الترفيع في سقف تمويل الشركات الأهلية إلى مليون دينار بعد أن وضعت لها كتابة دولة، رغم عجزها عن دفع عجلة الاقتصاد المعطوب. خطوة تعكس صمم النظام وإصراره على تجنّب معالجة مشاكل الاقتصاد الحقيقة والهروب إلى المقاربات الشعبوية.

الترفيع في سقف تمويل الشركات الأهلية إلى مليون دينار بعد أن وضعت لها كتابة دولة، رغم عجزها عن دفع عجلة الاقتصاد المعطوب. خطوة تعكس صمم النظام وإصراره على تجنّب معالجة مشاكل الاقتصاد الحقيقة والهروب إلى المقاربات الشعبوية.
في الحالة التونسية يُمكن اعتبار الإتفاق على الأسعار قانونيّا ومُجرّما في نفس الآن، ولكنه يضرب في الحالتين المنافسة في مقتل، ليجد المستهلك نفسه أمام منتجات وخدمات بجودة رديئة وبسعر موحّد، في ظل مجلس مُنافسة بلا فاعليّة نظرا للثغرات المُتعمّدة التي تركت في قانون المنافسة والأسعار، وحتى مقترح التنقيح الذي سيناقشه البرلمان، لم يخرج عن ثقافة إقرار عقوبات وضمان عدم تنفيذها.
يعمل قيس سعيد على دفع هياكل الدولة إلى توفير التسهيلات والإعفاءات اللازمة تحفيزا للانخراط في مشروعه الاقتصادي، الشركات الأهلية، تسهيلات أثارت جدلا في الأوساط الاقتصادية لاقتصارها على هذه الشركات دون غيرها. في هذا الإطار، حاورت نواة حسام سعد عضو منظمة آلرت للحديث عن حقيقة دور الشركات الأهلية في التنمية وانعكاس محاباة السلطة لباعثي هذه الشركات على الدورة الاقتصادية.
تحت شعار “معادلات جديدة تحديات جديدة” افتتح مساء 29 نوفمبر المؤتمر الخامس للحركات الاجتماعية دورة أحلام بالحاج. مؤتمر يتزامن مع ركود الحراك الاحتجاجي وبولسة الحياة السياسية، واستغلال رأس المال شعبوية النظام لضرب حقوق العاملات والعمال والتخلص من المطالب النقابية.
بعد ثلاث سنوات من مسار 25 للحكم المطلق، يسود مشهد عام من الخواء على صعيد المُنجز الاقتصادي، بل وتراجع كارثي لمختلف المؤشرات الاقتصاديّة. لتكون الصورة الأبرز لهذه المرحلة؛ سنوات الصفوف والرفوف الخاوية.
”السبكتروفوبيا“ أو رهاب المرايا، هو ما يمكن أن يشخّص علاقة السلطة العاجزة أو الفاشلة أو الفاسدة بالأرقام والإحصائيات الشفافّة والعلمية. حيث يصبح الواقع الذي تعكسه الأرقام كابوسا للسلطة يدحض البروباغندا والخطابات الشعبويّة، لتسارع غاضبة إلى تغييب مصدره بالعزل والاقالة.
نشرت الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة التونسية بعد اجتماع مجلس الوزراء في 21 مارس 2024، منشورا لتذكير التونسيّين بإنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. إنجازات تبدو ماثلة فقط في أذهان رئيس الحكومة وفريقه ومنفصلة تماما عن واقع التونسيّين المرير وما تعكسه مختلف المؤشرات الاقتصاديّة والمالية من حاضر قاتم ومستقبل مجهول.
تجمع الآلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل، صباح السبت 2 مارس في ساحة القصبة بتونس العاصمة، استجابة لدعوة القيادة النقابية في حشد مناصريها ردا على محاولات السلطة في ضرب العمل النقابي وتحجيم دور المنظمة الشغيلة. تجمع عمالي ألقى خلاله الأمين العام نور الدين الطبوبي كلمة نبه فيها من مغبة استهداف المنظمة، مؤكدا تمسك الاتحاد بأدواره النقابية والوطنية في فترة تشهد انغلاقا سياسيا و ضربا للحقوق النقابية.
كسابقاتها من السنين الماضية، تواصل خلال سنة 2023 تدهور المؤشرات الاقتصادية بنسبة نمو بلغت 0.2-% وعجز تجاري تجاوز سقف 600 مليون دينار ومديونية خارجية فاقت 12 مليار دينار. إلاّ أنّ ما ميّز هذه السنة بالذات هو تواتر مشاهد الرفوف الخاوية في الفضاءات التجارية وانقطاع عدد من المواد الاستهلاكية. وضع جعل الناس تتدافع وتتصارع للظفر بكيس من السكّر أو علبة حليب. أمّا السلطة، فتواصل سياسة الانكار والاستنجاد بشمّاعة التآمر والاحتكار.
بدا المشهد باهتا في شارع الحبيب بورقيبة في الذكرى 13 للثورة التونسيّة التي أرّخها رئيس الجمهورية قيس سعيد ب17 ديسمبر بدل 14 جانفي، رغم تغيّبه عن فعاليات الاحتفال بها في مدينة سيدي بوزيد. مشهد يعكس حالة الخواء السياسي واشتداد الأزمة الاقتصادية التي اعتصرت جيوب التونسيّين والتونسيّات نتيجة الخيارات الاقتصادية لمختلف الحكومات ما قبل وما بعد 25 جويلية 2021. وضع شغل الناس عن تحقيق أهداف الثورة وشعاراتها الكبرى مقابل البحث عن علبة حليب أو كيس سكّر.
بسجون مليئة بالمعارضين وسجل حافل بخطابات الكراهية والتخوين، تحيي تونس هذه السنة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الانسان. سنة ميزتها طوابير الانتظار الطويلة التي يقف فيها التونسيون على أمل الظفر بالقليل من الخبز او الحليب وباقي المواد الاستهلاكية المدعمة
يسير الاقتصاد التونسي حاملا فوق ظهره أعباءً استعمارية، فكّكت منظومة الإنتاج التقليدية القائمة على ممارسة النشاط الزراعي والصناعات التقليدية الموجّهة للاستهلاك الداخلي، لتحوّلها إلى حلقة من حلقات نقل الثروة للخارج بصفة مكثّفة عبر الفلاحة الموجهة للتصدير والصناعات المنجمية، دون توفير يد عاملة مؤهّلة لممارسة هذه الأنشطة الجديدة.
أمام تأخر المنظومة المصرفية النقدية محليا ودوليا في مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية والإدارية بما يلائم متطلبات الاقتصاد المرتكز أساسا على مجالات المعلومات والمعرفة، وتجاه التخلف عن مسايرة التحول الاقتصادي العالمي للعالم اللامادي عبر توفير بيئة ريادية ملائمة لتنمية الأعمال المستقلة (Freelance) والشركات الناشئة (Startups)، تبقى مؤشرات التنمية المستدامة في تونس رهينة ارتفاع نسب البطالة لدى الكفاءات العليا، ما يدفعهم للهجرة ركضا وراء فرص حياة أفضل تتنافس في عرضها دول المقصد.
لا يكاد يمر أسبوع على قصر قرطاج دون أن يحتضن اجتماعا بين رئيس الجمهورية وعدد من وزرائه وكبار المسؤولين الأمنيين. اجتماعات تنتهي ببيانات تتوعد المحتكرين والمتلاعبين بخبز التونسيين، أما خارج أسوار القصر فلا حديث للتونسيين غير أزمة الحبوب وندرة المواد الأساسية المدعمة.
منذ قرابة عام ونصف، أصدر الرئيس قيس سعيد المرسوم عدد 15 المتعلق بالشركات الأهلية، وهي أساس البرنامج الاقتصادي الذي ارتكزت عليه حملته الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية 2019، غير أن ذلك المشروع كان أشبه بقطار يُدفع للتحرك دون سكك حديدية، إذ تواجه 32 شركة أهلية أنهت إجراءات التأسيس القانوني لها، إضافة إلى 35 شركة أخرى في طور التأسيس، مطبات تحول دون بدء نشاطها الاقتصادي.
”العام عجرودة“. هكذا يصف التونسيون الموسم الزراعي عندما يكون المحصول هزيلا خاصة عندما يتعلق الأمر بالقمح والشعير. التقديرات الأولية -والتي انطلقت منذ بداية الربيع الفائت- تؤكد أنّ صابة الحبوب (قمح لين، قمح صلب، شعير) في تونس لموسم 2022 – 2023 ””عجرودة“، إذ يُتوقّع ألاّ تتجاوز خمسة أو ستة مليون طن نصفها فقط قابل للتجميع والتسويق. كميات الحبوب المجمّعة سنويا متقلبّة بين سنوات الوفرة النسبية والسنوات ”العجرودة“ ويمكن تقدير المعدّل السنوي بحوالي 7 – 8 مليون طنّا خلال العشرية الأخيرة.
مضت سنتان على اتخاذ قيس سعيد تدابيره الاستثنائية التي أسّس بها حكم الفرد وألغى معها منظومة الأحزاب والمؤسسات القائمة، بتعلّة إرساء نظام حكم جديد أطلق عليه تسمية البناء القاعدي. وضع اليد على الحياة السياسية رافقه تخبط اقتصادي وعجز تام على معالجته، خارج دائرة خطب التخوين والمؤامرة وما يرافقها من زجّ بالخصوم السياسيّين في السجون وتقويض أسس القضاء المستقلّ.
من المنتظر أن تناقش لجنة المالية في البرلمان مقترح قانون يتعلق بمراجعة الفصل 25 من القانون الأساسي المنظم للبنك المركزي التونسي، والّذي ستتمكّن الدولة بمقتضاه من الاقتراض مباشرة من البنك المركزي دون المرور عبر البنوك التجارية. فما معنى أن يكون البنك المركزي مستقلا، وما انعكاسات ذلك؟ أسئلة طرحناها على أماني بن سيك علي، محللة السياسات العامة بالمرصد التونسي للاقتصاد.