الى البلاغ المشترك بين رئاسة الجمهورية ووفد المفوضية الأوروبية، الأسبوع الماضي. وزيرا داخلية فرنسا وألمانيا سارعا بدورهما إلى زيارة تونس لنيل نصيب من كعكة الترحيل القسري للمهاجرين.
مرة أخرى يقف الرأي العام على فظاعة عنف البوليس وسكوت القضاء الابتدائي عنه. مكرم الزرمديني ابن ال16 سنة، تعرض إلى اعتداء بوليسي منتصف ماي الماضي أفقده عينه قبل إيقافه وإيداعه الإصلاحية. بعد التداول الواسع لفيديو وثق الجريمة، سارع القضاء الى اطلاق سراحه لتنطلق عائلته في متاهة التتبع العدلي للبوليس، المفلت من العقاب بطبعه.