رغم تحفظاته الكبيرة على خطاب يوسف الشاهد، فقد أبدى الاتحاد تمسّكه بوثيقة قرطاج بوصفها إطارا مرجعيا لتنظيم علاقته بالحكومة الجديدة. ولئن اتسمت الوثيقة المذكورة بصبغة عامة سمَحت بالاستيعاب النظري لمختلف التوجهات، فإن علاقة الاتحاد بحكومة الشاهد ستنتظم مستقبلا داخل الواقع العملي للسياسية، الذي قد يؤدي فيه تعارض المصالح إلى التصادم والمواجهة. ولعل المقارنة بين الأهداف المُعلنة لحكومة الشاهد وارتباطها البنيوي بالدوائر العالمية وبين الخيارات والتوجهات التي يدافع عنها الاتحاد تسمح ببناء ملامح أوّلية للعلاقة المستقبلية بين منظمة الشغالين والحكومة الجديدة.
دورة برلمانية استثنائية : تسويق لحكومة الشّاهد وإرضاء للمُقرِضين
الدورة الاستثنائية المُزمع عقدها أواخر شهر سبتمبر يصفها مسؤولون في نداء تونس وحركة النهضة بـ”الضرورية لإسناد الحكومة الجديدة“، من خلال التسريع بالمصادقة على حزمة من القوانين من بينها قانون مجلة الاستثمار. ولعل هذا القانون يرتبط بالتزامات دولية سابقة تعهّدت بها حكومة الحبيب الصيد لم تتم المصادقة عليه بسبب الخلافات بين كتل الإئتلاف الحاكم. ومن هذا المنطلق فإن التسريع بنقاشه في دورة استثنائية تلتئم للغرض يعكس ارتهان نَسق العمل البرلماني لطبيعة الموازنات داخل الكتل الحاكمة، علاوة على خضوعه للضغوطات الخارجية والالتزامات الدولية.
كلمة يوسف الشاهد في مجلس نوّاب الشعب: الخروج من الأزمة على حساب الفئات الأضعف
مرّر يوسف الشاهد من خلال كلمته في مجلس نواب الشعب، جزءا من برنامجه الاقتصادي وسياسته في مواجهة الأزمة المتفاقمة. إذ لوّح هذا الأخير بانتهاج سياسة التقشّف القائمة على تقليص مصاريف الدولة في قطاع الصحة والضمان الاجتماعي وتسريح آلاف الموظّفين والعمال إضافة إلى الترفيع في الضرائب وإيقاف الاستثمار العمومي والمشاريع التنموية. أمّا رؤيته للتنمية، فتمحورت حول ضرورة الضرب بحزم على التحركات الاحتجاجية والمطلبية وإعادة قيمة العمل كأساس للإنتاج، بمفهومه الخاصّ.
اليسار في الحكومة الجديدة: قفازات اجتماعية لحكومة ليبرالية
مشاركة هذه المجموعة من وزراء ”اليسار“، سواء من أحزاب عرفت بتوجهاتها السياسية والفكرية ذات المضمون الاجتماعي واليساري، أو النقابيّين المنحازين للمطالب الاجتماعية والحقوق الاقتصادية تأتي في سياق شاذ من تعزيز التحالف بين قوتي اليمين الحاكم بجناحيه الليبرالي والديني الذّي تبنى خلال السنوات الخمس الماضية نهجا اقتصاديا يتماشى مع توصيات هيئات النقد الدولية وبرامج إعادة هيكلة الاقتصاد المحليّ القائمة على إقصاء الدولة من دورها التنظيمي وإلغاء الجانب الاجتماعي ومحاصرة الحراك المطلبي والاجتماعي للفئات المهمشة في الدورة الاقتصاديّة.
الحملة التونسية لمناهضة التطبيع تدين صابر الرباعي وتدعو إلى التوقّف عن زيارة الضفّة الغربية المحتلّة
تدين الحملة التونسيّة لمناهضة التطبيع ومقاطعة ”اسرائيل“ السابقة التطبيعيّة الخطيرة التي أقدم عليها المطرب صابر الرباعي. إذ ظهر الأخير مبتسمًا في ”صورة العار“ مع ضابط اسرائيلي مكلّف بتنسيق الاشراف على معبر الكرامة (ويسمّى كذلك بمعبر جسر الملك حسين) بين الأردن والضفّة الغربية المُحتلّة. وهي نقطة تفتيش حدوديّة تخضع لسلطة المطارات بالكيان الصهيوني.
الحقائب الاقتصادية: وزراء على مقاس هيئات النقد الدولية
يستعرض هذا المقال قراءة أخرى لحكومة يوسف الشاهد من خلال الكشف عن توجهات المكلفين الجدد بالحقائب الاقتصادية: الطاقة والمناجم، المالية، الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، الصناعة والتجارة، ووزارة الفلاحة.
الاستثمار الأجنبي المباشر؛ حكاية شعار فضفاض
يعرّف الاستثمار الأجنبي المباشر كوصفة سحرية لعلاج الاقتصاد. IDE، هذا الشعار طالما استخدم لإضفاء لمسة عصرية على خيارات سياسية متكلّسة لم تتغيّر منذ المنحى الليبرالي الذّي اتخذه الاقتصاد التونسي في مطلع سبعينات القرن الماضي.
الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية: عجز مُبرمَج من أجل بيعها
نفق العجز الذي دخلت فيه شركة ”الستيب“ أدت إليه توجهات الخوصصة القديمةـ الجديدة، والتي تمثلت في جملة من القرارات الرسمية من بينها: رفض البنوك العمومية تمويل الشركة لاستئناف الإنتاج رغم قبول البنوك الخاصة بهذا الإجراء، وقطع التيار الكهربائي من طرف الشركة التونسية للكهرباء والغاز بسبب التخلف عن تسديد معاليم فاتورة وحيدة. أما رصاصة الرحمة فقد تم إطلاقها على ”الستيب“ عندما قامت مؤخرا الشركة التونسية للبنك ببيع أسهمها لمستثمر جديد.
الدعم الأوروبي للمجتمع المدني : تحقيق في برنامج مثير للجدل
برنامج دعم المجتمع المدني (PASC) هو المبادرة الأبرز للتعاون بين الاتحاد الأوروبي وتونس و تبلغ ميزانيته 7 ملايين يورو للفترة 2012-2016. بالإضافة إلى المساعدة التقنية والدعم المالي ل”المشاريع النموذجية“، يتضمن البرنامج مشروعا تنفذه الشراكة الأوروبية للديمقراطية (EPD). في حين يصفه منتقدوه ب”الصدفة الفارغة” و يديره وجه من وجوه النظام البائد، تخيم على البرنامج شبهات تضاربات المصالح، الاستقالات وحالات الطرد التعسفي. التحقيق.
تغيّر لون ومذاق المياه: جفاف أم سوء استغلال وفساد؟
بعد الانقطاع المتكرّر للمياه في العديد من جهات البلاد خلال هذه الصائفة، شهدت مؤخرا بعض المناطق، المرناقية وباجة وبوسالم، تحركات احتجاجية مُندّدة بتردّي نوعية المياه. إذ لاحظ المواطنون تغيّرا كبيرا في رائحة وطعم المياه دون إشعار مسبق من الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وهو ما عزّز الشكوك في تلوث المياه وعدم صلاحيتها للشرب.
العطش، من هاجس إلى خطر محدق
تناولت نواة في هذا الجزء من الحوار المطوّل مع الأستاذ محسن كلبوسي، الناشط في المجتمع المدني والمهتمّ بقضية المياه، محاور عديدة تتعلّق بمسؤولية الدولة في تفاقم أزمة العطش إضافة إلى تفاوت حجم التهديدات بين الأرياف والمدن.
فصل المقال في حكومة المال والأعمال
سأحاول قدر المستطاع أن ألتزم بصرامة التّحليل العلميّ والمنطقيّ انطلاقا من أبحاث علميّة ووثائق رسميّة منشورة للعموم خُطَّت بأيدي رئيس الحكومة نفسه لإثارة عدد من التّساؤلات والأسئلة. وهي أسئلة لا أوجِّهها إلى مجرّد موظَّف سابق في السّفارة الأمريكيّة كما يقول البعض تبريرا وتهوينا من المسؤوليّة الأخلاقيّة والسّياسيّة لمواطن تونسيّ يفترض أن يعلي مصالح تونس ويحميها مهما كان موقعه، أنا أوجّه هذه الأسئلة إلى رئيس حكومة تونس المكلّف الّذي سيمسك مقاليد السّلطة ومصائر البلاد والعباد وسيتّخذ قرارات ستؤثّر حتما في حاضر ومستقبل الشّعب التّونسيّ.
تأملات في الأولويات الاقتصادية للحكومة القادمة
في انتظار تقديم برنامج عمل الحكومة المقبلة بعد تشكيلها فإننا سنحاول تسليط الأضواء على مدى قدرة رئيس الحكومة الجديد على إنجاز ما تعهّد به بخصوص إعلان الحرب على الفساد والعمل على استعادة التوازنات المالية الكبرى المنهارة درءا للمخاطر المحدقة بتونس جراء تفاقم أزمة المديونية إلى مستويات غير مسبوقة وتجاوزها لكافة الخطوط الحمر.
ملف اللوالب القلبية: التلاعب السياسي و الصمت عن الفساد
يجري الاتجار باللوالب القلبية منتهية الصلوحية في إطار شبكة مترابطة، تتوزع خيوطها على أكثر من مركز: وزارة الصحة، المزوّدين، بعض أطباء القلب، المصحات الخاصة، الصندوق الوطني للتأمين على المرض. أمام هذا التشابك سعت كل الأطراف المعنية إلى التملص وإلقاء المسؤولية على الطرف الآخر، والدخول في حرب تصفية حسابات مفتوحة في بعض الأحيان، وهو ما ساهم في إخفاء الجوانب المهمة للقضية. يسعى هذا المقال إلى إماطة اللثام عن العناصر المسكوت عنها، والتي تعتبر مفاتيح رئيسية لفك شيفرات هذا الملف.
الشاهد وشهود الزور
أعرض هنا ملخّصا لمحتوى مراسلة داخليّة للسّفارة الأمريكيّة بتونس بتاريخ جانفي 2010 تمّ تسريبها عبر موقع ويكيليكس المشهور أين يظهر جليّا الدّور المحوريّ للسّيّد يوسف الشّاهد في مساعي الولايات المتّحدة الأمريكيّة إلى التّأثير على الفاعلين السّياسيّين والمدنيّين والإعلاميّين من أجل فتح “السّوق التّونسيّة” لمنتوجات التّقانات الكيمياويّة والحيويّة في مجالات الفلاحة والتّغذية.
من هو يوسف الشاهد؟
ارتبط اسمه باسم الأسرة منذ بروزه في المشهد السياسي، فهو رجل المهام الخاصة لدى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والمقرب من تخوم الأسرة وعالمها. قبل ذلك لم يكن اسم يوسف الشاهد يمثل غير ذلك الشاب الخجول غير القادر على ترتيب أفكاره ولا الاسترسال في الحديث، وهي الصورة التي تركها رجل الأسرة لدى رفاقه في حزب الوفاق الجمهوري الذي خاض انتخابات 2011 صلب القطب الديمقراطي الحداثي، قبل اندماج ثلاثة أحزاب وتشكيل الحزب الجمهوري في 2012.
السيرة الأخرى ليوسف الشاهد
تكشف وثائق ويكيلكس جانبا آخر من السيرة الذاتيّة لمرشّح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لرئاسة الحكومة خلفا لحبيب الصيد. الصورة التي تمّ تداولها خلال الساعات المنقضية حول السيرة الأكاديمية والمهنية ليوسف الشاهد، تغفل حقبة مهمّة من تاريخ هذا الرجل الذّي كان مكلّفا بمهام في قسم الخدمة الزراعية الخارجيّة في السفارة الأمريكية في تونس كما تكشف المراسلة المنشورة في موقع ويكيلكس سنة 2010.
الحبيب الصيد، المُطيع الذي تمرّد
الصيد الذي جلس كموظف في قصر الحكومة بالقصبة لاكثر من سنة، اشتغل فيها على إرضاء طرفين، الباجي والغنوشي. ساءه ان تقع اهانته وان يُلقى به كأنه لم يكن وهو من خدم الحركتين، باخلاص. هذا الاخلاص الذي تشكك فيه الحركتين التين تعتبرانه قد اسس لما يعرف ب”حزب الإدارة“ التي استند عليها في حربه غير المعلنة مع نداء تونس ونجح في كسب نقاط قبل ان يتمكن نجل الرئيس حافظ قائد السبسي من الاطاحة به اخيرا. ظهور نجل الرئيس في الصورة وارتباطه باسقاط حكومة الصيد، ليست حربا اعلامية، انما هي قناعة الحبيب الصيد، الذي وجد في علاقاته القديمة سندا له للمراوغة ورد الفعل، وأول من دعمه ابناء ”عمومته“.